قنديل البحر “وين أيام كبل وين أيام هسا”

ايزيدي 24

قنديل البحر “وين أيام كبل وين أيام هسا”

  • منذ 3 شهر
  • أخبار العراق
حجم الخط:

صلاح رفو 

 

بهذه العبارة سخر السيد قنديل وهو يشاهد التلفاز الكبير في غرفته الفخمة في قاع المحيط الهندي من تحليلات مقدمي البرامج السياسية والمحللين المستضافين حول تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، ومدى سذاجة طروحاتهم. يسارع الخطى في الغرفة ذهاباً وإيابا بعد أن أغلق سماعة الهاتف بغضب في وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان يدافع عن نفسه باستماتة بسبب التصعيد الحاصل في موقفه من الأزمة الراهنة، السيد قنديل الفاقد للشغف بالأشياء والدهشة بالأحداث. لم يعد يستهويه شيء في هذا العالم الواسع، فتراه يدخن بحسرة السيكار الكوبي الذي يأتيه من مزارعه في كوبا، تلك الأراضي الشاسعة التي أهديت إليه من قبل فيديل كاسترو ذات يوم مهم كونه استطاع بقدرة قادر حلحلة أزمة خليج الخنازير مع أمريكا، السيد قنديل هو نفسه قام برشوة موزعٍ ايطالي ليجعل ذلك القاتل المجنون المدعو ” جيفارا” بطلاً وهمياً على قمصان كل المراهقين حول العالم. القنديل الذي لا يشيب ينظر للكم الهائل من الصورة المعلقة على جدران غرفه الكثيرة بشكل يومي لعله يستكشف أي شيء جديد يعيدُ له الفرح أو اللذة بالأشياء لكن دون جدوى. لوحة زيتية مرسومة بعناية بصحبة نابليون وهو يدخل موسكو منتصراً، صورة بالأبيض والأسود لحفل شاي برفقة الشابة إليزابيث قبل أن تتوج ملكة على بريطانيا العظمى! ابتسامةٌ مليئةٌ بالاسى ترتسم على وجهه وهو يرى صورته الوحيدة مع هاري ترومان الذي أوصاه بمغادرة عشه البسيط في المحيط الهادي لحين معرفة أضرار القنبلة الذرية التي سترمى على اليابان، كانت رحلة بلا عودة الى تلك البقعة الهانئة المحببة لديه، صورة أخرى يتوسط فيها هتلر وأمين الحسيني عندما قررا محو اليهود من كل بقاع الشرق والغرب، تقابلها صورة أخرى برفقة غوريون وهم يوقعون معاً على وثيقة دولة إسرائيل! والكثير الكثير من الذكريات التي لم تعد توقظ اي احساسٍ بالنشوة من مشاهدتها. كيف ما كانت الأحداث مضطربة أو هادئة يخشى السيد قنديل الفناء والموت بحادثٍ عرضي غير متوقع كما اخبرته العرافة، لذا تراه يدفع الكثير خلسة لمنظمات الرفق بالحيوان وجمعيات أصدقاء البيئة بأسماء وهمية أو عن طريق المواعظ لحركاتٍ تبشيرية لعله يوقف هذا النزق القاتل لدى أبناء البشر حسب تعبيره إذ هو مهتمٌ جدا بأمنه الشخصي من تلك الزوارق الصغيرة ذات المحرك الصغير التي تفتك بكل الحيوانات البحيرة القريبة من الشاطئ التي سحقت معظم أولاد عمومته في يوم صيفيٍ حزين. القرش السادس عشر مازال الحيوان الوفي والحارس الشخصي له منذ أول سلالة لجده، وجل ما يغري القرش الشاب علاوة على المال المقدم له حكاية تقارن أفعاله أو تشبهها ببطولات جده الرابع أو الخامس، ومدى شجاعتهم وتفانيهم في حماية سيدهم القنديل، يخبره في أغلب الأماسي عن دوره في فتك وقتل تلك الجموع التي تجرأت وجاءت لباب أحد فيلاته بعد معرفتهم بقدومه وصراخ تلك الجماهير بقوة” مايموت…مايموت، العار ما يموت” وكأنهم علموا بدوره الخفي في دعم الطغاة حول العالم لسحق شعوبهم، فقد وجد توقيعه في وقت سابق على بروتوكلات النفط مقابل الغذاء إبان الحصار الاقتصادي في العراق، كذلك اسم منشأته الصناعية على براميل الموت التي كانت ترمى على المدنيين في سوريا، بالاضافة لدفع حجوزات الطيران التي اقلت خميني من باريس إلى طهران، والكثير من فواتير عمليات تبيض الأموال لأغلب شركاته الوهمية بين بنما و بيروت، ثروة قنديل البحر هذا لا أحد يتنبأ بحجمها، فأمواله لمئات السنين تتراكم من ذهب وفضة وعملة صعبة و بيوت في أجمل بقاع العالم، ناهيك عن أجمل العذراوات الآسيويات التي ترسل له نهاية كل أسبوع، كل هذا لا يرضي طموحه، فهذا الكائن المسموم فقد المتعة بالأشياء ويغزو ذاكرته بين حين و آخر الحنين إلى الماضي كيفما كان ليتمتم مع كل حدث مفرح أو حزين: “وين أيام كبل وين أيام هسا”



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>