يوما بعد يوم تتواصل الضربات الموجعة التي يوجهها حزب الله الى كيان العدو الاسرائيلي ولا سيما في مستوطنات الشمال، مستخدما رفع وتيرة الردود على العدوانية الصهيونية ضد لبنان وغزة، وبشكل تصاعدي تكثف المقاومة الاسلامية ضرباتها كمّا ونوعا ما يجعل المستوطنين الصهاينة يرفعون صوت التمرد باتجاه حكومتهم وقياداتهم السياسية والعسكرية.
وانتشرت مؤخرا أصوات لصهاينة الشمال يطالبون الجيش الاسرائيلي بعدم الدخول الى مستوطناتهم والسبب الخوف من استهدافات حزب الله وقصفه المتواصل للمستوطنات حيث يتواجد جيش العدو، فالمقاومة باتت تلاحق عناصر العدو داخل المنازل التي يختبؤون بها على الرغم من محاولات التمويه التي تُعتمد، وهذا ما بات يقلق المستوطنين الذين يخافون من الاجراءات التي يعتمدها الجيش وتؤدي الى إحراق المستوطنات، فالصهاينة تقلقهم حماقات جيشهم وقياداتهم السياسية التي تستجلب لهم الخراب والرعب القادم من الشمال.
وبالسياق، تؤكد الأوساط الصهيونية ان “رؤساء المجالس في المستوطنات الشمالية يتحدثون عن يأس حقيقي جراء أعداد المنازل التي أصيبت وتضررت، وهم باتوا يطلبون من الجيش ان يُعلن مسبقا انه لا توجد لديهم قوات للجيش داخل المستوطنات”، وتابعت “هذا ربما سيؤدي الى دفع حزب الله للتوقف عن اطلاق النار نحو المنازل حتى يكون للسكان مكان يعودون اليه”، ولفتت الى ان “الملاجئ باتت هي مكان إقامة كل من تبقى من المستوطنين في الشمال”.
وتعتبر الاوساط الصهيونية “حتى ان ذهبنا الى خطوات لإبعاد حزب الله عن الحدود فهذا لن يحل مشكلة الصواريخ المضادة للدروع ولن يبعد خطر الطائرات المسيرة التي تتغلّب على التشويش فحزب الله يطور تكنولوجيته وقدرته على ضرب الاهداف ومحاولات الجيش لم تصل الى إنجاز استراتيجي تعيد النازحين الى بيوتهم”.
وحول كل ذلك قال الباحث في الشأن الصهيوني أيمن علامة “منذ اليوم الأول للحرب بدأت تنهار الثقة بين المستوطنين في الشمال من جهة والمستوي السياسي في الكيان من جهة أخرى، على قاعدة ان الحكومة لا تهتم بهم بل كل اهتمامها بمستوطني الوسط”، وتابع “هناك إجماع ان غالبية مستوطني الشمال لن يعودوا الى مساكنهم”، ولفت الى ان “الخوف الاكبر من دخول قوات الرضوان على خط المواجهات وتكرار سيناريو ٧ أكتوبر في الشمال”، ورأى ان “المأزق الاساس لدى الصهاينة هو سقوط فكرة الامان الذي زرعها الكيان في نفوسهم بأنه الموطن الآمن لكل يهود العالم”.
واشار علامة في حديث لموقع قناة المنار الالكتروني الى ان “حزب الله نجح في إفراغ الشمال”، وتابع “الأهم هو إجماع الخبراء ان المعركة في الشمال أثّرت على سير الحرب في غزة، أي ان هدف تدخل الحزب بمساندة غزة قد نجح”، واكد ان “حزب الله استطاع من فرض واقع أمني جديد على الكيان، وصولا الى سقوط الردع الاسرائيلي أمام الحزب”.
وهنا من المفيد الاشارة لما قاله الجنرال الصهيوني المتقاعد إسحاق بريك في صحيفة “معاريف” الصهيونية إن “الجيش الإسرائيلي غير قادر على إبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني، بما يسمح بعودة 100 ألف مهجر إلى منازلهم في الجليل الأعلى”.
ورأى علامة ان “كل ذلك يدل على عدم قدرة الجيش الاسرائيلي على شن حرب كبرى على لبنان وتراجع الثقة بينه وبين المستوطنين، فحزب الله نجح في تعميق الأزمة السياسية والمجتمعية داخل الكيان”، ولفت الى انه “معضلة الشمال هي المسألة الاولى التي تحظى باهتمام المؤسسات العسكرية والسياسية في كيان العدو خاصة مع غياب أي قرار أميركي بشن حرب شاملة كبرى على لبنان”.
وقال علامة إنه “بناء على كل ذلك، لا يوجد أي مدى زمني لعودة المستوطنين الى الشمال وهذا من شأنه أن يبقيه خاليا”، ولفت الى ان “ذلك يعتبر مشكلة استراتيجية كبيرة جدا للكيان، فالعدو ليس لديه القدرة على شن حرب في المرحلة المقبلة على لبنان”، وتابع “من يمنعه –بحسب الاجماع الاسرائيلي- هو قدرة وقوة المقاومة في لبنان، خاصة مع وجود مخاوف كبيرة من ان أي حرب مع حزب الله قد لا تقتصر عليه بل سيدخل معه فيها جميع حلفائه”.
لا شك ان انعدام الثقة بين القيادات والمستوطنين الصهاينة وفقدان الاحساس بالأمان في الكيان سواء من ضربات المقاومة الاسلامية شمالا او جراء ما تنجزه المقاومة في غزة ومحيطها منذ السابع من اكتوبر 2023، وفقدان قوة الحماية والردع لدى العدو من الاستهدافات الآتية من اليمن والعراق وايران، بالاضافة الى مجموعة عوامل داخلية متعددة الأبعاد، كل ذلك يجعل الكيان في حالة اللاستقرار التي ستوصل بفعل حماقات حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو الى رسم المصير القاتم لهذا الكيان عبر وضعه فعليا على طريق الزوال..