لماذا لا يوجد مقعد واحد في الباص لـ (400) ألف من ذوي الإعاقة في نينوى؟

ايزيدي 24

لماذا لا يوجد مقعد واحد في الباص لـ (400) ألف من ذوي الإعاقة في نينوى؟

  • منذ 3 شهر
  • أخبار العراق
حجم الخط:

 

لماذا لا يوجد مقعد واحد في الباص لـ (400) ألف من ذوي الإعاقة في نينوى؟

تحديات يواجهها ذوي الاعاقة وحدهم في ظل الاهمال الحكومي..

…………………………………………………………….

 ايزيدي 24- يونس عباس

على كرسي متحرك يتقدمه مسند قدمين تجلس مينا(14)عاما بظفيرتيها السوداوين ، تحمل في  يديها كرة صفراء صغيرة الحجم، وبخطى وئيدة تدفع معلمتها الكرسي لتدخلها غرفة الادارة حيث اجرينا معها المقابلة. تقف والدتها بجانب الكرسي المتحرك الذي توقف في منتصف الغرفة ..تحاول التحدث اليها، وتلاعبها بالكرة.

لم تستطع مينا التحدث بسبب حالتها الصحية التي حبست لسانها بين فكيها، تقول والدتها “كانت في الثالثة من عمرها عندما ارتفعت درجة حراراتها …هرعنا بها مسرعين الى المشفى واصيبت بشمرة حرارة (نوبة الحمى) ثم تفاقم  وضعها الصحي عندما نزحنا الى اربيل تحت أشعة الشمس الحزيرانية اللاهبة إثر أحداث عام 2014 ونتيجة تأخر إجراءات الإقامة ودخولنا للمدينة اصُيبت ب(35) شمرة أخرى ممازاد وضعها الصحي سوءً وتضاعفت حالتها سوءً عندما سقطت على رأسها فاختل توازنها وفقدت قدرتها على المشي”

شُخصت حالة مينا  التي تتلقى العناية و العلاج الطبيعي في أحدى المدارس الأهلية في المدينة بصرع معنّد، عدد من الأطباء أكدوا امكانية شفاءها اذا ما تلقت التدخل الطبي الذي تحتاجه… بيد ان هذا التدخل يتضمن إجراء عملية جراحية في الدماغ خارج البلاد.

 لكن الحالة المادية لعائلتها التي تتلقى راتبا حكوميا بصفة معيل مقداره(169)الف نحو(108)دولار وتنفق عليها مايقرب ال(500) الف نحو(320)دولار شهريا للعلاج  تحول دون تأمين التكاليف التي يتطلبها اجراء العملية.

تتسلل عينا والدتها نحوها مخبأةً تحت الجفون شيئاً من الحزن وتتابع “سافرنا الى العديد من المحافظات العراقية طلبا للعلاج، وذهبنا الى وزارة الصحة في بغداد وطلبنا دعم الوزارة لعلاجها خارج العراق… لكنهم قالوا لنا أنه يمكن علاجها داخل البلاد بالرغم من تأكيد الأطباء في ملفها الصحي عكس ذلك”.

قصة مينا تشابه الى حد كبير عدداً من القصص التي قابلها معد التحقيق لاشخاص من ذوي الإعاقة يقاسون الحياة في محافظة نينوى نتيجة التقصير في بعض الخدمات المقدمة لهم من قبل الجهات المختصة.

لاتوجد إحصائيات رسمية دقيقة لإعداد ذوي الإعاقة في المحافظة لكن أرقاماً صادمة حصلنا عليها من هيئة ذوي الإعاقة في نينوى وعلى لسان معاون مديرها حسن حمد إذ تقارب الأعداد (10%) من اجمالي عدد سكان المحافظة،  أي نحو (400) الف شخص من السكان البالغ (4230000) مليون نسمة بحسب آخر تقديرات لجهاز الإحصاء المركزي

 

ويشّخص دكتور الأمراض النفسية والعصبية وليد العكيدي(60)عاما اسباب الإعاقة في نينوى بالاضطرابات الجينية واصابات الأم بامراض او حوادث اثناء فترة الحمل أو الولادة فضلاً عن التقدم بالعمر، وإصابات العمل، والحروب والازمات الأمنية التي عصفت بالمحافظة منذ عام (2003) إبان الاحتلال الاميركي على العراق وماتلاه من احداث.

وبتعريف بسيط يميز بين ذوي الاعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة فذو الاعاقة هو كل شخص فقد القدرة على المشاركة في الحياة المجتمعية قياسا بغيره سواء أكان الفقد بصورة جزئية أو كلية مما يؤدي القصور في الأداء الوظيفي، أما ذو الاحتياجات الخاصة فهو شخص لديه القصور في القيام بدوره قياسا بأقرانه  في بيئات العمل المختلفة كالاشخاص قصيري القامة مثلاً وقد تعاملت اغلب الاتفاقيات الدولية بذات المفهوم مع المصطلحين.

 لم يكن يعلم سعد جواد (42 عاما) أن صوت الانفجار الذي سمعه وهو يسير قرب السوق متجهاً لايصال الحداد الذي عمل في بيته سيغير حياة فلذة كبده مصطفى آخذً معه ساقه اليسرى الى الأبد.

بعد أن وطأة قدماه على أحدى المخلفات الحربية بالقرب من منزله. يقول سعد “أصبت بالصدمة عندما أخبرني أخي بالأمر وصرخت في المستشفى حال رؤيتي مصطفى وهو مستلقي على السرير تغطي جسده الدماء”

مصطفى سعد (11) عام الذي بترت ساقه اليسرى وشوُهت اصابع اليمنى بعد أن وطأة قدمه على صاعق لعبوة ناسفة بينما كان يلعب مع اصدقائه بالقرب من منزله في ناحية العياضية (65) ) كم غرب مدينة الموصل شمالي العراق يقاسي هو الاخر حياة صعبة ويسعى منذ عام للحصول على التعويض المستحق من الدولة لمن هم في مثل حالته الصحية رغم المعوقات.  لكنه – مع ذلك كله – “يعتقد انه محظوظ!  فقد كان آخر شخص يحصل على طرف صناعي كونه حصل عليه من ورشة الأطراف الصناعية في مركز نينوى للتأهيل البدني وهو أخر طرف صناعي يحصل عليه بسبب توقف المركز عن تقديم الخدمات…لا مزيد من الاطراف الصناعية للمنتظرين في الطابور.. هؤلاء المنتظرين تحت مظلة المادة الرابعة من قانون 38 في الدستور العراقي.

  انضم العراق بموجب قانون رقم (16) لسنة (2012) الى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهي معاهدة دولية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تهدف إلى حماية حقوق وكرامة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتلزم الأطراف في الاتفاقية بتعزيز وحماية وضمان التمتع الكامل بحقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة وضمان تمتعهم بالمساواة الكاملة بموجب القانون في (13) ديسمبر (2006) ودخلت حيز التنفيذ في (3) مايو (2008) وبموجبها تلتزم الدول الاعضاء بمجموعة من المبادئ والالتزامات وعلى وعلى اثرها شرع العراق قانون رقم (38) لسنة 2013 سمي قانون رعاية ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة والذي يحتوي على (26) مادة قانونية تخص ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة.

وبحسب المادة الرابعة من قانون (38) والتي جاء فيها( تأمين المتطلبات العلاجية والخدمات الاجتماعية والتأهيل النفسي والمهني لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذوات العلاقة داخل العراق وخارجه ) وفي المادة التي تليها المادة الخامسة (توفير فرص التعليم العام والخاص والتعليم المهني والعالي) فإن الحكومة والجهات المختصة معنية بتطبيق هذه الفقرات، بيد أن التحقيق أثبت وجود قصور في تطبيق عدد من المواد التي نص عليها القانون .

ويمكن معاينة القصور في مختلف مفاصل الحياة اليومية لولد كمصطفى او بنت كمينا، بداية من تحديات الوصول الى الرعاية الصحية اللائقة وانتهاء بالخدمات العامة فقد أجرى معد التحقيق زيارة لعدد من الأماكن العامة والدوائر الحكومية تبين بأن أغلبها تفتقر لتسهيلات الوصول الى تلبية احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة، كانعدام الممرات والمنحدرات الخاصة بالكراسي المتحركة، وانعدام الارصفة المهيئة للمكفوفين في الشوارع العامة للمدينة، كالعصا البيضاء التي يستخدمها المكفوفوين في الدول المتقدمة وغياب اماكن وقوف السيارات الخاصة بالمعاقين، فضلا عن وعدم وجود تسهيلات الحركة في وسائل النقل العام في حالات الصعود والنزول ..عدد ضئيل من المباني والمنشأت الحكومية التي عاينها معد التحقيق تبطق هذه الاجراءات. بينما بدات بعض المؤسسات وبشكل ضئيل قياسا بحجم المشكلة بتطبيق بعض الاجراءات الخاصة بهم.

  قانون (38) فان العراق لم يذهب بعيدا في تحقيق الاهداف المرجوة،  وأليات تطبيقه بطيئة لعدة اسباب تعزوها هيئة ذوي الإعاقة في نينوى الى ” قلة الامكانيات والموارد والتسهيلات فهو متعلق بوزارات عديدة كالصحة والتعليم والداخلية والمالية وغيرها من الوزارت، فضلا عن الحرب الاخيرة التي زادت من حالات الإعاقة وتضرر البنية التحتية للمدينة عام 2014″

 على عكازين يحملان جسده يسير الناشط بحقوق ذوي الاعاقة بهاء العباسي(39)عاما الذي فقد رجله اليسرى إثر حادثين اولهما مروري وثانيهما أمني عام(2007) يقول وهو يرتب قماش بنطلون ساقه اليسرى ويلفها حول الجزء العلوي خوفاً من إعاقة حركته ” الاجراءات الادارية الروتينية في بعض الدوائر تُنهك ذوي الاعاقة ومنها مايتعلق باللجان الصحية التي شكلتها وزارة الصحة الخاصة بنا والتي لاتتعامل معنا بشكل مهني فضلا عن توقف مركز الاطراف الصناعية في المحافظة وهو مايثقل كاهل ذوي الاعاقة في السفر لخارجها للحصول على طرف صناعي”

يوجد في نينوى مركزاً واحداً لصناعة الأطراف الصناعية انشأته أحدى المنظمات بعد الحرب ثم انتهى العمل به وتم تسليمه لمديرية صحة نينوى…  المركز ورغم تقديمه لأجيال من الأطراف الصناعية القديمة التي تم التخلي عن استعمالها في العديد من الدول قياساً بالدول المتطورة..لم يكن مثاليا لكنه كان يخفف من معاناة ذوي الاعاقة، الى ان توقف عن العمل.

 توجهنا الى مديرية صحة نينوى مرتين لمعرفة توقف المركز والسؤال عن القصور في الخدمات الصحية المقدمة لذوي الإعاقة في مدينة الموصل والأقضية التابعة لها، لكنهم رفضوا التصريح بأية معلومات بهذا الصدد وطلبوا منا تصريح خاص للإجابة على الاسئلة وعند خروجنا قال لنا أحد العاملين أن المركز توقف قبل أشهر قليلة بسبب غياب الدعم اللوجستي من الوزارة بعد أن تركته المنظمة التي أنشأته.

 يرى استاذ الحقوق في جامعة الموصل الدكتور فتحي الحياني ” أن التحدي الاول هو تحدي الموازنات العاجزة… فتطبيق كافة النصوص القانونية الخاصة بهذه الفئة يحتاج  لموارد مالية كبيرة… زد على ذلك ان التحديات التي مرت بها البلاد في فترات النزاع  قد جعلت عدد ذوي الاعاقة اكبر مقارنة مع بقية الدول، هذا فضلا عن التحديات العامة التي تواجه تطبيق القوانين في العراق كالفساد المالي والاداري وعدم وجود مؤسسات حقيقية وضعف سيادة القانون”

اهمال حكومي لهذه الطبقة

 

ومن الناحية الاقتصادية خصصت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية راتب بصفة معين لذوي الاعاقة يبلغ(170) الف نحو(108) دولار شهرياً وفقاً لقانون (38) وبلغ عدد المستفدين في نينوى (29) الف من المسجلين الذين يبلغ عددهم(69) الف شخص في هيئة ذوي الإعاقة في المحافظة

التعليم

على كرسي خشبي أسود ذو مسند من الجهة اليمنى تضع نور حمادي(21)عام عكازها ذو الثلاث انطواءات الى جانب كتبها الدراسية وهي تستمع لصوت الأستاذة منادية بنهاية المحاضرة… تسير نور خارجة..خلفها لافتتة قسم الإعلام بجامعة الموصل تأكل قدميها الأرض وببطء شديد تستند على زميلتها بيدها اليسرى بينما تدور أصابع اليمنى حول عكازها ملتفة لتبصرها الطريق تقول لنا نور “أمر بتحديات في انشطة الحياة اليومية فطرق التنقل ومناهج التعليم غير مناسبة للمكفوفين امثالي مايزيد من الصعوبات في دراستي وتنقلاتي في الطرق “

يوجد في محافظة نينوى أربع مراكز حكومية مختصة لتعليم ذوي الاعاقة، وقد تضررت المباني الخاصة بها إبان الحرب الأخيرة التي طحنت المدينة، وتركت ندبتها عليها لكنها عادت للعمل بعد إعادة تأهيلها وهي معاهد: (الأمل للصم والبكم، الرجاء للعوق العقلي، النور للمكفوفين، معهد التأهيل المهني فضلاً عن جمعية الحدباء التعاونية) وهذه المعاهد غير كافية للإعداد الموجودة كونها تستقبل عدد محدود من الطلاب.

وبالموازاة، توجد معاهد أهلية تستقبل ذوي الإعاقة لكن وبحسب معاون مدير هيئة ذوي الإعاقة في نينوى حسن حمد فإن “بعضاً منها غير مرخص، و يفتقد للمستلزمات الاساسية التي تؤهله لأن يكون معهدا مختصا، كون هذه المعاهد يجب ان تكون ضمن ضوابط” ويضيف حمد ” سابقاً كانت هذه المعاهد تحت رقابة قسم ذوي الاحتياجات الخاصة في نينوى وبعد قانون فك الارتباط عام (2012) اصبحت اجازات عمل المعاهد تمنح من بغداد”

ومايزيد من تعقيد المشكلة هو عزوف كثير من العائلات عن تسجيل أبناءهم في هذه المعاهد مايشكل معضلة أخرى

الدكتور في قسم الاجتماع بجامعة الموصل حسن الشعباني يقول “ان بعض الأهالي يعمدون لاخفاء الشخص ذوي الاعاقة لاسباب اجتماعية، او نفسية، او خوفاً من الوصمة الاجتماعية …كونهم يخشون على سمعهتم كأن يقال مثلا بيت الاخرس أو الاعمى …الخ، هذا الاخفاء ساهم بشكل أو باخر في ضياع حقوقهم “

الناحية الاجتماعية والدمج الاجتماعي

إن مايزيد من المعاناة التي يواجهها ذوو الإعاقة هو ما يواجهونه من رفض اجتماعي يتمثل في التنمر على حالتهم الصحية دون الاكتراث لمشاعرهم، مما يحدو  بكثير من الاهالي  الى عزل ابنائهم عن المحيط، والعزوف عن تسجيلهم في المراكز الخاصة، وبالتالي يفقد هؤلاء حقوقهم الاساسية كحق التعليم ، ويمسون ضحايا للتحديات النفسية  كالعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة والانطوائية واليأس والاكتئاب وهو ما يؤدي لتعاظم الفجوة بينهم وبين المجتمع بحسب الدكتور وليد العكيدي.

وفي إطار الحل يطرح الشعباني بعض الحلول متابعاً ” نرى أن تحسين الوضع الاقتصادي لهم هو جانب مهم جدا لأن الاهتمام بهذه الشريحة يساعد على الدمج المجتمعي وهذا عامل مهم جدا من الناحية النفسية” ويضيف ” اذا استوعب المجتمع ذوي الاعاقة كما هم لا كما يريد المجتمع فان ذلك ينتج مجتمع متماسك يساعد على دفع وتيرة التنمية”

 …بعض المبادرات الاجتماعية ساعدت وتساعد على صناعة الحل في نينوى، لكنها تبقى في إطار محدود من التأثير، إذ تعمل ريما هلال (45)عاما على إعادة دمج ذوي الاعاقة في المجتمع من خلال مركزها الذي يستقبل قرابة(400) شخص والذي افتتحته بشكل مجاني في جانبي المدينة لاستقبال الأطفال ذوي الاعاقة ممن تركت اثار الحروب ندبتها عليهم.

تقول ديما وهي تستقبل الأطفال اثناء دوامهم” بعد ان  رأيت الحرب وما خلفته من أضرار في المجتمع، وما نتج عنها من حالات اعاقة في صفوف الأطفال، قررت فتح أول مركز لاستقبالهم بشكل تطوعي في محافظة نينوى عام 2019 دعماً لذوي الاعاقة من اطفال وشباب العوائل الفقيرة التي لا يملك ذووهم نقودا لتسجيلهم في المعاهد الأهلية”

ويستقبل المركز الاشخاص ذوي الاعاقة من عمر(4-30) سنة ومن جميع مناطق المحافظة ويقدم خدماته في التأهيل النفسي والبدني والتعليم على القراءة والكتابة.

 وتطمح هلال التي تعمل على اعادة افتتاح المركز في الجانب الأيسر -الذي أغلق لأسباب رفضت الإفصاح عنها- الى افتتاح مدرسة مخصصة لذوي الاعاقة ومركز آخر خارج حدود مدينة الموصل لخدمة المناطق الاخرى في نينوى.

مع ذلك ..ماتزال مظلة قانون 38 عاجزة عن احتضان طوابير الانتظار الطويلة التي  يقف امام مراكز علاجية اغلقت ابوابها، واخرى تعليمية ليس لديها الكثير لتقدمه ،بلهجتها المصلاوية تقول والدة مينا وهي تدفع بيديها عربة ابنتها نحو الباب للمغادرة ” اتمنى ان اقدر اطلع بنتي على الخارج لان هوني ماكو علاج ينفعها ولا فادها علاج”.

 

 

 

 

 

 



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>