انطلاق حملة انتخابات برلمان كردستان العراق وسط توقعات بمشاركة ضعيفة
انطلقت، أمس الأربعاء، الحملة الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقرر إجراؤها في 20 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في ظل توقعات من مراقبين بضعف المشاركة فيها، من جرّاء السخط والتذمر الشعبي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، فضلاً عن الأزمات السياسية التي تعصف بين المدينتين الرئيسيتين في الإقليم، أربيل والسليمانية.
ومن المقرر أن تستمر الحملة الدعائية حتى الـ15 من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، أي قبل 48 ساعة من إجراء التصويت الخاص لقوى الأمن والشرطة والسجون التي ستجرى في الـ18 من الشهر نفسه. وخلال الأيام الماضية، استعدت الأحزاب المشاركة في الانتخابات لطبع صور ولافتات مرشحيها والاتفاق على أماكن توزيعها في الشوارع والميادين العامة على الأبنية.
في السياق، قال رئيس مجلس المفوضين القاضي عمر أحمد محمد، إن "1190 شخصا رشحوا أنفسهم لانتخابات كردستان، ضمن 136 قائمة انتخابية"، مشيراً في تصريح صحافي، إلى "تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لجنة لمراقبة الحملة الانتخابية، ومتابعة الخروقات والمخالفات التي قد ترافقها".
من جهته، دعا رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، بمناسبة بدء الحملة الانتخابية، إلى إجراء حملة انتخابية "هادئة وحضارية"، وحث الأحزاب المتنافسة على "تقديم برامج انتخابية تكون محل ثقة المواطنين في إقليم كردستان"، مبينا أنه "ينبغي أن تكون الحملة الانتخابية خالية من التوترات بين الجهات السياسية، وألا تؤدي إلى تقسيم المجتمع، وتعكس ثقافة وتراث التنوع في المجتمع ومكوناته".
ورغم التوقعات بضعف المشاركة الشعبية، إلا أن المنافسة الشديدة تبدو واضحة ضمن استعدادات جرت بصورة مبكرة وغير مسبوقة، لا سيما مع اشتداد الخلافات والخصومة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني للظفر بمنصب رئيس الإقليم أو رئيس الحكومة.
وكانت آخر انتخابات أجريت في إقليم كردستان عام 2018 قد تمخضت عن فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بأغلبية مريحة، بواقع 45 مقعداً من أصل 111 مقعداً كانت مجموع مقاعد برلمان الإقليم، بينما حصل غريمه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني على 21 مقعداً. وتوزعت المقاعد المتبقية على حركة التغيير التي حصلت على 12 مقعداً، وثمانية مقاعد لحركة الجيل الجديد، وسبعة مقاعد للجماعة الإسلامية، بينما حصل الحزب الشيوعي الكردستاني وكتل أخرى على ما بين مقعد وخمسة مقاعد.
ويبلغ عدد مقاعد برلمان الإقليم 100 مقعد، ضمنها المقاعد الخاصة بالأقليات "كوتا" بواقع ثلاثة للمسيحيين واثنين للتركمان. وكانت المحكمة الاتحادية ألغت في نهاية مارس/ آذار الماضي، مقاعد "كوتا" الأقليات البالغة عشرة مقاعد، لكن المحكمة تراجعت عن قرارها. وبحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، فإن عدد الناخبين الكلي في الإقليم يبلغ 3.8 ملايين ناخب، موزعين على أربع دوائر انتخابية هي أربيل، السليمانية، دهوك، حلبجة، في 1431 مركزاً للاقتراع، فيما يبلغ عدد محطات الاقتراع 7067 محطة.
بدوره، رأى المحلل السياسي الكردي ميران سعيد، أن "المنافسة الانتخابية داخل الإقليم شديدة جداً، مع توتر الحزبين الكبيرين في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني)، لكن بالرغم من هذه المنافسة، فإن المشاركة الشعبية في الانتخابات لا يبدو أنها ستكون واسعة بسبب السخط الشعبي والنقمة على الحزبين". وأضاف سعيد، لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب تتنافس للحصول على المناصب، فيما شعب الإقليم يخرج في تظاهرات بشكل مستمر للمطالبة بالرواتب الشهرية، كما أن اتهامات كثيرة تُتهم بها الأحزاب بشأن الاستيلاء على المال العام، بالتالي فإن السيناريو الذي يحدث في المدن العراقية ضمن الحكومة الاتحادية ببغداد، قد يتكرر في الإقليم".
ونصّ قانون الانتخابات في إقليم كردستان على تسمية رئيس الإقليم الجديد، وتشكيل الحكومة من قبل الكتلة التي تحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، خلال الانتخابات التي تشرف عليها مفوضية الانتخابات العراقية الاتحادية في بغداد، وتراقبها بعثة الأمم المتحدة، دون وجود التعقيدات التي تشهدها بغداد في كل انتخابات. وظهر واضحاً دخول غير الأكراد في هذه الانتخابات، وهم المسيحيون، وغالبيتهم من البروتستانت، إلى جانب الأرمن، والآشوريين.
كما حلّ التركمان طرفاً رئيسياً من سكان الإقليم التاريخيين في قوائم انتخابية ومنفردين، إذ حصلوا في الدورة الانتخابية السابقة (في عام 2018) على خمسة مقاعد. وبلغ عدد العراقيين من القومية التركمانية في محافظات إقليم كردستان، نحو 350 ألف شخص. وإلى جانب ذلك، فإن هناك أقليات أخرى في الإقليم لم تحصل على نظام تمثيل برلماني لها، إلا أن جمهورها أو ناخبيها صوتوا دائماً للحزب الديمقراطي الكردستاني، وهم الأيزيديون، والبهائيون، والكاكائية، والصابئة.