مشروع "طريق التنمية".. هل له علاقة بتحسن العلاقات التركية-الأمريكية؟

ترك برس

مشروع "طريق التنمية".. هل له علاقة بتحسن العلاقات التركية-الأمريكية؟

  • منذ 1 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
ترك برس
يرى الكاتب والمحلل السياسي التركي سليمان سيفي أوغون أن الاتصالات المكثفة التي تجري بين الولايات المتحدة وتركيا في الآونة الأخيرة تشير إلى أن الجانب الأمريكي قد أعطى الضوء الأخضر لمشروع "طريق التنمية" العراقي الذي يربط تركيا وأوروبا شمالاً والخليج العربي جنوباً.
وفي مقال بصحيفة يني شفق، أكد أوغون أن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة تشهد تطورات إيجابية وتحسنا ملحوظا، وتتسم هذه التطورات بطبيعة متعددة المستويات. وعلى صعيد العلاقات التركية-اليونانية، فرغم عدم حل القضايا الخلافية بشكل كامل، إلا أنه تم إبعادها عن دائرة الضوء، مما أدى إلى تخفيف التوتر في منطقة شرق المتوسط. وتبع ذلك تواصل رفيع المستوى بين تركيا ومصر، وأخيرا توجت هذه التطورات بإعادة وصل العلاقات التركية مع دول الخليج وذلك من خلال سلسلة من اللقاءات والاتصالات المتبادلة.
ولفت إلى أن هذا التسلسل من الأحداث أثار تساؤلات كثيرة حول العوامل التي أدت إليه. وتبين أن مشروع "طريق التنمية" الذي يربط بين دول الخليج وتركيا هو الأساس الذي يمكن تفسير هذه التطورات على أساسه. ووفقا لهذا المشروع، من المتوقع أن يمر خط تجاري آخر بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، بعد حل مسألة ممر زنغزور، التي لم يتم التوصل إلى حل لها بشكل كامل حتى الآن، لكن من المتوقع أن تحل هذه المسألة في المستقبل القريب.
وأوضح أن إعادة الاستقرار إلى العراق، الذي تحول إلى ساحة حرب وعدم استقرار منذ الثمانينيات، يعد ضروريا لضمان تنفيذ مشروع طريق التنمية بشكل آمن وفعال. ويتطلب ذلك القضاء على العناصر الإيرانية وتنظيم "بي كي كي" الإرهابي المتواجدين في العراق. وتحقيق ذلك سيؤدي إلى فوائد جمة للبلدين، أما بالنسبة للعراق، فيمثل مشروع طريق التنمية طوق نجاة من الفقر، على الرغم من ثروته النفطية الهائلة. ومن جانب تركيا يعد تنظيف العراق من عناصر تنظيم "بي كي كي" الإرهابي إنجازا عظيما ونجاحا باهرا لتركيا.
وبحسب الكاتب، يتيح مشروع طريق التنمية فرصا هائلة لكلا البلدين على أساس مبدأ "الربح للجانبين". فمن المؤكد أن شركات المقاولات التركية ستحقق أرباحا كبيرة من إعادة إعمار العراق. ومن ناحية أخرى، يعد المشروع سوقا مربحا للمنتجات التركية المتنوعة. كما يظهر دعم الحكومة العراقية الحالية للعمليات العسكرية التركية بشكل حازم، وعيها بأهمية المشروع.
وأكد أن الاتصالات الأخيرة بين الولايات المتحدة وتركيا تشير إلى أن الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر للمشروع. ويمكن ترجمة هذه التقييمات والتكهنات بعبارات أوضح، فمن المرجح أن الولايات المتحدة، تريد تصفية الوجود الإيراني في العراق استجابة للضغوط الإسرائيلية. وتشير هذه التقييمات أيضا إلى استسلام تركيا للضغوط الأمريكية، وميلها للنهج الذي يهدف إلى استئصال تنظيم "بي كي كي" الإرهابي من العراق. وكعادة الولايات المتحدة فإنه يتوقع أن تخذل حليفها تنظيم "بي كي كي"، كما فعلت في أفغانستان. وخلال الأسابيع الماضية عقدت اجتماعات بين القيادة المركزية الأمريكية وتنظيم "بي كي كي" الإرهابي في مدينة الحسكة، مما يثير المزيد من التساؤلات حول طبيعة هذه الاجتماعات وما تم التباحث فيه.
ولكن تبقى هذه الاجتماعات طي الكتمان، مما يصعِّب من تقييم تأثيرها على مسار الأحداث. ولكن تبقى هذه التحليلات غير مؤكدة، ولا يمكن التأكد من صحتها إلا من خلال مراقبة العملية التركية الشاملة والمتعمقة في العراق، والتي من المتوقع أن تبدأ في الربيع أو أوائل الصيف على أقصى تقدير. لكن إذا كانت هذه التحليلات صحيحة، فإن ذلك يشير إلى تغيير جوهري في موقف الولايات المتحدة من تنظيم "بي كي كي" الإرهابي، وانسحابها من المشروع الذي كانت تتابعه بإصرار إلى الآن وهو إنشاء دولة كردية تمتد من شمال العراق إلى شرق المتوسط ​​باستبعاد تركيا، واستغلال نفط الخليج العربي والعراق عبر هذه الدولة الكردية المفترضة.
وتابع المقال:
في ضوء التطورات الأخيرة، تطرح العديد من الأسئلة حول مستقبل تنظيم "بي كي كي" الإرهابي:
1. هل سيسلم "بي كي كي" أسلحته بعد إدراكه أن اللعبة قد انتهت؟ و إن سلم، ففي أيدي من ستقع هذه الأسلحة؟
2. كيف سيؤثر ذلك على تحالفه مع الاتحاد الوطني الكردستاني؟
3. ما مصير التوتر بين بارزاني، الذي يعزز التعاون مع تركيا لمواجهة الضغوط الإيرانية المتزايدة، وطالباني، الذي يؤيد تنظيم "بي كي كي" الإرهابي؟
4. إذا أدرك تنظيم "بي كي كي" أنه لم يعد قادراً على البقاء في العراق، فإلى أين سيتجه؟ هل سينتقل إلى سوريا، على سبيل المثال؟
والآن هناك العديد من التساؤلات حول تقييم هذه التطورات من المنظور الإيراني، هل صمت العناصر التابعة لإيران يشير إلى قبولهم للوضع الجديد وأنهم سيسحبون عناصرهم؟ إذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن إيران تقر بتفكك شبكتها اللوجستية الممتدة حتى لبنان، وتتخلى عن مشروع الهلال الشيعي، وهذا يعني تراجع انسحاب إيران من الشرق الأوسط بأكمله. لكن هل هذا هو التفسير الصحيح؟ إذا لم يكن كذلك، فهل يمكن أن نشهد تحالفا جديدا بين "الحشد الشعبي" و تنظيم "بي كي كي" وطالباني؟ هل ستلجأ إيران إلى مناورة مضادة من خلال تشكيل تحالف سياسي مع العناصر الموالية لها للقضاء على الإدارة الحالية التي تعزز التعاون مع تركيا؟ وماذا عن السؤال الأهم: هل ستؤدي هذه التطورات إلى مواجهة بين إيران، التي تعارض مشروع طريق التنمية، وتركيا التي تعلق آمالا كبيرة على هذا المشروع؟ وختاما، كيف ستنعكس هذه التطورات على منطقة القوقاز؟
في الواقع هناك تساؤلات أكبر تحيط بمشروع طريق التنمية. من يمول المشروع؟ لا شك أن المشروع، إذا تم تنفيذه سيكون أحد أهم شرايين التجارة بين آسيا وأوروبا. لكن مَن مِن الدولتين المتنافستين ترغب في إنجاز هذا المشروع؟ الصين أم الهند؟ هل من الممكن أن تعقد صفقة سرية بين الصين والهند للتعاون في المشروع؟ هل سيربط ميناء جوادر بميناء الفاو؟ وإن حصل ذلك فما هو موقف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من هذا المشروع؟ وإذا كانت الهند تعول على مشروع طريق التنمية بشكل كبير، فلماذا تؤيد إيران وتسلح أرمينيا؟ وإذا كان مودي يؤمن بأهمية هذا المشروع فلماذا يقدم على تصرفات تفقده شعبيته لدى الرأي العام التركي، ويواصل اضطهاد المسلمين وهدم المساجد؟
تشير هذه الأسئلة في النهاية إلى عدم انسجام الديناميكيات السياسية مع الديناميكيات الاقتصادية. نحن نعيش في أيام تعيق فيها الديناميكيات السياسية والعسكرية الديناميكيات الاقتصادية وتؤثر سلبا على التجارة العالمية. فهل سيصبح مشروع طريق التنمية بمثابة طوق نجاة يساهم في حل هذه المشكلة ويعيد التوازن بين هذه الديناميكيات؟


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>