ويرى الخبراء أن حرب الموانئ والممرات المائية سبقت عملية "طوفان الأقصى"، انطلاقا من استهداف مرفأ بيروت.
وحذر الخبراء من تداعيات كارثية حال اتساع رقعة الصراع وحزب الممرات المائية التي دخلت مرحلتها الثالثة.
من ناحيته، قال الدكتور أيمن عمر، الباحث الاقتصادي اللبناني، إنه على مرّ العصور كانت البحار والمحيطات والسيطرة عليها وعلى الموانئ المطلة عليها وعلى المضائق البحرية، هي المفصل في تحديد شكل العلاقات الدولية وتحديد طبيعة العلاقات بين الدول ومصائر شعوبها.
وأضاف في حديثه مع "
سبوتنيك"، أن السيطرة على البحار والمضائق لا تهدد أمن الدول فحسب، بل أصبح يهدد اقتصادها ورفاهية شعوبها أيضاً.
وتابع: "من هنا تم إنشاء الأساطيل البحرية الضخمة والقوية لزيادة قوة الدول وترسيخ سيطرتها واستعمارها للدول الغنية بالموارد الطبيعية".
واستطرد: "يُعتبر ألفريد ثاير ماهان (1840-1914) الاستراتيجي الأمريكي الأكثر أهمية في القرن التاسع عشر الميلادي، لأنه أول من نظر حول أهمّية السيطرة على البحار من أجل السيطرة على العالم، من خلال كتابه "تأثير قوة البحر على التاريخ"، حيث بنى نظريته على فكرة أن الدول صاحبة القوة البحرية الأعظم سيكون لها التأثير الأكبر في جميع أنحاء العالم".
وتابع: "قد كان لهذا المفهوم انعكاسه الكبير في صياغة الفكر الاستراتيجي للقوى البحرية في العالم، وخاصة في الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وكذلك بريطانيا".
وأشار إلى أنه "منذ بدء عملية طوفان الأقصى ونحن نشهد حربًا بحرية حقيقة، بدأت بقدوم الأسطول الأميركي والقصف اليمني للسفن في باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي، لتنتقل إلى المرحلة الثانية وهي بناء
ميناء أميركي في بحر غزة، لنصل إلى المرحلة الثالثة وهي قصف الموانئ والمرافئ مباشرة عبر قصف ميناء الحديدة في اليمن".
وأكمل: "يبدو أن
حرب الموانئ بدأت قبل ذلك مع تفجير مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020 والذي يبدو أنه مُفتعل وليس بسبب الأمونيوم كما يُشاع".
وشدد على أن حرب المضائق والموانئ مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمشاريع الدول العظمى وعلى رأسها طريق الحرير الصيني، والممر الهندي، وأخيرا طريق التنمية العراقي، بالإضافة لأهمية المضائق والموانئ في نقل الغاز والذي هو محور صراع هذا القرن.
وبالتالي كلما اشتدت الصراعات السياسية حول تنفيذ هذه المشاريع الكبرى تبرز أهمية المضائق البحرية والموانئ البحرية في المنطقة، وخاصة مضيقيّ باب المندب وهرمز وتاليا ستشتد الصراعات حولها لتصل إلى مرحلة الحروب.
وأوضح: "يمثل مضيق باب المندب، الذي يصل خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي بالبحر الأحمر بعرض يبلغ حوالي 30 كم، الشريان الرئيسي للتجارة بين المحيط الهندي والبحر المتوسط".
فيما يمثل مضيق هرمز أهمية كبيرة، والذي يقع في الخليج العربي ما بين سلطنة عمان جنوبًا وإيران شمالًا، بعرض لا يتجاوز 55 كم، وتكمن أهمّيته في أنه أهم ممر مائي بحري لنقل النفط، إذ مر من خلاله 20.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثّفات والمنتجات النفطية في الفترة بين كانون الثاني إلى أيلول 2023 أي حوالي 40% من الإنتاج العالمي من النفط، حيث يذهب 80% منه للدول الآسيوية مثل الصين، الهند، كوريا واليابان.
أما النسبة الأخرى فتذهب إلى أوروبا وأميركا الشمالية. ويمرّ به 80 مليون طن أي 20% من تدفقات الغاز الطبيعي المسال في العالم.
كما تقوم السعودية بتصدير 88% من إنتاجها النفطي عبر هذا المضيق، العراق 98%، الإمارات 99%، وكل نفط إيران والكويت وقطر، وبالتالي فإن أي خلل أو اضطرابات تحدث في هذا المضيق ستحدث أزمة نفط عالمية.
في الإطار قال الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي، إنه ليس من السهل الوصول إلى مرحلة حرب المضائق، وبالتالي إقفال المنافذ الكبرى للاقتصاد العالمي وخسارة الكثير من سلاسل التوريد.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن مثل هذه الخطوة لم تحدث في السابق إلا في إطار صراع كبير، كما حصل في الحروب العالمية الأولى والثانية، وبالتالي فأن الوصول إلى هذه المرحلة يعني استنفاذ كافة السبل السياسية والدبلوماسية لحل المشكلة.
وتابع: "الدخول في هذه
الحرب يعني خسائر كبيرة وفادحة على مستوى الاقتصاد العالمي لأسباب كثيرة منها: أن إغلاق مضيق باب المندب أو مضيق هرمز سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، نظرًا لأن نسبة كبيرة من إمدادات النفط والغاز العالمية تمر عبر هذه المضائق وتبلغ نستها حوالي 20 بالمئة، أي ما يعادل حوالي 18 مليون برميل يوميا" من النفط، إضافة إلى كمية تصل إلى حدود خمسة تريليون قدم مكعب من الغاز المسال سنويا".
لذلك فأن أي أحداث أمنية تؤدي إلى توقف الإمداد سيؤدي حتما" إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة مما سينعكس حتما" وبشكل كبير على نسب التضخم العالمي وبالتالي امكانية الوصول إل حالة من الركود أو حتى الانكماش الاقتصادي.
وقال إن "إغلاق باب المندب يعني سيتأثر الاقتصاد العالمي بشكل كبير نظرا لما يمثله هذا المضيق من نسبة من حجم التجارة العالمية ولا سيما بين الشرق الأوسط والشرق الاقصى، وبين أوروبا والشرق الاقصى، والتي تمر معظم تجارتها عبر هذا المضيق الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة تكاليف النقل والتأخير في التسليم، مشيرا إلى أن اغلاق هذا المضيق سيهدد الأمن الغذائي لدول كثيرة تعتمد على الاستيراد عبر هذه المضائق، مما يعني انها ستواجه نقصًا في الإمدادات الغذائية وارتفاعًا في الأسعار".