أوضحت وزارة الدفاع العراقية تفاصيل بشأن حصول قوات البيشمركة في إقليم كردستان على مدافع هاوتزر عيار (105) من وزارة الدفاع الأميركية، وذلك بعد أن شهد هذا الملف في الأيام الأخيرة سيما في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي جدلا عقب تعليقات أدلى بها محمد الحلبوسي، رئيس حزب تقدم ورئيس مجلس النواب العراقي السابق، الذي أعرب عن رفضه تسليح ما سماها بقوات محلية بـ"مدفعية ثقيلة"، ومحذراً من سوء استخدامها مستقبلاً.
وردت الوزارة في بيان أصدرته، الخميس، على التعليقات التي انتقدت توقيت تسليح البيشمركة، مشيرة إلى أن التعاقد على شراء المدافع تم في زمن وزير الدفاع الأسبق عرفان الحيالي، وتم التعديل عليه في زمن وزير الدفاع جمعة عناد. وأشارت إلى أن دفع مبالغ المدافع تم قبل تشكيل الحكومة الحالية، وأن المدافع وصلت إلى ميناء أم قصر بتاريخ 20 أكتوبر 2023، وأن تسليم المدافع إلى وزارة البيشمركة لم يتم رغم مرور سنة على وصولها ميناء أم قصر.
وأضافت وزارة الدفاع العراقية أيضا أن تسليم المدافع تم بناءً على مذكرة رئيس أركان الجيش للقائد العام للقوات المسلحة وبعد اتخاذ التدابير اللازمة، موضحة أن البيشمركة هي قوة وطنية لا يشك في ولائها للعراق، وأن موضوع المدافع المذكورة سابقاً تم قبل أكثر من سبع سنوات ولم يتم تسليمها إلا بعد اتخاذ التدابير الخاصة بهذا الموضوع.
ودعت الوزارة وسائل الإعلام إلى عدم الانجرار إلى ما وصفته ب"خلف الأكاذيب والتلفيقات" التي تصدر من غير ذوي الاختصاص في ما يتعلق بالمواضيع الخاصة بالوزارة، حسب البيان.
وتسلمت قوات البيشمركة الكردية في السادس من شهر أغسطس الماضي مدافع من نوع "هاوتزر"، من قبل وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون، ليعرب الحلبوسي عن رفضه لهذه الخطوة، وكتب في تدوينة نشرها على منصة إكس، السبت، أنه يرفض "رفضاً قاطعاً" تسليح قوات محلية واجبها الدستوري يقتصر على حفظ أمن داخلي ضمن حدود مسؤوليتها بمدفعية ثقيلة متطورة.
وأضاف أن "هذا الإجراء المرفوض قد يكون سبباً في ضرب الأمن المجتمعي إذا ما تمت الإساءة باستخدام تلك الأسلحة في نزاعات عرقية أو حزبية مستقبلاً". وأنهى الحلبوسي تدوينته بالقول إن هذا النوع من الأسلحة يجب أن يكون حكراً بيد الجيش العراقي فقط، بحسب تعبيره.
موقف الحلبوسي هذا واجهته ردود فعل من قبل الجانب الكردي وحتى بعض الأحزاب السياسية سيما السنية، إذ عبر رئيس تحالف العزم، مثنى السامرائي، عن دعمه لتسليح قوات البيشمركة، مشيرا إلى أنها قوات تمتثل للقانون والدستور العراقي.
وقال السامرائي، خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان العراقي، الثلاثاء، إن "إقليم كردستان جزء أساسي من العراق، وإن البيشمركة هي قوات عراقية وتتبع القوانين والدستور العراقي" بحسب تعبيره.
زعيم حزب "السيادة" خميس الخنجر، قال بدوره، الخميس، إنه لا ينبغي أن تكون الحسابات السياسية الضيقة والمنافع الحزبية؛ أعلى مما وصفها بـ"القيم الأخلاقية والمواقف الشريفة"، مستذكراً موقف إقليم كردستان، عام 2014، والذي قال إنه استقبل الملايين من العرب السنة الذين نزحوا بفعل الإرهاب والعمليات العسكرية خلال مواجهات مع "داعش"، بحسب تعبيره.
وسائل الاعلام الكردية ومنها قناة "كردستان 24" نقلت تصريحات لعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، علي حسين، في مؤتمر صحفي عقده، الخميس، حين قال إن تصريحات الحلبوسي هي "قضية سياسية بالنسبة له، لأن هناك عددا من المشاكل السياسية بينه وبين الشيعة، ليس فقط الحلبوسي ولكن أيضا العديد من الأطراف الأخرى في العراق، الذين يريدون تحويل قضية كردستان إلى ورقة لتحقيق مكاسب سياسية، بحسب القناة.
خالدة خليل، المتحدثة باسم مقر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، أوضحت بدورها أن البيشمركة قوات رسمية وليست طائفية لكي يتم رفض تسليحها، وأن البيشمركة لم تدعُ يوماً إلى حرب بل هي قوات نظامية دستورية تدافع عن حقوق شعبها وعن حقوق المكونات جميعاً بلا تمييز.
وأضافت خالدة في تدوينة على منصة إكس نشرتها، الأحد، أن هذه القوات قاتلت دفاعاً عن حقوق الشعب الكردي طيلة عقودٍ طويلةٍ مضت، وأنه "لا استقرار في منطقة الشرق الأوسط دون منح الأكراد حقوقهم"، بحسب تعبيرها.
ولم يعلق الحلبوسي لحين نشر هذا التقرير على بيان وزارة الدفاع العراقية أو الانتقادات التي أتت ردا على منشوره.
وذكر الحلبوسي عبر إكس، الخميس، عقده اجتماعا مع السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوسكي، وذكر أن "اللقاء بحث الأوضاع السياسية في العراق، وتطورات الأوضاع الإقليمية، وعدداً من المواضيع ذات الاهتمام المشترك"، دون التطرق لأي تفاصيل أخرى.
وزارة البيشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان ذكرت أن هذه المدفعية سترفع قدراتها العسكرية إلى مستوى أعلى في التكنولوجيا العسكرية، مؤكدة أهمية استمرار الدعم من الحلفاء، بالأخص الولايات المتحدة.
وأعربت الوزارة، نقلا عن قناة كردستان 24، عن شكرها لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لتسهيل تسليم هذه الأسلحة إلى قوات البيشمركة، مشيرة إلى أن هذا التعاون يؤكد الاعتراف الدستوري بقوات البيشمركة كجزء من المنظومة الدفاعية العراقية.
ودعت وزارة البيشمركة الحكومة العراقية إلى تقديم المساعدة العسكرية والمالية واللوجستية لقوات البيشمركة، على غرار نظيراتها في القوات الاتحادية، والاعتراف بها كجزء من نظام الدفاع والأمن العراقي.
وتم تسليم هذه المدافع بحضور مسؤولي وزارة البيشمركة والمستشار العسكري للتحالف الدولي والقنصل الأميركي لدى أربيل.