لم يكن المتظاهرون المحتجون حول مبنى الكابتول "الكنغرس" على استقبال نتنياهو في حرمه، لم يكونوا هم اول من تطولهم افتراءاته، فقد وجه نفس الاتهام بطريقة أوضح لجنود جيشه من الاحتياطيين و الطيارين الذي ابدوا تمنعا في الالتحاق بوحداتهم ابان المظاهرات الأسبوعية التي ملأت الشوارع الإسرائيلية قبيل السابع من أكتوبر، وقتها اتهمهم انهم عملاء لإيران ، الآن يتهم المتظاهرين انهم يتلقون الدعم المالي من ايران .
من ضمن الافتراءات، اتهام المتظاهرين و المحتجين انهم معادون للسامية ، رغم ان هناك أعداد لا بأس بها هم من اليهود ، بعض المظاهرات معظمها من اليهود ، لكن هناك نشاطات و فعاليات مقتصرة على اليهود ، كالمجموعة التي اقتحمت الكونغرس و اعتصمت بداخله ، و كانت لهم مطالب و شعارات تتعدى وقف الحرب على غزة ، بل ووقف تزويد إسرائيل بالأسلحة . فكيف يمكن وصف هؤلاء المناضلين بانهم ضد السامية . ثم وصل الامر بهذا المفتري ان يحرض على الجامعات ، الجامعات الأكثر عراقة في التاريخ الإنساني ؛ كيف يدعمون حماس الإرهابية ضد إسرائيل الديمقراطية ، كيف يقولون ان فلسطين من النهر الى البحر ، و يخرج باستنتاج انهم لا يعرفون الجغرافيا و لا التاريخ ، و كأنا به يريد ان يصبح محاضرا في هذه الجامعات ، يعلم الطلاب التاريخ الكاذب الذي يمتد الى أربعة ألاف سنة ، و كأن التاريخ ابتدأ من عند "ابراهام" ، أما ما قبل ابراهام و ابنه اسحق و حفيده يعقوب ، فلم يكن هناك تاريخ ، لم يكن هناك فراعنة بنوا الاهرامات ، و لم يكن هناك كنعانيين بنوا حدائق بابل المعلقة ، و بالمناسبة ، فإن الاهرامات و الحدائق عدت من عجائب الدنيا السبع ، و هي كذلك حتى اليوم . كأنا بهذا المفتري يريد اغلاق هذه الجامعات، او تغيير اداراتها، او فحص برامج القبول لطلبتها ، بحيث يخضع كل طالب الى فحص أمني خوارزمي ؛ عربي ، شرق اوسطي ، ملون، شيوعي، علماني ، مناهض للصهيونية ، مسلم ، يصلي ، يقرأ القرآن او رأس المال او محمود درويش .
من ضمن الافتراءات انه يخوض في غزة حرب الحضارة ضد التوحش و البربرية ، حرب من يقدسون الحياة ضد من يقدسون الموت . انه و معه زمرة الكونغرس لا يريد ادراك انه يمتلك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط من حوالي مئتي رأس نووي ، و هدد وزير في حكومته باستخدامها في غزة ، و ان زمرة أمريكا قبل نحو ثمانين سنة ، استخدمت هذا السلاح في اليابان ، ما لم يستخدمه أحد من قبل و لا من بعد . اما نحن ، الذين نحب الموت ، حسب افترائه ، نحب الحياة لنا و لغيرنا ، شأننا في ذلك شأن كل البشر ، بل و شأن الحيوانات أيضا ، لا كائن حي يحب الموت ، و لكن حين يخضع وطننا للاستعمار و الاحتلال فإننا مستعدين ان نفديه بأرواحنا ، و ندفع حياتنا ثمنا لتخليصه و تحريره . في غمرة افتراءات سعي ايران الحصول على سلاح نووي ، قال مرشدها "خامنئي" ان هذا السلاح محرم علينا استخدامه ، ديننا يحرّمه علينا .
باقي الافتراءات التي وردت في خطابه سياسية ، لن أتطرق لها ، من باب ان الخطاب كله افتراءات أمام حشد من المفترين في وكر الافتراء العالمي "الكونغرس" ، وان العالم بأروقته السياسية و الأمنية والحقوقية قادر للرد عليه ، بل ومطاردته كمجرم حرب ، زعيم لدولة إبادة جماعية ، و جيش عار على قائمة العالم السوداء .