” الوداع الاخير ” الى ارواح 41 شهيد ..

ايزيدي 24

” الوداع الاخير ” الى ارواح 41 شهيد ..

  • منذ 3 شهر
  • أخبار العراق
حجم الخط:

ايزيدي 24 – طلال مراد 

هذه الإبادة تأبى أن تنتهي، و هذا الجرح يرفض الشفاء، كأنه قدر مكتوب على الفرد الايزيدي ان يعيش الإبادة و يعود إلى الصدمة بين فترة و اخرى، و كلما لامس الشفاء مشاعرَه يطُرقُ الباب عليه من مصيبة أخرى، فيعود مجدداً إلى حزنه المميت الذي لا ينتهي.

مقابر جماعية جديدة تكتشف و رفات جديدة تعود الي ارض سنجار، نزوح مستمر، و هجرة لا تتوقف، أدلة كافية على ان الابادة مستمرة و لا تنوي الانتهاء و الحكومة العراقية منذ عشر سنوات عاجزة عن ايجاد دواء لهذا الداء المزمن.

قافلة جديدة، أرتال من السيارات تدخل سنجار من جديد، ليس موكباً لعرس ما و لا لاستقبال المفقودين، بل لشهداء قتلوا بلا ذنب، فقط لانهم كانوا ايزيديين بهويتهم و انتمائهم.

شاب لم يكمل دراسته، و آخر لم يتهنأ بعز شبابه، و طفل لم يلد بعد، و امرأة كانت تخطط لزفتها ، و ام كانت تنتظر الفرحة باولادها ان يكبروا، و شيخ لم يلف سيجارته من (تتن) كرسى كما يشتهي، هولاء جميعا اصبحوا مجرد احصائيات لما تحويه المقابر الجماعية و التي احتضنت ضحايا اعمال بشعة ارتكبت بحق الايزيديين في سنجار في ٢٠١٤.

كوجو التي لا تزال تحفر قبوراً لافراد القرية، استقبلت قافلة جديدة من الشهداء، و المقبرة الجماعية اتسعت اكثر لتفسح المجال لرفات جديدة و لأحلام أخرى دفنت بدلاً من أن تتحقق، فدخل العويل قريتهم مرة اخرى ليهز عرش السماء من جديد و كأنه يقول لماذا كل هذا الحزن و الموت يا الله و الصراخ يعلو بيوت القرية المهدمة، صباحاً و مساءاً.

في حردان، فتاة تصرخ ليس لانها فقدت اخاً واحداً او والديها و انما صرختها لأجل ثلاثة اخوة ماتوا دفعة واحدة و برصاصة واحدة و في مقبرة واحدة و تصرخ قائلةً : ثقيلة هذه الجروح يا رباه، ثلاثة اخوة في يوم واحد، يا له من جرح يا له من الم، يا ليتني دفنت معهم.
فاستقبلت القرية ١٦ شهيداً فاصبحت القرية مغطاة بالسواد و تحولت كل الأشياء الجميلة إلى بكاء و أنين لا ينتهيان بل تجددت جروحٌ عمرها عشر سنوات و تفتحت للأبد.

قني، القرية التي كانت جارة للجبل لتحميه فتحولت أعين المياه و بساتين التين فيها إلى دماء سقت كل شبر من ارضها حينما تغلبت قوى الشر على قوى الخير فيها تحت راية الله اكبر، لتنبت مقبرة جماعية بدلاً من بستان للتين و دماء بدلاً من عين ماء جديد تفيض في ارجاء القرية.
دخل موكب الشهداء إلى القرية و تحولت الهلاهل إلى صرخات و عويل و نحيب لا يتوقف، و المقبرة هناك تتهيأ لتتسع اكثر في قادم الأيام؛ لأن الشهداء أتون ليناموا للأبد في قريتهم، حاملين على أيديهم الأحلام التي ما تحققت ولن تتحقق ابداً، آتون دفعة أخرى، موتى و لكن خالدون



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>