وأشار الدكتور مفتاح إلى أن هناك مناورات إسرائيلية تبحث عن مخرج من هذه الورطة، فهي ستُهزم، وخاصة أن الولايات المتحدة بدأت تدرك وهي في مرحلة الانتخابات أن ما يقوم به نتنياهو سيمهّد الطريق لوصول ترامب إلى البيت الأبيض، أي هزيمة الديمقراطيين ووقوعهم تحت سطوة الجمهوريين.
وبيّن الدكتور المفتاح أن قضية غزة تؤثر في المشهد الدولي كاملاً، في "كل ما يجري في أمريكا، والصراع القائم بين حلف الناتو وروسيا على الجغرافيا الأوكرانية، والصراع في بحر الصين بين أمريكا والصين"، فالأبعاد الدولية للصراع أصبحت أكثر وضوحاً، لافتاً إلى أن أمريكا لا تستطيع الانخراط اليوم في غمار الشرق الأوسط وبالتالي هي تعتبر -استراتيجيا- أن تورطها في حروب سيساعد الصين على احتلال المرتبة الأولى في العالم.
وقال مدير "مؤسسة القدس الدولية" ومقرها العاصمة السورية دمشق: "هناك حديث اليوم في الأوساط الأمريكية أن الحرب التي شنت على العراق وعلى أفغانستان أعطت فرصة لقوى مناهضة لأمريكا لاستعادة قوتها وأن تصبح منافسة، فأمريكا تحارب الصين وروسيا لأنها تعتقد أنهما سيحصلان على المقعد الأول وهذا يؤخذ في الحسابات الأمريكية بشكل واضح وربما يمنع إسرائيل من الدخول في مواجهة واسعة قد تورط أمريكا وبالتالي تصبح أكثر استنزافا وتعطي الفرصة لقوى كبرى لكي تنهض وتنافس أمريكا عسكرياً واقتصادياً.
الصين: توحيد صف الفلسطينيين
وأشار المفتاح إلى أن المقاومة وافقت على حوار فلسطيني لكنه لم يحدث، وتم تأجيله وقد يكون ذلك لوجود ضغوط على جهات فلسطينية من قوى إقليمية ودولية لكي لا تكون الصين هي العنوان في إطار حل الصراعات، وبالتالي تمسك هي بورقة الشرق الأوسط وليس أمريكا أو غيرها.
وأكد الدكتور مفتاح أن "الصينيين نصحوا الفلسطينيين -وفق ما ذكر لي قائد فلسطيني- بتوحيد الصفوف والتمسك بالحوار الوطني وهذه نصيحة (ماو تسي تونغ) للمقاومين الصينيين في الحرب الوطنية الصينية عام 1949، وبالتالي الصين من مصلحتها الاستقرار في المنطقة وتسعى لأن تكون لاعباً أساسياً في قضايا الشرق الأوسط وتظهّر قوتها العسكرية والاقتصادية إلى نفوذ سياسي في المنطقة".
الشرق يستعيد دوره التاريخي
وأضاف مدير عام مؤسسة القدس الدولية: "إن المشهد العالمي يتجه باتجاه الشرق الذي يستعيد دوره التاريخي، فالشرق بالمعنى السياسي: روسيا والصين وإيران والخليج ودول بلاد الشام وجنوب إفريقيا، فالدورة التاريخية بدأت تتحرك وعالم الشرق اليوم هو العالم الناهض".
وأضاف: "هناك وجهتي نظر تتصارعان اليوم في العالم، هما: فكرة الفوضى الخلاقة وهي الفكرة الأمريكية، وبالمقابل فكرة الاستقرار التي تتبناها روسيا والصين ومعهما عدد كبير من دول الجنوب، فنحن أمام مشهد متبدل وهناك رسم لخرائط جديدة في المنطقة ستسفر عن تكتلات عابرة للحدود وبالتالي سيتشكل عالم تكتلات جديدة وأقطاب جديدة".
وأكد الدكتور المفتاح أن "حزب الله دخل بالمواجهة مباشرة إلى جانب المقاومة الفلسطينية منذ بداية معركة طوفان الأقصى، لجهة تكريس مبدأ وحدة الجبهات، أو تكامل الجبهات، إذ إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بين أن إشغال الإسرائيليين في الشمال لن يتوقف حتى يتوقف إطلاق النار في غزة، وبالفعل تكرست هذه المقولة من خلال وحدة الجبهات"، لافتاً إلى أن "هذا يفسر إلى حد كبير أن العدوان الإسرائيلي على غزة لم ينجح في تحقيق أهدافه لأن الكثير من القوات الإسرائيلية اضطرت للعمل في الشمال بمواجهة الحدود اللبنانية وبالتالي تم تخفيف الضغط على الجنوب "غزة"، وتم استنزاف القوات الإسرائيلية بشكل كبير، إضافة إلى الغموض البناء الذي تحدث عنه نصر الله، فبذلك يجهل العدو نوايا حزب الله نحو إسرائيل لجهة تطوير معركة الشمال لتصبح أكثر عمقا، وهو ما جعل العدو يشعر بقلق كبير في هذا الإطار".
وأوضح المفتاح أن "حزب الله" كان شريكاً في الحرب على إسرائيل، وهو الذي جعل المقاومة في غزة تتمكن من الصمود وتفرض شروطها على الإسرائيليين، باتجاه وقف العدوان وعودة أبناء المناطق إلى بلدانهم، إذ لن يتم إطلاق سراح الأسرى إلا من خلال صفقة تبادل تحقق من خلالها المقاومة أهدافها باتجاه استعادة قيادات لدى الكيان الصهيوني فهناك أكثر من خمسة آلاف أسير في السجون الإسرائيلية.
وبيّن المفتاح أن هناك تنسيقاً كاملاً بين "حزب الله" والمقاتلين في الجنوب، وحزب الله يدرك تماماً أنه لو تمكنت إسرائيل من القضاء على حماس -وهذا لن يحصل- فسوف تركز على الجبهة الشمالية أي على جبهة جنوب لبنان، لذلك هو لا يريد لإسرائيل أن يتحقق هدفها الأول حتى لا تنتقل إلى الهدف الثاني، لأن "حزب ا"لله بذلك سيخرج من المعركة ولن يبقى إطار مقاومة إلا مقاومة دول، فتصبح العملية بالنسبة للصهاينة أكثر راحة، لذا لن تتوقف معارك الشمال حتى تتوقف معارك الجنوب وبالتالي تتحقق الاستراتيجية المشتركة لـ"حزب الله" وحركة "حماس".
ورأى المفتاح أن المقاومة الفلسطينية في وضع أفضل يمكنها من فرض شروطها، فهي لا تقبل إلا بوقف إطلاق نار نهائي وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وإعادة الإعمار وإعادة المهجرين وإجراء تبادل متوازن وفق رغبة المقاومة.