انتخابات محافظات العراق ترسم ملامح التحالفات السياسية لعام 2025

وكالة الأناضول
  • منذ 4 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
Iraq
رائد الحامد/ الأناضول
- انتخابات مجالس المحافظات للعام 2023 يمكنها رسم ملامح عريضة لمستقبل التحالفات السياسية الممهدة لانتخابات مجلس النواب المقبلة
- النتائج الأولية للانتخابات بدت صادمة بالدرجة الأولى لخصوم رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي الذي حصله حزبه على مرتبة متقدمة
- واجهت القوى السنية التقليدية تحديا جديدا باستعادة مكانتها في أوساط مجتمعاتهم المحلية التي تعتمد أسس الولاء تبعا للانتماءات القبلية والمصالح الفئوية
- الانتخابات الأخيرة أفصحت عن اقبال من فئات عمرية أصغر سنا على الانخراط في العملية السياسية
يمكن لانتخابات مجالس المحافظات لعام 2023 أن ترسم الملامح العريضة لمستقبل التحالفات السياسية الممهدة لانتخابات مجلس النواب القادمة المنتظرة عام 2025.
وخلافا للدورات الانتخابية السابقة، أولى العراقيون اهتماما واسعا في متابعة البرامج الانتخابية للمرشحين والنتائج الأولية التي أعلنت عنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مساء الثلاثاء 19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وما أسفرت عنه من نتائج بدت "صادمة" بالدرجة الأولى لخصوم رئيس البرلمان المُقال محمد الحلبوسي رئيس حزب "تقدم".
وحصل حزب الحلبوسي على المرتبة الأولى في محافظة الأنبار، معقل العرب السنة في العراق، وفي العاصمة العراقية بغداد التي تحصل قائمة سنية فيها على مرتبة متقدمة للمرة الأولى.
ويرى خبراء، ان انتخابات مجالس المحافظات توّجت الحلبوسي "زعيما" للعرب السنة دون منافس بعد أن كان متوقعا له أن يختار العزلة ويتوارى عن المشهد السياسي في أعقاب قرار المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، بإنهاء عضويته من البرلمان في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي على خلفية "دعوى تزوير" تقدّم بها احد النواب.
وفي 18 ديسمبر الجاري انطلقت انتخابات مجالس المحافظات في 15 محافظة عراقية من أصل 18 محافظة لعدم شمول محافظات إقليم كردستان الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك بالانتخابات المخصصة للمحافظات غير المنتظمة بإقليم.
وهذه الدورة الانتخابية، هي الأولى منذ عشر سنوات بعد انتخابات عام 2013، وقرار حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي عام 2017 بحل مجالس المحافظات.
ومنذ العام 2003 شهر العراق ثلاثة انتخابات لمجالس المحافظات الأولى عام 2005، ثم انتخابات عام 2009، وآخرها عام 2017، كما انها تجرى للمرة الثانية في محافظة كركوك التي لم تشهد الا دورة انتخابية واحدة عام 2005.
وحصل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على أكبر عدد من الأصوات في كركوك، فيما جاء ثانيا التحالف العربي في كركوك بزعامة المحافظ الحالي راكان الجبوري، وثالثًا القائمة التي ضمت الأحزاب التركمانية، ورابعًا الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وبلغت أعداد التحالفات السياسية والأفراد 134، فيما بلغت الأعداد الكلية للمرشحين 5898 بنسبة مشاركة 41 في المائة لنحو 16 مليون لهم حق التصويت.
وتظهر الأرقام التي أعلنتها مفوضية الانتخابات تراجع الإقبال على انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 2013 وبلغت نسبة الإقبال فيها 51%، وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في 2021 وبلغت هذه النسبة 44%.
ومن أبرز القوائم الانتخابية التي حصلت على نتائج متقدمة، قوائم حزب "تقدم" برئاسة الحلبوسي، وتحالف "نبني" الذي يضم أجنحة سياسية لمعظم الفصائل المسلحة المقربة من إيران وأحزاب شيعية عدة، وائتلاف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وأحزاب وائتلافات أخرى.
واذا كان قرار الإطاحة بالحلبوسي بحكم قضائي من المحكمة الاتحادية هو الحدث السياسي الأبرز في العراق هذا العام، فإن هيمنة حزب "تقدم" على مقاعد محافظة الأنبار بـ 12 مقعدا من أصل 16 مقعدا، وحصوله على أعلى الأصوات في العاصمة بواقع تسعة مقاعد (من أصل 49 مقعدا) أعادت للحلبوسي مكانته في عموم الأوساط الاجتماعية في محافظات العراق المختلفة.
وواجهت القوى السنية التقليدية تحديا جديدا في استعادة مكانتها في أوساط مجتمعاتهم المحلية التي تعتمد أسس الولاء تبعا للانتماءات القبلية والمصالح الفئوية والشخصية التي فشلت معظم القوى في اقناع المجتمعات المحلية بقدرتها على تلبية متطلباتها الأساسية في تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل وتحقيق نوع من الرفاهية الاجتماعية.
وما يقال عن القوى السنية التقليدية يصح أيضا على القوى التقليدية الشيعية التي تعاني مجتمعاتها المحلية من تردي الخدمات الأساسية وشيوع البطالة والمحسوبية على أساس الولاءات الحزبية الى جانب الفساد في التعيينات وإنجاز المعاملات الرسمية، لكن الأهم من كل ذلك حالة الانقسام السياسي داخل الأوساط الشيعية.
ومع أن التيار الصدري الذي ظل يمثل القاعدة الجماهيرية الاوسع في المجتمعات المحلية الشيعية، انسحب من العملية السياسية باستقالة نوابه الـ 73 من البرلمان في حزيران/ يونيو 2022، وإعلان رئيس التيار الصدري اعتزال العمل السياسي في أغسطس/ آب 2022 بفتوى من المرجع الديني كاظم الحائري، لكن مقاطعة التيار الصدري لانتخابات مجالس المحافظات كان لها تأثير واضح على عموم المشهد السياسي في العراق إذ أفرزت نتائج الانتخابات تقدم ألد خصومه السياسيين تاريخيا، نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون الى مراتب متقدمة في بغداد وعدد من المحافظات.
وجاء حزب "تقدم" برئاسة رئيس البرلمان المقال في المركز الأول في بغداد بأكثر من 132 ألف صوت، تلاه "تحالف نبني" 131 ألف صوت، فيما جاء ثالثًا ائتلاف "دولة القانون" 130 ألف صوت، لكن الأحزاب الثلاثة حصلت على 9 مقاعد لكل منها بمجلس محافظة بغداد.
ويمكن القول، ان الانتخابات الأخيرة أفصحت عن اقبال من فئات عمرية أصغر سنا على الانخراط في العملية السياسية والاتجاه نحو التغيير عبر مجالس المحافظات التي ينظر إليها بأنها أولا بوابة الدخول الى البرلمان، كما أنها تعطي المزيد من الفرص لهذه الفئة للتعايش مع احتياجات المجتمعات المحلية سواء ما يتعلق بتقديم الخدمات او فرص العمل والاستثمارات في المشاريع الإنتاجية الصغيرة والتوظيف وغير ذلك.
لكن معظم المشاركين في الانتخابات المحلية من الفئات العمرية الأصغر سنا من القيادات التقليدية لا يمتلكون ما يكفي من القدرات المالية اللازمة لخوض تجربة المشاركة في الانتخابات ما يضطرهم للجوء الى الاحتماء بمظلة الكتل السياسية التقليدية، الأمر الذي يقلل من احتمالات التغيير الجري المنتظر للتخلص من منظومة الفساد المالي والإداري الذي ينخر مؤسسات الدولة العراقية.
ولمجالس المحافظات صلاحيات أقرها الدستور العراقي لعام 2005 أبرزها انتخاب محافظ لكل محافظة ووضع ميزانيات للقطاعات الخدمية عبر موازنات مخصصة من موازنة الدولة الاتحادية، إلى جانب إصدار التشريعات المحلية بما لا يتعارض مع الصلاحيات الحصرية للسلطة الاتحادية بما يمكنها من إدارة شؤونها المحلية بنوع من اللامركزية في إدارة الدولة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>