ويعود هذا الأمر لأنها جاءت في توقيت طالبت فيه حكومة السوداني الأمم المتحدة بإنهاء عمل بعثتها في العراق، علاوة على المطالبات بإنهاء مهام القوات الأمريكية والتحالف الدولي.
هل تعد تلك العملية عفوية ضمن ما يقوم به التنظيم منذ سنوات أم أن هناك من يحرك تلك الأذرع ليبعث من خلالها رسائل مرئية وغير مقروءة للطرف الآخر؟
بداية، يقول الخبير الأمني العراقي، مخلد حازم الدرب، إن "العملية الأخيرة التي قام بها تنظيم داعش (المحظور في روسيا) ضد القوات العراقية لا شك أنها تشير إلى
خلل أمني واضح نظرا لأن تلك المنطقة تكررت فيها العمليات من قبل التنظيم أكثر من مرة، نظرا لأن المنطقة المجاورة لمكان العملية هى منطقة رملية صعبة والتي دائما ما تكون ملاذ آمن لتلك العناصر الإرهابية".
وأضاف في حديثه لـ"
سبوتنيك"، أنه "يمكننا القول أن المنطقة التي تم استهداف قوات الجيش بها قد استعصت من قبل على القوات الأمنية، فلم تتمكن من سد الثغرات بها وتحويلها من منطقة ملاذ آمن لعصابات داعش إلى منطقة آمنة، لأنها منطقة مفتوحة تحيط بها منافذ إلى ثلاث محافظات وفي بعض الأحيان تصل إلى إقليم كردستان".
وتابع الدرب: " الاستهداف الذي تعرضت له الثكنة العسكرية التابعة للجيش كان هجوم مباغت وعملية استباقية من قبل عناصر داعش، الأمر الذي لم يمكن أفراد الجيش من صد القوة المهاجمة وفق نظرية الذئاب المنفردة التي يستخدمها عناصر التنظيم وعمليات الكر والفر، وبكل تأكيد قام التنظيم بعملية مسح للمنطقة قبل الهجوم تمكنوا من خلاله أن الثكنة العسكرية في سُبات وغفوة وغفلة في فترة من الفترات الزمنية، لذلك هم نفذوا هذه العملية مع تفخيخ المنطقة التي يدركوا بأن قد تأتي من خلالها قوات الدعم والإسناد للثكنة العسكرية".
وأوضح الخبير الأمني أن "العملية التي جرت ضد
قوات الجيش العراقي هى عملية واضحة المعالم، تقوم بها عصابات داعش دائما تستخدم فيها طرق القنص والتفخيخ، حيث أن عملية استشهاد آمر فوج برتبة عقيد ركن يعتبر علامة فارقة وانتكاسة في عمل الجهاز العسكري أو القوة المسيطرة على الأرض، المشكلة التي نعانيها حقيقة من هذه المنطقة أنها غير ممسوكة أمنيا بصورة كاملة ومحكمة، هناك فراغات أمنية كثيرة حالها كحال وادي الشاي، وادي الزيتون، أم الخناجر والكثير من الأماكن والحدود الفاشلة ما بين إقليم كردستان وكركوك".
ويرى الدرب، أن "تلك المناطق تحتاج إلى جهد أمني مضاعف وعمليات رصد جوي التي نفتقر إليها حاليا، بسبب عدم توفر إمكانيات الرصد والاستمكان الجوي لتتبع خلايا عصابات داعش وتحركاتهم، فحتى عملية نصب الكمائن في طريقهم من قبل القوات الأمنية العراقية لن تجدي نفعا بتلك الأماكن، لذا يجب أن تكون هناك أطواق نارية وكاميرات حرارية في حدود المحافظات، لكي لا تتم عملية الاختراق والتسلل من محافظة إلى محافظة أخرى".
وشدد الخبير الأمني على "ضرورة أن تكون هناك رؤية مستقبلية من قبل الجهاز الأمني والقوى المسيطرة على الأرض في هذه المنطقة، لأننا قد نتعرض إلى هجمات أخرى، وتنظيم داعش دائما ما يختار المكان والزمان ويقوم بعملياته التعرضية، الموضوع يحتاج إلى إنذار وتنبيه وأن تكون لدينا قوات أمنية على مستوى عالي من الكفاءة والتدريب لمنع حدوث هكذا حالة".
وحول إمكانية وجود علاقة بين تلك العملية ومطالبة الحكومة بإنهاء
مهمة بعثة الأمم المتحدة (يونامي) والانسحاب الأمريكي من العراق، يقول الدرب: "كل شيء وارد طبعا لأن الجميع يعرف أن أدوات خارجية هي من تحرك التنظيم، لكن إذا ما أردنا أن نتعمق في موضوع إنهاء تواجد قوات التحالف في العراق لا يمكن ذلك بسهولة، نتكلم هنا عن فترات زمنية بعيدة وجولات حوار ولجان وشيء من هذا القبيل، هذه العمليات التي يقوم بها التنظيم تعتبر عمليات فردية بالمقارنة مع ما كان يحدث سابقا، اليوم أي بعثة يونامي غير مختصة بهذا المجال ولم تشكل في يوم من الأيام دعم للقوات الأمنية في موضع محاربة داعش".
وأشار الدرب، إلى أن "هناك فارق كبير بين الدور الذي تقوم به يونامي ودور التحالف الدولي لمحاربة داعش، التحالف بكل تأكيد دوره مهم بالعراق خاصة في عمليات الرصد والاستمكان الجوي، يعني دائما ما تمد العمليات المشتركة العراقية بالمعلومات عن تواجد عصابات داعش، بالتالي فإن جميع الضربات التي يقوم بها السلاح الجوي العراقي تتم وفق معلومات توفرها قوات التحالف عن طريق الرصد والاستمكان الجوي وطائراتها المتواجدة في الأجواء".
من جانبها، تقول لاء العزاوي، الباحثة والأكاديمية العراقية، إن "الشرق الأوسط يمر بمنعطف حرج، وينطبق الأمر نفسه على العراق حيث أن الهجمات التي تنطلق من داخل العراق وخارجه لن تؤدي إلى تقويض استقرار البلاد فحسب، بل ستقوض أيضا الإنجازات الأخرى التي تحققت في الأشهر الثمانية عشر الماضية".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن
"المبعوثة الأممية بلاسخارت دعت إلى كبح جماح الجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة في ظل الفساد الذي لا يزال منتشرا، في إشارة إلى السرقات من المال العام التي تتم عبر شخصيات سياسية، وأخرى قريبة من الأحزاب النافذة في البلاد، هذه العبارات هي ملخص ما جاء بإحاطة رئيسة بعثة يونامي في إحاطتها في فبراير/ شباط الماضي".
وأشارت العزاوي، إلى أن "المبعوثة الأممية طالبت صراحة في فبراير الماضي بإنهاء دور الجماعات المسلحة في العراق وتحديدا المرتبطة بإيران على الرغم من العلاقات المتميزة التي تربط رئيسة البعثة بزعماء تلك الجماعات، والتي ظهرت علنا في زياراتها المتكررة في وسائل الإعلام، لكن يبدو أن طلب الحكومة بإنهاء دورها جاء بشكل غير متوقع، حيث كانت الرسالة الموجهة إلى الأمين العام شديدة اللهجة، وهذه المطالبة ربما ستخلق موقفا متطورا للمطالبة بإنهاء دور التحالف والمطالبة بإخراج قواته بعد انتفاء الحاجة لهم بعد الاستقرار الذي يمكننا وصفه بـ ا"لهش" الذي يسود بعض أجزاء البلاد".
وتكمل الباحثة العراقية أنه "من الطبيعي أن نتوقع ازدياد هجمات بنادق أمريكا المأجورة والجاهزة لإحداث خلل أمني متى ما طلب منها ذلك، إن بعثة يونامي هي جزء لا يتجزأ من نظام الاحتلال الأمريكي وانسحابها سوف يؤثر على توازن القوى السياسية في العراق فيما لو حصلت انتخابات في غيابها، وسوف يثير مخاوف القوى المناوئة للإطار".
وأشارت العزاوي، إلى أنه "لن تنتهي مسرحية الهجمات الإرهابية إلا بإنهاء
التواجد الأمريكي في العراق وقطع أصابع من يحرك هذه القوى الإجرامية، لأن جميع الجهات المسلحة بالعراق سواء ميليشيات أو التنظيم الإرهابي يعمل ضمن مبدأ توازن الردع، والتواجد الأمريكي يسعى إلى ديمومة هذا الأمر لخلق الفوضى التي تخدم مصالحه".
أعلنت وزارة الدفاع العراقية، "مقتل العقيد الركن خالد ناجي وساك، آمر الفوج الثاني لواء المشاة الثالث والتسعين فرقة المشاة الحادية والعشرين مع عدد من مقاتلي الفوج الأبطال نتيجة تصديهم لتعرض إرهابي ضمن قاطع المسؤولية".
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2017، وبعد نحو 4 سنوات من المواجهة مع تنظيم "داعش" الإرهابي، أعلن العراق تحرير كامل أراضيه من التنظيم، إذ كان التنظيم الإرهابي يسيطر على نحو ثلث أراضي البلاد.
وبعد القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، تكافح السلطات الأمنية العراقية للقضاء على فلوله في
مدن نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار وأطراف بغداد.
واحتل التنظيم الإرهابي، على مر السنين، مساحات واسعة من العراق وسوريا، وأكدت السلطات العراقية أكثر من مرة، التزامها بالقضاء على الجماعات الإرهابية في البلاد، وحصر السلاح بيد الدولة.