بغداد تعمل على "أكبر عملية إدماج مجتمعي" للقادمين من مخيم الهول
قال مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، إنّ حكومة بلاده تعمل على "أكبر عملية إدماج مجتمعي" للقادمين من مخيم الهول السوري (شمال شرقيّ سورية)، الذين أُخضِعوا للتأهيل النفسي في مخيم الجدعة، بإشراف وزارة الهجرة والمهجرين وكل الأجهزة الأخرى.
يأتي ذلك بالتزامن مع بدء السلطات العراقية التحضير لإعادة دفعة جديدة من عراقيي مخيم الهول السوري، ممّن دُقِّق في ملفاتهم الأمنية، إذ تضغط بغداد لتفكيك المخيم الذي تعتبره "قنبلة موقوتة"، ومشجعاً على نموّ الفكر المتطرف.
الأعرجي أكد في تصريحات للصحافيين، مساء أمس الأربعاء "إعادة أكثر من 2000 عائلة إلى مناطقها الأصلية حتى الآن، وما تبقى هو 600 عائلة تخضع للتأهيل في مخيم الجدعة العراقي، تمهيداً لإعادتها وإعطاء فرصة للحياة من جديد". وأضاف أن "العراق اليوم خالٍ من الإرهاب، ويعمل على استدامة الأمن ونجاح ديمومته، ولا بد من الاشتغال وفق مبدأ المواطنة بعيداً عن القومية والمذهبية، لأن البلد يجمع الكل، ولا بد من القضاء على الشعور بالتهميش وإعمال القانون وعدم الإفلات من العقاب، وعلى المواطن الثقة بالدولة وبمؤسساتها القضائية". وأشار إلى أنه "لا يوجد عراقيون من الدرجة الأولى أو الثانية وغيرها"، مؤكداً "مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي التي تبثّ التفرقة والسموم بين العراقيين وعدم السماح لأي طرف أو جهة أن يفرق المجتمع العراقي، فالأمن تحقق بدماء العراقيين الزكية، ويجب الحفاظ عليه".
عملت الحكومة العراقية خلال الأشهر الماضية على إعادة مئات العائلات العراقية الموجودة في مخيم الهول تدريجياً، إذ نقلت دفعات على نحو زمني متقارب وخضعوا بداية للإقامة في مخيم الجدعة، جنوبي البلاد، عقب ذلك تلقوا دورات تأهيل نفسي ومجتمعي وعلاجي قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم.
تشير التقديرات إلى أن مخيم الهول يضم نحو 50 ألف شخص، بينهم أجانب ينتمون إلى ما يقرب من 60 دولة، فضلاً عن نازحين سوريين ولاجئين عراقيين، وبحسب إدارة المخيم التابعة لـ "قوات سوريا الديمقراطية"، يزيد عدد العراقيين على 25 ألف نازح، بينما يبلغ عدد السوريين فيه نحو 15 ألفاً، أما من تبقى، فهم من جنسيات ودول مختلفة. وتؤكد بيانات وزارة الهجرة العراقية المتكررة أن قاطني المخيم يقسمون إلى عائلات مسلحي "داعش" الذين لم يجدوا مكاناً لإيوائهم، والفئة الثانية تضم مدنيين أُجبروا على النزوح بسبب العمليات العسكرية.
في سبتمبر/ أيلول الماضي، قال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، كريم النوري، إن ما يقارب 54 ألف نازح موجودون في مخيم الهول، بينهم 20 ألف عراقي، مؤكداً عودة 4 آلاف عراقي من هذا المخيم. ولفت النوري في حديثٍ نقلته وكالة الأنباء العراقية، إلى أن "النازحين العراقيين يختلفون عن القادمين من دول أوروبا وأفريقيا وآسيا، حيث جاء هؤلاء من تلك الدول لغرض القتال، وليس للسياحة، بينما النازحون من العراق منهم الأبرياء، ولا يمكن تحميلهم مسؤولية أفعال الآخرين". وأضاف أن "الحكومة العراقية بدأت عملية تأهيل النازحين العائدين بعد إجراء تدقيق أمني شامل عليهم، وأن جميع الذين عادوا من المخيم لم يسجلوا أي خرق أمني في مناطقهم"، مشيراً إلى أن "حوالى 4 آلاف عراقي قد عادوا بالفعل، بينما لا يزال حوالى 15 ألفاً في المخيم، وأن الأفراد الذين لديهم ملفات أمنية ويدهم ملطخة بالدماء لا يمكنهم العودة إلى العراق".
من جهته، قال عضو مجلس النواب العراقي، شيروان دوبرداني، إن "هناك حاجة ملحة لإنهاء ملف النزوح بكل أشكاله في العراق، وإغلاق مخيم الهول وضمان حياة مستقرة لمن عصفت به مصائب الحروب والمعارك"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة العراقية والفعاليات المجتمعية مسؤولة عن تأهيل العائدين من مخيم الهول وإعادة دمجهم بالمجتمع، ومن المهم التقرب منهم لضمان سلامتهم الفكرية، خصوصاً أنه ليس من المستعبد أن يكون بعضهم قد تأثر بالأفكار المتطرفة".