دقيقة من فضلكم؟- بقلم أ.د. بثينة شعبان

وكالة الانباء السورية سانا

دقيقة من فضلكم؟- بقلم أ.د. بثينة شعبان

  • منذ 3 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
ما الذي يحدث في هذا العالم؟ هل يتمكن أحد من أن يتوصل إلى تشخيص سليم حول حقيقة ما يجري وأسباب الفوضى التي يعيشها عالم اليوم؟ هل تسمحوا بأن نهجر كل ما نشأنا عليه وما ألفناه من سرديات حول الغرب والديمقراطيات وحقوق الإنسان والنظام الدولي والمنظمات الإنسانية وأن نحلل الواقع الذي نعيشه ونشهده والذي يكاد يقارب عالم اللامقبول والوحشية وشريعة الغاب؟ هل يمكن لأحد أن يشرح كيف يمكن لأي أحد أن يدافع عن نفسه ضمن حدود وعلى أرض الآخرين المحتلة من قبله طيلة 75 عاماً؟ وهل يمكن أن تشعر حكومات الولايات المتحدة ببعض الخجل حين يردّد مسؤولوها أننا نقف مع “حق إسرائيل” في الدفاع عن نفسها؟ بل إن الرئيس الأمريكي مشغول بإمكانية إيجاد تحالف يدافع عن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية من الصهاينة في فلسطين ولبنان وإيران والعراق واليمن وحيثما تمكنوا من فعل ذلك.
الجرائم التي ارتكبها الصهاينة في معسكر “سدي تيمان” كافية لسحب صفة الإنسانية من أي طرف يؤيد مرتكبي هذه الجرائم الوحشية، والجرائم التي ارتُكبت في غزة منذ أكثر من 300 يوم مروعة إلى درجة تفوق الوصف ولكنّ حدود فلسطين لم تعد كافية لممارسة أبشع أنواع الإرهاب في القرن الحادي والعشرين، فطال الإرهاب الصهيوني شخصيات من مدنيين وأطفال في بيروت ومن ثمّ في طهران وفي اليمن والعراق ليعلن للملأ أنه الوحش الذي انفلت من عقاله وأنه يحظى بمساندة مفتوحة من الغرب ومن النظام الدولي الذي فشل مجلس أمنه حتى بإدانة جريمة مروعة كانت انتهاكاً لسيادة وكرامة دولة ولحياة إنسان مقاوم بعد ساعات من عملية اغتيال أدت إلى مقتل أطفال وأمهم في الضاحية الجنوبية لبيروت كي يثبت المعتدون والإرهابيون أنهم يمكن أن يرتكبوا كل الجرائم الوحشية ضد المدنيين دون خوف من ملاحقة قانونية أو عقاب.
لقد برهنت جرائمهم هذه ببشاعتها على أنهم عصابة قتل وإرهاب وقد درج الإرهابيون من قبلهم على ضرب أي مكان في العالم دون أي اعتبار لحرمات البشر أو المؤسسات أو البلدان فما هو الجديد في الموضوع؟ الجديد هو أن الولايات المتحدة ومعها معظم الحكومات الغربية برهنت أنها يجب ألّا تقول شيئاً بعد اليوم لأن سرديتها غاية في النفاق والكذب المطلق ولأنها تتجاهل كل القيم والمحرمات الإنسانية والقانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة وحقوق الإنسان. وأصبح واضحاً أن كل سردياتهم عن مفاوضات وهدن منذ عشرة أشهر إلى حدّ اليوم إنما تهدف إلى شراء المزيد من الوقت للإرهابيين الصهاينة القتلة كي يستكملوا حرب الإبادة البشعة التي يرتكبونها بحق المدنيين الفلسطينيين العزل والتي يجب أن يندى لها جبين الإنسانية. لقد كان واضحاً أن كل ما يسمّى بجهود الوساطة والتفاوض كان مراوغة مفضوحة لكسب وقت وارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية وهاهم يطلقون الطلقة الأخيرة على من كان يفاوضهم ليبرهنوا أن هذا مسار نفاق وخداع وتسويف، وأن المسار الوحيد هو الإبادة الشاملة والتطهير العرقي لشعب فلسطين الأصيل كي يتم تجميع اليهود في كل أنحاء العالم في الشرق العربي طمعاً في موارد العرب.
أما أن تدعو هذه الأطراف لضبط النفس بعد ارتكاب هذه الجرائم فهذا يعني السماح بتمرير الجرائم وعدم اتخاذ أي إجراء عقابي رادع بحق الجناة، ولكنّ ما لا يعلمه هؤلاء الداعمون للإرهاب الإسرائيلي الذي يضرب في أي أرض يشاء هو أنهم ليسوا بمنأى عن هذا الإرهاب عاجلاً أم آجلاً وأن “فرانكشتاين” الذي صنعوه بأيديهم سوف يكون هو الوحش الذي سينقضّ على مدنهم ومؤسساتهم تماماً كما ينقضّ على مؤسسات فلسطينية وعربية وإيرانية، وأن الوقت سيكون متأخراً كثيراً لفعل أي شيء للجم هذا الوحش ودرء خطره.
لقد دأب كيان الأبارتيد ومنذ نشوئه على اعتماد الاغتيالات أسلوباً إرهابياً لإضعاف المقاومة والتخلص منها واحتلال الأرض واستيطانها ولكن السؤال البسيط الذي يجب طرحه على هؤلاء: هل فعلاً تمكنوا من خلال اعتماد هذا الأسلوب الإرهابي المُدان من إضعاف المقاومة؟ وهل كانوا يتوقعون قبل عقد من الزمن أن مقاومة محاصرة في غزة تمنع عنها كل أسباب الحياة قادرة أن تقارعهم على مدى عشرة أشهر رغم كل الأسلحة الأمريكية التي لديهم والتي يرفدهم بها أربابهم في الغرب؟ إن استمرار الصهاينة في هذا الأسلوب إنما يذكي نار المقاومة ويشحذ الهمم لأن الذين يتعرضون لهذا الإجرام الوحشي يعرفون أن المقاومة هي السبيل الوحيد وإلا فإن العدو سوف يستعبد من خسروا معركتهم معه.
 


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>