الاحتيال بـ«الشماغ»!
كشف مقطع فيديو متداول عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن عمالة وافدة تعمل في سوق العقارات، رغم أنه لا تجوز ممارسة الوساطة العقارية ولا تقديم الخدمات العقارية إلا للسعودي، وبعد الحصول على ترخيص من الهيئة العامة للعقار.
وتكشف ممارسات العمالة المخالفة، حالات تستّر تخفيها مكاتب العقار، على الرغم من التشريعات الجديدة لضبط السوق ومنع العمالة الوافدة من العمل في النشاط، إذ أولت الجهات المختصة اهتماماً كبيراً للقضاء على التستر التجاري الذي يفقد كثيراً من المواطنين الراغبين بممارسة الأنشطة التجارية فرصهم، كما يعد مدخلاً للعمليات الاحتيالية في الوقت الذي أثبت الشباب والشابات السعوديون تفوقهم ونجاحهم في العمل بكل اقتدار.
وخلق تستر بعض مكاتب العقار حالة من الارتباك والفوضى، إذ تم ضبط عدد من المسوقين الوافدين المتخفين الذين عمدوا للهرب من المكاتب للعمل خارجها عبر الاتصالات وبالتواجد بجوار أي عقار يعرض للبيع أو للإيجار، إذ يعرضون خدماتهم بحثاً عن الربح.
اختراق المخادعين
كشف العقاري ناصر الزهراني، الحيل والأساليب التي يلجأ إليها مخالفو سوق العقار، إذ يتعمد البعض إلى تقمُّص شخصية المواطن بلبس الشماغ والثوب والتحدث باللهجة المحلية، وادعائه بأنه مواطن مرخص له بالعمل، ويلجأ آخرون إلى التواجد داخل مركبات أمام مكاتب العقار المتسترة عليهم، وما إن يدخل الزبون حتى يخرج إليه الوافد المخالف لعرض خدماته.
ويضيف الزهراني أن حيلهم تتنوع؛ فهناك من يعتمد على منصات التواصل لعرض خدماته، والبعض يستخدم الهاتف في عمليات العرض والطلب دون ظهور حتى لحظة الشراء ويخرج متقمصاً شخصية المواطن لإتمام الصفقة! ومن أساليبهم أيضاً رصد العقارات المعروضة للبيع، ويتولون دور الوسيط وجلب المشتري والحصول على قيمة الوساطة بشكل مخالف.
ونبه الزهراني إلى عمليات الاحتيال التي تم تسجيل عدد منها، مشيراً إلى أن عدداً منهم لا يحمل حتى إقامة نظامية.
يشار إلى أن الهيئة العامة للعقار، سعت لتوطين الأنشطة والمهن العقارية، وحددت عدداً من المهن المستهدفة، من بينها: وسيط عقاري، وسيط بيع وتأجير عقارات، سمسار أراضي وعقارات، كاتب تسجيل أراضي، مسّوق عقاري، مدير اتحاد ملاك (مدير عقار).
رسالة إلى مخالف
وجّه المتحدث باسم الهيئة العامة للعقار تيسير المفرج، رسالة لكل مواطن يتعامل في مجال العقار، وحثهم على التأكد مع من يتعاملون «اطلب منه رخصة.. أبناؤنا وبناتنا قادرون على العمل في مجال العقار باحترافية لخبراتهم ومهاراتهم، فوجود الرخصة يحفظ للمتعامل في سوق العقار حقوقه، وعند مشاهدة أي شخص يعمل دون رخصة وجب الإبلاغ عنه، فهذا الأمر يساعد على ضبط السوق وتنظيمها». ووجه المفرج، رسالة إلى المخالفين وقال: «إن عمل الوافد في هذه المهنة غير نظامي ويعرضه للعقوبة».
رصد الإعلانات المخالفة
أوضحتْ الهيئة العامة للعقار، أنّ العمل الميداني هو أحد المسارات التي تعمل عليها لتنظيم السوق العقارية، إذ قامت فرقها الرقابية خلال الفترة ذاتها بتنفيذ 16867 عملية رقابية ميدانية، نتج عنها رصد 9633 إعلاناً عقارياً مخالفاً بالأماكن العامة، كما تلقت الهيئة 907 بلاغات عقارية عبر قنواتها المختلفة تم التعامل معها ومعاجلتها، فيما بلغ عدد عمليات المسح الإلكتروني أكثر من 21322 عملية، إذ تنتهج الهيئة الرقابة الإلكترونية التي تستهدف القنوات الرقمية والمنصات العقارية للتحقق من نظامية الإعلانات وممارسات الوساطة العقارية الرقمية وفق الأنظمة واللوائح.
ودعتْ الهيئة العامة للعقار، الوسطاء ومقدمي الخدمات العقارية كافة، إلى الامتثال لقواعد الأنظمة العقارية، والاطلاع على المخالفات؛ تجنباً للعقوبات التي تشمل الإنذارات وإلغاء الترخيص أو تعليقه أو الغرامات المالية، وقد حددت اللائحة التنفيذية للنظام تصنيف المخالفات والعقوبات المقررة لها، كما دعت الهيئة المواطنين والمقيمين إلى تقديم بلاغاتهم في حال الاشتباه بالمخالفات العقارية أو الاحتيال العقاري عبر مسار الاستجابة للبلاغات من خلال منصة الهيئة الرسمية.
إنذار وغرامة وإغلاق
كشف المحامي رامي الشريف، أن المادة الرابعة من نظام الوساطة العقارية شددت على أنه لا تجوز ممارسة الوساطة العقارية ولا تقديم الخدمات العقارية إلا بعد الحصول على ترخيص من الهيئة. وتحدد اللائحة أحكامه، وشروطه، وإجراءاته، ومدته، وتجديده.
وأضاف الشريف: أنه على الوسيط العقاري تقديم خدمات عقارية مكملة، بعد الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، ووفقاً لما تحدده اللائحة من ضوابط. والمادة الـ18 قد نصت على أنه يُعد من مخالفات أحكام النظام ممارسة نشاط الوساطة العقارية والخدمات العقارية دون ترخيص، ومن المخالفات تقديم معلومات غير صحيحة للحصول على ترخيص لممارسة نشاط الوساطة العقارية والخدمات العقارية، وكذلك تقديم معلومات مضللة أو إخفاء معلومات جوهرية في شأن العقار محل الوساطة أو الخدمة العقارية.
وبين المحامي رامي الشريف، أن المادة الـ19 حددت العقوبات في النظام، إذ يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام النظام، بعقوبة أو أكثر منها الإنذار، وتعليق الترخيص لمدة لا تتجاوز سنة، وإلغاء الترخيص.كما حددت غرامة لا تتجاوز 200.000 ريال، وتجوز مضاعفة الغرامة المحكوم بها في حال تكرار المخالفة خلال ثلاث سنوات من ارتكابها.
آن الأوان لضبط السوق
أكد المختص في المجال العقاري تركي الأجفن، أن القطاع العقاري من القطاعات التي يمنع عمل غير السعوديين فيها؛ وبالتالي فإن عمل الوافد في القطاع العقاري مخالفة صريحة للنظام، مطالباً بالإبلاغ عن أي ممارسات مخالفة، مشيراً إلى أن استمرار عمل أولئك المخالفين يقف خلفه متسترون يجب أن يعوا أن ما يقومون به من أعمال تدعم استمرار هؤلاء.
وأوضح أن وجود الوافدين في السوق العقارية يحتاج إلى تطبيق النظام، ومساعدة الجهات المعنية في القيام بمسؤولياتها الرقابية بالكشف عن المخالفين من عمالة أو مكاتب عقارية، فالحقيقة أنهم يعملون باستقلالية تامة لحساباتهم الخاصة، فيما تتستر المكاتب عليهم وهو من الممارسات المجرمة.
16 ألف عملية رقابية
كشف المفرج حالة أحد المخالفين الذي تم أخيراً، ضبطه، مشيراً إلى أنه من جنسية غير سعودية واستخدم أسلوباً احتيالياً، إذ يقف على العقار ليوهم المتعامل أنه الوسيط أو الوكيل، وقد يقول إنه المالك، ويبدأ في تسويق العقار بطريقة مخالفة. ويضيف أن الرقابة العالية أسهمت في منع وجود المخالفين داخل المكاتب، وهناك فرق رقابة سرية من الجنسين لضبط المخالفين، والمأمول كشف المخالفات والإرشاد إليها، ونأمل من كل مواطن حصل على رخصة أن يؤدي حق هذه الرخصة ولا يعمل معه أي مخالف للأنظمة، فهذه جريمة بحق الوطن والاقتصاد، والتستر آفة الاقتصاد في كل الدول، والرخصة لا يحصل عليها إلا السعودي. وأكد المتحدث باسم الهيئة العامة للعقار تنفيذ أكثر من 16 ألف عملية رقابية ورصد نحو تسعة آلاف إعلان عقاري مخالف، خلال شهر أغسطس، كما تم تنفيذ 14 جولة رقابية مشتركة، شملت زيارة 180 منشأة عقارية في كل من منطقة الرياض والمنطقة الشرقية ومنطقة مكة المكرمة ومنطقة القصيم؛ بهدف ضمان الامتثال للتشريعات العقارية، خصوصاً نظام الوساطة العقارية، إضافة إلى ما يتعلق باختصاص الجهات الحكومية المشاركة فيما يتعلق بالتوطين وتراخيص المنشآت.