ترك برس
أشار السياسي والبرلماني التركي السابق آيدن أونال، إلى إمكانية نشوء خط مقاومة أكثر صحة وفعالية وقوة في فلسطين إذا سحبت إيران وحزب الله يدها عن القضية الفلسطينية.
وذكر أونال في مقال بصحيفة يني شفق أن السوريين استقبلوا خبر مقتل حسن نصرالله، زعيم حزب الله بحفاوة بالغة وفرحة غامرة بلغت حد الاحتفال وتوزيع الحلوى ولا عجب في ذلك، فما يشعرون به من فرح وبهجة ليس وليد تعصب سني أو عداء طائفي للشيعة، بل يرجع إلى أن نصرالله قد أرسل حزب الله إلى سوريا بتوجيهات إيرانية، وارتكب مجازر وحشية بحق المسلمين.
وقال: "ليس السوريون وحدهم من فرحوا بمقتل نصر الله، بل إن الغالبية العظمى من اللبنانيين، بمن فيهم الشيعة، يرون أن هذه السلسلة من الهزائم التي مني بها حزب الله، وآخرها اغتيال زعيمه، قد تكون بداية جديدة وواعدة للبنان".
وأكد أن الشيعة يشكل ثالث أكبر طائفة في لبنان بعد السنة والموارنة. وقد عانوا لسنوات طويلة من الإهمال والتهميش، فعاشوا في المناطق الريفية الفقيرة. وفي عام 1975، نجح موسى الصدر، وهو رجل دين لبناني من أصل إيراني، في توحيد الشيعة اللبنانيين عبر تأسيس حركة أمل ليشكل قوة منظمة. ورغم أن الصدر كان مبعوثاً من الشاه الإيراني، إلا أنه كان أيضاً قريباً من الخميني.
وقد تميز بقدرته على جمع الشيعة المتدينين والعلمانيين، بل والاشتراكيين، تحت راية واحدة. وكان هو أيضاً من منح الهوية الشيعية للنصيريين في سوريا ولبنان، ونجح في جذب الشيعة المعارضين في إيران والعراق إلى جانبه. ولكن في 31 أغسطس 1978، اختفى الصدر بشكل غامض أثناء زيارته إلى ليبيا للقاء القذافي، وحتى اليوم، لا يُعرف مصيره أو مكانه. يقول أونال.
وتابع المقال:
بعد الثورة الإيرانية عام 1979، زاد اهتمام إيران بلبنان. وعقب اختفاء موسى الصدر الذي كان يُنظر إليه كمنافس للخميني، خَلَفَه نبيه بري، الذي لا يزال حتى اليوم زعيم حركة أمل، والذي حافظ على مسافة من إيران والتعصب الشيعي. وبجهود إيرانية، انفصلت مجموعة من حركة أمل لتؤسس "أمل الإسلامية"، التي اتخذت في عام 1985 اسم "حزب الله". وبالطبع كان تدين حزب الله يعني بروز التعصب الشيعي، كما أصبح حزب الله قوة متقدمة لإيران وسوريا، ومهد الطريق لترسيخ النفوذ السوري في لبنان.
لطالما كانت نظرة الشيعة اللبنانيين للقضية الفلسطينية متذبذبة ومتقلبة. ففي الستينيات والسبعينيات، استقبل لبنان اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا للفرار، لكن الشيعة كانوا يكنّون لهم العداء؛ وذلك لتغييرهم التركيبة الديموغرافية للبلاد، وبسبب للهجمات التي كانوا يشنونها من الجنوب، والتي كانت تثير ردود فعل عنيفة من إسرائيل. وعندما انشق حزب الله عن حركة أمل، استخدم القضية الفلسطينية كذريعة. وفي الثمانينيات لعب حزب الله دوراً في انسحاب القوى الأجنبية من لبنان، وخاصة إسرائيل. ولكن مع انسحبت إسرائيل والقوى الغربية، استقرت إيران وسوريا في لبنان. ويجدر التنويه إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية اضطرت أيضاً إلى مغادرة لبنان في بداية الثمانينيات.
وبدعم من إيران، اكتسب حزب الله شعبية في لبنان، لكنه أصبح في الوقت ذاته عاملاً أساسياً في زعزعة الاستقرار. وعلى الرغم من أن حزب الله لا يشكل أغلبية فعلية في لبنان، لا من حيث عدد السكان ولا عدد مقاعد البرلمان (حيث يشغل 13 مقعدًا من أصل 280 في البرلمان اللبناني)، إلا أنه بفضل قوته العسكرية ودعمه المالي أصبح القوة الأكثر تأثيرًا في البلاد. وقد اتهم حزب الله بالوقوف وراء العديد من الاغتيالات السياسية في لبنان، بما في ذلك اغتيال رفيق الحريري.
إن قيام حزب الله بالذهاب إلى سوريا والتعاون مع الأسد في ارتكاب مجازر بحق الآلاف من المدنيين الأبرياء لمجرد أنهم من السنة، بالإضافة إلى تظاهره بالحرب مع إسرائيل مقدماً بذلك مبررات لها في فلسطين ولبنان، وتسببه في زعزعة الاستقرار في لبنان، كل ذلك أثار حفيظة اللبنانيين.
كما أن عملية تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية، واغتيال العديد من قادة حزب الله، وفشل الحزب في حماية زعيمه نصرالله، كل ذلك أضعف من مكانته وزعزع ثقته في نفوس أنصاره حتى، مما سيؤدي حتماً إلى التشكيك في شرعيته ويثير العديد من التساؤلات حتى داخل صفوف حزب الله، الذي لا يمثل جميع الشيعة في لبنان. وسيتسبب أيضًا في خسائر جسيمة له.
ولذلك فإن مقتل نصرالله لم يلق ترحيباً حاراً لدى السوريين وحدهم، بل أيضاً لدى اللبنانيين الذين رأوا فيه بارقة أمل. إن خروج حزب الله من المعادلة سيساهم في استقرار لبنان، وسيؤدي إلى إزالة الحواجز التي تعيق المقاومة الفلسطينية.
وإذا سحبت إيران وحزب الله يدها عن القضية الفلسطينية، فمن يدري، ربما يؤدي ذلك إلى نشوء خط مقاومة أكثر صحة وفعالية وقوة. ليغادر حزب الله، فقد يتيح ذلك ظهور أبطال حقيقيين في الساحة بدلاً من حزب الله الذي يحتل خط المقاومة منذ الثمانينيات دون أن يبدي أي مقاومة حقيقية.