بايدن ونتانياهو أبرز رهينتين في ملف تحرير الرهائن

موقع المنار

بايدن ونتانياهو أبرز رهينتين في ملف تحرير الرهائن

  • منذ 5 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

بايدن ونتانياهو

أمين أبوراشد

بقدر ما قد تكون الحرب الصهيونية على غزة طويلة، بقدر ما يضمن بنيامين نتانياهو البقاء في السلطة، وبنفس القدر المعاكس، إطالة أمد هذه الحرب قد تُنهي طريق الرئيس جو بايدن في سعيه لولاية جديدة في تشرين الثاني المقبل، ليس فقط بسبب شراكة أميركا في العدوان على غزة، ولا الفوضى التي تشهدها الجامعات الأميركية، وبالتالي الشارع الإنتخابي الأميركي وفئة الشباب بنوعٍ خاص، بل لأن جو بايدن قد تورَّط أيضاً في أوكرانيا وورَّط معه حلف الناتو، وغريمه الرئيس السابق دونالد ترامب “يُمسِك” عليه هاتين “الخطيئتين”، ويكرر في حملاته الإنتخابية المقولة ذاتها: ” لو كنا نحن في الحكم، لما تجرأ بوتين على مهاجمة أوكرانيا، ولا تجرأت حماس على مهاجمة إسرائيل”، وبدوره ردَّ بايدن على ترامب خلال حملته الإنتخابية بولاية كونتيكيت منذ يومين بالقول: “إنها المرة الأولى في التاريخ الأميركي، يسعى فيها مجرم مُدَان للوصول إلى البيت الأبيض”.

ونتانياهو حالياً يقطف ثمار مرحلة “البطة العرجاء” الأميركية، حيث لا قرارات كبيرة يستطيع أي رئيس أميركي اتخاذها قبيل أية انتخابات رئاسية، كي لا يدفع ثمنها هو وحزبه في صناديق الإقتراع، وبايدن هو تلك الشجرة الهرِمة التي يحاول نتانياهو قطف ثمارها قبل أن يقتلعها صديقه ترامب، ولو أن ترامب لن يستطيع منح نتانياهو ترياق البقاء في السلطة، نتيجة تداعيات الوضع السياسي الداخلي في “إسرائيل”، إضافة الى الجانب القضائي في ارتكابات نتانياهو، الذي سوف تتحرك ملفاته بمجرد إقصائه عن الحكم.

وإذا كان الخلاف الأميركي الصهيوني هو على كيفية إدارة نتانياهو الفاشلة للحرب على غزة، فإن سياسة المؤسسة الأميركية لن تتغيَّر، سواء بقي بايدن في البيت الأبيض أو أقصاه ترامب في شهر نوفمبر المقبل، ما دامت هذه المؤسسة ثابتة على الشر، بصرف النظر عن خيباتها منذ هزيمة فيتنام، مروراً بأفغانستان والعراق وانتهاءً باليمن وبلاد الشام.

ولم يحصل خلاف بين “أميركا بايدن” و”إسرائيل” على همجية العدوان في قطاع غزة، سوى عندما لامس العدوان محافظة رفح، ليس كُرمى لرفح، ولا أكذوبة تجميد القنابل الذكية كُرمى لعيون المدنيين الفلسطينيين النازحين إلى رفح، بل المسألة هي فقط حسابات أميركية على مشارف محور فيلادلفيا مع مصر، وتحديداً على حدود الخط الأحمر لإتفاقية كامب دايفد من جهة، وحرص أميركا على تحرير رهائن بعضهم أميركيين من جهة أخرى، خاصة أن تحريرهم أحياء يعزز من حظوظ بايدن الإنتخابية ويُقلص جزئياً على الأقل فارق النقاط مع ترامب.

وإذا كان بايدن في مقابلته مع مجلة “التايم” في 28 مايو الماضي، قد أصدر بحق “إسرائيل” ما يشبه “أمر اليوم”، بوجوب وقف الحرب فوراً في غزة، فلأن نتانياهو تجاهل الكثير من مناشداته السابقة ولكن، الوقت ضاق على بايدن، وهو على بعد أقل من شهر على مباشرة حملته الإنتخابية الرسمية في بداية يوليو المقبل، ونقلت “التايم” عن مقربين منه، أن العائق الوحيد أمام الإتفاق الأوسع لوقف الحرب هو نتانياهو، وأن الكثيرين لديهم نفس الإستنتاج أن نتانياهو يرفض وقف هذه الحرب لأسباب سياسية شخصية.

وإذا كان بايدن في موقعٍ لا يخوِّله الضغط على نتانياهو، بسبب الوضع الإنتخابي الحرج أمام اللوبي اليهودي في أميركا، فهو أيضاً فشِل مع كل بوارجه وقواعده وترساناته، ومع حليفه البريطاني، في إسكات صواريخ أنصار الله عن استهداف البواخر المشبوهة في البحر الأحمر، وفشِل حتى في حماية القوات الأميركية في العراق وشرق سورية من ضربات المقاومة العراقية، فلا يجوز أن يتوهَّم البعض، أن بايدن هو الذي يفرمل العدوان الإسرائيلي الشامل على لبنان، بل هي المقاومة في لبنان، الحسابات الميدانية معها معقدة ومختلفة لا بل مستحيلة.

ومع لهيب النار من حرائق كريات شمونة وبعض مستوطنات الجليل الأعلى، نتيجة الضربات القاسية القاصمة للمقاومة، إشتعلت حناجر المسؤولين السياسيين والعسكريين “الإسرائيليين” على اختلافهم لمطالبة نتانياهو بوجوب الخروج من سياسة الإحتواء مع لبنان، والبدء بسياسة الهجوم، ولسنا هنا في مجال الحديث عمَّا ينتظر “إسرائيل” في لبنان، في ما لو ارتكبت حماقة واحدة، ولا نحن في صدد التعليق على هلوسات وزراء نتانياهو، ولا أعضاء مجلس حربه ولا رئيس أركان جيشه، ولن نقول أن في لبنان مفاجآت لا يتوقعها أي مسؤول صهيوني، لأن البعض ذاق مرارة المواجهات السابقة، وفي هذه المواجهة سيتذوق البعض الآخر طعم العلقم، ولمن يرغب اللجوء الى المراجع التي نستند إليها، فهي حصراً تحذيرات الأمين العام لحزب الله وقائد هذه المقاومة السيد حسن نصرالله، ومصداقيته يعترف بها العدو “الإسرائيلي” قبل سواه.

وأمام قوة ضربات المقاومة في لبنان، تعالت صرخات حلفاء نتانياهو وخصومه السياسيين، بوجوب اتخاذ “جيش الدفاع” المواقع الهجومية على الحدود الشمالية، كما صرَّح رئيس أركان هذا الجيش، فيما طالب الوزيران العنصريان بن غفير وسيموتريتش بتدمير لبنان وإحراق “عاصمة الإرهاب بيروت”، بينما زار عضو مجلس الحرب بيني غانتس الجبهة مع لبنان وقال: “أقاتل من أجل إنهاء العمل هنا بحلول أيلول إما عبر التسوية أو عبر التصعيد”، لكنه هنا يتناقض مع هواجس عضو الكنيست يوليه ميلنوبسكي الذي قال الأسبوع الماضي: ″نحن كما يبدو لا يجب أن نسأل رؤساء دولتنا، لا رئيس الحكومة ولا غيره، عن مستقبلنا في الشمال، وهل سنفتح عاماً دراسياً أم لا، علينا أن نسأل شخصاً واحداً وهو الأمين العام لحـ.ـزب اللـ.ـه (السيد) حسن نصـ.ـر اللـ.ـه، ولنتقدم بالسؤال مباشرة له″.

وإذا كان لدى بايدن أقل من شهر لترميم نفسه قبل بدء حملته الإنتخابية بمواجهة ترامب، فإن نتانياهو يلملم بقاياه وبقايا مجلس حربه لإطالة عمر حكومته عبر مفاوضات تقطيع الوقت على وقع استمرار عدوانه على غزة، وتبقى رفح العقدة الكبرى والنهائية، ليس فقط لأن موقعها على تماس مع محور فيلادلفيا و”كامب دايفد أميركا”، بل لأنها المخبأ الإفتراضي الأخير لقادة المقاومة الفلسطينية وللرهائن، ولكن، ماذا لو طال العدوان في رفح ولم يحقق العدو أيّاً من أهدافه المعلنة، لا في الوصول الى قيادات حماس، ولا في العثور على الرهائن أحياء؟ عندها سيكتشف هذا العالم، سواء مَن تضامن مع غزة، أو مَن لم يتضامن، أن نهاية هذا العدوان هي خضوع “إسرائيل” لشروط المقاومة في تحرير الرهائن، مع تحرير رهينتين من كرسي الحكم عبر انتخابات رئاسية في أميركا قد ترسل بايدن إلى منزله، وإنتخابات مبكرة في إسرائيل، تُرسل نتانياهو إلى المنزل ومنه الى السجن…



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>