ويرى مراقبون أن تصريحات السوداني لا تخرج عن الاستهلاك المحلي والانتخابات المبكرة وإزالة الحرج عن حكومته، وأن تصريحاته تتحدث عن القوات الأجنبية بشكل عام في الوقت الذي يدور الحديث فيه عن القوات الأمريكية بشكل خاص.
فما هو الهدف من التصريحات المتكررة للسوداني عن إخراج القوات الأجنبية ومتى يتم تطبيقها على الواقع العراقي؟
بداية يقول أياد العناز، المحلل السياسي العراقي: "الاهتمام الذي يبديه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بانسحاب القوات الأجنبية من العراق يعود لعدة أسباب منها، حضوره الجلسات الأولى للحوارات واللقاءات التي جرت بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق في الحادي عشر من فبراير/ شباط 2024".
وأضاف في حديثه لـ"
سبوتنيك": "تلك اللقاء والحوارات التي عقدها العراق مع واشنطن ناقشت صياغة جدول حول الانسحاب الأمريكي وتحديد أفق ميداني لتخفيض تدريجي لقوات التحالف الدولي، ثم ما أكده السوداني في زيارته لواشنطن ولقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن في أبريل/ نيسان 2024 بقوله (نعمل على الانتقال من العلاقة العسكرية إلى الشراكة الكاملة مع واشنطن)، في إشارة إلى ما ترغب فيه بغداد بشأن مستقبل وجود القوات الأميركية في العراق بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم داعش".
وقال العناز: "هناك رغبة لدى السوداني في تحديد المهام السياسية نظرا لما يشهده المشهد العام في
العراق من تحضير ودعوة لانتخابات مبكرة، وهو ما تسعى إليه أطراف سياسية، وهنا تبرز أهمية إعطاء هدف انسحاب القوات الأمريكية والتحالف الدولي في أي برنامج سياسي للقوى والأحزاب السياسية العراقية الساعية لدخول الانتخابات، ومن ترغب في إيجاد تحالفات تزيد من حضورها وتأثيرها في أي متغيرات قادمة في البلاد".
ولفت العناز إلى أن "المسألة الأهم هوما حددته الولايات المتحدة الأمريكية من موعد لانسحابها نهاية عام 2025 وطبيعة التحولات السياسية والعسكرية والآفاق الميدانية في تحديد المهام الأمنية على الميدان العراقي، وما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة".
من جانبه يقول عبد القادر النايل، عضو الميثاق الوطني العراقي: "إن حديث السوداني عن إنهاء الوجود الأجنبي في العراق هو اعتراف صريح بأن
العراق تتواجد فيه قوات أجنبية متعددة، مما يؤكد أن العراق ليس مستقلا، ومن باب أولى فإن قراره السياسي والعسكري والاقتصادي يشهد تدخلات أجنبية لأن من يمتلك السلاح والقوة هو من يتحكم بالقرارات الرئيسية أو يتدخل بها ومن جهة أخرى".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أن اعتراف السوداني له دلالة ثانية مهمة، وهي أن السوداني بقوله "القوات الأجنبية"، فإنه يؤكد بأن العراق تتواجد فيه عدد من القوات التابعة للدول الأجنبية، ولم يحدد بأنه يطالب بإخراج القوات الأمريكية كما تطالب المليشيات المسلحة التي تحدد فقط مطالبتها بمغادرة القوات الأمريكية".
وتابع النايل: "أما استمرار تصريحات السوداني بأنه يعمل لإخراج القوات الأجنبية من العراق هو للاستهلاك الداخلي، لأنه يريد كسب الوقت لصالح حكومته، لأن المنطقة غير مستقرة وهناك احتمالية اندلاع مواجهات عسكرية بين حزب الله والإسرائليين وإيران، والجماعات المسلحة الموالية لها ستدخل بحرب مع القواعد الأمريكية في العراق وسوريا وهذا سيؤثر على حكومة السوداني".
وأشار عضو الميثاق الوطني إلى أن تصريحات السوداني تسعى لإقناع محور الجماعات المسلحة وتخفيف اللهجة التصعيدية قبيل استلام السفيرة الأمريكية الجديدة، لذا سوف يستمر السوداني في تلك التصريحات بمناسبة أو من دون مناسبة لهذا الغرض".
ولفت النايل إلى أن السوداني لم يطالب بإخراج القوات الأمريكية، إنما طالب بإخراج القوات الأجنبية وهذا سيرفع الحرج عنه أمام الأمريكان، وبالتالي يحاول الإمساك بالعصا من المنتصف لضمان استمرار عمله بأقل تكلفه داخل العراق، وهذا لن يستمر طويلا، لأن القرار في بغداد يخضع لعدة فاعلين في المشهد العراقي".
وكان
السوداني قد قال، في وقت سابق، إن "قدرات قوات الأمن العراقية تنامت بصورة كبيرة تظهر في مستويات الاستقرار والأمن، التي يشهدها العراق في الوقت الحالي".
ولفت السوداني إلى أن "الوضع الأمني في العراق، يؤكد أن بغداد حققت تقدما في ملف إنهاء وجود التحالف الدولي بالبلاد"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية (واع).
وأوضح رئيس الوزراء العراقي، أن بلاده تتجه، في الوقت الحالي، نحو إقامة علاقات ثنائية مع الدول الأعضاء في التحالف الدولي بعد إنهاء مهامه.
وأصبح موقف بغداد أكثر وضوحا بالنسبة لإنهاء مهمة التحالف الدولي بالبلاد، منذ تنفيذ واشنطن ضربات جوية على مواقع في سوريا والعراق، قالت إنها كانت مصدرا لاستهداف جنودها في قاعدة عسكرية بالأردن.
وأعلنت بغداد رفضها للقصف الأمريكي، وقالت إن "استمرار وجود التحالف الدولي في العراق، يزعزع استقرار المنطقة"، كما أكد رئيس الوزراء العراقي أن "القوات الأجنبية لم يعد لها دور في البلاد بعدما أصبح العراق، يمتلك قدرات أمنية متطورة".