حتى ينتصر دمه…
يدك، أعظم القصص.
ارتفعت منذ أربعين عاماً بين ملايين منكّسة، فيد الله مدّت إليها السلاح. أمسكت به حباً ويقيناً. حباً لا شكّ ولا تردد فيه. ممتلئٌ بإدراك كُليّ، بمن رما في العاشر من المحرم بدمه ودم أحبائه وأصحابه إلى السماء ونادى الله عزّ وجلّ أن إنه بعينك ومنك وإليك وفي سبيلك. فمنّ عليها ذو الجلال ببأس شديد، وسدد رميها، مع ثلة آمنوا به فزادهم هدى إلى الدرب الجميل، إلى نصر تلو نصر تلو نصر، حتى جاء الوعد: أن ولّى زمن الهزائم.
طمأنينتك، إذ نثرتها في أرواحنا.
هنا عظيم البذل. أين أمانك سيدي؟ في هواء الجنوب والبقاع وبيروت ودمشق وبغداد وصنعاء والقدس والضفة وغزة وطهران والكثير الكثير بعد، في رئتي كل مستضعف ومظلوم، في أنفاسنا والجفون الممتلئة سكينة. هي الجفون التي تنام وتستيقظ على حقيقة أنك، يا امتداداً للنعمة الالهية، ماكثٌ في كل الأرواح التي تقاتل، فتراك عين القلب ولا ترى غيرك مهما تجبرت شياطين الأرض.
حزنك إذ احتوى كل أحزاننا.
مَثلك يا سيدي، كما قال جدك محمد (ص)، “مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
فكم سهرت؟ وكم حزنت؟ وكيف اتسعت روحك دموع فقد الشهداء ويتم أولادهم؟ كيف اتسعت صرخات المكلومين؟ كيف اتسعت صور الأطفال المذبوحين؟ كيف اتسعت للفقراء؟ للمظلومين ولحوائجهم؟
كنا نراها تضمحل خلف محياك. تتوارى كلها خلف عباءتك. تهون في حضرتك. لأنك القائد الذي يسير خلفنا ومعنا وأمامنا، فلا وجل ولا ذل ولا هوان.
صدق قولك.
تتلقفه الأبدان الطيبة بكلّها. يفعل بها فعل الماء بالتراب، فيخرج النبات الحسن: آلاف من الأنصار المجاهدين، ذوو بأس شديد. يصرخون أمام هول البلاء “ألسنا على الحق؟” فيصدح صوتك بقول جدك الحسين (ع)، “بلى والله”، فترتفع قبضاتهم إلى عينيك “إذاً لا نبالي”. هم الخلّص الأصفياء، وأنت يا سيدنا، قائدهم، عُجنوا بك، سقط دمك في أيديهم، رموه إلى السماء، “أرضيت يا رب؟”، سنظل نردد حتى ترضى، حتى ينتصر دمه، حتى تمنّ علينا، نحن المستضعفون في أرضك.