نفخ الزجاج يدوياً… عنصر ثقافي سوري مهدد بالاندثار والمتحف الوطني بدمشق من أغنى متاحف العالم بالآثار الزجاجية

وكالة الانباء السورية سانا
  • منذ 3 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
دمشق-سانا
حجزت حرفة “الزجاج التقليدي” مكاناً لها ضمن الحرف السورية الأصيلة، هذه الصناعة تعود إلى كنعانيي الساحل السوري “الفينيقيين” الذين عملوا على نقلها عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
وفي القرن التاسع قبل الميلاد ظهرت في سورية والعراق مراكز لصناعة الزجاج، وتم بعدها التوصل إلى عملية نفخ الزجاج في السواحل السورية، وازدهرت في العصر الإسلامي وخاصة في دمشق، واستمرت يدوياً لتنتشر في معظم المناطق.
وفي ظل الحرب التي تعرضت لها سورية والحصار الاقتصادي الظالم المفروض على شعبها باتت حرفة “نفخ الزجاج يدوياً” عنصراً ثقافياً سورياً مهدداً بالاندثار.
حكاية نفخ الزجاج السوري يدوياً
يعود اكتشاف الزجاج إلى قدماء الكنعانيين السوريين وتطور صناعته ودخلت عليه عدة أساليب أبرزها عملية النفخ وتعود هذه العملية حسب المؤرخ منير كيال في كتابه “مآثر شامية في الفنون والصناعات الدمشقية” الصادر عن وزارة الثقافة الهيئة العامة السورية للكتاب إلى القرن الأول للميلاد، وقد ساعدت هذه الطريقة في تطور صناعة الزجاج وازدهارها، حيث أتاحت الفرصة لصناعة روائع وتحف تهافتت عليها دول العالم.
كما يعود الفضل في ذلك حسب الكتاب إلى الصناع السوريين على اعتبار أن سورية كانت أيام الإمبراطورية الرومانية المركز الرئيس لهذه الصناعة، ثم ما لبثت هذه الطريقة أن انتقلت إلى إيطاليا ومن ثم أوروبا، مبيناً أن الصناع السوريين كانوا على درجة عالية من اللياقة والبراعة والمران تصعب مجاراتهم في عمليات النفخ.
وذكر الكتاب أن سورية كانت أيام الرومان والبيزنطيين وصولاً إلى العصر الأموي المركز الرئيس في تصدير الزجاج إلى بلدان أوروبا والشرق الأقصى، وكان صناع الزجاج في العصر الإسلامي الأول يمارسون عملهم وفق الأساليب التي توارثوها حتى بلغت هذه الصناعة ذروتها في سورية في القرن السابع للميلاد.
أرق من زجاج الشام
يقال في الزجاج السوري مثل شعبي متداول “أرق من زجاج الشام” نظراً لدقة ورقة صنعه وحرفية صانعيه، وكان الرحالة ابن بطوطة ذكر في كتابه “رحلة ابن بطوطة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” أنه لما نزل إلى دمشق في القرن الرابع عشر للميلاد وجد شوارع مستطيلة فيها حوانيت الجواهريين والكتبيين وصناع أواني الزجاج العجيبة.
وحسب كتاب “مآثر شامية في الفنون والصناعات الدمشقية” فإن من أشهر من عمل بصناعة الزجاج المنفوخ في تلك الفترة أبو إسحق إبراهيم بن محمد النحوي الملقب بـ ” الزجاج” قبل اشتهاره بالأدب.
العصر الذهبي لنفخ الزجاج السوري يدوياً
ويؤكد الكتاب أن صناعة الزجاج السوري بلغت في الفترة الممتدة من القرن العاشر إلى القرن الثاني عشر للميلاد درجة كبيرة من التقدم والازدهار، وكان أبرز ما يميز هذه الصناعة إنتاج الأواني والأكواب الزجاجية ذات الزخارف البارزة والمضافة إلى القطعة أو المضغوطة معها أثناء التصنيع.
وكان من أهم الأعمال التي قام بإنتاجها صناع الزجاج في سورية الأواني المزخرفة برسوم البريق المعدني وألوان الميناء الزجاجية الأمر الذي عده الباحثون عنواناً لمرحلة أطلق عليها “العصر الذهبي للزجاج السوري”.
وبين الكتاب أن دمشق وحلب كانتا أهم مراكز هذه الصناعة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وغدت منتجاتهما في طليعة ما قدمته صناعة الزجاج في هذه الفترة، وغمرت المنتجات السورية من الزجاج المطعم بالميناء أسواق أوروبا وكانوا يطلقون على المذهب منه والمصدر إلى أوروبا ”الزجاج الدمشقي”.
نفخ الزجاج يدوياً… عنصر ثقافي سوري
نفخ الزجاج يدوياً حسب كتاب “التراث الثقافي اللامادي السوري” بجزئه الأول الصادر عن وزارة الثقافة والأمانة السورية للتنمية عنصر ثقافي يصنف على أنه من المعارف والمهارات المرتبطة بفنون الحرف التقليدية نظراً للمهارات والمعارف اللازمة لتصنيع الزجاج بطريقة النفخ اليدوي.
وبين الكتاب أنه كانت تنتشر صناعة الزجاج المنفوخ يدوياً في جميع المناطق السورية، وتشتهر بها مدينة دمشق على وجه الخصوص لما قدمه حرفيوها من أوانٍ زجاجية متقنة ومتنوعة، إضافة الى منطقة ريف دمشق، حيث كانت توجد ورشات التصنيع قبل الحرب على سورية.
العناصر اللامادية المرتبطة بعنصر نفخ الزجاج يدوياً
ترتبط الأواني الزجاجية بثقافة المجتمع في تزيين وتجميل المنزل وتتنوع الأدوات الزجاجية المستخدمة في الطعام والشراب والضيافة، كما ترتبط بالحرفة مهارات الرسم والتلوين على الزجاج، وأيضاً ترتبط بحرفة صناعة نفخ الزجاج يدوياً بتقنيات الصهر واختيار المزيج الملائم من السيلكا والصودا، ومهارة الصانع ودقته باختيار الوقت المناسب للنفخ في الأنبوبة الحديدة، إضافة إلى الوقت المناسب في قطع الزجاج المنفوخ وتشكيله حسب الشكل المطلوب.
وأكد كتاب “التراث الثقافي اللامادي السوري” أن هذه الحرفة تشكل مصدر فخر تاريخي لدى السوريين نتيجة تطويرها في سورية وانتقالها إلى أوروبا، وخصوصاً مدينة فينيسيا إذ يمتلك زجاج المورانو المنفوخ شهرة عالمية.
أصل الزجاج المنفوخ كما يراه أصحابه
ويذكر كتاب “التراث الثقافي اللامادي السوري” أن صناعة الزجاج في سورية تراجعت في العهد العثماني، لكنها عاودت استرداد بعض ما كانت عليه، وحاولت التجديد بقدوم حرفيين من مدينة الخليل الفلسطينية المشهورة بصناعة الزجاج وهم من أصل سوري ذهبوا للعمل في فلسطين وعندما ضاقت بهم الأحوال عادوا إلى دمشق.
وتنحصر ممارسة العنصر حسب الكتاب بعائلة “القزاز” وعائلة “الحلاق” في دمشق، أما بقية الأشخاص الممارسين من غير هاتين العائلتين فهم متعلمون للحرفة، وكانت تمارس هاتان العائلتان العمل في كل من باب شرقي وسوق الزجاج في الإحدى عشرية، والدويلعة ومنطقة السيدة زينب.
الخطر الذي يهدد نفخ الزجاج يدوياً
إن أبرز ما يهدد عنصر نفخ الزجاج حسب رئيس الاتحاد العام للحرفيين في سورية ناجي الحضوة ما تعرضت له هذه الحرفة السورية العريقة اقتصادياً من الأذى جراء الحرب على سورية والحصار الجائر عليها، والتي تتمثل في أبرز أشكالها بصعوبات تأمين حوامل الطاقة “كهرباء ومازوت” التي تعتمد عليها الحرفة في تشغيل الأفران المخصصة لها والتي بدورها تؤثر في ديمومة عمل هذه الأفران التي تتطلب أن تبقى مشغّلة على مدار الساعة مما يتسبب توقفها أو عملها المتقطع بتحطم الفرن الذي يكلف مبالغ مادية عالية عند إعادة بنائه من جديد.
ومن الصعوبات التي تواجهها الحرفة وصناعها أيضاً، قال الحضوة في تصريح لـ سانا: “قلة الأيدي العاملة وعدم الإقبال على المهنة نتيجة انخفاض الطلب على منتجاتها ومنافسة المنتجات المصنّعة آلياً وإغلاق العديد من المعامل وورشات التصنيع، وتوقف الحركة السياحية، ما أدى إلى تراجع طلب الشراء على الزجاج المنفوخ”.
وأكد الحضوة أن هذا العنصر الثقافي المهم مع الموارد المادية المرتبطة به مهدد أيضاً، وذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة الترويج له داخلياً وخارجياً، وعدم التدريب عليها بشكل محترف، وعدم وجود ربط لهذه الحرفة بالتطور العلمي والحرفي في صناعة الزجاج الحاصلة في مناطق أخرى من العالم”.
وأشار إلى أنه بفضل الحرفيين السوريين العاملين في هذه الحرفة الأصيلة وسعيهم للحفاظ عليها من الاندثار مع تضافر جهود جميع الجهات المعنية من حكومية وغير حكومية ومجتمعية ستتجاوز الصعوبات والخطر المحدق بها، مبيناً أن الاتحاد مع الشركاء المعنيين يعملون على تركيب أفران جديدة لنفخ الزجاج يدوياً في معمل دمر بدمشق وحمص، وإقامة ورشات تدريبية مجانية لتعلم الحرفة لمن يرغب من الشباب في محاولة لتجاوز الصعوبات، لكون الرهان عليه متمثلاً بكون الزجاج السوري المنفوخ يدوياً من العناصر التراثية المرغوبة والطلب عليها كبيراً في الأسواق الخارجية.
الحرفي أحمد الحلاق… نفخ الزجاج يدوياً تراث سوري أصيل
ظهرت مراكز صناعة الزجاج في العديد من المناطق السورية منذ القرن التاسع قبل الميلاد، ودخلت على صناعته أساليب متنوعة أبرزها عملية النفخ، وازدهرت في العصر الإسلامي وخاصة في مدينة دمشق، في حين انحصرت ممارسة نفخ الزجاج يدوياً في دمشق بعائلة “القزاز” وعائلة “الحلاق”.
عائلة القزاز كانت أبرز العائلات التي عملت في هذه الحرفة وكانت تحتكر تعليمها للأبناء وأبناء الأبناء من العائلة، الى أن بدأت بتعليمها لأبناء البنات حرصاً على استمراريتها وحفاظاً عليها من الاندثار، ومنذ ما يقارب 100 عام كانت عائلة الحلاق وريثة العائلة في حرفة نفخ الزجاج، وبعدها دخلت العديد من العائلات في هذه المهنة حسب ما بين الحرفي أحمد الحلاق في تصريح لمراسلة سانا.
وبين الحلاق أن حرفة نفخ الزجاج يدوياً انتشرت في منطقة الشاغور واحتوت على ما يقارب 15 فرناً لصناعة الزجاج، وفي ذلك الوقت كان والده يعمل بهذه المهنة ومنها كانت بداية تعلمه لها، حيث عمل والده على تشجيعه وتعليمه الحرفة منذ أن كان بعمر الخمس سنوات.
ثم افتتحت عائلة الحلاق معمل الزجاج بخان الزجاج عام 1969 في منطقة باب شرقي بدمشق ومع اكتسابه الخبرة مع أخوته انطلقوا بالعمل عبر سنوات طويلة، وتضمنت منتجاتهم كل ما يرتبط بصناعة الأواني الزجاجية والأدوات المستخدمة في الطعام والشراب والضيافة وتزيين وتجميل المنزل.
ولفت الحلاق إلى أنه عمل على تعليم أبنائه هذه المهنة واليوم يقوم بتعليم حفيده وهو في أولى خطوات التدريب عليها، نظراً لكونها تحتاج إلى التعلم بعمر مبكر، حيث يضمن فيها سرعة الإتقان والمهارة في الصنع والإنتاج.
خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية توقف المعمل عن الإنتاج لمدة سبع سنوات حسب ما أكد الحلاق ليعاود في السنوات الأخيرة العمل رغم كل الصعوبات التي يتعرض لها، من صعوبة في تأمين المواد الأولية والوقود والكهرباء والتي تعد من أبرز الصعوبات، إضافة إلى قلة اليد العاملة.
وأوضح الحلاق أن صعوبة تأمين الوقود لتشغيل فرن الزجاج يهدد استمرارية عمله لكونه يحتاج إلى 24 ساعة تشغيل يومياً، وإيقافه يسبب ضرراً كبيراً للفرن، ويصبح غير قابل لتصنيع الزجاج، وأن إعادة بنائه تحتاج إلى تكلفة مادية عالية.
ولفت الحلاق إلى أن عدم توفر الوقود لتشغيل الفرن يؤثر على سرعة العمل والتأخر في تسليم الطلب، كما أنه يؤثر في تدريب يد عاملة جديدة حرصاً على عدم هدر الوقت في التدريب وإنما في الالتزام بتسليم الطلبيات.
وختم الحلاق حديثه بالقول: “قدم لنا ولا يزال إلى اليوم الكثير من العروض، بأن تخرج عائلتنا من سورية وتوفر لها كل الإمكانيات لإنشاء معامل لنفخ الزجاج يدوياً لكننا رفضنا مغادرة وطننا وتحملنا الظروف القاسية إيماناً منا بأن هذه الحرفة هي أمانة نحملها بأعناقنا، ناهيك عن أنها إرث عائلي فهي بالنسبة لنا إرث وطني أيضاً”، داعياً جميع الجهات المعنية إلى حماية هذا التراث وتقديم كل الدعم لاستمراريته.
المتحف الوطني بدمشق من أغنى متاحف العالم بالآثار الزجاجية
يعد المتحف الوطني بدمشق من أغنى متاحف العالم بالآثار الزجاجية، ما يعطي للزائر لمحة عن مدى ازدهار صناعة الزجاج السوري عبر العصور المختلفة، وهو ما دلت عليه التنقيبات والشواهد الأثرية وحفظتها خزن المتحف الوطني ومتاحف المحافظات.
وللوقوف عند كنوز المتحف الوطني في هذا المجال، أوضح مدير التنقيب والدراسات الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف الدكتور همام سعد في تصريح لـ سانا أن جذور صناعة الزجاج تعود إلى عصور البرونز وأن البقايا الأثرية الأولى والتي تعود إلى 3000 عام قبل الميلاد تؤكد ازدهار هذه الصناعة وبشكل أساسي على الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط وكان للكنعانيين “الفينيقيين” دور كبير في تطور هذه الصناعة.
وعند الحديث عن الزجاج في العصر الروماني بين سعد أنه كانت سورية مركزاً أساسياً في هذه الصناعة فالشواهد الأثرية أظهرت الكثير من أنواع الأواني الزجاجية منها ما له علاقة بالطقوس الجنائزية، ومنها ما يعود للحياة اليومية، كما تم العثور على الأواني الفاخرة والتي كانت مقتناة من قبل طبقة معينة من المجتمع في ذلك الوقت، موضحاً أنه مع اختراع تقنية النفخ على الزجاج توفرت كميات كبيرة منه فاستطاع الناس استخدام الأواني الزجاجية في منازلهم.
وفي نهاية العصر الهلنستي وبداية العصر الروماني، قال سعد: إنه ظهرت تقنية جديدة وفريدة وهي استخدام القطع الزجاجية في تشكيل لوحات الفسيفساء، مضيفاً: “لدينا نماذج مهمة في سورية آخرها لوحة الفسيفساء المكتشفة في مدينة الرستن، حيث استخدم فيها قطع زجاجية بألوان متعددة وأن هذه التقنية مهمة ونادرة، وكان يقتصر استخدامها على المباني والأماكن الفاخرة”.
وعن مقتنيات المتحف الوطني من الزجاج قال سعد: “إن متحف دمشق والمتاحف بالمحافظات تضم آلاف القطع الأثرية الزجاجية، وتعود بالأساس إلى ما تم اكتشافه بالمدافن وعثر عليها خلال التنقيبات الأثرية، والتي حفظت لنا نماذج مهمة من هذه الصناعة العريقة”، مبيناً أن المتحف الكلاسيكي يمتلك أنواعا مختلفة تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد وحتى الفترة البيزنطية وما بعدها كما توجد مجموعة ضخمة من المقتنيات الزجاجية في العصور الإسلامية.
وهذا ما أكده أمين المتحف الكلاسيكي بالمتحف الوطني علي الحبيب، حيث بين أن المتحف الكلاسيكي يضم مجموعة كبيرة من الأواني الزجاجية تنقسم إلى قسمين الأول يعود للفترة البيزنطية والثاني الرومانية، وهي متعددة الأغراض منها للحياة اليومية ولاستخدامات طبية، كما وجد قطع حلي ومجوهرات زجاجية، كما يوجد قطع خزفية استخدم في جزئها الخارجي الزجاج.
أما مقتنيات المتحف الإسلامي بالمتحف الوطني بدمشق، تحدثت عنه أمينته الدكتورة نيفين سعد الدين، مؤكدة أنه يضم في هذه الفترة الزمنية ما يقارب الـ 4000 آلاف و5000 آلاف قطعة أثرية زجاجية تنوعت تقنيات صناعتها وزخرفتها وأماكن وجودها وورشات تصنيعها، والتي تواجدت بالدرجة الأولى في محافظة الرقة وحلب ودمشق.
وأوضحت سعد الدين أن هذه المقتنيات تؤكد أن صناعة الزجاج في سورية قديمة وصلت إلى العصور الإسلامية من العصور السابقة وتم تطويرها وإدخال عناصر الزخرفة والكتابات والنقوش والرموز عليها.
وأشارت سعد الدين إلى أن أغلب الزجاج الموجود في هذه الحقبة الزمنية يتميز برقته ومصنع بطريقتين النفخ بالهواء والقوالب، فالنفخ بالهواء أعطى أشكالاً كبيرة ومختلفة ومتعددة في حين تميزت القطع المصنوعة بالقوالب بتشابه أشكالها وتماثلها ووجود أعداد كبيرة منها.
وعن آلية عرضها لزوار المتحف لفتت سعد الدين إلى أنه مع وجود هذه الأعداد الكثيرة من مقتنيات المتحف الوطني يتم اختيار نماذج معينة استخدمها أجدادنا بفترات متعددة، فما يميز الفترة العباسية على سبيل المثال أن الزجاج المصنوع فيها رقيق ومحزز ومطبق عليه زخارف باستخدام القالب، كما استخدمت فيه أكاسيد معدنية بالإضافة إلى وجود زجاج مموه بالمينا التي ظهرت في الفترات الأيوبية والمملوكية، كما طبق على الزجاج الرموز والشعارات مع تنوع استعمالاته من منزلية ولأغراض طبية أو العطور والزينة.
وعن أبرز القطع الموجودة قالت سعد الدين: “إن كل قطعة محفوظة في المتحف الوطني لها قصة وحكاية، فهي وقعت بيد أكثر من شخص وفنان وصانع ورسام إلى أن وصلت إلينا، وهذه الحكايات هي كنوز سورية ثمينة بالنسبة لنا وتمثل جزءاً من ثقافتنا وهويتنا الأصيلة، والتي تؤكد أن الصانع السوري هو من صدر هذه الصناعة العريقة إلى دول أوروبا بحكم العلاقات التجارية، حيث نشاهد نماذج من الزجاج موجودة في إيطاليا ويعود الفضل فيها للإنسان السوري المبدع والخلاق”.
ومن الجدير ذكره أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونيسكو أدرجت عنصر نفخ الزجاج يدوياً على قائمة التراث الثقافي اللامادي الذي يحتاج إلى صون عاجل، خلال اجتماع الدورة الثامنة عشرة للجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي اللامادي، والتي أقيمت في الـ 5 من شهر كانون الأول 2023 في بوتسوانا.
وكانت فرق من وزارة الثقافة والأمانة السورية للتنمية بمشاركة الحرفيين حاملي عنصر نفخ الزجاج التقليدي عملت على رصد هذا العنصر الثقافي السوري ومعاينته، وتوصيف التحديات التي تواجهه، وتوثيقه لتجهيز الملف الخاص الذي تم تقديمه لمنظمة اليونيسكو التي عملت على تقييم، واعتماد خطة الصون الوطنية له، والتي تهدف لإعادة إحياء الحرفة وتطويرها كإحدى الصناعات الإبداعية السورية.
رشا محفوض


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>