الانتخابات المحلية في العراق.. هل تقود البلاد إلى الاستقرار السياسي أم تعمق الخلاف والصراعات؟

سبوتنيك عربي

الانتخابات المحلية في العراق.. هل تقود البلاد إلى الاستقرار السياسي أم تعمق الخلاف والصراعات؟

  • منذ 4 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

فهل حققت تلك العملية أهداف وتطلعات الجماهير أم أنها سوف تعقد المشهد بصورة أكبر؟

يرى مراقبون أن تلك الانتخابات ونظام "سانت ليغو"، الذي أجريت من خلاله، ساهم في تمكين القوى والأحزاب الكبرى المتواجدة في السلطة فعليا، والتي أوصلت البلاد إلى الحالة التي تعيشها سياسيا واقتصاديا، وتسببت في تدني مستوى المعيشة والخدمات بصورة كبيرة.
يقول عبد الملك الحسيني، المحلل السياسي العراقي، إن "انتخابات مجالس المحافظات تأتي هذه المرة بعد تجربة ديمقراطية مضى عليها أكثر من 20 عاما، أفرزت نتائج مخيبة للشعب العراقي".

الثقة المفقودة

وأضاف الحسيني، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "تجربة الانتخابات الديمقراطية المحلية، بكل أسف، خلقت حالة من عدم الاستقرار السياسي والتجاذبات الإقليمية، وتدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل وتراجع في قيمة الدينار العراقي أمام الدولار وتدني مستوى الخدمات، وجعلتهم يفقدون الثقة في العملية السياسية التي كان من المفترض أن تمنحهم واقعا معيشيا أفضل مما كانت عليه البلاد، قبل عام 2003".
علم دولة العراق - سبوتنيك عربي, 1920, 18.12.2023
17% نسبة التصويت في انتخابات مجالس المحافظات في العراق
وأكد الحسيني أنه "لا يوجد تفاؤل لدى العراقيين، بأن هذه الانتخابات سوف تساهم في تغيير أوضاعهم نحو الأفضل، لا سيما وأن تجارب السنين الماضية كانت سلبية مع مجالس المحافظات، حيث كرست تلك الانتخابات الخلافات السياسية وعمقت الصراعات وتعطلت بسببها معظم مشاريع التنمية".

الحدث الأبرز

وأشار المحلل السياسي إلى أن "المشاركة المجتمعية في هذه الانتخابات كانت متواضعة، مما سيزيد تعقيد المشهد السياسي بسبب الإفرازات الغير متوازنة للتشكيلة السياسية التي ستقوم بتشكيل الحكومات المحلية في مختلف المحافظات العراقية، وسط غياب التيار الصدري الذي له الثقل الأكبر في عملية التوازن السياسي بالنسبة للمكون الشيعي".
وأوضح الحسيني أن "الحدث الأبرز في هذه الانتخابات هو التفاعل الكبير واللافت، الذي ظهر عليه جمهور "حزب تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي، الذي يقف على رأس هرم التمثيل السني في مجلس النواب بما يزيد على 43 مقعدا، حيث تشير التوقعات إلى أن المقاعد التي سيحصدها حزبه في هذه الانتخابات ستساهم في تعزيز بقائه كأبرز سياسي شاب ومؤثر في المعادلة السياسية العراقية، على الرغم من الاستهداف السياسي الذي تعرض له وأفقده منصب رئاسة البرلمان".
وتابع: "تأثير آخر لهذه الانتخابات، حيث تعدها معظم الأحزاب المتنافسة بمثابة ممارسة عملية واستعداد يسبق الانتخابات النيابية القادمة ومعيار حقيقي لحجم التمثيل السياسي للأحزاب".

صلاحيات دستورية

ولفت الحسيني إلى أنه "على الصعيد القانوني فقد منح البند الأول من المادة 2 من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل، مجلس المحافظة سلطة التشريع المحلي في المحافظة".
وأردف، قائلا: "كما حددت المادة 7 من القانون المذكور اختصاصات مجلس المحافظة، إذ جاءت الفقرة الثالثة من تلك المادة، لتؤكد على صلاحيتها في إصدار التشريعات المحلية والأنظمة والتعليمات لتنظيم الشؤون الإدارية والمالية بما يمكنها من إدارة شؤونها، وفق مبدأ اللامركزية الإدارية وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية".
الانتخابات العراقية في أربيل - سبوتنيك عربي, 1920, 17.12.2023
سياسي عراقي: مؤشرات التصويت الأولي للقطاعات الأمنية والعسكرية في الانتخابات المحلية "تدعو للقلق"
وأكد الحسيني أن "مجالس المحافظات وفق صلاحياتها الدستورية تمثل أهمية كبيرة في تحديد احتياجات المحافظة من المشاريع وتحديد الموازنة اللازمة لها، وتشريع القوانين بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية، إضافة إلى اختيار المحافظ ونائبيه وفرض الرقابة المباشرة على الحكومة المحلية، ومتابعة تنفيذها للمشاريع ومحاسبتها في حال التلكؤ في التنفيذ، وهنا فإن المواطن سيكون على تماس مباشر مع الجهة التشريعية والرقابية التي تمثله وتعتبر نتاجًا لاختياره، الذي تم عن طريق صناديق الاقتراع".

الأهداف الجماهيرية

من جانبه، يقول أياد العناز، المحلل السياسي العراقي، إن "انتخابات مجالس محافظات العراق، جاءت بعد توقف دام عقدا من الزمن، ورغم هذه المدة إلا أن الكثير من الإصلاحات السياسية والمنجزات الاقتصادية وملامح التنمية الاجتماعية لم تتحقق بالشكل الإيجابي، وكأن المجتمع ينتظر الإصلاح والتغيير في كافة مرافق الدولة ومؤسساتها".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من تحقيق الأهداف الجماهيرية والطموحات الشعبية، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية التي شكلت موانع لعدم ذهاب الأغلبية من أبناء الشعب العراقي لصناديق الاقتراع، حيث لا يزال المواطن يرى عدم جدية في الاستماع إليه وانتشاله من أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية".
وأشار العناز إلى أن "نظام الانتخابات الذي سارت عليه الأحزاب السياسية المشاركة، اعتمد مبدأ "سانت ليغو" وهو الذي سبق وأن تم تجربته في سنوات سابقة، ويحقق للكتل والأحزاب الكبيرة غايتها في الاستحواذ على الأصوات، ويمثل عائقا في وصول الأحزاب الصغيرة أو الغير ائتلافية بما يؤثر على النتائج النهائية، ويدفع لإعادة هيمنة الأحزاب الموجودة في السلطة على مقاليد الحياة في البلاد".

"التيار الصدري"

وأوضح المحلل السياسي أن "المقاطعة السياسية للتيار الصدري لتلك الانتخابات أحدثت فجوة كبيرة، وكان لها تأثيرها الميداني على سير وطبيعة الانتخابات، كما أن امتناع المؤيدين والمناصرين لها عن الذهاب للانتخاب، قلل من نسب المشاركة والاهتمام بنتائجها في خضم صراع سياسي واختلاف العديد من من الرؤى في كيفية إدارة الدولة".
الانتخابات البرلمانية في العراق - سبوتنيك عربي, 1920, 15.12.2023
في انتخابات مجالس المحافظات... الصمت الانتخابي يدخل حيز التنفيذ في العراق
ولفت العناز إلى أن "الامتناع عن المشاركة لم يكن من الشارع والتيار الصدري فقط، حيث شهدت العملية الانتخابية امتناع عدد آخر من الأحزاب والحركات السياسية عن المشاركة فيها، لاختلاف وجهات النظر وطبيعة المناكفات والصراعات القائمة بينها، ومنها أحزاب ليبرالية وأخرى تجمعات مستقلة".
وأعلنت مفوضية الانتخابات العراقية، اليوم الثلاثاء، النتيجة الأولية للعملية الانتخابية لمجالس المحافظات والتي جرت، يوم أمس الاثنين، وقاطعها "التيار الصدري" وعدد من الأحزاب والقوى السياسية، وقالت المفوضية إن"عدد التحالفات السياسية والمرشحين الأفراد بلغ 134، فيما بلغ عدد المرشحين الكلي 5 آلاف و898 مرشحا، أما عدد المصوتين الكلي بلغ أكثر من 6 ملايين، وبنسبة مشاركة 41 بالمئة".
وكانت مراكز الاقتراع العام قد فتحت أبوابها، في السابعة من صباح يوم أمس الاثنين، أمام 17 مليون ناخب عراقي لانتخاب أعضاء مجالس المحافظات، وهي الانتخابات الأولى من نوعها منذ 10 أعوام، وستحدد شكل الحكومات المحلية التي ألغيت بعد الانتفاضة الشعبية، في عام 2018.
ويقاطع "التيار الصدري"، أحد أبرز التيارات السياسية في العراق، بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، الانتخابات التي تعقد في 15 محافظة.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>