إهمال آلاف المباني الآيلة للسقوط في الموصل

العربي الجديد

إهمال آلاف المباني الآيلة للسقوط في الموصل

  • منذ 5 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

يتخوف الكثير من سكان مدينة الموصل العراقية من انهيار مبانٍ متضررة أو مدمرة على أخرى مجاورة أو طرقات يسلكها المارة، بخاصة أن هذه المباني تسببت في حوادث خلال السنوات التي أعقبت الحرب، وأدت إلى وفيات وإصابات.

لا تزال آثار الدمار ظاهرة في مختلف مناطق مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، رغم مرور سبع سنوات على انتهاء معركة استعادة المدينة من سيطرة تنظيم داعش. وتبدو ملامح الحرب واضحة عبر انتشار عدد كبير من المباني الآيلة للسقوط، لا سيما في مركز الموصل الذي يعرف باسم المدينة القديمة.
يتحدث المهندس أحمد العباسي من دائرة المشاريع في محافظة نينوى، لـ"العربي الجديد"، عن نحو 4000 مبنى متضرر في المدينة القديمة، غالبيتها منازل وعمارات ومحال تجارية. ويقول: "تقسّم المدينة القديمة في الموصل إلى 12 منطقة تضم نحو 12 ألف مبنى، وتضرر أكثر من 30 في المائة من هذه المباني بسبب تعرضها لقصف جوي أو مدفعي أو تفجير سيارات مفخخة، أو بسبب وقوعها في أماكن شهدت اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة خلال استعادة القوات العراقية المدينة بدعم من التحالف الدولي". ويؤكد أن عدداً كبيراً من المباني آيلة للسقوط، وتشكل مصدر خطر يهدد أرواح المدنيين.
ويلفت إلى أن "عدداً من مباني المدينة القديمة مهدد بالسقوط بسبب تقادم الزمن، خاصة أن تلك في المنطقة مشيّدة من حجر وطين وجص. والسلطات المحلية لم تتخذ أي إجراءات لمعالجة مشكلة هذه المباني بحجة وجود أولويات أكثر أهمية في ملف إعادة الإعمار".
وتؤكد مديرية بلدية الموصل وجود مبانٍ كثيرة آيلة للسقوط في المنطقة القديمة بسبب تعرّضها للقصف والتفجيرات، إلى جانب أخرى مهددة بسبب التقادم وانتهاء عمرها الافتراضي، خصوصاً تلك المشيّدة باستخدام جص وحجر.

ويقول مسؤول الإعلام في بلدية الموصل علاء الحيدر لـ"العربي الجديد": "لا يمكن تقدير عدد المباني الآيلة للسقوط لأن هناك عقارات متروكة ومهملة. ومع التقادم في العمر، تصبح هذه المباني متهالكة ومعرضة للانهيار. وأي بناء له سقف زمني يرتبط بصلاحية مواد التشييد، لذا لا يمكن تصنيفها كلها بأنها آيلة للسقوط بسبب العمليات الحربية".

يضيف: "جرى تشكيل لجنة لمعالجة أوضاع المباني الآيلة للسقوط وفق المادة 59 من نظام الطرقات والمباني الذي يحمل رقم 44 وصدر عام 1935، ثم أُخضع لتعديلات. وتحدد اللجنة الأجزاء الآيلة للسقوط، ثم تحوّل الملف إلى لجنة إعداد الكشف، وبعده إلى شعبة المشاريع التابعة للبلدية من أجل تنفيذ أعمال الإزالة على نفقة بلدية الموصل. ويُحجز العقار الآيل للسقوط في دائرة التسجيل العقاري حتى تسديد صاحبه أجور الإزالة، ويُرفع الحجز بعد تسديد التكاليف التي دفعتها البلدية". ويشير الحيدر إلى أن "عمل اللجان المختصة واجه مشكلات على صعيد تأخير تزويدها بلائحة العقارات الآيلة للسقوط، وفقدان ملفات في دائرة التسجيل العقاري، ما منع إبلاغ أصحابها، وأخرّ إجراءات الإزالة".

من جهته، يحذر العميد في الدفاع المدني عضو لجنة متابعة المباني الآيلة للسقوط في نينوى عماد نوري من بقاء هذه المباني على حالها في الموصل، لأنها تهدد حياة السكان. ويقول لـ"العربي الجديد": "مباني المدينة القديمة معرضة للسقوط بفعل قدمها ومرور وقت طويل على بنائها من جهة، ومن جهة أخرى بسبب العمليات الحربية. ولم يُحسم هذا الملف حتى الآن بسبب عدم تسجيل أصحاب الأملاك المباني التابعة لهم في اللجان الخاصة، والذي قد يعود أيضاً إلى وجود ورثة في الأملاك، وهجرة أصحاب أملاك من المكون المسيحي". يتابع: " تحركت اللجنة الخاصة بمتابعة الملف خلال الفترة الماضية، وسجلت بعض المباني المدمرة، ثم نفذت بلدية الموصل عمليات لإزالتها بالتعاون مع أحد المستثمرين. وترافق ذلك مع حجز الأملاك حتى تسديد صاحب العقار تكاليف الإزالة. وأخيراً، توقفت هذه الأعمال  بسبب وجود مبانٍ كثيرة آيلة للسقوط، والتي تتطلب إزالتها توفير مبالغ مالية كبيرة".
وتؤكد عضو مجلس محافظة نينوى سمية الخابوري، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن مشكلة المباني المهدمة جراء العمليات العسكرية لم تعالج طوال السنوات الماضية. والمشكلة الأكبر في هذا الملف تتمثل في تحديد هذه الأملاك". 

وتقول: "تعرّضت الكثير من مباني المنطقة القديمة للتدمير، وهي لا تزال آيلة للسقوط في أي لحظة في حال عدم معالجة أوضاعها الهندسية سواء عبر إعادة إعمارها أو إزالتها". وتلفت إلى أن مشكلة تأخر معالجة المباني المهدمة يرجع إلى أن الوقف السني الذي يملك عدداً كبيراً منها يرفض تبني إعمارها، وهو يطلب ذلك من المستأجرين الذي يدفعون مبالغ الإيجارات السنوية، ما يثقل كاهل المواطنين الذين لا قدرة لهم على دفع مبالغ استئجار المباني المتضررة، أو إعادة إعمارها". وتشدد الخابوري على أن "معالجة المشكلة تتطلب تدخلاً حاسماً من مجلس محافظة نينوى ومجلس النواب والحكومة المركزية، إلى جانب الوقف السني نفسه وهيئة الاستثمار الخاصة به. وتوضح أن لجنة الأوقاف في مجلس نينوى ستحرك الملف من أجل تسريع حسمه". وتخبر أن العديد من مباني الموصل القديمة شيدتها منظمات أو جمعيات أو محسنين، ولكن العدد الأكبر من المباني المدمرة لا يزال على حاله، ولم تصل إليه يد الإعمار.

ويحمّل الناشط في الموصل سيف آل حمدان الحكومات المحلية المتعاقبة في نينوى مسؤولية إهمال ملف المباني الآيلة للسقوط، وإعمار تلك المدّمرة في المدينة القديمة. ويقول لـ"العربي الجديد": "أمل الأهالي أن تبذل الحكومة جهداً حكومياً بعد انتهاء الحرب لإعمار المناطق المتضررة، خاصة في الجانب الأيمن للموصل، لكن الجميع فوجئوا بأن الإعمار في ظل الحكومات المحلية السابقة لم يكن سوى حملات لتبليط شوارع وتنظيم أرصفة من دون الاقتراب من إعمار البنى التحتية الرئيسية في المدينة". يضيف: "إحدى أهم المشكلات التي تبقي ملف المباني المدمرة قائماً تأخر صرف مبالغ التعويضات للمتضررين من العمليات العسكرية. وندعو الحكومة المحلية الحالية إلى أن تضع ملف إعمار المدينة القديمة وتعويض المتضررين على رأس أولوياتها، كما تجب مراعاة تراث المدينة الذي تعكسه مباني المنطقة القديمة، بعد دمار جزء كبير منها بسبب الحرب".



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>