وزير كويتي سابق: لن تكون هناك أزمة حدودية مع العراق إذا حسنت النوايا

قناة الحرة

وزير كويتي سابق: لن تكون هناك أزمة حدودية مع العراق إذا حسنت النوايا

  • منذ 1 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
عادت الخلافات الحدودية بين العراق والكويت إلى دائرة الضوء عقب إعلان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الخميس، عن قرب انطلاق المفاوضات بين البلدين لحل "الملفات العالقة".
جاء ذلك، خلال لقائه في واشنطن الخميس، مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إذ أشار إلى أن "الحوارات هي السبيل الصحيح لحل المشاكل" بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.
ورغم ترسيم الحدود البرية بين الكويت وبغداد من قبل الأمم المتحدة، بعد الغزو العراقي للدولة الخليجية عام 1990، تظل مسألة الحدود البحرية عالقة منذ ذلك الوقت.
وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أكدوا بدورهم أهمية "التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيما قرار مجلس الأمن رقم 833 في شأن ترسيم الحدود بين الكويت والعراق".
وفي بيان صدر عقب اجتماعهم في نيويورك، في 25 سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الوزراء الحكومة العراقية إلى ضمان بقاء اتفاقية الكويت والعراق لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله سارية المفعول. 
وفي يناير عام 2013، أقر مجلس الوزراء العراقي، اتفاقية مع الكويت تتعلق بتنظيم الملاحة في خور عبد الله المطل على مياه الخليج. وصادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية في وقت لاحق من العام ذاته لتدخل رسميا حيز التنفيذ.
وبعد مضي عقد، قضت المحكمة الاتحادية في العراق بعدم دستورية الاتفاقية وبررت قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".
قرار المحكمة العراقية أعاد إلى الواجهة المشاكل الحدودية بين بغداد والكويت، التي تعهد البلدان على تجاوزها مؤخرا، بعد التحسن التدريجي في العلاقات خلال السنوات الماضية.
نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية يستقبل مساعدة وزير الخارجية الأمريكي في واشنطن استقبل نائب رئيس مجلس الوزراء...
Posted by ‎وزارة الخارجية العراقية‎ on Thursday, October 3, 2024
موقع الحرة أجرى هذا اللقاء الخاص مع وزير الاعلام الكويتي الأسبق سامي النصف للحديث عن موقف الكويت من قرارات العراق الأخيرة بشأن الحدود البحرية بين البلدين.

الملفات العالقة بين العراق والكويت هل هي "مشكلة" بسيطة أم أنها تحولت إلى "أزمة" معقدة؟

سامي النصف: "هذه الملفات ليست بمشكلة أو أزمة إذا كانت هناك "نوايا حسنة" لحسمها، فمشكلة الحدود البحرية بين البلدين بسيطة جدا تمخضت باتفاق بين البلدين وأقر البرلمان العراقي عام 2013 لهذه الاتفاقية التي اعتبرها "تنظيمية" لتقاسم المسؤولية والتعاون المشترك بين البلدين في مجالات عدة منها مثلا للتصدي لعمليات التهريب، وبالتالي، فإن الكويت ليست لديها مشكلة وترى أن العلاقات مع العراق تسير في المسار الصحيح".

ما هي أبرز الملفات العالقة بين الكويت والعراق وهل هي أيضا "معقدة" مثل الحدود البحرية بين البلدين؟

سامي النصف: "رفات الأسرى الكويتيين من بين هذه القضايا التي يجد الجانب الكويتي أن الحكومة العراقية مهتمة بها وترغب في حسمها، وهي متجهة إلى غلقها، رغم صعوبتها. الأرشيف الكويتي الذي سرق أثناء غزو العراق للكويت عام 1990، هذا ملف آخر يمكن أن ينتهي إذا توفرت النوايا الحسنة وتسارعت الجهود في عملية البحث عن هذا الأرشيف وإعادته إلى السلطات الكويتية".
"أضف إلى ذلك، هناك تكامل في العلاقات بين البلدين، فالكويت ستظل "بوابة العراق" لدول الخليج، والعراق يعتبر "عمقا استراتيجيا" للكويت. وخلال فترة 400 عام، 97 بالمئة من هذه الفترة كانت العلاقات بين البلدين متكاملة، وأنا أؤكد مرة ثانية أهمية عمق العلاقة الأخوية بين البلدين سيما أن المنطقة لا تحتمل المزيد من الأزمات".

لكن هناك تباين في المواقف الكويتية بين من يتحدث عن "عمق العلاقة الأخوية" وبين الموقف الرسمي مثلا لدول مجلس التعاون الخليجي، فالبعض وصف البيان الأخير بـ "شديد اللهجة"، أسباب هذا الاختلاف في الخطاب الرسمي؟

سامي النصف: "لهجة البيان المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة "حكيمة" وليست ضد العراق، فالكويت كانت له تجربة مع النظام السابق الذي حوّل "قضية صغيرة" عالقة بين البلدين إلى أزمة و"كارثة" انتهت بغزو دولة عربية شقيقة عام 1990. دول مجلس التعاون الخليجي ترغب في أن يُحسم ملف الحدود بين البلدين بالكامل لكي لا نسمح لأي جهة أن "تتلاعب" به في المستقبل أو تستغله كورقة تصعيدية تنتهي بمشكلة كبيرة مشابهة لما حدث قبل 30 عاما. حسم الملفات وتصفير المشاكل، قاعدة اعتمدتها دول الخليج، وأدعو العراق أيضا إلى أن يحسم القضايا العالقة مع دول الجوار".

"اتفاقية خور عبد الله" أقرها البرلمان العراقي عام 2013، ودولة الكويت ذكرت لاحقا أن قرار المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية هذه الاتفاقية "شأن عراقي داخلي" .. لماذا إذا كل هذه المخاوف الخليجية إذا كان الموضوع "داخليا" أم تعتقد أن للمشكلة بعد أممي؟

سامي النصف: "هذه الاتفاقية متفرعة من القرار الأممي رقم 833، أيضا هذه الاتفاقية سُلمت نسخة منها إلى الأمم المتحدة بعد أن وافق العراق عليها رسميا عام 2013. المشكلة تكمن في وجود أطراف عراقية تحاول "نسف" هذه الاتفاقيات، وللعراق تجارب مشابهة عندما أقر اتفاقية شط العرب (اتفاقية الجزائر) عام 1975 وقرر إلغاءها لاحقا وكانت السبب في نشوب حرب لثمان سنوات، ليوافق نظام صدام حسين لاحقا على هذه الاتفاقية بعد غزو الكويت عام 1990".
"هذا المسار يضر ولا ينفع، وبالتالي على العراق أن يحسم هذا الملف (اتفاقية خور عبد الله) سيما أن العراق هو المستفيد من هذه الاتفاقية لأن لدى الكويت العديد من الموانئ على الخليج بعيدة عن خور عبد الله، والعراق هو بأمس الحاجة لهذا التنسيق بين البلدين. ليس لدي شك بنوايا الحكومة العراقية الراغبة في حسم هذه الملف متى ما حسنت النوايا، والعراق في النهاية هو المتضرر الوحيد إذا أصر على اعتماد نهج عدم الاعتراف بالاتفاقات الدولية، المشكلة هنا "عراقية-عراقية" قبل أن تكون "عراقية - كويتية"".

قرارات المحكمة الإتحادية في العراق مُلزمة ولاتستطيع أي جهة رفضها وبالتالي الحكومة العراقية في هذه الحالة مقيدة دستوريا ولا تستطيع عمل أي شيء، برأيك ما هي الخيارات التي ستلجأ لها الكويت في المرحلة المقبلة للتعامل مع هذا الملف؟

سامي النصف: "الكويت أكدت أكثر من مرة أن القضية "عراقية-عراقية"، وليس لديها أي اعتراض إذا أعادت الحكومة العراقية هذه الاتفاقية إلى البرلمان للمصادقة عليها من جديد. أي تحرك أو إجراء آخر سيكون دليلا عن وجود جهات تحاول "زرع الألغام" في العلاقات بين البلدين، والعراق سيكون هو المتضرر الكبير في حال تم رفض هذه الاتفاقية، لأن الكويت تقع ضمن منظومة خليجية متكاملة ومن مصلحة العراق أن يعزز علاقاته مع هذه الدول".
"أضف أيضا أن العراق اكتوى سابقا من قضية الحدود التي تسببت في حرب مع إيران استمرت لثمان سنوات بسبب رفض اتفاقية شط العرب، عدم الاعتراف بالحدود كان أيضا السبب في حرب عام 1991 وما تلاها من تبعات ومآسٍ عانى منها الشعب العراقي، وعلى الجميع أن يستفيد من دروس الماضي، بهذه المناسبة، أنا أعرب عن شكري لدور الولايات المتحدة الأميركية، "الحكيم والضاغط" لحسم هذا الملف وأتصور أن المصلحة العامة تقتضي من العراق أن ينهي جميع الملفات الخلافية".

العديد من العراقيين وصفوا القرارات التي فرضت عليهم بعد غزو الكويت بالمجحفة، مشيرين مثلا إلى أن اتفاقية خور عبد الله خنقت العراق، وطالبوا بإعادة النظر باتفاقيات الملاحة بحيث لا تؤثر سلبا على الموانئ العراقية وتحجم من دورها؟

سامي النصف: "هذا غير صحيح بدليل أن العراق يبني الآن واحدا من أكبر الموانئ في المنطقة، ميناء الفاو العراقي أكبر من جميع موانئ الكويت مجتمعة، وبالتالي لا يوجد أي "خنق" للعراق في الملاحة البحرية. العراق يمتلك أيضا موانئ أخرى على الخليج مثلا ميناء أم قصر والزبير. الكويت تاريخيا ساعدت العراق في الملاحة البحرية، فالموانئ الكويتية هي التي دعمت العراق خلال الحرب مع إيران والتي أجبرت العراق آنذاك على غلق جميع موانئه".
"اتفاقية خور عبد الله هي تنظيمية والعراق هو الذي بادر بهذه الخطوة، وتم إيداع نسخة من هذه الاتفاقية إلى الأمم المتحدة. مرة ثانية، العراق هو المتضرر الوحيد من رفض هذه الاتفاقية أو التأخر في حسم ملف الحدود. من المهم جدا أن تلتزم الدول باتفاقاتها المشتركة والعراق إذا رفض ذلك، قد يفتح شهية دولة كبيرة مثل تركيا وتلغي مثلا اتفاقات سابقة مع العراق وتطالب من جديد بضم الموصل إلى أراضيها بعد أن كانت في السابق ولاية تابعة لها في العهد العثماني. إيران أيضا قد تعتمد نفس النهج وتغير من موقفها بشأن الاتفاقات السابقة مع العراق بشأن الحدود المشتركة".
"ليست هناك مصلحة لأي شخص في إعادة فتح ملفات تم الاتفاق عليها سابقا، وأذّكر هنا بأن ملف الحدود العراقية الكويتية تم حسمه من قبل الأمم المتحدة بعد أن استمعت إلى شكوى الطرفين. المنظمة الدولية شكلت لجنة خبراء خاصة شارك فيها الطرفان، العراقي والكويتي، وانتهى هذا الملف. ليس من مصلحة العراق أن تستغل أطرافا داخلية وبسبب المشاكل التي يمر بها البلد أحيانا، هذه الظروف وتطالب بإعادة فتح هذه الملفات".

في حال أصر العراق على موقفه الرافض للاتفاقية السابقة .. هل ستكون هناك تبعات على العراق قد تصل إلى فرض عقوبات دولية أو يدخل من جديد تحت طائلة الفصل السابع؟

سامي النصف: "الضرر الأكبر برأي هو أن يسيء العراق بعلاقاته مع الكويت ودول الخليج، والمكسب الوحيد هو أن يعزز العراق العلاقات مع دول هذه المنطقة لأن هناك مصلحة "ربح-ربح" مشتركة، ضرر الإساءة لهذه العلاقات أكبر من فرض عقوبات دولية أو إجراءات الفصل السابع. لدى العراق الآن فرصة ذهبية لتحسين علاقاته والاستفادة من التجربة الخليجية، هذه الفائدة والمكسب تتم عبر تصفير العراق مشاكله مع الكويت".


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>