التحالف الحاكم بالعراق يعلّق على عودة التيار الصدري للعملية السياسية
وصف القيادي البارز في تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، أحمد الأسدي، عودة التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، إلى العملية السياسية مجدداً بعد مقاطعة امتدت لعامين، بأنها "إيجابية" ولا تثير مخاوف أو قلق القوى السياسية الشيعية في التحالف الحاكم، على اعتبار أنّ لكل حزب أو كتلة سياسية نفوذها في الشارع العراقي.
وعاد مقتدى الصدر إلى دائرة الضوء منذ مارس/ آذار من خلال اجتماع عقده مع المرجع الديني علي السيستاني، في مدينة النجف، قبل أن يعلن تغيير اسم التيار الصدري، إلى "التيار الوطني الشيعي"، منتصف إبريل/ نيسان الماضي. وجاءت الخطوة بعد اعتزاله العملية السياسية في 15 يونيو/ حزيران 2022، مع تأكيد عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة، إثر الأزمة السياسية التي دخلتها البلاد بعد انتخابات 2021، وعرقلة القوى الشيعية الأخرى طريق الصدر لتشكيل "حكومة الأغلبية الانتخابية"، التي كان يتخذها شعاراً.
وقال الأسدي الذي يشغل منصب وزير العمل بحكومة السوداني، ويرأس كتلة "سند"، في تحالف "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، على هامش جلسة حوارية ضمت عدداً من الصحافيين العراقيين والأجانب في بغداد، مساء الأربعاء، إنّ "الصدريين لهم حضور سياسي وشعبي وكانت لهم مشاركة فاعلة في مجلس النواب وفي جميع الحكومات التي تشكّلت منذ سنة 2005، وصولاّ إلى حكومة (مصطفى) الكاظمي. الحكومة التي لم يشترك فيها التيار الصدري بشكل مباشر هي حكومة السوداني الحالية، وغيابه ليس حالة إيجابية ونتمنى عودته بممارسة دوره السياسي، كما يمارس دوره الاجتماعي ليكون جزءاً فاعلاً من الواقع السياسي من أجل أن يساهم في عملية البناء التي انطلقت بعد تشكيل الحكومة الحالية".
وبشأن وجود تخوف من بعض قوى وكتل التحالف، بشأن هذه العودة قال: "ليس هناك أي تخوف سياسي أو انتخابي لدى قوى الإطار التنسيقي من العودة المرتقبة للتيار. التيار الصدري لديه مساحة معلومة وواضحة لقوى الإطار التنسيقي ولغيره من الأطراف السياسية، ونحن لا نتخوف من التيار الصدري انتخابياً، بل نحن نعمل على حجز كل طرف لمساحاته في السابق الانتخابي". واعتبر أنّ "الإطار التنسيقي ليس تحالفاً، بل هو قوى سياسية تتماسك فيما بينها وكل كتلة من كتل الإطار تعمل على حجز مساحاتها السياسية ومساحتها الانتخابية".
وبشأن احتمالية توجه جزء من قوى "الإطار التنسيقي" إلى الصدر في الانتخابات المقبلة المتوقعة نهاية العام المقبل، قال الأسدي إنّ "انضمام جزء من قوى الإطار التنسيقي إلى الأغلبية السياسية التي سيسعى إليها الصدر خلال المرحلة المقبلة، يتوقف على الظروف الموضوعية المحيطة بالفعل السياسي والتحالفي حين ذاك، وتتوقف على اشتراطات وشروط الصدر من جهة ومدى انسجام الإطار واستمراره بوحدة الموقف وبوحدة الرأي بذلك الوقت".
وتحدثت وكالة رويترز في تقرير لها، الأحد الماضي، اعتمد على أكثر من 20 مصدراً منهم ساسة من التيار الصدري وفصائل منافسة ورجال دين وسياسيون في مدينة النجف ومسؤولون حكوميون ومحللون، عن أن "التيار الصدري مصمم أكثر من ذي قبل على الفوز بعدد أكبر من المقاعد لتشكيل حكومة أغلبية"، رغم أن القرار النهائي للترشح لم يُتخذ رسمياً.
وقالت ستة مصادر من التيار الصدري إن الصدريين يفسرون اللقاء مع السيستاني، الذي ينأى بنفسه عن المشهد السياسي المعقد ولا يلتقي عادةً السياسيين، على أنه تأييد ضمني، وفقاً لتقرير "رويترز". وأكد سياسيون ومراقبون في العراق، مطلعون على أحوال التيار الصدري وزعيمه رجل الدين مقتدى الصدر، قرار عودة الأخير إلى العملية السياسية وتحضيره مبكراً للانتخابات البرلمانية العامة المقررة نهاية العام المقبل 2025.
ويقول الباحث بالشأن السياسي العراقي، أحمد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات قوى "الإطار التنسيقي"، بشأن الترحيب بقرار عودة الصدر للعمل السياسي، "ليست صادقة تماماً". ويضيف، أنّ القوى السياسية العربية الشيعية متخوفة، ليس من استعادة الصدر مقاعده التي تركها في انتخابات 2021 الماضية، خلال الانتخابات المقررة في 2025، لكن من مشروع الصدر الذي يبدو أنه مصرّ عليه، وهو إنهاء مسألة المحاصصة السياسية بتشكيل الحكومات واعتماد مبدأ الأغلبية الوطنية أو الأغلبية الانتخابية.
واعتبر أنّ "تجربة القوى السياسية السنية والكردية تقترب من تسجيل خيبة أخرى بسبب تنصل قوى الإطار التنسيقي، حتى الآن في تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي، وهو ما يعني أن إمكانية عودة تحالف أطراف سنية مع كردية لمشروع الصدر ما زالت مطروحة، وهنا تكمن مخاوف منافسي الصدر من القوى الشيعية الأخرى، وخاصة حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي".