المصارف العراقية المتعاملة مع أميركا تجذب الودائع
أظهر تقرير مالي عراقي غير رسمي، تراجعاً واضحاً في نسبة استحواذ 12 مصرفاً محلياً على ودائع القطاع الخاص في البلاد، مقارنة بالسنوات الأخيرة، مؤكدا أن المصارف التي تمتلك تعاملات مع أخرى أميركية استحوذت على النسبة الأكبر من ودائع القطاع الخاص في العراق.
ويسعى المصرف المركزي العراقي منذ عدة أشهر إلى توسيع نطاق التعاملات المالية الإلكترونية في البلاد، من خلال المصارف الخاصة والحكومية، مع منح امتيازات جديدة للمودعين في إطار برنامج إصلاح واسع يستهدف في جانب منه معالجة المخاوف الأميركية من تسرب الدولار إلى الجهات المُعاقبة أميركياً متمثلة بإيران والنظام السوري وحزب الله اللبناني.
وقال تقرير لمؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والاستشارات الاقتصادية (غير حكومية)، إن ثلاثة مصارف محلية تمتلك، تعاملات مراسلة مع أخرى أميركية استحوذت في النصف الأول من العام 2024 على ما يقارب نصف ودائع القطاع المصرفي العراقي الخاص.
وأضاف التقرير الذي صدر يوم الخميس الماضي، أن المصارف الثلاثة استحوذت على 47% من مجموع ودائع القطاع الخاص في البنوك والمصارف العراقية الخاصة، بعد أن كانت نسبة استحواذها على الودائع في العام 2019 تشكل 34% فقط.
ووفقا للتقرير فإن "المصارف العراقية التي لا تملك مصارف أميركية مراسلة، بلغت نسبة استحواذها على ودائع القطاع الخاص في منتصف العالم الحالي 36%، بعد أن كانت نسبة استحواذها على الودائع في 2019 تبلغ 42%.
وتوقعت المؤسسة في تقريرها، أن ترتفع ودائع المصارف الثلاثة والتي أغلب أسهمها مملوكة لمؤسسات أجنبية، وأن تصل في نهاية العام 2024 إلى نسبة استحواذ تتجاوز 50% من ودائع الجمهور.
وفي وقت سابق، أعلن المصرف المركزي العراقي اعتماد المصارف المجازة في العراق على بنوك مُراسلة في عمليات التحويل الخارجي.
يرى مختصون أن تراجع الودائع له تأثير مباشر على طبيعة النظام النقدي والمالي التداولي، فضلاً عن فقدان ثقة الزبائن بالمصارف الخاصة التي لا تمتلك تعاملات دولية متمثلة بالمشاركة مع البنوك المراسلة.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قال الخبير المصرفي، عبد الرحمن الشيخلي، إن حالة فقدان الثقة بين المؤسسات المصرفية وعملائها وتراجع ودائع القطاع الخاص لديها، لها أسباب عديدة، منها مخاطر الفساد.
واعتبر الشيخلي، أن استحواذ المصارف الثلاثة على غالبية قيمة الودائع، يعود إلى أنها تمتلك وسيطاً أميركياً وآمنة وموثوقة للمودعين على عكس المصارف الأخرى.
وأضاف أن "مخاطر السمعة تعتبر من أهم معايير تقييم المصارف"، متسائلاً، "كيف بنا إذا كانت المخاطر متأتية من الفساد الذي يغيب الثقة المتبادلة بين المودع والمصرف؟".
وأشار، إلى أن الفساد يؤثر بشكل كبير في حجم الكتلة النقدية المودعة لدى المصارف، لأن هناك مصارف لا تستطيع تأمين السيولة اللازمة لعملائها عند الحاجة بنفس الحجم والزمن المطلوب.
في السياق، علق عضو اتحاد الغرف التجارية في بغداد، أحمد الفهد، على إجراءات المصارف العراقية وتعاملاتها مع التجار، والتي دفعت إلى تراجع إيداعات القطاع الخاص لديها.
وقال الفهد، لـ"العربي الجديد"، إن التجار والعاملين في القطاع الخاص العراقي يعانون من إجراءات التحويلات المالية عبر المنصة الإلكترونية بالنسبة للتجار المسجلين رسمياً تمر عبر إجراءات معقدة ومُذلة في بعض الأحيان.
وأكد أن إجراءات المصارف لإكمال متطلبات التحويل المالي طويلة جداً وتستغرق في بعض الأحيان 10 أيام، مبيناً أن أغلب التحويلات المالية شهدت عمليات رفض وأخرى تعرضت للحظر من قبل شركات التدقيق المالي دون معرفة أسباب الرفض أو الحظر.
وأشار الفهد، إلى أن أغلب التجار والعاملين في القطاعات الخاصة اتجهوا للتعاملات النقدية والإيداعات المباشرة وفتح اعتمادات وحسابات مصرفية مع المصارف الدولية لتسهيل إجراءات تحويلاتهم المالية لأغراض الاستيراد.
وبين أن غالبية التجار العراقيين يعملون وفقاً لقانون وتعليمات المصرف المركزي العراقي، ولا يتعاملون مع البلدان المحظورة من قبل الخزانة الأميركية، مطالباً بضرورة تحسين التعامل المصرفي مع التجار وتسهيل إجراءات الإيداعات المالية لأغراض التحويل المالي.