واشنطن وبغداد تتفقان على تعميق التعاون: لا قرار بشأن الانسحاب
أكد العراق والولايات المتحدة، اليوم الخميس، "التزامهما بتطوير قدرات العراق الأمنية والدفاعية، وعزمهما على تعميق التعاون الأمني عبر مجموعة كاملة من القضايا لتعزيز المصلحة المشتركة لكلا البلدين في أمن العراق وسيادته وفي استقرار المنطقة"، وجاء ذلك في بيان مشترك عقب محادثات عقدها وفد عراقي في واشنطن، خلال يومي 22 و23 يوليو/تموز الحالي، تخللها لقاء وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، مع نظيره الأميركي، لويد أوستن، وممثلين من وكالة التعاون الأمني الدفاعي والقيادة المركزية الأميركية ووزارة الخارجية وموظفي مجلس الأمن القومي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز كيو براون، وعدد من كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين.
وبحسب البيان، قادت وزارة الدفاع الأميركية ووزارة الدفاع العراقية الحوار الثنائي للتعاون الأمني المشترك بين الجانبين في واشنطن العاصمة حيث أكدتا التزامهما بالتعاون الأمني والمصلحة المشتركة في الاستقرار الإقليمي، وأضاف البيان أن "الولايات المتحدة والعراق يعتزمان مواصلة التشاور بشأن تعزيز التعاون الثنائي لضمان الهزيمة الدائمة لداعش بعد أكثر من عقد من التعاون بين التحالف الدولي والعراق"، وأكد الجانبان أهمية "استمرار العراق في تقديم الدعم للتحالف الدولي لهزيمة داعش في سورية وحول العالم".
وناقش الوفدان الجهود الرامية إلى بناء القدرات العملياتية لقوات الأمن العراقية من خلال المساعدات العسكرية الأميركية وبرامج التعاون الأمني، بما في ذلك المبيعات العسكرية الأجنبية والتمويل العسكري الأجنبي، إلى جانب التأكيد على "استمرار التعاون لضمان استدامة المعدات العسكرية الأميركية التي تستخدمها قوات الأمن العراقية"، وشددا على "قيمة التعليم العسكري المهني وبرامج التدريب الفني، وقررا تعزيزها"، وقرر الجانبان خلال المفاوضات "البدء بالعمل على مذكرة تفاهم لتوفير إطار معزز لعلاقاتهما الأمنية الثنائية في السنوات القادمة، بما في ذلك الآليات لضمان الهزيمة الدائمة المستمرة لمنظمة داعش الإرهابية".
وأكد الممثلون العراقيون التزامهم "المطلق بحماية الأفراد والمستشارين والقوافل والمرافق الدبلوماسية للولايات المتحدة ودول التحالف الدولي"، وأشار البيان إلى أن "النجاح في إتمام الحوار الثاني المشترك للتعاون الأمني يؤكد التزام البلدين تعميق التعاون الأمني الثنائي في جميع المجالات، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الهزيمة الدائمة لداعش بقيادة العراق وجهود التعاون الأمني، وأن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق تعزز الاستقرار الإقليمي وتمثل التزام كلا البلدين تعزيز اتفاق الإطار الاستراتيجي الشامل".
ويأتي البيان المشترك رغم حديث أحزاب عراقية وفصائل مسلحة مناوئة للوجود الأميركي عن لجوء العراق إلى الطرق الدبلوماسية لإخراج القوات الأميركية بطلب جديد ومباشر. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، مهدي تقي، لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة العراقية تنتهج أساليب دبلوماسية مهمة للحوار مع الأميركيين والتوصل إلى اتفاقات تخدم مصالح العراق مع الجانب الأميركي، بالرغم من الدور المرفوض لتدخل الأميركيين في الشأن العراقي، وهو ما تؤشر إليه الأحزاب في البلاد"، مبيناً أن "الجهود الحكومية العراقية في التعامل مع الأميركيين، تتم مناقشتها في اجتماعات ائتلاف إدارة الدولة الذي يضم جميع الأحزاب المشتركة في الحكومة وتحظى بأهمية كبيرة من المناقشات".
وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة "الصادقون"، حسن سالم، لـ"العربي الجديد" إن "الشعب العراقي وأغلب القوى السياسية الفاعلة والكبيرة في البلاد لا تقبل ببقاء القوات الأميركية، ونحن نعتبر وجودها احتلالاً بعد قرار البرلمان بشأن خروجها"، موضحاً أن "الاحتلال الأميركي ارتكب جرائم كثيرة ضد العراقيين ومقرات الحشد الشعبي، بالإضافة إلى الدعم غير المحدود لحكومة الكيان الصهيوني في جرائمها ضد المدنيين في قطاع غزة، بالتالي فإن مسألة خروج الأميركيين حتمية، حتى لو تأخرت قليلاً من جرّاء العمل الدبلوماسي الذي يحتاج إلى جولات من المفاوضات والمباحثات".
وأشار الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "زيارة الوفد العراقي إلى الولايات المتحدة الأميركية فتحت ملفات أمنية وعسكرية كثيرة، لعل أبرزها مخاطر تنظيم داعش وانشطاره وتجدد ظهوره عالمياً، لا سيما خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وآليات تعزيز قدرات القوات العراقية لمواجهة الإرهاب، بالإضافة إلى ترسيخ عمل المستشارين واستحداث لجنة لتعزيز إمكانيات الجيش العراقي". ولفت أبو رغيف إلى أن "اللجنة الجديدة سيقع على عاتقها، بتنسيق أميركي عراقي، أن توفر الدعم للقوات العراقية وفق الاتفاقات السابقة وهي على مستوى التدريب والتطوير والمعلومات"، مؤكداً أن "القوى السياسية لم تتفق جميعها على إخراج القوات الأميركية، وقد كانت مواقفها متشظية، ولا أعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد تصعيداً أمنياً من قبل الفصائل المسلحة الرافضة للوجود الأميركي، لأن التصعيد لا يخرج عن الاتفاق السياسي".
وبدأت المحادثات بين بغداد وواشنطن في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد أقل من 24 ساعة من مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم في الأردن، وقالت الولايات المتحدة إنّ جماعات متشددة متحالفة مع إيران في سورية والعراق هي التي نفذته، ما دفع واشنطن إلى تنفيذ ضربات انتقامية في العراق أدت إلى اغتيال قيادات بارزة في الفصائل المسلحة، ما دفعها (الفصائل) والجهات السياسية المرتبطة بها إلى تصعيد مطالبتها بإخراج قوات التحالف من البلاد.
وأفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي بين بغداد وواشنطن التي عقدت في بغداد، في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، في ظل الانتقادات الواسعة ضد الوجود الأميركي في العراق.