من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة الأسبوع المقبل عن اتفاق طال انتظاره مع العراق بشأن تقليص الوجود العسكري الأميركي في البلاد، وفقًا لما ذكره مسؤولان في الإدارة الأميركية يوم الجمعة لمجلة بوليتيكو.
وذكرت المجلة في تقريرها، أن المفاوضات حول الخطة، التي قال المسؤولون العراقيون علنا إنها ستؤدي إلى مغادرة 2500 جندي أميركي من العراق بحلول نهاية عام 2026، بلغت مراحلها النهائية، وفقا للمسؤولين الأميركيين الذين أقروا بأن القتال ضد بقايا داعش في العراق وسوريا لم ينته بعد.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" للصحفيين، الجمعة، إنه تمت هزيمة داعش بشكل كبير إقليميا، وأن الوزارة تود ضمان الهزيمة الدائمة للتنظيم، لكن التهديد لا يزال قائما، بحسب تعبيره.
يأتي الإعلان عن الخطة الأميركية في خضم توترات متزايدة في المنطقة بالأخص مع تصاعد حدة الهجمات بين إسرائيل وحزب الله وسط مخاوف من حرب أوسع. ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية في غزة العام الماضي، تعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا لهجمات من وكلاء إيران في المنطقة.
وذكرت بوليتيكو أنه من المتوقع أن يتم الإعلان عن خطة تقليص عديد القوات الأميركية بعد اجتماع المسؤولين الأميركيين والعراقيين مرة أخرى خلال انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل، كجزء من جهود فريق الرئيس الأميركي، جو بايدن، لتسوية الالتزامات الأميركية طويلة الأمد في الخارج قبل مغادرته البيت الأبيض، في يناير المقبل.
لكن التغيير في وضع القوات الأميركية بالعراق أثار بعض القلق في الكونغرس الأميركي. ففي بيان صدر، الخميس، أعرب رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، النائب الجمهوري مايك روجرز من ولاية ألاباما، "عن إحباطه مما سمعه من البنتاغون بشأن الصفقة".
روجرز كتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن الانسحاب من العراق بهذه الطريقة سيفيد ويشجع إيران وداعش. وعبر عن قلقه بشدة بشأن التأثيرات التي قد تترتب لهذا القرار على أمن الولايات المتحدة القومي، بحسب تعبيره.
وشنت القوات الخاصة الأميركية والعراقية عدة غارات على قيادات داعش في الأشهر الأخيرة نتيجة لزيادة هجمات التنظيم على القوات الأميركية والعراقية. وقال المسؤول في البنتاغون إن تلك الغارات ستستمر مع تغير التواجد الأميركي في العراق، بغية إضعاف داعش بشكل أكبر، ومنع عناصره من تنفيذ عمليات خارجية، وتعطيل قيادته وسيطرتهم، على حد تعبيره.
وقال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إنه "لم يعد هناك حاجة لوجود القوات الأميركية في العراق، بعدما نجحت في هزيمة تنظيم داعش"، لافتا إلى أن بلاده لديها "القدرة" على التعامل مع العناصر المتبقية من التنظيم الإرهابي.
وأضاف السوداني خلال مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ"، نشرت الثلاثاء، إن مبرر تواجد القوات الأميركية في العراق "لم يعد موجودا"، موضحا: "لا حاجة لوجود قوات التحالف الدولي. انتقلنا من مرحلة الحروب إلى الاستقرار. تنظيم داعش لم يعد يمثل تحديا".
تصريح السوداني دعمه لاحقا وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، في مقابلة مع قناة العربية، معلنا أن واشنطن وبغداد قد توصلتا بالفعل إلى اتفاق لتطوير عملية العزم الصلب، التحالف الدولي الذي تشكل في عام 2014 لمحاربة داعش، إلى "شراكة أمنية مستدامة" من خلال تقليص الوجود العسكري الأميركي في العراق من 2500 إلى عنصر استشاري أصغر حتى عام 2026.
تضيف المجلة الأميركية في تقريرها، أنه رغم أن داعش لم يعد يمثل التهديد الذي كان عليه من قبل، لكن الهجمات قد زادت بشكل ملحوظ هذا العام، إذ نفذت القوات الخاصة الأميركية عدة ضربات مشتركة مع القوات العراقية، وأسفرت إحدى تلك الغارات المشتركة عن مقتل 14 عنصرا تابعين للتنظيم، وفقا لما أكده الجيش الأميركي.
تنفيذ هذه العمليات يأتي تزامنا مع ادعاءات داعش بأن الهجمات التي نفذها في سوريا والعراق في طريقها للتضاعف هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ويشير التنظيم الى أنه نفذ 153 هجوما في العراق وسوريا في الأشهر الستة الأولى من عام 2024، مقارنة بـ 121 هجوما في العام الماضي، بحسب تقرير المجلة.
وبينما كان التحالف الدولي ضد داعش يضم حوالي 80 دولة عندما كان التنظيم الإرهابي يسيطر على معظم غرب العراق وشرق سوريا، ركزت المحادثات الأخيرة على "الانتقال من المهمة العسكرية للتحالف إلى شراكة أمنية ثنائية دائمة" وفقا لما قاله المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لبوليتيكو.
هذا الانتقال كان محور المحادثات بين بايدن ورئيس الوزراء العراقي عند زيارته لواشنطن، في أبريل الماضي، وأضاف المسؤول للمجلة أن الأميركيين كانوا يعملون مع العراقيين، وجميع شركائهم في التحالف، لتحديد متى وكيف، وما الذي قد يبدو عليه ذلك، بحسب المجلة.
يذكر أن بغداد أعلنت، في أواخر عام 2017، "الانتصار" على التنظيم المتطرف الذي سيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا قبل ذلك بثلاثة أعوام. إلا أن بعض خلاياه لا تزال تنشط في مناطق عدة وتشنّ هجمات تستهدف القوات الأمنية خصوصا في مناطق نائية خارج المدن.
وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف في العراق، من دون الإعلان عن موعد رسمي لإنهاء مهمتها.
ومنتصف أغسطس الماضي، أعلن العراق إرجاء إعلان إنهاء مهمة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، معللا ذلك بـ"التطورات الأخيرة" في ظل وضع إقليمي متوتر والخشية من التصعيد.
وتنشر الولايات المتحدة حوالي 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. ويضم التحالف كذلك قوات من دول أخرى لا سيّما فرنسا والمملكة المتحدة.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة بشأن تنظيم داعش، في يوليو، بأن عدد عناصره في العراق وسوريا يتراوح "بين 1500 و3000" عنصر.