وتتجه الأنظار إلى
إيران، حيث الرد الإسرائيلي المرتقب على القصف، فيما أكد مراقبون أن طبيعة هذا الرد تحدد سيناريوهات التصعيد في المرحلة المقبلة، خاصة مع الحديث عن احتمالية قصف تل أبيب لمنشآت طهران النووية.
ويطرح بعض المراقبين تساؤلات عن شكل الرد الإسرائيلي المرتقب، وما إذا كانت هناك دفعات صاروخية إيرانية أخرى، ومدى تداعيات هذه الخطوة على أمن المنطقة.
وفي سياق متصل، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الأربعاء، أن "طهران مستعدة للرد بقوة أكبر على إسرائيل، إذا شنت هجوما على إيران"، موضحا أن "زعزعة الاستقرار الأمني في المنطقة ليست في مصلحة الأوروبيين والولايات المتحدة، وما يفعله الكيان الصهيوني هو توسيع دائرة العنف".
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، مساء أمس الثلاثاء، تنفيذ هجوم ضد إسرائيل بعشرات الصواريخ، وذلك ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وقائد فيلق القدس الإيراني بلبنان عباس نيلفروشان.
اعتبر محمد كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن "القصف الإيراني لإسرائيل كان متوقعًا، بعد ارتكابها جريمتين ترتبط بطهران، الأولى اغتيال إسماعيل هنية، على أرضها، وقتل حسن نصر الله، زعيم المقاومة في لبنان، إضافة إلى ما يجري في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن".
وبحسب حديث كنعان لـ"
سبوتنيك"، القيادة العسكرية والسياسية تدرس إمكانيات الرد وكيفيته، كما توعدت بضربة قوية جدًا، فيما حذرت إيران دول الجوار بالمنطقة في عدم السماح للطائرات الإسرائيلية المرور بأجوائها، مؤكدًا أن "الرد وما سيعقبه قد يؤدي إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط تتشارك بها عدة جهات".
ويرى أن "إسرائيل شعرت بالنشوة، وفكرت أنه بإمكانها الوصول لأي مكان في العالم، وتفاخرت بالتدمير في غزة ولبنان واليمن، إضافة إلى أن الاحتلال يريد توريط واشطن في الحرب، وربما هذا يؤدي إلى إشعال المنطقة، ومشاركة دول كبرى وفاعلة"، محذرًا من "تطورات خطيرة تدور في المنطقة، بسبب عنجهية نتنياهو وغروره، الذي يريد أن يحرج الإدارة الأمريكية في مرحلة ما قبل الانتخابات".
وعن النتائج المحتملة، يرى كنعان أن "هذا الأمر مرهون بقضية الرد وكيفيته والضوء الأخضر الأمريكي للقيام به، ومعطيات أخرى في الشرق الأوسط، لكن الأمر ليس سهلا، لا سيما بعد تحدي إسرائيل الأمم المتحدة وإعلان أمينها العام شخصًا غير مرغوب به، وهو ما يدل على الهيمنة والغطرسة الأمريكية".
بدوره، اعتبر محمد خيري، الخبير المصري في الشأن الإيراني، أن "هجوم إيران على إسرائيل كان مطلوبًا للرد على اغتيال هنية، ونصر الله، وهي أسماء مهمة في معادلة الصراع بالشرق الأوسط، ومعادلة الضغط على إسرائيل في المنطقة، والرد مهم للحفاظ على وكلائها في المنطقة وولائهم، حيث أن عدم الرد كان سيكلف إيران الكثير في إطار محور المقاومة، الذي تتبناه في المنطقة".
وبحسب حديثه لـ"
سبوتنيك"، هناك مناقشات بين إسرائيل وأمريكا حول الرد المتوقع، حيث تعمل واشنطن على تخفيف حدة القصف الإسرائيلي المرتقب لإيران، وأن يكون جزئيًا عبر بعض الأعمال التخريبية في منشآت إيرانية، أو في أماكن استراتيجية، شريطة ألا يمس المفاعلات النووية الإيرانية، في ظل وجود نسب مرتفعة من اليورانيوم في بعضها.
وقال إن "إيران حاولت ألا يكون ردها قويًا قدر الإمكان، من أجل عدم رد إسرائيل بشكل أقوى قد يلحق الضرر بمنظومتها النووية"، مؤكدًا أن "تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، تعزز هذا التوجه، حيث أكد على عدم تأييد بلاده توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، والاكتفاء بالعقوبات".
ويرى خيري أن "هناك رغبة أمريكية في أن يكون الرد الإسرائيلي محجما وغير موسع بطريقة قد تخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة برمتها".
وكشفت وسائل إعلام غربية، اليوم الأربعاء، أن إسرائيل سترد على الهجوم الإيراني "بقوة"، مشيرة إلى الأهداف التي وضعتها تل أبيب لعملية ردها على الهجوم الصاروخي الكبير الذي استهدفها ليل أمس.
ونقل موقع أمريكي، عن مسؤولين في تل أبيب، لم يكشف عن هويتهم، أن الجيش الإسرائيلي سيرد على الهجوم الإيراني بقوة في غضون أيام.
وبحسب التقرير، فإن "
بنك الأهداف" الذي تحدث عنه المسؤولون هو منشآت النفط الإيرانية الاستراتيجية، في حين يرجح آخرون قيام تل أبيب بتدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
وجاء في التقرير أن "الرد الإسرائيلي قد يشمل أيضا غارات جوية بجانب عمليات سرية مماثلة لتلك التي أدت إلى مقتل هنية، قبل شهرين، في طهران"، في تلميح إلى تنفيذ عمليات اغتيال.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لم يرصد تهديدات جديدة، بعد الانتهاء من التصدي لهجوم صاروخي كبير أُطلق من إيران باتجاه بلاده.
وقال المتحدث باسم
الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، خلال مؤتمر صحفي عقب انتهاء موجة الهجوم الإيراني، أمس الثلاثاء: "أجرينا تقييمات وأبلغنا شركاءنا في الولايات المتحدة، ولا نرى تهديدات أخرى، وطلبنا من المواطنين الخروج من الملاجئ".
بدوره، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، بعد إجراء تقييم للوضع عقب الهجوم الإيراني: "أثبتنا قدرتنا على منع العدو من تحقيق أي إنجاز، من خلال الدمج بين سلوك المواطنين المثالي ومنظومة دفاع جوي قوية جدًا. سنختار متى سنجبي الثمن، وسنثبت قدراتنا الهجومية الدقيقة والمفاجئة، وفقًا لتوجيهات القيادة السياسية".
