الجيش التركي يُصعّد عملياته شمالي العراق ضد مسلحي "الكردستاني"
شهدت المناطق الشمالية العراقية الحدودية مع تركيا، خلال الأيام القليلة الماضية، تصعيداً كبيراً من قبل الجيش التركي ضد مواقع وأهداف لمسلحي حزب العمال الكردستاني، ألحقت خسائر بشرية ومادية في الحزب الذي قرر العراق تصنيفه منظمةً محظورة في وقت سابق من هذا العام.
وتستهدف العمليات التركية منذ منتصف عام 2021 مقارَّ عناصر "الكردستاني" وتحركاتهم في عدة مناطق ضمن إقليم كردستان العراق، والتي يقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا. وأدت تلك العمليات خلال الفترة الماضية إلى قتل المئات من مسلحي "الكردستاني" وتدمير مقار ومخازن سلاح ضخمة تابعة للحزب، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية. ويسعى الجيش التركي إلى إجبار مسلحي الحزب على الابتعاد عن الحدود، لمنع تكرار شن اعتداءات داخل تركيا انطلاقاً من الحدود العراقية التي ينشط فيها الحزب.
ووفقاً لمصادر أمنية عراقية في دهوك وأربيل، شملت العمليات قصف أرتال سيارات تابعة للحزب ومخازن سلاح ومراكز إيواء لمسلحي الكردستاني، وأسفرت عن مقتل وجرح العديد من عناصره، فضلاً عن تدمير بنى تحتية تابعة له، وأكدت المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد" أن الطيران المسير استهدف مواقع في ضواحي السليمانية، أمس الأحد، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر الحزب بعد استهداف سيارة على طريق جبلي ومبنى سكني يتخذه عناصر الحزب مأوى لهم.
ونقلت وكالة "شفق نيوز" العراقية عن مصادر كردية، اليوم الاثنين، تأكيد وقوع قصف تركي على قرى تخضع لسيطرة حزب العمال الكردستاني في ضواحي دهوك. وأكدت الوكالة أن قرى برجي وبلافة وكوهرزي على سفح جبل متين، تعرضت لقصف كثيف منذ ليلة أمس وحتى ظهر اليوم الاثنين، استهدفت مواقع لمسلحي "الكردستاني".
وقال عضو تحالف "الإطار التنسيقي" علي الفتلاوي لـ"العربي الجديد" إن "الجيش التركي بدأ يصعد عملياته بشكل كبير من خلال قصف مناطق داخل العمق العراقي وهذا يهدد الأمن القومي العراقي، ولهذا لا بد من وجود تحرك حكومي رسمي لوقف هذا العدوان الذي أصبح يهدد الأمن والاستقرار".
وبين الفتلاوي أن "الإطار التنسيقي سيعقد اجتماعاً مهماً، مساء اليوم الاثنين، بحضور رئيس الوزراء وكذلك رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، لمناقشة التصعيد التركي بالإضافة إلى مراجعة الاتفاقيات الأمنية والعسكرية ما بين بغداد وأنقرة، وإيجاد حلول تمنع التمادي التركي على سيادة العراق" وفقاً لقوله.
واعتبر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه بافل الطالباني والقريب من حزب العمال الكردستاني، أن العمليات التركية "عدوانٌ" وطالب بغداد بالتدخل، وقال عضو الحزب محمود خوشناو لـ"العربي الجديد" إن "التصعيد التركي ربما يتصاعد بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة، في حال لم تتخذ الحكومة العراقية إجراءات وقرارات صارمة، ولهذا بغداد مطالبة بالإسراع بردع هذا العدوان وعدم المجاملة السياسية على حساب سيادة البلاد والاستقرار الأمني".
في المقابل قال الباحث في الشأن الأمني والسياسي أحمد الياسري لـ"العربي الجديد" إن "التصعيد التركي الحاصل، يهدف إلى القضاء بشكل كامل على العناصر والقيادات الميدانية لحزب العمال الكردستاني، ولهذا التصعيد جاء في هذه المرحلة، خصوصاً مع وجود شبه موافقة عراقية على هذا التصعيد"، وأضاف "ربما هناك اتفاقات غير معلنة ما بين بغداد وأنقرة، هي من دفعت الجيش التركي إلى التصعيد العسكري الجديد، خاصة أن الحكومة العراقية لم ترد بأي إجراء حقيقي وإنما اكتفت فقط بالبيانات الإعلامية".
وتواصل القوات التركية سلسلة من العمليات العسكرية الانتقائية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى والسليمانية في إقليم كردستان وتتركز خصوصاً في سنجار وقنديل وسيدكان وسوران والزاب وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في حزب العمال الكردستاني.