البرلمان العراقي يناقش اليوم قوانين مثيرة للجدل
يعقد البرلمان العراقي جلسة، اليوم الاثنين، تتضمّن قوانين مثيرة للجدل، على رأسها القراءة الثانية لقانون الأحوال الشخصية، إذ تسعى القوى الداعمة له لتمريره بسلة واحدة مقابل قانون العفو العام، الذي تدفع القوى العربية السنية باتجاه إقراره. ويكشف إدراج القانونين المُنتظرين في جلسة واحدة العودة إلى ما يسمّى بـ"السلة الواحدة" في تمرير القوانين، أي عدم تمرير القوى السياسية القانون الذي تريده القوى الأخرى إلا مقابل قانون لصالحها.
وقد لجأت قوى في "الإطار التنسيقي" إلى اعتماد هذه المساومة، بعدما فشلت بتمرير قانون الأحوال الشخصية المثير للجدل في جلسات ماضية، ما دفعها للسعي لإدراج القانون الثاني (العفو) الذي تريده القوى السنية، والثالث قانون إعادة العقارات الذي تسعى لتمريره القوى الكردية. وأخفق البرلمان العراقي بعقد جلسة في الثالث من سبتمبر/ أيلول الحالي لتمرير قانون "الأحوال الشخصية" الذي يضم فقرات وبنوداً اعتُبرت تفسيرات دينية لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافياً ودينياً ومذهبياً، كما يضمّ فقرات اعتُبرت أنها حد لحقوق الأم والزوجة أو حرمانها منها، وتحيز للرجال. وعقدت الكتل السياسية الداعمة للقانون اجتماعات عدّة، اتفقت خلالها على المضي بإقراره، متجاوزة الرفض الشعبي والمخاوف من تأثيراته الخطيرة، وسط مساومات للقوى الرافضة له.
وكشف النائب عن تحالف العزم رعد الدهلكي عن ضغوط سياسية لتمرير قانون الأحوال الشخصية، وقال في تصريح متلفز، مساء أمس الأحد، إن "رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي هدد بسحب قانون العفو من جلسة اليوم في حال عدم التصويت على الأحوال الشخصية"، مبيناً أن "جدول أعمال الجلسة تضمن قوانين للكرد (إعادة العقارات المصادرة)، والسنّة (العفو العام)، والشيعة (الأحوال الشخصية)، إلا أن التعديل الجديد لقانون العفو أقسى على المعتقلين من القانون السابق". وأضاف: "لن نصوت على قانون الأحوال الشخصية لأنه يعطي صلاحيتنا للأوقاف، ولن نقبل بقانون العفو أن يكون مهراً للقاصرات"، مشدداً على أنه "يجب الحصول على أدلة كافية لانتماء المحكومين للتنظيمات الإرهابية ولا نعتمد على الاعتراف فقط".
وأشار إلى "وجود موافقة من قبل الإطار التنسيقي على قانون العفو العام"، فيما حذر من "خطورة تمرير قانون إعادة العقارات المصادرة"، مؤكداً أن "القانون لا يشمل كركوك فقط، وأنه سيؤدي لفوضى وخلافات على العقارات في جميع أنحاء العراق". وعلى الرغم من أن قانون العفو العام تم الاتفاق على تمريره ضمن الاتفاقات السياسية لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني، إلا أن قوى "الإطار" بقيت تماطل طوال الفترة الماضية وعطّلت تمريره، وتأييدها اليوم للقانون يأتي مشروطاً بالتصويت لقانون الأحوال الشخصية.
ويستمر الخلاف بشأن المادة الرابعة من مشروع تعديل قانون "العفو العام"، المتعلقة بتعريف الانتماء للتنظيمات الإرهابية، واتسعت دائرة المطالبات باستثناء بعض الجرائم من هذا القانون، وقال النائب كاظم عطية إن "إعادة تعريف الانتماء ضمن تعديل قانون العفو العام مهمة جداً، ولكن يجب أيضاً أن يتم استثناء جرائم لا يمكن العفو عنها، مثل الاختلاس، والرشوة، وزنا المحارم، والمساس بأمن الدولة، والمخدرات"، ودعا، في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية اليوم الاثنين، إلى أن "يشمل العفو فقط الجرائم البسيطة"، مؤكداً أن "هناك حاجة لتشريع قانون العفو العام، وذلك لوجود فئات تستحقه بشكل فعلي".
شكوك بشأن تأييد كردي لقانون الأحوال الشخصية
إلى ذلك، نفت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني فيان صبري تأييد رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني لمقترح قانون الأحوال الشخصية المطروح في مجلس النواب العراقي، وقالت في تصريح متلفز: "نحن في الإقليم دائماً مع كل الحقوق والحريات التي كفلها الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن، ونؤمن بضمان حقوق المرأة والطفل"، مبينة أن "هناك عدداً من أعضاء مجلس النواب أشاروا إلى كلام رئيس الإقليم بأنه مع تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي، وهذا استنتاج خاطئ وغير صحيح".
وأكدت أن "المعضلة الرئيسية هي أن المقترح لتعديل قانون الأحوال الشخصية بدلاً من تعزيز الحريات والحقوق التي ضمنها الدستور وتواكب تطور المجتمع ودور المرأة فيه، يُعدّ تراجعاً كبيراً وإجحافاً وتهميشاً للحريات وحقوق الإنسان والمرأة والطفل"، مشددة على أن "أي تعديل لقانون الأحوال الشخصية عليه ألا يكون ضد مواد الدستور العراقي والتي تؤكد حقوق المرأة والطفل وحقوق الإنسان".
ولم تهدأ ساحة الرفض الحقوقي والإنساني في العراق منذ أيام، إثر نية البرلمان العراقي إقرار مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المعمول به منذ عام 1959، وهو قانون مدني متكامل، يلقى رفضاً واسعاً. وتتضمن التعديلات الجديدة للقانون إدخال الوقفين السني والشيعي في قضايا الخلع والتفريق، ما يعتبره رافضو القانون ترسيخاً للطائفية في إدارة الدولة والقضاء، وابتعاداً عن الدستور الذي ينص على مدنية الدولة العراقية، كما تتجاهل التعديلات حالات رفض الزوجين عقد الزواج وفقاً للمدارس الفقهية السنية أو الشيعية، وهي ظاهرة متزايدة في المجتمع العراقي الذي يشهد زيجات مختلطة بين ديانات ومذاهب، بينما يمنح القانون المعمول به منذ عام 1959 القضاء المدني حق عقد القران والتفريق وفقاً للقانون وليس بحسب الطوائف أو الأديان.