النظام الصحي، فساد متزايد و إهمال يهدد حياة المواطنين

ايزيدي 24
  • منذ 3 شهر
  • أخبار العراق
حجم الخط:

ايزيدي 24 عن وكالة اليقين 

 

يعاني القطاع الصحي في العراق من تدهور كبير بعد غزو البلاد سنة 2003؛ ولم يتمكن النظام الحاكم في بغداد من تحسين واقع النظام الصحي، بسبب الفساد وإنعدام  الرعاية الصحية، وتفشي الرشوة والمحسوبية والسرقة بشكل كبير في جميع مفاصل هذا القطاع.
وأصبح الواقع الصحي سلعا تجارية على صحة المرضى التي مازالت في تدهور متواصل، حيث انتشرت سرقة الأدوية والمعدات الطبية وكثرت حالات الاحتيال وعدم وجود الخزين الكافي من الأدوية والعلاجات، فضلاً عن تردي الخدمات وسوء المعاملة.
ولم تواكب الدولة وتيرة الزيادة السكانية والحاجة الإجتماعية للقطاع الصحي المتكامل، فارتفع عدد سكان العراق من 7.28 مليون في عام 1960 إلى 39 مليون في عام 2019، لكن بحسب “البنك الدولي”، انخفض عدد الأسرة في المستشفيات للفرد بشكل فعلي بحلول العام 2017 ، من 1.9 سرير لكل 1000 عراقي إلى 1.3 سرير لكل 1000 فقط.

فساد القطاع الصحي

تحدث الطبيب، علي الدليمي، عن تفشي الفساد والمحسوبية ودخل الجانب السياسي في تبادل المناصب الإدارية ضمن وزارة الصحة وقطاعاتها الطبية وحتى المستشفيات.
وقال الدليمي خلال حديثه لوكالة “يقين”، إن الفساد لعب دورًا رئيسيًا في الانهيار المستمر للبنية التحتية للقطاع الصحي، وأصبح العراق في مقدمة الدول الأكثر فسادًا في المنطقة.
 وأضاف، أن الفساد أثر بشكل مباشر على طبيعة وأداء النظام الصحي، وجعل أي استثمار في القطاع الصحي غير مجدٍ، بسبب تأثير فساد وزارة الصحة وعدم قدرتها على تنفيذ تغييرات ملموسة.
وأشار، إلى أن الحكومة العراقية تعيق تحسين الرعاية وتقديم الخدمة الطبية والعلاجية للعراقيين في كلا القطاعين العام والخاص، لما يوجد من منافسة شرسة بين السياسيين العراقيين للفوز بوزارة الصحة بهدف اختلاس الأموال من عقود الأدوية.
وأفاد بوجود دعاوى قضائية مقدمة إلى المحاكم الدولية مع الأدلة ضد شركات أعطت رشوة للفوز بعقود من وزارة الصحة العراقية، متهماً الحكومة العراقية ووزارة الصحة  ببيع الأدوية المخصصة لوزارة الصحة في السوق السوداء.
وأكد، أن هناك عقود لشراء الأدوية من الخارج، أحيلت إلى شركات تمتلكها ميليشيات مسلحة، وأخرى عائدة لشخصيات سياسية متنفذة، وفي الغالب تأتي الأدوية منتهية الصلاحية أو ليست ذات جودة طبية وعلاجية.

صراع على النفوذ

كثيراً ما تشهد وزارة الصحة العراقية عمليات ابتزاز مالي وإداري و تصفية الحسابات، فضلاً عن صراع النفوذ وإزاحة الخصوم والإيقاع بهم، أو إخفاء أدلة ووثائق ومستندات تؤكد الفساد وتثبته، هي حرائق مدبرة بفعل فاعل سياسي، بوصفها الطريقة الأكثر سهولة وأماناً، ولا تبقي أثراً يُستدل منه على الجاني.
وتقود الصدفة أحياناً إلى الجناة الذين يسارعون لطمس آثار محارق الناس بالمستشفيات، عبر حرق الطابق الإداري الرابع من وزارة الصحة غداة ليلة حريق الناصرية على سبيل المثال.
وفي مقال له أوضح الصحفي الاستقصائي، صفاء خلف، أن المشكلات الصحية التي تغزو سكان العراق المرهقة وهم يزدادون سنوياً بأعلى نسبة بشرية في المنطقة، ثَمَّة نقص هائل في البنية الصحية مع ندرة في الكوادر المؤهلة للعمل في القطاع الحيوي، بظل توسع الاهمال في حقل الصحة العامة، وهو ما أشرَ عليه ضعف استجابة العراق لأزمة Covid 19، بوصفه أعلى بلدان المنطقة تسجيلاً للإصابات والوفيات.
وأضاف خلف، أن ثَّمة ثلاث حوادث تعبر عن فداحة الإهمال الحكومي الناتج عن “بيروقراطية الفساد” وتنافسية المصالح التي تتفشى بجسم الدولة العراقية اجمالاً، وفوضى اللعب بمصائر العراقيين ضمن صراعات حيازة النفوذ مع ضمان الإفلات من المحاسبة.
وبين، أنه يمكن اعتبار الحوادث الثلاث غير المسبوقة، المتمصلة بمحرقة الأطفال الخدج، ومحرقة مستشفى بغداد، ومحرقة الناصرية، حيث تعتبر فواجع وطنية تؤكد على نحو مطلق عدم أهلية النظام الحاكم، ومدى استسهاله تقبل الناس لموتهم كصور من صور اليأس الجماعي واحتضان الموت كعزاء نفسي ومواساة خلاصية، واستسلام مفجع بأن تكون مواطناً في بلاد منهوبة.
وأشار إلى أن الفساد في العراق هو الطاقة الضامنة لوجود النظام السياسي الحاكم، الذي يدفع إلى التآكل المتسارع للدولة، من خلال خلق مصدات تؤجل الانهيار، و لا تمنعه إن حدث في أي لحظة.
وأفاد أن النظام الحاكم في بغداد فقد شرعيته بتراكم الفشل والأخطاء والكوارث، قبالة فقدان المجتمع للأهلية نتيجة تحطيم منظومته القيمية والأخلاقية وغياب الدولة الرشيدة الحارسة لتلك المنظومة.

يرتبط تحسين النظام الصحي في العراق بشكل جوهري بزيادة الكفاءة ومكافحة الفساد، وهما شرطان فشلت الحكومة العراقية في تحقيقهما منذ عام 2003. والتغيير صعب جدًا في عراق اليوم لمجرد أن القوى المسؤولة عن الظروف المزرية هي نفسها المستفيدة منها، ونفسها الموجودة في السلطة. فيتفق السياسيون الفاسدون والمنتخبون، أو المسؤولون في مجال الصحة الذين ما زالوا في مناصبهم، على الاستفادة من الوضع الحالي لإثراء أنفسهم.
بالنظر إلى هذا الواقع، يعجز المواطن العراقي عن مواجهة عقدة الفساد التي تشكلت على امتداد فترة طويلة. وتترتب عن ذلك أزمة صحية كانت تشتد منذ عقود وستزداد سوءًا خلال الأشهر والسنوات المقبلة ؛ فلسوء الحظ، بينما تسلط الأحداث في كل من بغداد وذي قار الضوء على تردي ظروف النظام الصحي العراقي، لن تمهد الطريق لحدوث تغيير ملحوظ وسيظل العراقيون يعانون بسبب عدم الكفاءة.

البرلمان يشرع الفساد

اعترف رئيس لجنة الصحة والبيئة في البرلمان، ماجد شنكالي، بتردي الواقع الصحي في البلاد، مع وجود مخصصات مالية كبيرة للقطاع في موازنة 2023، وعن نسب الأدوية المنتجة في العراق قياساً بالحاجة، وكمية ما يدخل عبر التهريب، مشيراً إلى وجود ملفات فساد كبيرة في القطاع الصحي حدث خلال جائحة كورونا.
وبين شنكال، في تصريح صحافي، أن الواقع الصحي العراقي متهالك نتيجة تراكمات وإخفاقات وفساد على مدار عقود، وهناك مشاكل تزيد الوضع تعقيداً، أولها قلة مخصصات القطاع الصحي قياساً بالمطلوب، ما ينعكس سلباً على الخدمات المُقدمة، ويجعل الكثير من المواطنين يفضلون القطاع الخاص. 
وأكد قلة عدد المستشفيات قياساً بعدد السكان، حتى أن المستشفيات القائمة لا ترقى إلى مستوى الطموح، كما أن هناك أسباباً سياسية تعطل تطوير القطاع، إذ إن بعض القيادات اختيروا وفقاً لمبدأ المحاصصة، ويتعرض وزير الصحة لضغوط كبيرة حين يحاول تغيير أحدهم.
وأشار إلى غياب العقوبات الرادعة تجاه المقصرين في المستشفيات الحكومية يشجع كثيرين على عدم القيام بواجباتهم، على عكس ما يجري في القطاع الخاص.
وأفاد شنكالي، أن 70 في المائة من الأدوية المستوردة تدخل بشكل غير رسمي عبر منافذ متعددة للتهريب، أو من خلال منافذ رسمية وتدخل على أنها مواد أخرى غير الأدوية.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>