ما وراء حراك السفير السعودي في كربلاء والنجف
أجرى السفير السعودي في العراق، عبد العزيز الشمري، أخيراً، زيارتين إلى كربلاء والنجف، في إطار ما يراه مراقبون بأنه تعزيز لسياسة الانفتاح التي تنتهجها الرياض على مختلف المكونات في العراق. وتوجه الشمري، في 13 مايو/ أيار الماضي إلى مدينة كربلاء برفقة طاقم دبلوماسي من البعثة السعودية، والتقى شخصيات دينية واجتماعية وأعيان المدينة قبل زيارة مرقد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وسط كربلاء. ثم زار الشمري، السبت الماضي، مدينة النجف، 145 كيلو متراً جنوبي العراق، وافتتح خطاً جوياً مباشراً بين مطار الملك فهد الدولي في الدمام، ومطار النجف، من خلال الطيران السعودي (طيران ناس). كما أجرى برفقة طاقم دبلوماسي سعودي زيارة إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب، وعقد لقاءات منفصلة مع اثنين من أبرز مراجع النجف الدينية، وهما بشير النجفي، وإسحاق الفياض، قبل أن يعقد لقاءات أخرى مع وجهاء وشخصيات اجتماعية في العتبة العلوية بالنجف القديمة.
يُذكر أن طيران "ناس" السعودي سيتولى نقل الزوار الدينيين من مطار الدمام إلى مطار النجف، وبواقع ثلاث رحلات أسبوعياً، من دون الحاجة إلى طرق السفر السابقة، التي كانت تتم عبر الكويت أو قطر، وأخرى من خلال الترانزيت من مطار بغداد ثم مطار النجف. وشدّدت وزارة النقل العراقية في بيان، أول من أمس الأحد، على سعيها إلى زيادة عدد الرحلات وتوسيع التعاون في هذا الإطار، مضيفة أن مطار النجف استقبل، السبت الماضي، أولى الرحلات الجوية من مطار الملك فهد الدولي بالدمام.
من جهته نقل الموقع الرسمي للعتبة الحسينية في كربلاء، في 14 مايو الماضي، عن الشمري قوله إن زيارته إلى كربلاء هي الأولى، وهي "رسالة حب ومودة إلى الجميع"، مشيراً إلى أن "المملكة العربية السعودية والعراق يسعيان الى التكامل الاقتصادي والسياسي والديني المشترك". كما شدّد السفير السعودي في لقائه مع وجهاء وشيوخ القبائل في النجف "على روابط الدم والعروبة والتاريخ"، بين الجانبين مقدماً شكره "على حفاوة استقبال".
وفي السياق قال مسؤول بارز في الخارجية العراقية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الشمري، والذي يواصل مهمته سفيراً بالعراق منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2016، خلفاً للسفير السابق ثامر السبهان، يسعى إلى افتتاح قنصلية سعودية في النجف على غرار القنصلية السعودية في أربيل. وأضاف أن الانفتاح السعودي الأخير "يعتبر جزءاً من السياسية الخارجية السعودية الجديدة التي يتبناها ولي العهد محمد بن سلمان".
مسؤول بالخارجية العراقية: السفير الشمري يسعى إلى افتتاح قنصلية سعودية في النجف
ولفت إلى أن السعودية "كانت قد طالبت بفتح قنصلية لها في النجف، لكن العراق أرجأ الطلب لأسباب كثيرة بعضها يتعلق بحكومة مصطفى الكاظمي السابقة (2020-2022)، وحالياً يبدو الأمر متاحاً لتنفيذ الخطوة". وقال إنه "قد تكون الزيارة الأخيرة للسفير السعودي إلى النجف حسمت ذلك بالإيجاب"، معتبراً حراك السفير السعودي في كربلاء والنجف بأنه "طي صفحة لم تكن مستقرة". كذلك قال مستشار الحكومة العراقية، ضياء الناصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "كل الزيارات، سواء المعلنة أو غير المعلنة، تأتي في إطار ترطيب وتهيئة الأجواء الشعبية بين البلدين". وشدّد على أن حكومة العراق "ترحّب" وتدعم هذا الانفتاح وتنظر إليه بروح إيجابية، مضيفاً أنه "بالنسبة لنا كحكومة ليس لدينا مشكلات جذرية مع السعودية، كل ما هناك مشكلات عادية تحصل وتُحلّ بالتفاهم وبروح أخوية".
من جهته قال عضو البرلمان العراقي عن محافظة النجف، النائب محمد عنوز، في حديث لـ"العربي الجديد"، بشأن حراك السفير السعودي في كربلاء والنجف إنه "كان لا بد من هذه الزيارات لكسر حاجز كان سائداً لسنوات يتعلق بنزعات طائفية وأخرى سياسية، بالتالي لدينا مع السعودية علاقات إسلامية وعربية مهمة ووثيقة".
محمد عنوز: مبادرة السعودية بفتح خط طيران مباشر مع النجف سيعزز العلاقات
وأضاف: السعودية وكل جوار العراق الأخرى لا بد أن تكون العلاقات معها إيجابية، "ونعتقد أن حراك السفير السعودي في كربلاء والنجف والخطوات الأخيرة مهمة للجانبين، بوصفها فرصة لتوسيع العلاقات وإقامة أعمال مشتركة استثمارية وتجارية وفتح مرحلة جديدة بيننا". ولفت إلى أن "مبادرة السعودية بفتح خط طيران مباشر مع النجف سيعزز العلاقات ويسمح بتبادل الزيارات بين الشعبين العراقي والسعودي". بدوره اعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي، أن الحراك السعودي الدبلوماسي مرتبط بانفتاح تجاري واقتصادي مماثل من قبل الرياض على العراق، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، في إطار حراك السفير السعودي في كربلاء والنجف أن "السياسة السعودية خلال العامين الماضيين، تأخذ منحى تصفير الأزمات وبناء علاقات مستقرة مع مختلف الأطراف في المنطقة". ورأى أن الانفتاح السعودي، هو عامل إيجابي على مستوى العراق "من شأنه دعم استقرار سياسي ومجتمعي، والتأسيس لتنسيق إيجابي بين المؤسستين الدينيتين الفاعلتين في العراق والسعودية".