اتهامات ضد قوى وأحزاب عراقية تتغذى من المال العام

العربي الجديد
  • منذ 6 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

يوجه النائب عن القوى المدنية في البرلمان العراقي سجّاد سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، اتهاماً إلى قوى وأحزاب عراقية بوصفها بـ"المتنفذة"، بتمويل نفسها من خلال مؤسسات الدولة العراقية عبر صفقات وعقود فساد، معتبراً أن منهج المحاصصة الطائفية المعمول به في البلاد سبب رئيسي في ذلك. ويظهر التباين بين نفقات قوى وأحزاب عراقية من خلال أنشطتها أو المؤسسات الإعلامية والبحثية المرتبطة بها، كأحد مصادر الجدل المتكرر في البلاد بشأن مصدر تمويل الأحزاب في العراق.

محاصصة بين قوى وأحزاب عراقية

ويقول سالم، الذي يتولى عضوية لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، إن "الأحزاب السياسية الرئيسية تغذي نفسها من خلال المال العام. المحاصصة سهلت على الأحزاب الحاكمة الاستيلاء على قطاعات معينة في الدولة العراقية إضافة إلى الأعمال غير القانونية، مثل تهريب العُملة والنفط، وأنشطة مختلفة، مستغلة نفوذها في الدولة". ويتحدث عن تورط أحزاب متنفذة في العراق، بدون أن يسميها، بـ"صفقات سياسية"، لتنصيب مسؤولين في مناصب مهمة يقومون بالتغطية على فساد الأحزاب التي جاءت بهم.

سعيد موسى: لا إرادة سياسية لمكافحة هذا النوع من الفساد

ويشهد العراق منذ فترة نقاشاً وجدلاً واسعين بشأن مصادر تمويل الأحزاب الحالية، بعد تدشين حزبين سياسيين نافذين محطتي تلفزيون فضائيتين جديدتين، إلى جانب افتتاح حزب آخر مركزاً بحثياً في بغداد. يشار إلى أن البرلمان العراقي كان قد صوّت سنة 2015 على قانون الأحزاب، الذي يتضمن إلزامها بالكشف عن مصادر التمويل وكشف الذمم المالية وأصولها الثابتة، إلا أن بنود القانون لم تُفعّل، خاصة ما يتعلق بمصادر التمويل، وحظر الأجنحة المسلحة للأحزاب.

ويظهر خلال مواسم الانتخابات الفارق الكبير بين القوى المدنية والمستقلة الناشئة وأحزاب السلطة في العراق من جهة النفقات وطريقة التنظيم والدعايات الانتخابية. ويبلغ عدد المحطات الفضائية في العراق 69، واحدة منها فقط تمولها الحكومة، وهي قناة العراقية الرسمية، بينما ترتبط غالبية القنوات بالأحزاب والقوى السياسية وجهات متنفذة، التي تروج من خلالها لرؤيتها، فيما يتسع نطاق الصحافة الإلكترونية لتشمل 109 وكالات وموقع وصحيفة إخبارية إلكترونية، معظمها مملوك للجهات ذاتها، وتتولى عملياً الدور ذاته الذي تقوم به محطات التلفزيون.

كما توسع أحزاب أخرى أنشطتها من خلال إنشاء مؤسسات ومنظمات مختلفة، إلى جانب افتتاح مقرات جديدة لها، كان آخرها رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي، الذي أعلن، الاثنين الماضي، إنشاء مؤسسة جديدة تحمل اسمه، أطلق عليها تسمية "مؤسسة المندلاوي للذكاء الاصطناعي ورعاية الموهوبين".

ويقول عضو مجلس "مكافحة الفساد" في الحكومة السابقة سعيد ياسين موسى، لـ"العربي الجديد"، إن "الأحزاب خاضعة لتدقيق ديوان الرقابة المالية، لكن هذا الإجراء مُعطل". ويبيّن أن "شبهات الفساد واضحة على تمويل الكثير من الأحزاب السياسية، من خلال الاستحواذ على العقود والمشتريات الحكومية، مع تأسيس شركات ولجان اقتصادية تابعة للأحزاب، كما أن هناك شبهات ابتزاز مالي لشركات قطاع الأعمال".

لا إرادة لمكافحة الفساد

وحول سبب غياب المساءلة، يرى موسى أن "الحماية السياسية والتصالح بين الأحزاب في ما يتعلق بهذا الموضوع واضحة، كما أنه لا تتوفر إرادة سياسية لمكافحة هذا النوع من الفساد". ويعتبر أن "الأخطر هو الحماية السياسية للفاسدين للإفلات من العقاب، ووجود أجنحة مسلحة تدعي ارتباطها بأطراف سياسية، ولهذا العراق بحاجة إلى تطبيق القانون".

صلاح العرباوي: الأحزاب التي تسلمت زمام السلطة باتت تملك إمبراطوريات مالية ضخمة

من جهته، يقول صلاح العرباوي، رئيس حركة وعي، وهي من القوى المدنية التي نشأت بعد احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، إن "تمويل قوى وأحزاب عراقية تقليدية متعدد المصادر من خارج الحدود، ومن موارد الدولة العراقية بصورة غير مشروعة". ويوضح العرباوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأحزاب التقليدية التي تسلمت زمام السلطة بعد الغزو الأميركي للعراق "باتت تملك إمبراطوريات مالية ضخمة داخل العراق وخارجه، كما أن الاحزاب الكبيرة عطلت قانون الأحزاب، لأنه لا ينسجم مع رغباتها ويوجب عليها كشف حساباتها وتمويلها".

ويعتبر أن بعض الأحزاب الناشئة "باتت تعتاش على التمويل غير المشروع من الأحزاب التقليدية، والقسم الآخر المستقل بقراره يعيش على التبرعات البسيطة التي تكاد لا تذكر، فهذا هو واقع العمل السياسي في العراق الذي لا يخفى على أحد".

من جهته، يشير الباحث السياسي بشؤون الأحزاب العراقية مجاشع التميمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه شارك في الانتخابات المحلية في العام الماضي 260 حزباً، مولت نفسها من خلال سيطرتها على الوزارات ومؤسسات الدولة العراقية وبلا حرج ومساءلة، بمعنى أنها تقوم باستغلال تلك المؤسسات لصالح الأحزاب والكتل التي تسيطر على الوزارات. ويوضح أن "القانون رقم 36 الخاص بتنظيم عمل الأحزاب، تمت صياغته لتنظيم عملية تشكيل الأحزاب في البلاد وعملها، وتضمّن بنوداً عدة، بينها التمويل وبرامج الحزب وأنشطته ومشاركته في العملية السياسية، لكنه مُعطل ومهمل، خصوصاً ما يتعلق بالبند الثامن، المتضمن منع مشاركة الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة بالعملية السياسية".

ويؤكد أن "الأحزاب الكبيرة توافقت على تعطيل القانون لأنها تعلم أن المال العام مصدرها الرئيس، وهو ما يتم من خلاله التحكم بالعملية السياسية"، متسائلاً عن جدوى وجود "هيئات ومكاتب اقتصادية" داخل تلك الأحزاب.

ووفقاً للتميمي، فإن "تطبيق قانون الأحزاب حرفياً يعني حرمانها من العمل السياسي"، معتبراً أن فقدان العراق مبلغ 400 مليار دولار خلال السنوات الماضية جراء الفساد مرتبط بشكل رئيسي بفساد الأحزاب الحاكمة. ويتضمن قانون الأحزاب، الذي يعتبر مراقبون أنه كفيل بالحد من استغلال الأحزاب موارد الدولة العراقية، عدة بنود، أهمها الكشف عن مصادر تمويل الحزب، وخضوعه لتدقيق ديوان الرقابة المالية، كما يحظر على الحزب الحصول على تمويل من مصادر خارج العراق.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>