ترك برس
قال الأكاديمي التركي المعروف يوسف قبلان، إن دولة الإرهاب الإسرائيلية تقوم بالتخطيط للهجوم على تركيا عبر قبرص ومن خلال المنظمات الإرهابية، وداخل حدود سوريا، ولكن هذا يعني أنها تحاول استثارة الأمور، وسوف تتلقى رداً قاسياً من الجيش التركي.
وأشار قبلان في مقال بصحيفة يني شفق إلى ضرورة أن "نفهم جيدًا الاستراتيجية التي تتبعها إسرائيل؛ فهي تضرب لبنان لتفتح الطريق أمام إيران. وإيران بدورها ترد، مما يفتح المجال أمام إسرائيل... وكأن هناك لعبة تُمارس في الخفاء".
وأوضح أن تصريحات الرئيس الأمريكي بايدن حول هذا الموضوع جاءت لتكشف هذه اللعبة الخفية، فقد صرح بايدن قائلاً: "أنا لا أؤيد الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. يجب أن يكون الرد على إيران متناسبًا".
وفيما يلي نص المقال:
يقول توماس نيبردي، في معرض حديثه عن انبثاق العبقرية الألمانية في القرن التاسع عشر: "في البداية كان هناك نابليون". لقد عصفت الحروب النابليونية بألمانيا (بروسيا)، وألحقت بها هزائم نكراء لن تُمحى من ذاكرتها.
ولكن تمكنت ألمانيا من تجاوز هذه الصدمة الكبرى، ونهضت من جديد بفضل نهضة شاملة شملت كل جوانب الحياة، فبنت روحًا ألمانية قوية وجهت مسارها، وأطلقت العنان لثورات فكرية وفنية وتعليمية غيرت مجرى التاريخ الأوروبي.
فهل يمكن أن يؤدي الاحتلال الإسرائيلي وجرائم الإبادة الجماعية التي بدأتها إسرائيل في فلسطين، وامتدت إلى لبنان، إلى إيقاظ العالم الإسلامي، ودفعه إلى استكشاف روح الإسلام من جديد، والانتفاضة وإطلاق حراك شامل في شتى المجالات، ليقود الحضارة الإسلامية إلى مسار جديد يغير مجرى التاريخ؟
إن العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتبادل إطلاق الصواريخ مع إيران، يزيدان من تعقيدات معادلة الشرق الأوسط. يجب وقف المذابح في غزة فوراً، ووضع حد لسياسة الاحتلال الإسرائيلي التوسعية التي تهدد كل مكان.
هدف إسرائيل هو تركيا
لقد حولت الولايات المتحدة والصين والدول الأوروبية شرق البحر الأبيض المتوسط إلى مستودع للأسلحة. ويقدم البريطانيون الدعم العسكري لإسرائيل من قواعدهم في الجانب اليوناني من قبرص، وحتى هذا الجزء من قبرص تحول إلى مخزن للأسلحة، وكذلك جزيرة كريت.
تقوم دولة الإرهاب الإسرائيلية بالتخطيط للهجوم على تركيا عبر قبرص ومن خلال المنظمات الإرهابية، وداخل حدود سوريا. ولكن هذا يعني أنها تحاول استثارة الأمور. وسوف تتلقى رداً قاسياً من الجيش التركي.
لقد أكدت مراراً وتكراراً أن الهدف الحقيقي هو تركيا المسلمة. علينا أن نفكر ملياً في كيفية إجبار إسرائيل على الركوع أمام تركيا. وتذكروا هذا جيدًا: الهدف الرئيسي لإسرائيل هو تركيا.
يخطط نتنياهو لضرب تركيا على المدى المتوسط والطويل. والغربيون يدعمون إسرائيل حتى النهاية. ولكن يجب أن نعلم أن الجيش التركي مستعد للرد على أي هجوم، وإرسال من يجرؤ على مهاجمة تركيا إلى الجحيم. الجيش التركي هو "جيش محمد"، حامل راية الإسلام. ولا أظن أنكم ستتساءلون أين هو الجيش التركي؟
لعبة الحرب الإيرانية الإسرائيلية
إن الانغماس في الحرب دون تخطيط دقيق سيكون استراتيجية خاطئة. يجب أن نكون مستعدين للحرب عندما يتطلب الأمر، لكننا لم نتخذ بعد الخطوات الاستراتيجية التي يمكن أن تضمن تحقيق نتائج أفضل من الحرب.
أولاً، يجب أن نكون على دراية بأنهم يحاولون استدراج تركيا إلى الحرب. نحن لا نخشى الحرب على الإطلاق، ولكن يجب أن نجد طرقًا للفوز دون الحاجة إلى الحرب في المقام الأول.
ويجب أن نفهم جيدًا الاستراتيجية التي تتبعها إسرائيل؛ فهي تضرب لبنان لتفتح الطريق أمام إيران. وإيران بدورها ترد، مما يفتح المجال أمام إسرائيل... وكأن هناك لعبة تُمارس في الخفاء.
وتأتي تصريحات الرئيس الأمريكي بايدن حول هذا الموضوع لتكشف هذه اللعبة الخفية. فقد صرح بايدن قائلاً: "أنا لا أؤيد الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. يجب أن يكون الرد على إيران متناسبًا." ما أروع هذا الرئيس الأمريكي الذي يهتم بشدة بإيران أليس كذلك؟
لن تهاجم إسرائيل تركيا بشكل مباشر في البداية. بل ستطلق "كلابها" علينا: كتنظيم "بي كي كي" الإرهابي، وداعش، والقتلة من الحشد الشعبي. هذه التنظيمات التابعة لها ارتكبت مجازر بحق أكثر من مليوني مدني بريء في العراق وسوريا.
لقد ظهرت مقاطع فيديو تُظهر نصرالله وهو يتحدث بفخر عن كيفية مساعدة روسيا لإيران في التمدد في سوريا وكيفية قتل السنة بالتعاون مع روسيا. يجب على تركيا أن تُوجه ضربة قاصمة وقاتلة لمرتزقة تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي قبل أن تُتاح لهم الفرصة لشن هجوم.
السبيل الوحيد لوقف إسرائيل.. حصار استراتيجي الشامل
أولاً وقبل كل شيء يجب على تركيا أن تطور استراتيجيات ذكية تهدف إلى هزيمة إسرائيل دبلوماسيًا. يجب أن تعزز التعاون مع دول مثل مصر وسوريا والعراق والأردن وقطر من خلال تطوير مشاريع استراتيجية وعسكرية مشتركة، وأن تُنفذ عمليات لكسر الحصار الدبلوماسي والنفسي الذي تفرضه إسرائيل على المنطقة.
فيجب أن تحاصر إسرائيل أولاً من خلال مشاريع مشتركة في المجالات الجيواقتصادية والجيواستراتيجية والجيوثقافية. وتتطلب هذه المبادرة تطوير مشاريع حصار مشتركة تساهم في تحرير دول المنطقة من هيمنة كل من إيران وإسرائيل والإمبرياليين الغربيين.
إن العلاقة الاستراتيجية التي أقمناها مع مصر تُعد ذات أهمية تاريخية في هذا السياق. وعلينا أن نعزز هذه العلاقة الاستراتيجية مع سوريا وقطر وليبيا، وإن أمكن مع دول الخليج الأخرى، على أسس راسخة ومتينة.
وتعتبر الطفرة الكبيرة والثورة التي حققتها تركيا في صناعتها الدفاعية ذات أهمية كبيرة، حيث تُظهر أن هذه الدول ليس لديها خيار آخر سوى دعم الخطوة الاستراتيجية التي ستقوم بها تركيا. يجب أن يتم توضيح هذا الأمر لهم بشكل جيد، لأن إسرائيل ستقوم في النهاية بتفكيكهم جميعًا عاجلاً أم آجلاً إذا لم يفعلوا. وستعمل إسرائيل على احتلالهم خطوة بخطوة، وستزعزع الاستقرار، وتقودهم إلى الفوضى. وسيعاد توزيع الأوراق وستُنشأ دويلات جديدة تكون مجرد دمى أو عملاء.
فرصة تاريخية سانحة أمام تركيا لكسر الحصار
لقد أُتيحت لتركيا فرصة تاريخية سانحة، يتعين عليها اغتنامها بتطوير استراتيجية شاملة تتضمن استمالة إيران إلى جانبها. ولا يتعارض هذا مع ما سبق ذكره، فلست دنيئاً حتى أمارس الطائفية.بل إيران التي ارتكبت مجزرة في حق نصف مليون من السنة في سوريا، هي التي تمارس الطائفية. ورغم ذلك، أؤكد على أنه لا يجب دفع إيران إلى أحضان الغرب، إذ سيؤدي ذلك حتما إلى تحول إيران إلى عدو لتركيا، مما سيُشعل صراعًا سنيًا شيعيًا واسعًا.
مكة والمدينة مهددتان بالاحتلال، والأراضي العثمانية تحت الاحتلال
لقد ألغيت الخلافة الإسلامية، وتم قطع الطريق أمام الوحدة الإسلامية، وأصبحت الأمة الإسلامية أمةً مستعبدة منذ قرنين من الزمان. والآن يسعون إلى إشعال الفتنة بين أبنائها.
يجب على إيران أن تتراجع إلى حدودها الطبيعية، ولتحقيق ذلك يجب تطوير مشاريع إقليمية وعالمية تهدف إلى وقف التوسع الإيراني في المنطقة.
وإلا فإن التوسع الشيعي وأحلام الإمبراطورية الفارسية سيؤديان إلى حصار إيران للعالم الإسلامي، وستخوض إيران حربًا طويلة الأمد لتشكيل العمود الفقري للإسلام، الذي كان على مر التاريخ سنيًا، ليصبح شيعيًا بشكل تدريجي، مما سيغير مصير الإسلام ويدمر مستقبله، وسيصبح من المستحيل تجنب حروب أهلية إسلامية واسعة النطاق. وإذا لم تتراجع إيران، مثل تركيا، إلى حدودها الطبيعية، فإن تحول العالم الإسلامي إلى جحيم سيكون أمرًا حتميًا.
إن تركيا المسلمة القوية، التي تطمح إلى قيادة الحضارة، هي وحدها القادرة على منع هذه الكارثة. ولهذا السبب، تُحاصر تركيا من كل جانب، بهدف منعها من التقدم، وحصرها في شبه جزيرة الأناضول، ومنعها من لعب دور تاريخي جديد يحدد مستقبل المنطقة. ولكن تركيا بفضل عمقها التاريخي وقوتها ونفوذها، قادرة على تطوير مشاريع تعاون ذكية وطويلة الأمد لكسر هذا الحصار.