مؤتمر دولي في بغداد يسعى إلى مكافحة المخدرات في المنطقة
افتتح مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات أعماله، اليوم الاثنين، وهدفه تعزيز التعاون الدولي والإقليمي من أجل مواجهة مخاطر تلك المواد. وقد حذّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في افتتاح المؤتمر، من أنّ "المخدرات تفكّك الأسرة وتجنّد الإرهابيين والقتلة"، وأنّها "وسيلة لتدمير المجتمعات من الداخل". أضاف أنّ "فعل الشرّ الذي تؤدّيه المخدرات لا يقلّ تأثيراً عن (تأثير) الحروب"، مشيراً إلى أنّ مكافحة المخدرات أولوية حكومته. أضاف السوداني أنّ "المخدرات تهدّد استقرار المنطقة"، مشيراً إلى أنّ "مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا". وتابع أنّ "رؤيتنا للمخدرات لا تقتصر على الضرر الذي يستهدف شبابنا، إنّما نراها عاملاً أساسياً في عدم استقرار المنطقة".
ويشارك في المؤتمر وزراء داخلية دول الجوار ورؤساء أجهزة شرطة مكافحة المخدرات في إيران والسعودية والأردن والكويت وتركيا ومصر ولبنان وسورية، فيما يشير مراقبون إلى أنّ العراق يقع ضحية الدول المنتجة للمخدرات والعصابات التي تتاجر بها دولياً، فيما يسعى إلى رسم سياسة تعامل جديدة بشأن حدوده مع سورية وإيران. يُذكر أنّه تحت شعار "بالتعاون ووحدة الهدف نقضي على المخدرات"، عُقدت اجتماعات تحضيرية لمؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات، يوم السبت الماضي.
وفي انطلاق أعمال مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات، اليوم الاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد ميري إنّ "العراق تمكّن في الأشهر الستة الماضية من ضبط مواد مخدّرة بكمية إجمالية بلغت طناً و822 كيلوغراماً"، موضحاً أنّ المواد تضمّنت "الكريستال والترامول والحشيش والأفيون والهيروين والكوكايين". وأشار ميري إلى "انخفاض بنسبة 4% في جرائم المخدرات مقارنة بالأشهر الستة الأولى من عام 2023"، مضيفاً أنّ القبض أُلقي على سبعة آلاف و705 متّهمين في مجال جرائم المخدرات.
من جهته، كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني) فاضل الغراوي أنّ "العراق احتلّ المرتبة الأولى عربياً في مجال مكافحة المخدرات في السنوات الثلاث الأخيرة"، مشيراً إلى أنّ "القوات العراقية ألقت القبض على 42 ألف تاجر وحائز مخدرات" في تلك السنوات.
وأوضح الغراوي، في بيان، أنّ "عام 2022 شهد إلقاء القبض على 17 ألف تاجر وحائز مخدرات، من بينهم 123 أجنبياً"، فيما بلغت "كمية المواد المضبوطة نصف طنّ من المخدرات بكل أنواعها"، مشيراً إلى "18 مليون حبة". أضاف أنّ عام 2023 شهد إلقاء القبض على تسعة آلاف تاجر وحائز مخدرات مع ضبط 12 طنّاً من المخدرات والمؤثرات العقلية. أمّا عام 2024 الجاري، فسُجّل فيه حتى الآن "إلقاء القبض على 16 ألف تاجر وحائز مخدرات مع ضبط 12 طناً من المخدرات والمؤثرات العقلية".
وتابع الغراوي أنّ نسبة تعاطي المخدرات في المناطق الفقيرة بالعراق بلغت 17%، وأنّ أعمار أعلى نسب من المتعاطين تراوحت ما بين 15 عاماً و30، وأنّ أكثر المواد تعاطياً في العراق هي الكريستال مع 37.3% والكبتاغون بنسبة 34.35% فيما الأنواع الأخرى تأتي بنسبة 28.35%. ودعا الغراوي الحكومة العراقية إلى إطلاق السياسة الإقليمية لمكافحة المخدرات التي تشارك فيها الدول العربية والإقليمية جميعاً، من أجل تعزيز التعاون في مكافحة المخدرات والوقاية منها وإصدار اتفاقية إقليمية لذلك، إلى جانب إطلاق حملة وطنية للوقاية، وتعزيز التعاون الدولي، وتعديل قانون المخدرات بما يضمن تشديد الأحكام بحقّ التجار، وإنشاء مراكز لتأهيل المدمنين.
في سياق متصل، قال الناشط العراقي حسين الطائي لـ"العربي الجديد" إنّ "الحملة العراقية ضدّ المخدرات واسعة وكبيرة، فيما يبدو التنسيق عالياً بين الأجهزة الأمنية والقضائية والصحية"، لكنّه أشار إلى "إخفاق حقيقي في ضبط الحدود العراقية مع دول الجوار، تحديداً مع إيران وسورية، لا سيّما أنّ المخدرات التي تصل إلى العراق تمرّ بمعظمها عبر هاتَين الدولتَين". وتابع الطائي أنّ "الحكومات العراقية السابقة أخفقت في احتواء الشبّان وتشغيلهم، الأمر الذي ساهم في تشكّل شريحة واسعة من العاطلين من العمل الذين يشعرون باليأس، وقد دُفع بعضهم إلى تعاطي المخدرات". وأوضح الطائي أنّ "عملية السيطرة على المخدرات تتطلّب جملة إصلاحات وإجراءات خاصة بالواقع المعيشي وكذلك البيئي والأمني، الأمر الذي يعني أنّ هذا الملف لا يقتصر على الملاحقات الأمنية والاعتقالات فحسب".
من جهته، أوضح مدير دائرة العلاقات والإعلام لدى وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، في حديث صحافي إلى وكالة الأنباء العراقية (واع)، أنّ وزارته "تبنّت ملف مكافحة المخدرات بصفته أهمّ ملف لديها، ووضعت استراتيجية وطنية شاملة، أحد بنودها إقامة تعاون إقليمي ودولي، نظراً إلى أنّ المخدرات من الجرائم العابرة للحدود والوطنية". ولفت المحنا إلى أنّ مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة المخدرات يسعى، في دورته الثانية، إلى "تعزيز التعاون الدولي والإقليمي، والعمل المشترك لمواجهة خطر المخدرات" في المنطقة والعالم.
تجدر الإشارة إلى أنّ قوات الأمن العراقية تنفّذ بوتيرة شبه يومية، في عموم محافظات البلاد، حملات لاعتقال المتاجرين بالمخدرات ومتعاطيها، إلا أنّ تلك الحملات لم تحدّ من انتشارها الآخذ في الاتساع. وفي السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي في عام 2003، صار العراق من بين الدول التي يتسع انتشار المخدرات فيها.