ليث الجنيدي / الأناضول
** المحلل السياسي رحيم الشمري:- ارتفاع عدد المرشحين سيجعل فكرة ظهور "قائمة رئيسية مهيمنة" أمرا صعبا- اختيار رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان سيخضع لتوافقات الكتل ومصالحهاـ أتوقع أن يكون للأحزاب الناشئة والمستقلين تأثير ملموس هذه المرة** رئيسة "منظمة آيسن لحقوق الإنسان" أنسام سلمان:- أغلب التحالفات الحالية "وقتية ودون برامج" هدفها عبور العتبة الانتخابية - سنشهد في الغالب اختيار رئيس الوزراء بشكل توافقي كما هو معتاد- نظام الكوتا النسائية تمييز إيجابي لكن تمثيل المرأة ما زال شكليامع بداية العد التنازلي لانطلاق الانتخابات البرلمانية بالعراق في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وتزامناً مع احتدام المنافسة في الأيام الأخيرة من حملات الانتخابات البرلمانية، تتجه الأنظار نحو صناديق الاقتراع التي ستحسم خريطة المشهد السياسي المقبل في البلد العربي.
تمثل هذه الانتخابات استحقاقاً وطنياً حاسماً لتقييم مدى قدرة النظام الديمقراطي على الاستجابة للتحديات الراهنة، لكن يرى مراقبون أن الدلائل الأولية تشير إلى أن العملية برمتها قد تعاني من "هزيمة البرامج الانتخابية" لصالح "التحالفات التكتيكية".
اللافت هذا العام، وفقاً لتحليلات خبراء عراقيين، هو التشتت الهائل في أصوات الناخبين وتعدد القوائم، إذ رأى المحلل السياسي رحيم الشمري، خلال تصريحات للأناضول، أن ارتفاع عدد المرشحين إلى ما يزيد عن 7800، سيجعل فكرة ظهور "قائمة رئيسية مهيمنة" أمراً بعيداً عن الواقع.
وفي إطار القوى السياسية، قالت رئيسة منظمة "آيسن" لحقوق الإنسان أنسام سلمان في تصريحات للأناضول، إن الخارطة السياسية لم تشهد تغييراً في جوهرها، حيث أن أغلب التحالفات الحالية "وقتية وتكتيكية" هدفها الأساسي عبور العتبة الانتخابية وليس طرح برامج وطنية واضحة.
ويتنافس في الانتخابات البرلمانية 7 آلاف و768 مرشحًا، بينهم 5 آلاف و520 رجلًا وألفان و248 امرأة، بينما يحق لنحو 21 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم، لاختيار 329 عضوًا في مجلس النواب وهم المسؤولون عن انتخاب رئيس الجمهورية ومنح الثقة للحكومة.
وبدأت دورة مجلس النواب الحالية في 9 يناير/ كانون الثاني 2022، وتستمر 4 سنوات تنتهي في 8 يناير 2026.
ووفق القانون العراقي، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يوما من انتهاء الدورة البرلمانية.
ويضم البرلمان العراقي الحالي 320 نائبا، وتملك أحزاب وتيارات شيعية الغالبية فيه.
وتتقاسم السلطات الثلاث مكونات مختلفة، إذ تعود رئاسة الجمهورية تقليدا إلى الأكراد، ورئاسة الوزراء إلى الشيعة، بينما يتولى السنة رئاسة البرلمان.
** تشتت الأصوات
الشمري وهو صحفي متخصص بالمعلومات أيضا، شدد على أن المشهد الانتخابي العراقي لعام 2025 لن يشهد ظهور "قوائم رئيسية أو مهيمنة" قادرة على حصد الأغلبية.
وأشار إلى أن أصوات الناخبين ستعاني من "التشتت" بسبب عوامل متعددة، منها عزوف الناخبين، وتأثيرات الهجرة، والارتفاع غير المسبوق في عدد المرشحين الذي بلغ أكثر من 7800.
وقال الشمري: "ما يتحدث به زعماء القوائم عن وجود قائمة رئيسية، هذا بعيد عن أرض الواقع".
واستدرك: "سوف تكون هناك قوائم طبيعية تحصل على مستوى محدود من المقاعد لا تتجاوز 5 بالمئة، وأخرى تحصل على اثنين أو واحد بالمئة من عدد المقاعد البالغ 329".
وشدد الشمري على أن التوزيعة العامة للمقاعد بين المكونات الرئيسية "ثابتة" منذ انتخابات 2010 و2014، إذ تحسم المقاعد المتبقية بعد الكوتا (التي تبلغ 9 مقاعد) وفقاً لنسب تقليدية.
أما التوزيع فهو بين 180 إلى 190 مقعداً للمكون الشيعي، ومن 60 إلى 70 مقعداً للمكون السني، ومن 50 إلى 60 مقعداً للمكون الكردي، وفق الشمري.
وأوضح الشمري أن انشطار القوائم يقسم الكتل ولن يجعل أي كتلة تتجاوز 5 إلى 6 بالمئة من عدد المقاعد.
وأكد أن مسألة اختيار الرئاسات الثلاث (الجمهورية، الوزراء، البرلمان) لا تخضع لـ "الخطوات الدستورية" بقدر خضوعها لـ "توافقات الكتل واتفاقياتها ومصالحها".
وأضاف: "الجميع يعلم أن رئيس البرلمان، لو جلب ألف مقعد نيابي، لن يكون رئيساً إلا بالاتفاق"، وكذلك رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
** الخارطة السياسية
وبشأن الخارطة السياسية للمكونات، توقع الشمري ترشيح المكون الشيعي شخصيات "مستقلة" في بغداد والمحافظات المختلطة والوسطى والجنوبية، نظراً لـ "الصورة غير الإيجابية للجمهور" عن القوائم السابقة، مشيراً إلى وجود 10 قوائم سائدة لا يمكن تحديدها حالياً.
أما المكون السني، فأشار إلى أن "محافظات الأنبار (غرب) وأجزاء من بغداد (وسط) وديالى (شرق) وصلاح الدين (شمال) والموصل (جنوب) ستكون تحت وطأة التشتت بعد نزول أكثر من 6 قوائم، ما سيجبرها لاحقاً على التوحد للدخول في مفاوضات المناصب".
وعن المكون الكردي، اعتبر الشمري أن إقليم كردستان "الأكثر تضرراً" بسبب الانشطار الواضح بين الحزبين الرئيسيين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني"، وظهور "الجماعة الإسلامية"، و"الجيل الجديد"، وتراجع نسبة التصويت.
وتوقع الشمري أن يكون للأحزاب الناشئة والمستقلين تأثير ملموس هذه المرة.
وأردف: "أعتقد أن هذه الكتلة الناشئة ستحصل بما لا يقل عن 25 إلى 30 مقعداً هذه المرة، وهي نسبة ليست بالهينة وستؤثر على المشهد أفضل من الذين كانوا في الدورة السابقة".
** تحالفات وقتية
رئيسة "منظمة آيسن لحقوق الإنسان" أنسام سلمان أوضحت في حديثها للأناضول أن الخارطة السياسية بالعراق "لن تشهد تغييراً كبيراً في جوهرها"، لأن ما بعد الانتخابات سيشهد في الغالب اختيار رئيس الوزراء بـ "شكل توافقي كما هو معروف ومعتاد".
وانتقدت ضعف البرامج الانتخابية المطروحة، قائلة: "البرامج شبه معدمة للأسف بالنسبة للإطار التنسيقي (شيعي) والقوى السنية وحتى الكردية، وهذا ما تسبب في فقدان الثقة من قبل الجمهور وأثر على نسبة المشاركة".
ووصفت سلمان التحالفات القائمة بأنها "وقتية بهدف تكتيكي عابر".
ورأت أن أغلب التحالفات "يمكن أن تنتهي فور انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج، فهي غايتها عبور العتبة الانتخابية بأدوات تقليدية، ولم تفكر بطرح برنامج واضح".
وبشأن دور الأحزاب وبناء الدولة، أشارت سلمان إلى "فشل الأحزاب في جذب الناخبين"، مؤكدة وجود "فجوة كبيرة بين الشارع والأحزاب".
وأضافت: "الأحزاب لم تبنِ الدولة، والكثير من قادتها يستخدمون الخطابات الطائفية والعنصرية والقومية واللعب على الوتر العاطفي لجذب الجمهور الساذج لها".
** المقاعد النسائية
وعن التمثيل النسائي، أقرت سلمان بأن نظام الكوتا هو "تمييز إيجابي" أسهم في ضمان حقوق المرأة وتشجيعها على خوض الانتخابات (إذ تجاوز عدد المرشحات 2000 امرأة)، لكنها انتقدت جودة هذا التمثيل.
وقالت: "أكثر النساء يضمنَّ الفوز عن طريق المال السياسي ودعم القائمة لها، وأكثرهن بعيدات عن التأثير في صنع القرار السياسي وحتى التشاور، فتمثيل المرأة للأسف لم يعد أكثر من كونه تمثيلاً شكلياً صورياً".
ووفق القانون الانتخابي، تخصص نسبة لا تقل عن 25 بالمئة من المقاعد البرلمانية بما لا تقل عن 83 مقعدا لما تعرف بـ"كوتا النساء"، بجانب تخصيص 9 مقاعد لمكونات قومية ودينية على مستوى المحافظات أو على المستوى الوطني.
وجرت آخر انتخابات تشريعية بالعراق في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وذلك بعد عامين على المظاهرات الشعبية التي أجبرت رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، وجاء خلفا له مصطفى الكاظمي ليشرف على إجراء الانتخابات.
وشكلت الانتخابات المبكرة حينها نقطة تحول مفصلية في العراق، وكانت الخامسة منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، والأولى التي تجرى وفق نظام الدوائر الانتخابية في المحافظات.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.