خبراء: تضامن شباب تونس مع غزة مصدره إلهام المقاومة و"تساهل" السلطة

وكالة الأناضول

خبراء: تضامن شباب تونس مع غزة مصدره إلهام المقاومة و"تساهل" السلطة

  • منذ 6 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
Tunisia
تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول
* أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية منير السعيداني للأناضول: 
- هذه المرة في التضامن مع غزة الفكرة أعمق لأنها تتعلق بالكرامة الوطنية وفلسطين ونوع من الالتزام القومي وحتى الثقافي ما جعل الشباب ينتفض دفاعا عن كرامته
* مهدي مبروك، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس، للأناضول:
- "الشباب التونسي دائما يظهر وجدانه العروبي، في التسعينيات كان يتظاهر ومنشغل بوضع العراق ومقاومة التوجه الاستبدادي للسلطة (سلطة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي / 1987-2011
  
قال خبيران تونسيان إن القضايا القومية تُحرك عادة الشباب التونسي، رغم ما يظهر من ابتعاده عن السياسة، في ظل ما تعيشه البلاد من تفاعل مع القضية الفلسطينية عبر تنظيم مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 21 يوما.
وفي حديث مع الأناضول قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية منير السعيداني إن المقاومة الفلسطينية "تلهم الشباب"، فيما لفت مهدي مبروك، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس (مستقل) أن الخطاب الرسمي سهل خروج الشباب إلى الشارع بما أنه "نضال دون كلفة" مستبعدا أن تعيد الأحداث الشباب إلى الاهتمام "بالشأن العام".

* القضايا القومية.. في الذاكرة

وفي تفسير أسباب هجران الشباب للحياة السياسية وعودته السريعة للتظاهر تضامنا مع قطاع غزة، قال السعيداني "في السنوات الماضية، الشباب هجر وابتعد عن الساحات السياسية الرسمية، ولكنه موجود في مجالات وساحات عمل أخرى".
وأوضح "الشباب التونسيون يتواجدون في المؤسسات الثقافية ويقومون بحملات ومبادرات خارج الحياة السياسية الرسمية".
واعتبر السعيداني أن ما يظهر من ابتعاد الشباب عن الحياة السياسية سببه أن الحملات ضد التسامح مع الفاسدين ومنتهكي حقوق الانسان في عهود ما قبل الثورة (2011)، حوصرت من الدولة بطرق مختلفة.
ومن تلك الحملات ذكر السعيداني حملة "مانيش مسامح" لست مسامحا، حركة شبابية احتجاجية 2015)، لكن رغم الحصار يوجد الشباب التونسيون الآن في جملة من المجالات خاصة الثقافية منها"، رغم ابتعاده عن السياسة.
وقال السعيداني "لا يمكن الحديث عن شباب واحد وكتلة شبابية متجانسة مع القضية الفلسطينية، في تونس".
هناك خصوصية أن "هذه القضية موجودة في الوعي الدفين لجميع الناس، بصرف النظر عن الأجيال والجنس والمستوى الدراسي والانقسامات الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء ومتعلمين وغير متعلمين، هي رابط وجداني بين الأجيال"، وفق السعيداني.
وتابع "الشباب يرفع شعارات تعلموها في الحركة الطلابية وأيضا شعارات رفعت في التسعينيات خلال الهجمة على العراق مثل "يا صدام يا حبيبى اقصف اقصف تل أبيب"، الذي أصبح اليوم "يا قسام (كتائب القسام) يا حبيب اقصف اقصف تل أبيب".
وأكد السعيداني أن "الشعار موجود في ذاكرة الناس ويقع التصرف فيه بطرق مختلفة، الذاكرة مهمة، هنا أجيال تكوّن مع بعضها ذاكرة مشتركة الأمر الذي يجعل الهَبّة تكون سريعة وتستجيب بشكل كبير".

* مشاعر كامنة

من ناحيته مهدي مبروك، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس قال: "هذا الجيل لم يعش حرب الخليج الأولى (1991) ولا حرب جنوب لبنان (2006)، فهو لأول مرة وجدانه العروبي وانتماؤه الحضاري يوضع على محك التجربة".
وأضاف مبروك للأناضول: "الشباب التونسي، بصفة خاصة، له نوع من الوجدان العروبي يظهر دائما، ففي التسعينات كان يتظاهر ومنشغلا بوضع العراق ومقاومة التوجه الاستبدادي للسلطة (سلطة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي 1987-2011)".
وتابع "خصوصية الحركات الشبابية أن لها نبض خاص في تونس لم يحدث هذا لأول مرة بل كان في محطات عديدة لأن القضايا القومية توقد المشاعر لدى الشباب".

* حرب غزة والعودة للشأن العام

وحول ما إذا كانت الأحداث فرصة لاندماج الشباب في الاهتمام بالشأن العام قال مبروك: "الحرب على غزة مناسبة للبعض للانخراط في الشأن العام والشأن القومي، ويمكن أن تكون مَعبرًا للاهتمام بالقضايا الوطنية، لكنها تكون عابرة للبعض الآخر".

* "جاذبية" المقاومة و"تساهل السلطة"

اعتبر السعيداني "فكرة الكرامة فكرة جامعة بين هبّة الشباب خلال 2010 / 2011 (أحداث الثورة التونسية) وهذه المرة مع الحرب على غزة".
وأوضح: "هذه المرة الفكرة أعمق لأنها تتعلق بالكرامة الوطنية وفلسطين وهناك نوع من الالتزام القومي وحتى الثقافي بالمعنى العربي الإسلامي العام الذي يجعل الشباب ينتفض دفاعًا عن كرامته".
وتابع: "هناك مسائل صغيرة لا يهتم بها البعض مثلا عندما يسمع بصاروخ اسمه الزواري (المهندس التونسي الذي طوّر المسيرات لحركة حماس الفلسطينية)، الشباب يسأل فيعرف المسالة، فيحس بأن ارتباطه بالقضية أقوى من ارتباط غيره".
ووفق السعيداني، "ذِكر أبو عبيدة (متحدث كتائب القسام) لتونس في حديثه مؤخرا، كان أمرا ملهما للشباب، فهو شخص قوي ويدافع عن بلاده رغم القصف، وصوته شبابي يؤثر في فئة الشباب في تونس".
وتابع "ولا ننسى أن خطاب الرئيس قيس سعيد كان له دور في تفاعل الشباب ومشاركتهم في المظاهرات دعما لغزة والمقاومة الفلسطينية.
والأسبوع الماضي، ذكر المتحدث باسم كتائب "القسام" أبو عبيدة، في كلمة صوتية مسجلة بثتها قناة الأقصى التابعة لـ "حماس"، اسم دول تونس إلى جانب الجزائر وموريتانيا والمغرب والسودان وغيرها، ودعاها للمدافعة عن الأقصى وعن القضية الفلسطينية ما انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي في تونس ولاقى تفاعلات بين صفوف الشباب فيها.
وفي أكثر من مناسبة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري دعا سعيد شعب بلاده، للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
وقال سعيّد في 18 أكتوبر، في كلمة خلال إشرافه على مجلس طارئ للأمن القومي، إثر المجزرة الإسرائيلية في مستشفى "المعمداني" بغزة "، من حق التونسي ككل الشعوب الحرة في العالم أن يعبر عن موقفه الثابت من الحق الفلسطيني، ندعوه إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وألا يتعرض لأحد لا في جسده ولا في ملكه ولا في عرضه".
وأضاف مبروك: "لا ننسى أن الأنظمة التسلطية، (في إشارة إلى نظام قيس سعيد) دائما تتنفس من القضايا القومية، لأنه لا يمكن لها التصعيد في القضايا الداخلية، فيتم ترحيلها إلى القضايا القومية وبناء مشروعية لها، وعندما يحمل أعوان الأمن الأعلام الفلسطينية يتم طرح تساؤلات عن الرسائل التي يريد إرسالها النظام في تونس عبر ذلك.
يُذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت صور لسيارات الشرطة والأمن مكتسية الأعلام الفلسطينية في تونس، تجوب الشوارع ما أثار تفاعل الشباب التونسي.

* نضال غير مكلّف

وتابع مبروك أن "جزءًا من تعبئة الرأي العام حول قضية غزة عملت عليه السلطة، ولذلك يخرج الطلبة لا خشية عليهم من القمع، علما أن الحركة الطلابية ذائبة في تونس، فالخطاب الرسمي ساهم في تعبئة بلا كلفة أمنية".
ورجّح أن "النظام يتنفس بهذه التعبئة الجماهيرية الكبيرة لفائدة غزة، ويتم التصعيد العروبي في هذه القضايا، في حين لا يهتم بالقضايا الأخرى التي تهم الوضع الداخلي".
وخلص إلى القول إن "هناك تعبئة دون مخاطر مع وجود حالة من التسامح مع المتظاهرين، بل الخطاب الرسمي يزايد على المعارضة أحيانا، ما يرفع التعبئة الشعبية، وهذا حال الأنظمة الشعبوية (في إشارة لنظام سعيد)".
واستبعد مبروك أن تكون موجة التعاطف مع غزة بوابة لعودة الشباب التونسي للاهتمام بالوضع السياسي الداخلي بالقول: "أستبعد ذلك تمامًا في المنظور القريب لن يكون هذا مطروحًا".
ورأى أن "جزءًا من الخطاب الاحتجاجي يمتلكه النظام، وأن مفاتيح المعركة الرمزية والكلام بيد السلطة، النظام له مشروعية أخلاقية ولا يمكن أن يكون هذا تدرّب على الشأن الوطني".
وقال: "التدرب على النضال الوطني له قنوات أخرى ومحطات أخرى ومفاتيح ولغة أخرى غير اللغة التي يقع استعمالها الآن".

* قضية فلسطين في وجدان الطلبة

حسام عنيبة عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للطلبة (نقابة طلابية مستقلة) قال: "نعتبر أن القضية الفلسطينية هي أم القضايا وهذا لا شك فيه وموجود في لوائح منظمتنا لكل المؤتمرات الخاصة بنا".
ومنذ عشرات السنين ترفع الحركة الطلابية التونسية شعار "القضية الفلسطينية قضية مركزية للحركة الطلابية".
وأضاف عنيبة للأناضول: "على أرض الواقع، دعا الاتحاد العام التونسي للطلبة عموم الطلبة للمشاركة في التحركات الاحتجاجية ضد العدوان على غزة، ونظم يوم غضب إثر قصف المستشفى المعمداني بغزة استجاب له الطلبة بشكل واسع".
وتابع: "كما أطلقنا حملة تبرعات في الجامعات التونسية بالتنسيق مع الهلال الأحمر التونسي لفائدة غزة وتقدمنا لوزارة التعليم العالي لنكون حلقة وصل بينها وبين الطلبة الفلسطينيين في تونس، لتفعيل قراراتها في دعم الطلبة الفلسطينيين.
والثلاثاء، قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية اتخاذ إجراءات لفائدة الطلبة الفلسطينيين منها تمكينهم من السكن في الأحياء الجامعية، وتوسيع المنح المالية لفائدتهم لتشمل طلبة الماجستير والدكتوراه.
ومنذ انطلاق الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تظاهر الآلاف في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ومدن أخرى من شمال البلاد إلى جنوبها تنديدا بالاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وتضامنا مع المقاومة الفلسطينية.
ولليوم الـ21 على التوالي، يتعرض قطاع غزة المحاصر منذ 2006، لغارات جوية إسرائيلية مكثفة في إطار عملية عسكرية سماها "السيوف الحديدية" دمرت أحياء بكاملها، وأسقطت آلاف القتلى والجرحى من المدنيين.
وفجر 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أطلقت حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، ردا على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".​​​​​​​​​​​​​​
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>