الخطاب العالمي ضد الإبادة: القادة يتحدون إسرائيل في الأمم المتحدة

ترك برس

الخطاب العالمي ضد الإبادة: القادة يتحدون إسرائيل في الأمم المتحدة

  • منذ 1 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
ترك برس
تناول تقرير للسياسي التركي البارز ياسين أقطاي، جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين بدعم صريح من الولايات المتحدة وأوروبا، مشيرا إلى الدور السلبي للأمم المتحدة وعجزها في مواجهة هذه الجرائم.
أقطاي، وهو برلماني سابق، قال في تقريره بصحيفة يني شفق إن الإبادة الجماعية الوحشية التي ترتكبها إسرائيل، بدعم غير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية، على وشك إتمام عامها الأول.
وأوضح أنه خلال هذا العام اعتمدت إسرائيل على الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة وأوروبا، وعلى صمت حلفائها في المنطقة، لتواصل مجازرها. وقد دفع هذا إسرائيل إلى الاعتقاد بأن هذا الدعم والصمت سيستمران إلى الأبد.
ولكن في الواقع، لا شيء في العالم يدوم للأبد، فحتى لو كان الدعم الأمريكي يبدو غير محدود، فإنه مرهون بقوة الولايات المتحدة التي هي بدورها ليست بلا حدود. وفقا لأقطاي.
وتابع التقرير:
خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام، كانت خطابات القادة مؤشرًا على أن إسرائيل، بل والولايات المتحدة أيضاً، قد وصلتا إلى نقطة النهاية، مع أن الأمم المتحدة نفسها تعاني بشكل عام من شلل وعدم كفاءة في حل المشكلات، بل وحتى أنها عاجزة عن أداء وظيفتها. هذا الشلل والعجز المزعج للأمم المتحدة هو ما يدفع الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تكرار عبارة "العالم أكبر من خمسة" في كل جلسة للجمعية العامة أو في أي اجتماع دولي.
وهذا العجز في الواقع يعود إلى حقيقة أن خمس دول تمتلك حق النقض (الفيتو) داخل الأمم المتحدة، وهذه الدول الخمس غالبًا ما تكون في صراع مستمر حول مصالحها الخاصة. وهذا الوضع يجعل من المستحيل اتخاذ أي قرار لصالح طرف على حساب آخر، أو حتى تنفيذ أي قرار يتم اتخاذه. ومع ذلك، فقد استخدمت الولايات المتحدة في الماضي مبادئ الأمم المتحدة ذريعة للتدخل في دول مثل العراق وأفغانستان، إما بقيادة الناتو أو بمفردها، بحجة استعادة النظام وفرض القانون الذي تم انتهاكه. ولكن الحقيقة ما قامت به الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان لم يكن سوى تحريف لقوانين الأمم المتحدة لتناسب مصالحها الخاصة واتخذت قراراتها بشكل أحادي. فالطرف الأقوى دائمًا ما يتمكن من تفسير القوانين لصالحه كما يحلو له. وبالتالي، فإن القانون الدولي الذي تمثله أو تدعيه الأمم المتحدة يذكّرنا في كل مرة بالحاجة إلى أن نكون أقوياء، فالقوة هي من يحكم الواقع.
ومع ذلك، لوحظ اتجاه جديد في خطابات القادة خلال الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو اتجاه لم يسبق له مثيل في السنوات السابقة. فقد طغت الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل والقوى الداعمة لها بلا شروط على أجندة هذه الدورة. والجدير بالذكر أن هذه الانتقادات لإسرائيل تتقاطع مع الانتقادات الموجهة للنظام العالمي القائم، ولعجز آلية عمل نظام الأمم المتحدة.
لقد سمعنا هذا العام من العديد من قادة العالم انتقادات لاذعة لإسرائيل، وهذه الانتقادات لم نعتد سماعها في السنوات الماضية إلا من الرئيس أردوغان. جميعهم نددوا بإسرائيل بأشد العبارات وأعربوا عن دعمهم لفلسطين. وقد صرح الكثير منهم بهذه المواقف في الأمم المتحدة لأول مرة، على الرغم من أن بعضهم كان قد أعلنها سابقاً. وبذلك تحول منبر الأمم المتحدة إلى ساحة انتفاضة ضد إسرائيل وداعميها. فعلى سبيل المثال، وصف رئيس الوزراء الإسباني سانشيز ما يحدث بأنه "احتلال يجب وقفه فوراً"، فيما أدلى رئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دي كرو، ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس تشيلي غابرييل بوريك، وحتى رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والملك عبد الله الثاني ملك الأردن، وغيرهم العديد من رؤساء الدول، بخطابات على منصة الأمم المتحدة، انتقدوا فيها إسرائيل بشدة. ورغم اختلاف درجات الانتقاد، إلا أن جميعهم أدانوا الممارسات الإسرائيلية واعتبروا أن أقل ما يمكن أن توصف به أنها"مجزرة"، مطالبين بوقفها على الفور.
في الواقع، افتتح الرئيس رجب طيب أردوغان هذا المشهد كما كان يفعل في الاجتماعات السابقة بمفرده. وفي خطاباته السابقة، كان يتطرق إلى قضية فلسطين والعدوان الإسرائيلي أثناء حديثه، أما هذه المرة فقد بدأ خطابه مباشرة بالحديث عن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة والمعاناة الإنسانية التي يعيشها أهل غزة بسبب ذلك.
وقد خصص أردوغان 22 دقيقة من خطابه الذي استمر 37 دقيقة لهذه القضية، ولم يكتفِ بمقارنة نتنياهو بهتلر، بل دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ نفس الإجراءات التي اتخذها ضد هتلر في الماضي، وإلى وقفه باستخدام القوة. ودعا أردوغان أيضاً الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين إلى الاعتراف بها لكي تكون في الجانب الصحيح من التاريخ، كما أشاد بحركة حماس واصفا رجالها بأنهم أبطال يدافعون عن وطنهم. ولا شك أن خطاب أردوغان هذا يعد بمثابة بيان واضح ضد نظام الأمم المتحدة الذي يقبل باستثناء إسرائيل، وسيُخُلد في التاريخ كأحد أبرز المواقف. والحقيقة أن خطابات أردوغان السابقة، التي بدا فيها وحيداً، لم تكن لم تذهب سدى، فقد تجلى ذلك في تكرار العديد من المتحدثين في هذا الاجتماع لكلامه.
وبهذا، يعكس أردوغان استمرارية في سياسته، حيث تميز خلال سنوات حكمه داخل البلاد بدور المعارضة أمام السلطات العميقة والثابتة التي تفوق القانون، ويظهر الآن نفس الموقف الأخلاقي في مواجهته للنظام الدولي.
ويمكن القول إن خطاب أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي ألقاه من على منبر الأمم المتحدة، كان لافتًا أيضًا في مشاركته القوية لهذا الموقف الأخلاقي. فقد خصص نحو 13 دقيقة من حديثه الذي استمر 17 دقيقة للحديث عن غزة، منتقدًا إسرائيل والقوى التي تدعمها، وكذلك النظام العالمي الذي بقي صامتًا وغير فعال أمام هذه الجرائم. إن خطاب أمير قطر وخطاب أردوغان يُعتبران خطابين قويين يكملان بعضهما البعض ويدعمان موقفًا مشتركًا، وقد أظهر هذان الخطابان إلى جانب خطابات جميع القادة الآخرين، أنه لم يعد هناك مكان لإسرائيل في النظام العالمي الحالي.
لا يمكن بعد الآن اعتبار إسرائيل، التي ارتكبت مثل هذه الجرائم الإبادة الجماعية واستمرت في ارتكابها بوقاحة معتمدة على القوة المطلقة، دولة طبيعية أو أن تحظى باحترام المجتمع الدولي. لقد لعبت الأمم المتحدة، بكل قصورها، دوراً بالغ الأهمية في فضح وتشويه وعزل وإقصاء دولة مجرمة كهذه من خلال مواجهتها بجرائمها.
لقد كان وفد إسرائيل، كما قال الرئيس أردوغان في حديثه مع الصحفيين، "في موقف غريب للغاية" أمام الانتقادات الموجهة إليه، فقد كانوا عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم. وموقفهم يعكس ذلك بوضوح.
وما أثار حزن أردوغان بحق هو أن نتنياهو القاتل، تمكن من التحدث تحت قبة الأمم المتحدة، وأن الأمم المتحدة لا تميز بين القاتل والمقتول، وبين الحق والباطل. ولكن في النهاية، يجب أن نرى أن منصة الأمم المتحدة التي أتيح لنتنياهو من خلالها الفرصة للصعود إلى المنبر كالخنزير والتحدث، أصبحت في الوقت نفسه ساحة انتفاضة غريبة ضد إسرائيل.
وفوق هذا لم تكن الانتفاضة هذه المرة من قبل الفلسطينيين أنفسهم، بل من قبل قادة العالم الذين تفهموا قضيتهم وتضامنوا معها، وأصبحت كلماتهم كالسهام تصيب قلب الاحتلال الإسرائيلي، المرتكب لجرائم الإبادة الجماعية.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>