الصحافة اليوم: 6-11-2024
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 6-11-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
انتخابات أميركا: نُذُر «فوضى» جديدة
السباق الانتخابي الأكثر احتداماً: شبح «فوضى» يلوح في الأفق
في تقليد يمتد على أكثر من 60 عاماً، كان سكان بلدة «ديكفسيل» في ولاية نيوهامبشير الأميركية، والبالغ عددهم ستة فقط، أول من صوّتوا في الانتخابات الرئاسية، منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء، فيما توزعت أصواتهم بالتساوي بين كل من المرشحة الديموقراطية، كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري، دونالد ترامب، اللذين نال كل منهما ثلاثة أصوات، في نبذة مبكرة عن احتدام السباق إلى البيت الأبيض، والذي كانت قد تنبأت به غالبية استطلاعات الرأي في وقت سابق. ومنذ صباح أمس الباكر، بدأت مراكز الاقتراع تفتح أبوابها تباعاً، في جميع أنحاء الولايات المتحدة، علماً أنّ مواعيد الاقتراع تختلف من ولاية إلى أخرى، ومن مقاطعة إلى أخرى في بعض المناطق حتى، فيما لا تبدأ بعض الولايات، من مثل هاواي، بالتصويت حتى مدة الظهيرة. وبعدما أدلى كل من ترامب وزوجته بصوتيهما، استضافا عشاء لكبار المتمولين وأصدقاء «الحملة» في منتجع «مار إيه لاغو» في فلوريدا، حيث أمضى ترامب «اليوم الكبير»، فيما كانت هاريس قد أعلنت أنها ستتناول العشاء مع العائلة ليلة الانتخابات، طبقاً لـ«تقاليدها»، مشيرةً إلى أنّها عند المساء، ستنظم «مشاهدة جماعية» للنتائج في جامعتها، «جماعة هوارد»، في واشنطن العاصمة، وهي واحدة من الجامعات التاريخية للسود في الولايات المتحدة.
ونظراً إلى التقارب المشار إليه في النتائج، ناشد ترامب مناصريه التوجه إلى مراكز الاقتراع، وعدم التخلي عن التصويت حتى ولو كان عليهم الانتظار طويلاً في الطوابير، مشيراً إلى أنّ «نسبة الإقبال» هي التي ستحسم النتائج، علماً أنّه بعدما أدلى «ثلثا» الناخبين بأصواتهم من بُعد، كانت مراكز الاقتراع، أمس، على موعد مع أكثر من 70 مليون ناخب. وفي وقت لاحق، أكد ترامب أنّ الجمهوريين يشاركون بكثافة في الانتخابات، مهاجماً، مرة جديدة، المهاجرين الذين وصفهم بـ«المجرمين»، فيما شمل هجومه أيضاً إيران، لافتاً إلى أنّه لا يمكن «السماح لها بامتلاك سلاح نووي». وبدورها، دعت هاريس المواطنين إلى «التصويت والتوجه إلى مراكز الاقتراع»، معتبرةً أنّ «الوقت قد حان لطي صفحة الصراع والخوف والانقسام، ولجيل جديد من القيادة في الولايات المتحدة». ووسط توقعات بأن تحسم ولاية بنسلفانيا المتأرجحة نتائج الانتخابات، أعلنت حملة هاريس، أمس، أنّها «طرقت أكثر من 100 ألف باب صباح اليوم في جميع أنحاء الولاية».
ومنذ الساعات الأولى من فتح المراكز، لم تخلُ عملية التصويت في عدد من الولايات من الكثير من العراقيل، «والإنذارات الكاذبة»، إذ واجهت آلات التصويت مشكلات فنية في بنسلفانيا ونيويورك، فيما اضطر المسؤولون إلى إغلاق مراكز للاقتراع في جورجيا مؤقتاً، على خلفية تهديدات كاذبة بشأن وجود قنابل فيها. وفي أعقاب انتشار مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تبدو وكأنها صادرة عن وسائل إعلام أميركية، ويرد فيها أنّ «مكتب التحقيقات الفيدرالي» أوصى المواطنين بالتصويت من بعد بسبب وجود احتمال وقوع «عمل إرهابي»، وأخرى تورد معلومات عن أنّ إدارات خمسة سجون في بنسلفينيا وجورجيا وأريزونا زورت أصوات النزلاء فيها بالتواطؤ مع حزب سياسي، نفى الـ«أف بي آي» صحة المعلومات المتقدمة، مشيراً إلى أنّ «محاولات خداع الجمهور بمحتوى كاذب حول أنشطتنا تهدف إلى تقويض الثقة في النظام الانتخابي»، فيما اتهمت سلطات الولايات «جهات روسية» بالوقوف خلف تلك الأفعال. كذلك، واجهت أجزاء من الولايات المتحدة أحوالاً جوية قاسية، و«اضطرابات مؤقتة أخرى في البنية التحتية»، لا سيما بسبب غرق الطرقات بالمياه، كما حصل في ميسوري وأركنساس وإلينوي، التي شهدت هطولاً متواصلاً للأمطار منذ الإثنين، وانقطاعات في التيار الكهربائي.
لم تخلُ عملية التصويت في عدد من الولايات من الكثير من العراقيل «والإنذارات الكاذبة»
وجرت عمليات الاقتراع وسط رقابة أمنية «مشددة»، بما في ذلك حول المباني الرسمية، مقترنةً بحملة إعلامية واسعة من السلطات لتعزيز «ثقة» الجمهور بالانتخابات الأميركية، بعدما سخّر ترامب، في السنوات الماضية، جهوده لـ«ضرب مصداقيتها»، في إطار محاولاته لإلغاء نتائج انتخابات عام 2020. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن عدد من المسؤولين عن الانتخابات وأعضاء في الكونغرس ووكالات إنفاذ القانون قولهم إنهم يتوقعون أن يعيد ترامب الكرة هذه المرة أيضاً، ما دفعهم إلى تغيير القوانين بشكل يجعل من الصعب تحدي النتائج النهائية، جنباً إلى جنب تعزيز الأمن في المرافق الانتخابية. على أنّه بالنسبة إلى عدد من المراقبين، فإنّ الفوضى ستكون حتمية. وفي السياق، يشير تقرير أوردته مجلة «ذا تايمز» البريطانية، نقلاً عن خبراء، إلى أنّ ما يمكن أن يشهده العالم، خلال الأسبوعين اللذين سيليان الانتخابات، سيكون نوعاً «من انهيار النظام على نطاق لم نشهده منذ الحرب الأهلية الأميركية في ستينيات القرن التاسع عشر»، فيما حذّر عدد من الخبراء، في إطلالاتهم الإعلامية، من أنّه بعد «الحملة الرئاسية الأكثر اضطراباً منذ 50 عاماً، فإنّ اندلاع مظاهر العنف القاسية يبدو حتمياً»، ليبقى السؤال الوحيد «غير المؤكد»، هو إلى أي مدى قد «تتصاعد» هذه المظاهر؟
ولم يبدد إعلان ترامب، في أعقاب بدء الانتخابات، أنّ «الجمهوريين لن يرتكبوا أي أعمال عنف»، وأنّه سيقبل النتائج «في حال كانت عادلة»، من المخاوف المشار إليها، لا سيما أنّ 57% فقط من مؤيديه كانوا يرون، عشية الانتخابات، أنّ عملية الاقتراع ستجري «بسلاسة»، وسط تشكيكهم في ما إذا كان سيتم احتساب باقات الاقتراع الغيابية وتلك التي عبر البريد بشكل «صحيح»، مقارنة بـ90% من جمهور هاريس. كما أنّ 85% من مناصري الأخيرة يعتبرون أنّ المرشح الفائز في الانتخابات سيكون «واضحاً»، بعد فرز جميع الأصوات، مقارنة بـ58% من مناصري ترامب، طبقاً لأرقام نشرتها شبكة «سي أن أن» الأميركية.
الشيخ قاسم أكثر تشدّداً في الموقف من الأميركيين وخصوم الداخل: نسخة جديدة من حزب الله
لم يحصل في التاريخ الحديث أن تعرّض حزب أو مقاومة للكمات قاسية كتلك التي تعرّض لها حزب الله خلال أسابيع قليلة، أصابت آلافاً من عناصره قبل اغتيال قادته الجهاديين ثم أمينه العام الشهيد السيد حسن نصرالله. ولم يمر في التاريخ الحديث نموذج كحزب الله الذي تعرّض لهجمة تُستخدم فيها كل أنواع القوة، الناعمة منها والخشنة، للقضاء على المقاومة، ثم يخرج منها بسرعة استثنائية، في رحلة تعافٍ بات الجميع يشعر بها، بدءاً من العدوّ نفسه وصولاً إلى حلفائه وأهله، إذ أعاد تنظيم نفسه وهو في قلب معركة كبيرة وتحديات تفرض عليه مراجعة الكثير من الحسابات والأخطاء الماضية. أثبت حزب الله أن قتله غاية لا تُدرك
٣٠ تموز ٢٠٢٤، لم يكُن يوماً عادياً في الحرب. حدث مفصليّ، كشفَ بعض المستور. اغتال العدو القيادي الجهادي الكبير في المقاومة فؤاد شكر (السيد محسن). عملية لا تترك مجالاً لأي التباس. ثمة خطأ ما تنبّه له حزب الله. ما بينَ يوم الاغتيال ويوم الرد عليه في ٢٥ آب باستهداف الوحدة 8200 الإسرائيلية (واحدة من أكبر وأهم الوحدات المتخصّصة في الاستخبارات الإلكترونية عالمياً)، اتّخذ الحزب أول إجراء تمثّل بالدخول في عملية عزل للوحدات احترازياً، قبل أن يطلق مهمة تحقيق أظهرت تباعاً وجود خرق أمني خطير.
يوم ١٧ أيلول. يومٌ آخر غير عادي، وحدث مفصليّ جديد. تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية (البايجر). قنابل متنقّلة بين أيدي عناصر المقاومة. لحظة العملية ظنّ حزب الله أنها صافرة انطلاق من قبل العدو الإسرائيلي لبدء الحرب، وكان ينتظر بدء عملية كبيرة في اليوم نفسه. إلا أن الإحجام الإسرائيلي كانَ لافتاً، وباباً لأسئلة استدعت تحقيقاً سريعاً ساعد في تحصيل نتائج أولية، أبرزها:
أولاً: إن الشركة الوسيطة المعنية بإيصال الشحنة عمدت إلى تأخيرها بحجة وجود خلل في الأجهزة، وتعويضاً عن هذا التأخير قامت بخفض السعر، مثيرة بعض الشبهات من دون أن يؤدي ذلك إلى إجراء سريع يتعلق بالشحنة، وكانَ ذلك واحداً من الأخطاء في عملية الشراء.
ثانياً: تبيّن أن العدو الإسرائيلي وصلَ إلى الشركة الوسيطة، وكان قد جهّز كمية كبيرة من الأجهزة وقام بتفخيخها بشكل يصعب كشفه. أما باقي تفاصيل العملية وما أحاط بها فقد أصبحت مكتملة لدى الأجهزة المعنية في المقاومة، ومن غير المعروف متى تتحدّث عنها.
ما يُمكن تأكيده أن الحدثين أماطا اللثام عن خرق أمني إسرائيلي جدّي وخطير، لم تُحسم طبيعته في ذلك الوقت. بينما استمر العدو في رفع مستوى الضربات ضمن برنامج محدد يقضي باستهداف جميع القيادات قبل الوصول إلى السيد نصرالله، معتبراً أن هذا الاستهداف من شأنه شلّ الوحدات العسكرية، وبالتالي فإن أي ردّ على الاغتيال سيكون ضعيفاً.
ثم جاءت العملية الكبيرة يوم ٢٧ أيلول. لكن، رغم حالة الصدمة الكبيرة التي خلّفتها لدى كل الجهات في الداخل والخارج وحتى داخل حزب الله، لم يكُن هناك مجال لأي انهيار أو شلل.
الصدمة الكبيرة لم تمنع حزب الله من التصرف على قاعدة أن لدى العدو فكرة واسعة عن كل المراكز والهيكليات، فباشر بتنفيذ خطة جديدة لتموضع القيادات. في هذه الأثناء، بادرت الوحدات العسكرية في الجنوب احتياطاً إلى التخلّي عن كمية كبيرة من التقنيات الموجودة في حوزتها. وقبل استشهاده (الذي أعلنه حزب الله رسمياً في ٢٣ تشرين الأول)، نقل رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين الحزب إلى مكان آخر، حيث عمل على:
-إخلاء كامل المقرات المعلنة وإلغاء جزء من الأماكن البديلة التي كانت مقرّرة في خطة الحرب السابقة.
– وقف العمل بشبكة الاتصالات الخاصة بالحزب بعدَ أن تبيّن وجود خرق إسرائيلي فيها.
لكنّ الفريق الأمني لم يتنبّه إلى أن المقر الذي توجّه إليه السيد صفي الدين نفسه، كان مشخّصاً أيضاً لدى العدو. فكان القرار بالتخلي عن كل خطة الأماكن السابقة. ورغم الضربات القاسية، بادر الحزب إلى عملية هدفها الأولي لملمة الفوضى والتأقلم مع الوضع الجديد، آخذاً في الاعتبار أن العدوان الجوي المعادي على الجسمين المدني والعسكري أصاب جانباً من مقدرات الحزب إلى جانب القيادات الأمنية والعسكرية.
خلال أيام فقط، عاد التواصل بين القيادات الأساسية ومسؤولي الوحدات العسكرية الذين وضعوا خططاً سريعة لإدارة الميدان ربطاً بالوقائع الجديدة.
وبعد ١٥ يوماً، تمّ عملياً تشكيل لجنة تقود العمليات العسكرية، بالتزامن مع عودة التواصل بين القيادات العليا، خصوصاً أعضاء الشورى الذين اتخذوا قراراً بتعيين أمين عام في أقرب وقت، علماً أن الشيخ نعيم قاسم كان بدأ بتولي المسؤولية انطلاقاً من موقعه، إلى جانب قيادة جماعية تدير الشقين السياسي والعسكري، قبل أن يصار إلى خلق آلية لتفعيل الجهاز التنفيذي الذي يدير بعض الملفات، تحديداً قضية النازحين.
في ٢٨ تشرين الأول، أعلنَ حزب الله رسمياً انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً له. وعلى الفور، بدأ مناهضو الحزب، بطلب من الأميركيين وبعض العرب، حملة سياسية تركّز على فكرة أن الحزب كقوة وكوحدة تنظيمية مرتبط عضوياً بشخص السيد نصرالله وأن لا بديل عنه. وتولّى الاميركيون، بواسطة جماعاتهم من اللبنانيين والعرب، اعتبار انتخاب قاسم خيار الضرورة، وأنه لن يتمكن من ملء فراغ السيد. وهو كلام تثبّت على شكل «تعليمة» عمّمتها السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون على صبيانها من الساسة والإعلاميين بالقول لهم إن «العد العكسي لانتهاء حزب الله بدأ ويجب التحضير لفترة ما بعده»، طالبة التركيز على ثلاثة أفكار:
أولاً: إن حزب الله لم تعد لديه قيادة سياسية أو عسكرية.
ثانياً: إن الإيرانيين هم من يتولون قيادة الحزب سياسياً وعسكرياً وتنظيمياً.
ثالثاً: إن حزب الله دخل حالة من الشلل والانهيار على صعيد البنية التنظيمية.
ورشة النهوض
في مقابل ذلك، أدار حزب الله ظهره لكل هذا التشويش، واضعاً نصب عينيه إعادة تنظيم الهيئة القيادية للقوى العسكرية، والاستمرار في عملية التدقيق في حجم الأضرار العسكرية، ووضع الخطط لتعبئة الفراغات بشرياً وتسليحياً، إضافة إلى مهمة مركزية تتعلق بتظهير موقف سياسي من كل ما يحصل. وهو ما عبّرت عنه كلمات مسجّلة للشيخ قاسم، ومؤتمرات صحافية عقدها مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، وتولّى عقد لقاءات لشرح الموقف، مواظباً على دوره رغم التهديد الأمني الذي يتعرض له. وإلى جانب ذلك، بدأ النشاط التدريجي لنواب كتلة «الوفاء للمقاومة»، ما مكّن الحزب خلال ثلاثة اسابيع من استعادة ما يحتاج إليه من صلات سياسية وغير سياسية وفقَ خطة مقرّرة تحدد مَن الذين يجب التواصل معهم في هذه الفترة، من دون الحاجة إلى اتصالات لا تخدم مهمة اليوم الحالي.
وبعدَ تولّي الشيخ قاسم منصبه، انتظمت الهيئات العاملة تحت قيادته. ورغمَ أن الحرب أصابت جزءاً من الجسم المدني، ما سبّب تعطيلاً في بعض المناطق ظهر جلياً في عدد من القطاعات، لكنّ السلسلة أُعيد ترابطها من الأعلى إلى الأسفل، بحيث لا يقوم أي مسؤول بأي مهمة من دون قرار مركزي. وحتى المرونة التي تحظى بها القيادات الميدانية وفق نظام البقع الجغرافية، لا تلغي أن بعض العمليات التي تحصل على الجبهة تتم وفق أوامر من القيادة العليا.
من يعرف حزب الله جيداً، يدرك أن أهم ما أعاده الحزب، هو آلية التحكم والسيطرة. لكنّ هذه الالية أخذت شكلاً أكثر متانة، انطلاقاً من كون الضربات التي تلقّاها الحزب، دفعته إلى مستوى جديد فيه الكثير من الحزم والتشدد والصرامة وملاحقة الأخطاء. كما بدأ الجميع يلمس وجود عقلية جديدة على صعيد صناعة القرارات، وبما يمنع الاجتهادات.
لكنّ اللافت في الحديث عن شخصية الشيخ قاسم أنه مجهول الكثير من الجوانب. ومن يعرفه عن قرب، يعرف من أن تجربته الدينية تعود إلى سنوات طويلة سابقة على قيام حزب الله، وهو كان واحداً من البيئة القريبة من الراحل السيد محمد حسين فضل الله، وهذا الأمر له تأثير على مقارباته. وهو لا يُصنف على الإطلاق في خانة «المحافظين» دينياً. لكن ما لا يعرفه كثيرون عن الشيخ قاسم، وعلى عكس ما حاول الجهلة إشاعته، استناداً إلى إملاءات أو رغبات، فإن تحولاً كبيراً طرأ على الفكر السياسي للرجل، بعد انضمامه إلى الفريق المؤسس لحزب الله، وإعلان ولائه للخط الذي قاده الإمام الخميني، علماً أن الجانب الآخر من شخصيته، يتمثّل في دوره الإداري، وهو الذي كان يتولى مهام تنفيذية تتطلب مهارة إدارية، إلى جانب ما تفرضه من آليات عمل في حزب جهادي. وفي حين يجري الحديث عن أنه شخصية مرنة أو ضعيفة، فما لا يعرفه كثُر أنه من الشخصيات الأكثر تشدداً داخل الحزب، من الناحيتين التنظيمية والإدارية، استناداً إلى خبرة ٤٠ عاماً في العمل الإداري الذي أشرف عليه، خصوصاً في مجال الموازنات والإنفاق. إضافة إلى أنه من أكثر المسؤولين معرفة بأحوال الدولة ومؤسساتها، من المجلس النيابي إلى الحكومة إلى المشاريع المدنية. وهو امتلك خبرة كبيرة في بواطن القوى السياسية كافة.
حدّد الحزب مكامن خروقات أمنية كبيرة وانتقل إلى خطة عمل لا صلة لها بكل ما سبق عسكرياً وتنظيمياً وإدارياً
وما لا يعرفه كثيرون أيضاً عن الشيخ قاسم، نظراً إلى كون القرار كان يتمثّل في ما تقرره الشورى وما يعبّر عنه الأمين العام الراحل، هو أن قاسم على الصعيد الشخصي، كما على صعيد رأيه داخل الهيئات القيادية، من الأكثر تشدداً حيال طريقة التعامل مع القوى الخارجية الداعمة لإسرائيل، خصوصاً الأميركيين والأوروبيين. كما أنه من أكثر قيادات حزب الله تشدداً تجاه القوى الداخلية المعروفة بخصومتها للمقاومة. وهو ليس من الفريق القابل للمساومة حول الكثير من الأمور، ويشعر اليوم بأن مسؤوليته كبيرة جداً في حماية الحزب، ويعرف أنه الآن متفرغ لملف الحرب والمواجهة، لكن عينه على الداخل مرتبطة بأصل موقفه من التدخلات الخارجية واستسهال بعض القوى للتفاعل مع هذه التدخلات.
وعلى من يقرأ الحزب بشكل خاطئ أن يتنبّه إلى أن حزب الله، بعد الضربات التي تلقّاها والتحديات التي فُرضت عليه، سيعيد بناء نفسه ويضع برامج كما كان عليه في فترة الثمانينيّات. ولن يكون حزب الله على المستوى نفسه من التساهل، وهو يقدّر عالياً جداً سلوك اللبنانيين الإيجابي الذي ظهر في التعامل مع ملف النزوح، لكنّ الحزب بقيادة الشيخ قاسم، يميز بين سلوك الناس، وسلوك القوى والشخصيات التي انتقلت من مرحلة الرهان على العدو الإسرائيلي إلى مرحلة إبداء الاستعداد للتعاون مع المشروع الأميركي، والتي تضع نفسها في قلب حملة سياسية وإعلامية تُلاقي إسرائيل في منتصف الطريق.
تحذير أميركي للمسؤولين: لا تردّوا على طلبات الحزب
لاحظت أوساط سياسية أن هناك حملة من الترهيب للمسؤولين اللبنانيين في الحكومة والأجهزة الحكومية والأمنية والعسكرية من قبل الأميركيين لعواقب التعاون مع حزب الله وإعانته في الملفات الداخلية، وأن هذا الأمر في حال حصوله سيتم تصنيفه في إطار التعاون مع حزب الله ويعرّضهم لحرمانهم من تولي مناصب في الدولة أو الحصول على مكاسب. ولضمان التزام المسؤولين الرسميين بما يفرضه الأميركي، يعمد الأميركيون إلى إقناعهم بـ«أننا لا نطلب إعلان الحرب على الحزب أو الانتفاض في وجهه، نحن فقط نطلب عدم التعاون معه والرد على اتصالاته أو طلبات مسؤوليه».
حملة منظّمة ضد حزب الله تموّلها السعودية والإمارات
علمت «الأخبار» أن السعودية والإمارات بدأتا بتمويل قنوات وصحف ومواقع إلكترونية وإعلاميين، وستتطور عملية التمويل أكثر خلال الأسابيع المقبلة ضمن مشروع لاستقطاب كل هؤلاء للمشاركة في حملة هدفها إبراز أن حزب الله انتهى، وضمن شعار وحيد «سلاح الميليشيات خطر على الدولة والشعب»، ويجب «تسليم السلاح».
وهذا التوجه يأتي برعاية من السفارة الأميركية في بيروت، ومادة التنافس هي المزيد من العداء لحزب الله والمراهنة على خسارته الحرب. وفي السياق نفسه، برز قيام السفارة الأميركية في بيروت بتفعيل لجنة إعلامية تتبع للسفارة مباشرة، غايتها بث سردية التهويل لإحباط الناس وبث الفتن.
«ليلة المِقصلة»: نتنياهو يقيل غالانت هارباً إلى الأمام
في توقيت دقيق، وقبل ساعات من ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، قرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إقالة وزير الأمن يوآف غالانت، من منصبه، وعيّن وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، مكانه، بسبب ما برّره في خطاب له على أنه «تصدّع في الثقة». وذلك قبل أن يسلّم حقيبة الخارجية لـ«الليكوديّ» القديم، جدعون ساعر، الذي انضمّ حديثاً إلى الحكومة عقب انشقاق حزبه عن كتلة «المعسكر الوطني»، التي بدورها انسحبت من «حكومة الطوارئ».
وأتت الإقالة «الدراماتيكية»، كما وصفها مسؤولون أميركيون، فيما تسعر إسرائيل حرب الإبادة على مناطق شمال قطاع غزة، لإرساء سيطرة عسكرية ومدنية، يعارضها غالانت، والمؤسّسة الأمنية عموماً نظراً إلى أكلافها المرتفعة على إسرائيل؛ فيما يؤيدها كاتس. كما أتت الإقالة، وسط استمرار العدوان على لبنان، وفيما يُعاد تشكيل المشهد السياسي في الولايات المتحدة من خلال الانتخابات الرئاسية. ورُبط توقيت الإقالة بيوم الانتخابات الأميركية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول في «البيت الأبيض» أن المسؤولين في واشنطن «فوجئوا» بقرار الإقالة، وأنه تعمّد توقيتها مع يوم الاستحقاق «لتجنّب رد فعلٍ أميركي عنيف». فيما أن الخطوة قد لا تقف عند هذا الحد، إذ نقلت «القناة 12» عن مصادر سياسية، تقديرها أن نتنياهو سيطيح رئيس الأركان، هرتسي هليفي، وقادة الأجهزة الأمنية الذين سبق أن اصطدم معهم أكثر من مرّة بما يتعلّق بمسار الحرب، وصفقة تبادل الأسرى، وخصوصاً جهازي «الشاباك و»الموساد». لكن مكتب نتياهو، نفى ذلك.
إقالة غالانت هي الثانية من نوعها، وكان نتنياهو قد مهّد لها خلال الأسابيع الأخيرة، لكن لتوقيت جاء مفاجئاً؛ حيث تنتظر إسرائيل رداً عسكرياً من إيران. وفيما تمكّن الشارع الإسرائيلي، تفاعلاً مع الإقالة السابقة، من رفع الضغط على نتنياهو من خلال موجة واسعة من الاحتجاجات، ما دفعه إلى التراجع عن قراره، في العام المنصرم، فإنه قد لا ينجح في هذه المرّة في دفع نتنياهو إلى التراجع، على الرغم من خروج احتجاجات في عشرات النقاط والمواقع في إسرائيل أمس، وتخلّلها إغلاق للطرق واشتباكات مع الشرطة. وذلك بسبب ما يبدو غياباً لمعارضي قرار إقالة غالانت، من داخل حزبه «الليكود». كما أنه من غير الواضح إن كانت المعارضة الصهيونية ستتمكّن من توحيد صفوفها لقيادة الحركة الاحتجاجية، في وقتٍ يتحسّس قادة المؤسّستين الأمنية والعسكرية رؤوسهم، حيث قد تصلهم كُتب الإقالات تباعاً، كما قد تطاول المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، التي يهاجمها أعضاء الائتلاف الحاكم ليلَ نهارَ، ويرون أنها تتبنّى «نهجاً صدامياً» ضدّ الحكومة ورئيسها.
وخلافاً لإقالات وزراء الأمن السابقين، تبدو خطوة نتنياهو هذه المرّة هروباً إلى الأمام؛ حيث تغرق إسرائيل في تحقيق بقضيتين أمنيّتين خطيرتين ضدّ طاقم مكتبه، وأقرب مقرّبيه. الأولى محورها معرفة الجهة العسكرية التي تسرّب وثائق سرية لمكتب نتنياهو، والثانية بخصوص ما تكشّف عن تزويره بداية الحرب، لبروتوكولات جلسات «الكابينت»، ومنعه السكرتاريين العسكريين من إدخال أجهزة التسجيل، كما كان متعارفاً عليه في الحروب السابقة. وبالموازاة، تفجّرت أزمة «قانون التجنيد» في وجه الائتلاف الحاكم، وهي التي أعلن غالانت علناً معارضته حلّها، إلا بقانون يحظى بتوافق الجميع، فيما فقد الائتلاف أمس الأغلبية لتمرير قانون «تمويل الحضانات» الذي أُعدّ لتجاوز قرار المحكمة «العليا»، بخصوص قطع التمويل عن المؤسّسات الحريدية. كما كان غالانت قد أصدر قراراً باستدعاء 7000 من الشبّان الحريديم، إلى الخدمة العسكرية الإلزامية، الأمر الذي اعتبره نتنياهو محاولة من غالانت لاستفزاز الحريديم والإطاحة بالحكومة.
وفي هذا الإطار، باركت الأحزاب الحريدية الإقالة من وراء الكواليس، خصوصاً وزير الإسكان يستحاك غولدكنوبيف، الذي نسج الإقالة منذ كان جزءاً مركزياً في التنسيق لضمّ ساعر إلى الحكومة، وصولاً إلى إقالة غالانت نفسها. وفيما نقل موقع «واينت» عن مسؤولٍ في الحكومة قوله إنه «تمّت التضحية بغالانت على مذبح قانون التهرّب (من الخدمة العسكرية)»، أعدّت كتلة «يهودية التوراة» الحريدية الإقالة خطوة «مرجوّة»، معتبرةً أنها تسهّل تمرير قانون التجنيد على مقاسها، وقوانين أخرى في صالح جمهورها.
احتجاجات في الشارع والمعارضة تحاول استغلالها ضد الحكومة
من جهته أشاد وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير بالإقالة، معتبراً أن «غالانت منغمس في التصوّر الأمني (الذي أدى إلى فشل السابع من أكتوبر)، وليس بالإمكان بلوغ النصر المطلق مع وزير أمن مثله». على المقلب الآخر، أدان زعماء المعارضة الخطوة؛ واعتبر رئيس كتلة «المعسكر الوطني»، بيني غانتس، الإقالة بأنها «سياسة على حساب أمن الدولة»، فيما دعا رئيس «الديمقراطيون»، يائير غولان، الإسرائيليين إلى الخروج إلى الشوارع. وانضمّ رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بينت، إلى «الحفلة» واصفاً القيادة الإسرائيلية بأنها «مريضة ومجنونة»، داعياً في الوقت ذاته الجنود والمقاتلين في جبهتي غزة ولبنان، إلى «عدم إشاحة تركيزهم عن المعركة».
وقد أقال نتنياهو غالانت خلال اتصال دام ثلاث دقائق فحسب؛ ثم ألقى خطاباً قال فيه إن «مهمّتي العليا كرئيس حكومة إسرائيل هي الحفاظ على أمنها وتحقيق النصر المؤزّر، وفي خضم الحرب مطلوب أكثر من أي وقت مضى الثقة الكاملة بين رئيس الحكومة ووزير الأمن». وأضاف: «على الرغم من وجود هذه الثقة في الأشهر الأولى من المعركة، سرعان ما فتِئت تتصدّع بيني وبين وزير الأمن في الأشهر الأخيرة»، لافتاً إلى أنه «ظهرت بيننا فجوات كبيرة في إدارة المعركة، ورافقتها تصريحات وسلوكيات تتعارض مع قرارات الحكومة والكابينت». وبحسب ادعاء نتنياهو، «قمتُ بمحاولات عديدة لجسر الفجوات، غير أنها استمرّت وتعمّقت، لتصل إلى الجمهور بطريقة غير مقبولة، والأسوأ أنها وصلت إلى الأعداء الذين استفادوا منها كثيراً». كما قال إن «غالبية أعضاء الحكومة ومعظم أعضاء الكابينت، يشاركونني الشعور بأنه من المستحيل الاستمرار على هذا النحو. وعلى ضوء ذلك قرّرتُ إنهاء ولاية وزير الأمن، وعيّنت بدلاً منه الوزير يسرائيل كاتس، كما تحدّثت مع الوزير جدعون ساعر، وعرضت عليه الانضمام مع كتلته إلى الائتلاف وشغل منصب وزير الخارجية». وأعدَّ انضمام الأخير مكوّناً مهماً في الحفاظ على استقرار الائتلاف والحكومة.
أما غالانت فقال في «خطاب الوداع» إن قرار نتنياهو أتى بعد سلسلة من النجاحات في غزة والضفة ولبنان وتوجيه ضربة هي الأولى من نوعها إلى إيران، مبرزاً ثلاث قضايا خلافية مع نتنياهو، وهي «توزيع الأعباء بالتساوي، من خلال تجنيد الحريديم»، والالتزام «بإعادة المحتجزين؛ وهو أمر ممكن ومنوط ببعض التنازلات»، وأخيراً «ضرورة استخلاص العبر بعد إجراء تحقيق أساسي (في إخفاقات الحرب والسابع من أكتوبر)».
بين لبنان وسوريا: خوف من نموذج الحرب والتهجير
لا تحمل المحطات الميدانية الأخيرة تحوّلاً في مسار الوضع اللبناني العام، في انتظار انكشاف مزيد من التطورات العسكرية والسياسية. لكن المراوحة الحالية لا تبشّر بالخير، في وقت لا تزال فيه الرسائل الديبلوماسية التي تصل الى لبنان تحمل علامات قلق من المستقبل، مع تمسّك إسرائيل بموقفها المعلن باستمرار نهج التدمير والقصف حتى فرض واقع جديد يعيد صورة «الشريط الحدودي» بمعناه الواسع، وبتطبيق عملاني للقرار 1559.
في هذه الأثناء، تستمر قراءة مستقبل الوضع الداخلي ربطاً بعاملين. في المشهد الإقليمي، تنذر حرب لبنان، في إطار أوسع مما جرى في غزة، بأن المتغيرات المقبلة على المنطقة كبيرة بحجم المشروع الذي يُبنى والذي انطلق منذ 7 تشرين الأول من غزة، وجرف في طريقه لبنان، ويلامس إيران وسوريا ودول الجوار، ويأخذ منحى مختلفاً عن ذلك الذي كان مقصوداً من الحدث الذي أطلقه صانعوه قبل عام. فما حصل تحوّل إلى أداة في يد واضعي خطط المنطقة، مستفيدين من المتغيرات الميدانية، لتحقيق مشاريع أوسع وطويلة الأمد. لكن لبنان، وهو الحلقة الأضعف في المشهد الإقليمي، من الصعب أن يتجاوز الخضة الداخلية والعاصفة التي هبّت عليه بأقل أضرار ممكنة.
قبل اندلاع الحرب، بوجهها اللبناني، كان هناك تحذير دائم من خصوم حزب الله من تحوّل لبنان إلى غزة ثانية، بمعنى الانهيار الداخلي الاقتصادي والاجتماعي وتحوّله إلى مجتمع حرب دائمة. وكان هؤلاء يحمّلون الحزب وسلاحه مسؤولية هذا المنحى الذي يخالف رغبة العاملين على مشروع مختلف للبنان مزدهر. وبعد تطورات الشهرين الأخيرين، وحملة التدمير الممنهج من الجنوب الى البقاع والضاحية، تكررت المخاوف، ولكن من جانب حلفاء الحزب، من أن يكون الهدف خلق غزة ثانية، بالمعنى العسكري والميداني، عن طريق محو كل ما يقف في طريق خطة إسرائيل لمستقبل غزة. لكن النظرة المغايرة، تضع سوريا كنموذج لما يحصل في لبنان حالياً وليس غزة، أولاً لجهة مفهوم الوطن والدولة القائمة بغضّ النظر عن النظرة إليها في لبنان وسوريا والجغرافيا المعترف بها، بما هو مختلف تماماً عن غزة، وثانياً، لتشابه تركيبتَي لبنان وسوريا الى حدّ كبير لجهة التنوع الطائفي والسياسي، وثالثاً أن حرب سوريا التي بدأت تدريجاً وانفجرت في صورة عشوائية وعنيفة أدّت الى حركة نزوح داخلية كبيرة على قاعدة طائفية واجتماعية كما يحصل في لبنان اليوم، ورابعاً أن حركة النزوح من سوريا نحو دول الجوار بدأت تفرض إيقاعها، وإن بأعداد أقلّ، من لبنان في اتجاه سوريا والعراق، عدا عن مغادرة اللبنانيين جماعاتٍ بلدهم، وإن كانت هذه المغادرة أكثر تمايزاً لجهة واقع الانتشار اللبناني والعمل والدراسة في الخارج. بذلك يصبح النموذج السوري، وبما وصل إليه من ارتدادات وتدخلات خارجية وانهيار داخلي، أقرب الى الحالة اللبنانية. لكن ذلك يعكس مخاوف تنذر حتى الآن بالقلق خشية تفاقمها.
الحرب الأهلية التي يتخوّف الفرنسيون منها في لبنان أقرب إلى مثال سوريا
ما قبل الحرب الأخيرة، ومع ارتفاع الكلام عن الفيدرالية لدى بعض المجموعات والشخصيات عبر إطلالات سياسية وإعلامية، كان جمهور حزب الله وحلفاؤه أكثر الذين انتقدوا مروّجي هذا الكلام، عدا عن شخصيات مسيحية لا تزال تتمسك حتى الآن بفكرة لبنان القائم وفق نظام اتفاق الطائف وتركيبته الحالية. لكن في الوقت نفسه، كان الحزب متهماً بأنه يطبق نوعاً من الفيدرالية في مجتمع منسجم ومندمج في مناطق الجنوب والبقاع، بما يخدم خصوصية الثنائي الشيعي من دون غيره، وهذا الكلام كان معززاً بشواهد عن التفاعل ضمن بيئة من لون واحد بعيداً عن المجتمعات الأخرى. مع حركة النزوح الأخيرة، خرج جمهور الثنائي وقاعدته من هذا الإطار الى مناطق الداخل، مندمجاً مجدداً مع قواعد الطوائف والأحزاب الأخرى، وهو أمر مرشح لأن يطول بفعل استمرار الحرب وآلة التدمير التي لا تسمح للنازحين بالعودة قريباً. وهنا يصبح الكلام أكثر دقّة بين انفلاش سجال حول ثلاثة اتجاهات، واحد يرى ما يحصل احتضاناً لبنانياً صافياً وتلقائياً وتهليلاً لفكرة العيش المشترك، وآخر لا يرى فيه إلا تجاوزات من المجتمع المضيف الحزبي الخصم لحزب الله لا المجتمع النازح ويلوّح بحسابات مستقبلية معه، وثالث لا يرى في الحركة القائمة إلا مشهد التجاوزات المرشحة للتفاعل. والاتجاهات الثلاثة لها طواقمها السياسية والإعلامية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهنا يصبح الكلام عن الترويج المستمر لفكرة الحرب الأهلية التي لا يزال الفرنسيون يتخوّفون منها ويصرّون على التداول بها، أقرب الى مثال سوريا. ولبنان الذي خبر أنواعاً من هذه الحروب، طوال خمسين عاماً، بات يحتاج الى جهود مضاعفة لكبح مسار أي تحوّل من الحرب الإسرائيلية الى تفلّت داخلي، يصاحبه تدهور تدرّجي يشكل عامل إفادة لكثير من العناصر الداخلية والخارجية في الانتقال من مرحلة الى أخرى.
عام 1975، لم يظنّ اللبنانيون أن حروبهم ستمتدّ خمسين عاماً، وحين اندلعت تظاهرات سوريا لم يتوقّع السوريون أن تمتد حربهم 13 عاماً. لذا يصبح اللجوء الى تماسك داخلي في اللحظات الحرجة الحالية مطلباً أكثر إلحاحاً من السنوات السابقة، وحزب الله واحد من المطالَبين بذلك، لأن الحرب الإسرائيلية لا تقلّ خطراً عن كل ما يرتسم من مخاوف خارجية على الوضع الداخلي.
اللواء:
دعوة ميقاتي إلى «قمة التضامن».. ووقف الحرب على لبنان على جدول الأعمال
20 شهيداً بغارة إسرائيلية على برجا ليلاً .. وانسحاب تكتيكي لوحدات إسرائيلية من الجنوب
استبقت حكومة بنيامين نتنياهو المخاض الانتخابي الرئاسي الطويل بترتيبات تتعلق بالمرحلة ما بعد جو بايدن، الذي يعيش ايامه الاخيرة في حديقة البيت الأبيض، بإقالة وزير الحرب يوآف غالانت، وتعيين يسرائيل كاتس مكانه، وسط ترحيب وزراء اليمين المتطرّف، كما عيّن جدعون ساعر وزيراً للخارجية، في وقت سحب الجيش الاسرائيلي وحدات من جنوده من «أجل الراحة» (حسب البيان الاسرائيلي).
ومع ذلك، استمر جيش الاحتلال الاسرائيلي بقصف السيارات والمنازل، من الجنوب الى الاقليم فسوريا، حيث تزايد عدد الشهداء والجرحى، وتميز يوم امس بردّ صاروخي فاعل على نهاريا ومستعمرات الشمال من كريات شمونة الى المطلة وبلدات في الجليل الغربي واصبع الجليل، مع ضربات لتجمعات الجيش المعادي بالمسيرات الانقضاضية.
وكان الوزير المقال اعتبر بتصريح له أن المقاومة جنوب الليطاني تنهار، مطالباً بانسحابها الى شمال الليطاني، وذلك خلال اتصال جرى مع وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن الذي شدد على حل دبلوماسي في لبنان يسمح للمدنيين على جانبي الحدود بالعودة الى منازلهم.
وجاءت هذه التطورات في اسرائيل بعد يوم طغى فيه على العالم كله ومن لبنان امس بتتبع مجريات الانتخابات الاميركية الرئاسية والنيابية ولحكام الولايات، وسط وعود المرشحين الديموقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب بوقف الحرب في لبنان بين إسرائيل وحزب لله، التي اعتبرتها صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أميركيين بانها تُشكل «الخطر الأكبر على واشنطن لا الحرب في غزة».
وأضافت: أن خطوات بايدن ستشمل قرارات تجنبها سابقاً، مثل عدم حماية إسرائيل في المحافل الدولية وإبطاء إمدادها بالأسلحة».
لكن ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية نهاراً أن إسرائيل «نقلت إلى رئيس حكومة لبنان رفضها وقف إطلاق النار». بينما أفاد «موقع Ynet» الإسرائيلي ان جيش العدو الإسرائيلي، قام بسحب عدة ألوية من جنوب لبنان لإجراء «تدريبات تنشيطية»، حيث من المتوقع أن تستمر العملية البرية لعدة أسابيع أخرى.
وذكر الموقع الإسرائيلي، أنه على خلفية تقييم المسؤولين المشاركين في المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية في الشمال، بأن التوصل إلى اتفاق ممكن في غضون أسبوع ونصف إلى أسبوعين، لذلك قام الجيش بسحب عدة ألوية من جنوب لبنان لإجراء تدريبات تنشيطية.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن رفع التوقعات بشأن تبدل معين في ما خص مسار الحرب بعد ظهور نتائج الأنتخابات الأميركية ليس في مكانه، لأن الكلمة للميدان في الوقت الراهن اما في وقت لاحق فإن مسألة وقف إطلاق النار تترك للمفاوضات وللفريق الذي يفاوض مكلفا من الرئيس الأميركي الجديد.
إلى ذلك أوضحت المصادر أن هناك يعملون بقوة من أجل دعم قائد الجيش لرئاسة الجمهورية وإن هناك ضغوطاً تمارس في هذا المجال كونه الشخصية الانسب، مع العلم أن التعويل الأكبر يقوم على دوره في المرحلة المقبلة.
دعوة ميقاتي الى القمة
وتسلم امس الرئيس نجيب ميقاتي دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للمشاركة في القمة العربية – الإسلامية المشتركة غير العادية التي ستعقد في الحادي عشر من تشرين الثاني الحالي في الرياض.
وقد تسلم رئيس الحكومة الدعوة من سفير المملكة لدى لبنان الدكتور وليد بخاري.
وتضمنت الدعوة تأكيداً على «التضامن العربي والاسلامي في سبيل وقف العدوان الاسرائيلي، والدفع باتجاه حل عادل للقضية الفلسطينية».
وعلمت «اللواء» من مصدر دبلوماسي ان الاعتداءات الاسرائيلية السافرة على لبنان ستكون على جدول الاعمال، لجهة وقف العدوان ووقف النار وتنفيذ القرار 1701 وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
مجلس الوزراء
ويقر مجلس الوزراء اليوم البند رقم 2، الذي يقضي بمنح وزارة المالية سلفة خزين لتطويع الف وخمساية جندي في الجيش، بالرغم من اعتراض وزير الدفاع موريس سليم.
وفي ما خص البند الرابع من جدول الاعمال، فقد رفضت القوات اللبنانية استعمال الابنية
العائدة للمدارس الخاصة عند الاقتضاء لتدريس تلامذة المدارس الرسمية بأن يمس بالمقومات لجهة الملكية الخاصة.
سياسياً، اعلن رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية انه مستمر في مساندة المقاومة حتى النهاية، «وتيارنا لم يتغير سابقاً ولن يتلون»، محذراً من ان هدف العدو الاسرائيلي هو افتعال حرب اهلية، وهو سيلعب على هذا الوتر.
الميدان ساخن
وفي حين خيّم الهدؤ السياسي الداخلي، استمرت السخونة في الميدان . حيث في اطار استهداف العدو المستمر للمدنيين في منازلهم، شنّ الطيران الحربي الاسرائيلي، غارتين على شقة سكنية في مبنى من 4 طبقات ببلدة الجية ساحل اقليم الخروب، بالقرب من مجمع المصطفى ادت الى تدميرجزء منه وتصدعه. حيث افيد عن ارتقاء سيدة شهيدة وسقوط 15 جريحاً.
كما واصل العدو تفجير المنازل التي يصلها حيث افيد عن نسف حي سكني في بلدة ميس الجبل.
وقرابة السابعة صباحا، شن العدوغارة على منزل لآل فقيه، في بلدة كفرتبنيت ما أدى الى تدميره. وأغار الطيران الحربي على أطراف بلدة الخرايب، وعلى المنطقة الواقعة بين بلدتي القصيبة وصير الغربية، وعلى بلدة دير انطار في قضاء بنت جبيل.
واستهدفت موجة جديدة من الاعتداءات الاسرائيلية قرى قضاءي صور وبنت جبيل استمرت حتى الصباح اذ اغار الطيران الحربي على مبنى في بلدة معروب ما ادى الى تدميره ووقوع اصابات واضرار وعملت فرق الدفاع المدني والاسعاف الصحي على البحث عن مفقودين حتى صباح اليوم.
وارتقى شهيد في غارة حاريص وغارة على مسجد البلدة بعد منتصف الليل. واصيب عدد من الاهالي بجروح متوسطة من جراء استهداف الطيران المسير لبلدة الطيري، وتم نقلهم إلى مستشفى اللبناني الإيطالي في صور للمعالجة .
وصباحاً أفيد عن استشهاد 4 أشخاص في غارة إسرائيلية على منزل في بلدة بافليه قضاء صور.وفي بلدة ديركيفا ادت الغارة الى سقوط شهيدين واصابة عدد من الجرحى. واستهدف الطيران الحربي بلدات: البازورية، صريفا، باريش، كفرا وياطر.
وفي البقاع، شن العدوغارة بـ 3 صواريخ إستهدفت سيارة على طريق حورتعلا، ما ادى حسب مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة سقوط 3 شهداء في الغارة. كما اعلن المركز في بيان أن غارة العدو الصهيوني على سيارة في بدلة طليا أدت إلى إرتقاء ثلاثة اخوة في الغارة وهم: العريف في أمن الدولة رائد ناجي دندش وشقيقته ديانا والطفل محمد.وإصابة 3 بجروح.
وبعد الظهر استهدفت غارات العدو مدخل بلدة مشغرة الشمالي وسحمر ويحمر – زلايا في البقاع الغربي، واستهدفت غارة منزلا في حوش الرافقة الا ان الصاروخ لم ينفجر.
كما استهدف العدو مساء منزلا في سهل سعدنايل بالبقاع الاوسط ما ادى الى ارتقاء 3 شهداء.
وليلاً أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على الطريق الدولية بين جديدة يابوس والمصنع، كما استهدف بلدة عرمتى، وليلا برجا حيث سقط 20 شهيداً و14 جريحاً من جراء الاعتداء على مبنى سكني في البلدة، مما ادى الى اشتعال النيران وانيهار المبنى في حصيلة اولية، حسب بيان وزارة الصحة اللبنانية.
وعلمت «اللواء» ان المبنى المستهدف يضم نحو 30 شخصاً بينهم اطفال احترقوا نتيجة النيران التي اندفعت بعد الغارة.
وعلم ان المستهدف بغارة برجا هو مسؤول مالي في حزب لله يدعى عبد لله ابراهيم.
وقصف حزب لله مصنع المواد المتفجرة في الخضيرة بصواريخ جديدة.
كما هاجمت المقاومة الاسلامية بالمسيرات تجمعاً لقوات العدو عند اطراف بلدة مارون الراس.
البناء:
تطمينات واستنفار أمني في واشنطن تحسباً لمواجهات مع غموض نتائج الانتخابات
نتنياهو يقيل غالانت وبعده قادة الجيش والأجهزة… لإقفال التحقيق ومتابعة الحرب
اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في حيفا والقدس… وتلويح بالعصيان المدني
كتب المحرّر السياسيّ
تلاقى المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كمالا هاريس في ذروة التنافس الانتخابي على إشاعة مناخ إيجابي تجاه الثقة بنزاهة العملية الانتخابية، مع التحفظ بإضافة كلمة حتى الآن، والإعلان عن الاستعداد لقبول النتائج إذا كانت النتائج مقنعة ربحاً أو خسارة. وبدت هذه التطمينات الحذرة تلبية لطلب المؤسسات الأمنية لتهدئة كل من المرشحين لمؤيديه وشارعه، في ضوء القلق من مخاطر اندلاع مواجهات في الشوارع احتجاجاً على النتائج، واستباقاً لرفض النتائج من الفريق الخاسر في الولايات التي يكون الحكم فيها للحزب المنافس. وفي واشنطن أعلنت القيادات الأمنية استنفار آلاف عناصر الشرطة ونشرهم في نقاط حساسة تحسباً لمخاطر أمنية قالت إن تقاريرها تتحدّث عن احتمال وقوعها خلال الأيام المقبلة، خصوصاً إذا تأخر إعلان النتائج في ولايات مؤثرة غير محسومة الولاء لأي من المرشحين والحزبين، مع بقاء كل استطلاعات الرأي عند إشارات تؤكد على غموض النتائج، حيث ترجيحات الفوز بنتائج الولايات المتأرجحة كلها تشير الى فوارق دون الـ 1% ما يضعها في قلب هامش الخطأ.
في كيان الاحتلال أزمة كبرى انتقلت إلى الشارع كانت شرارتها إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إقالة وزير الحرب يوآف غالانت، بما بدا استفزازاً للشارع الذي سبق وخرج دعماً لبقاء غالانت قبل سنتين، على خلفية التعديلات القضائية التي تبناها نتنياهو لصالح حلفائه في اليمين المتطرف الديني والقومي، بينما تشكل قضية تجنيد الحريديم من جهة والتحقيق في فضيحة التسريبات الأمنية من مكتب نتنياهو محورين راهنين للتصادم بين نتنياهو وغالانت، مع الخشية من تسليم غالانت لوثائق تطلبها المحكمة في التحقيق وقد تؤدي إلى الزج بنتنياهو في قفص الاتهام، بينما تهدّد مبادرة غالانت إلى دعوة آلاف عناصر الحريديم للالتحاق بالجيش بفرط عقد الائتلاف الحكومي.
وتداولت وسائل إعلام الكيان تقارير عن نية نتنياهو إقالة قادة الجيش والأجهزة الأمنية، حسماً للازدواجية في القرار حول خيارات مثل قضية التفاوض ومشروع صفقة تبادل تنهي حرب غزة، حيث يؤيد الجيش والأجهزة الأمنية وغالانت خيار الصفقة ويحمّلون نتنياهو مسؤولية تعطيلها، كذلك قضية تجنيد الحريديم، وقضية التحقيق في التسريبات الأمنية.
والأهم في قضية تقدير الموقف من الحرب وقدرة الجيش على مواصلتها، حيث يُصرّ نتنياهو على المضي بالحرب رغم تحذيرات قادة الجيش والأجهزة الأمنية من خطورة المخاطرة بذلك واحتمال التسبب بكارثة خصوصاً في جبهة لبنان.
الاشتباكات التي اندلعت بين المتظاهرين والشرطة في حيفا والقدس وتل أبيب أعادت إلى الذاكرة صورة احتشاد مئات الآلاف ضد نتنياهو وحكومته، بعدما صدرت نداءات عن المعارضة لتوسيع دائرة الاحتجاج وصدور دعوات تلوّح بالعصيان المدني والإضراب العام المفتوح حتى إسقاط الحكومة.
وفيما كان العالم يحبس الأنفاس بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية في ظل تنافس شرس بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ومرشح الحزب الديمقراطي دونالد ترامب، خطفت الأضواء الخطوة التي قام بها رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإقالة وزير الحرب يوآف غالانت من منصبه، وتعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفًا له، في خطوة ستترك الكثير من التداعيات السلبية على المستويين السياسي والأمني على الداخل الإسرائيلي وبطبيعة الحال تداعيات على مسار الحرب في غزة ولبنان والمنطقة.
ولفتت مصادر سياسية لــ «البناء» الى أن «ما قام به نتنياهو هو انقلاب وزاري – سياسي بتخطيط مع وزراء التيار الديني المتطرّف لإحكام السيطرة على القرار السياسي والأمني في الحكومة للتصرّف بحرية في ملفات الحرب في غزة من خلال تجميد أي صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وملف الحرب مع لبنان والتصعيد في العمليّات العسكرية البرية والجوية وارتكاب المزيد من المجازر، والتوجّه إلى التصعيد مع إيران كما كان يُصرّح وزير الحرب الإسرائيلي الجديد وزير الخارجية الأسبق يسرائيل كاتس بأن أحد أهدافه الأساسية هو ضرب المفاعل النووي الإيراني».
وفي أول تصريح بعد تعيينه زعم وزير الحرب الإسرائيلي المعين يسرائيل كاتس أن «الأولوية هي لإعادة الأسرى من قطاع غزة وتدمير حركة حماس وحزب الله».
وتوقعت المصادر السياسية لـ»البناء» تصعيداً على الجبهة مع لبنان، علماً أن تصاعد الخلاف بين نتنياهو وغالانت هو الفشل بتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية للحرب على لبنان وطلب غالانت ورئيس الأركان الإسرائيلي من المستوى السياسي إعادة النظر بالعملية البرية في جنوب لبنان والحرب برمتها، إضافة إلى تشجيع غالانت على عقد صفقة تبادل الأسرى مع حماس، مع الإشارة الى أنه جرى توحيد الائتلاف الوزاري في «إسرائيل» وتأجيل الخلاف وقرار الإقالة لغالانت بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في 27 أيلول الماضي على اعتبار أن تحقيق النصر المطلق سيكون خلال أسابيع قليلة. وأوضحت أن خطوة نتنياهو تؤشر الى نيته مواصلة الحرب حتى بعد إعلان نتائج الانتخابات الأميركية وبالحد الأدنى حتى تسلّم الرئيس صلاحياته في مطلع العام المقبل.
وكان غالانت في آخر تصريح له قبل إقالته، زعم أن «إنجازات الجيش تضع «إسرائيل» في موقف قويّ لمطالبة حزب الله بدفع قواته إلى شمال الليطاني». وفي حديث لفايننشال تايمز، ادعى «أننا بحاجة إلى وقف نقل الأسلحة من إيران عبر سورية والعراق إلى لبنان».
وكان غالانت قد زعم في وقت سابق أننا سنقضي على حزب الله وهدّد باغتيال الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم.
واستبق نتنياهو بخطوته إقالة غالانت وفق خبراء في الشأن الإسرائيلي نتائج الانتخابات الأميركية وإعلان فوز الرئيس الجديد، لتحصين حكومته ضد أي ضغوط من الإدارة الأميركية الجديدة على «إسرائيل» لوقف الحرب في غزة ولبنان، لتدارك التداعيات الكبيرة لها على مستوى المنطقة برمّتها، خصوصاً بعد تصعيد حزب الله لعملياته النوعية وتهديد تل أبيب ومطاردة نتنياهو والتهديدات الإيرانية بالرد الحاسم والكبير على «إسرائيل».
وفي سياق ذلك نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين، أن «الصراع بين «إسرائيل» وحزب الله يشكل الخطر الأكبر على واشنطن لا الحرب في غزة، وهناك قلق من أن يجرّ هجوم «إسرائيل» على لبنان واشنطن ودولاً عربية مجاورة إلى القتال». وذكرت الصحيفة، أن «هجوم «إسرائيل» على لبنان يثير قلق إدارة بايدن لأنه قد يتحوّل لقتال بين «إسرائيل» وإيران، ومن المرجّح بشكل متزايد أن ينقل بايدن الأزمة في لبنان إلى خليفته».
وفي سياق سلسلة من الإخفاقات الإسرائيلية على جبهتي غزة وجنوب لبنان لا سيما سحب ألوية من القوات النخبة من الحدود مع لبنان، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن قادة جيش الاحتلال لم يجدوا حتى الآن مَن يقبل بتسلّم قيادة وحدة الاستخبارات الصهيونية 8200، من داخل المؤسسة العسكرية نفسها، ليبدأ البحث عن شخص من الخارج. وبحسب الصحيفة، القرار النادر نابع بشكل رئيسيّ من فشل الاستخبارات في 7 تشرين الأول 2023، وهو فشل منهجيّ يعاني منه الكثيرون، حتى أولئك الذين كان من الممكن ترشيحهم للمنصب.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية، الى ان «الوزير أنتوني بلينكن بحث في اتصال مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الجهود الجارية لإنهاء الحرب في غزة، والجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل في لبنان».
ميدانياً، واصلت المقاومة الإسلامية في لبنان عملياتها النوعية ضد العدو الاسرائيلي، وفي «إطار التحذير الذي وجّهته المقاومة لعددٍ من مستوطنات الشمال، استهدف مجاهدو المُقاومة مستوطنة دلتون بصلية صاروخية».
وأعلن «حزب الله» استهداف تجمع لقوات العدو في ثكنة دوفيف بصلية صاروخية. وقال «استهدفنا ثكنة معاليه غولاني برشقة صواريخ». واستهدف «تجمعًا لقوات الجيش الإسرائيلي في موقع الرمثا في تلال كفرشوبا بصليةٍ من الصواريخ النوعية». وقصف «مصنع مواد متفجّرة في الخضيرة جنوب مدينة حيفا برشقة صواريخ نوعية». وأعلن «استهداف تجمع لقوات جيش العدو الإسرائيلي عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة مارون الراس بصليةٍ صاروخية، وتجمعًا لقوات جيش العدو الإسرائيلي في مستوطنة يفتاح بصليةٍ صاروخية».
وأفاد موقع «واللا»، أنه «تم رصد 20 صاروخاً أطلقت من لبنان باتجاه نهاريا وبلدات محيطة بالجليل الغربي».
في المقابل، واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على لبنان، فارتكب مجزرة في برجا، حيث أغار على شقة في مبنى سكني عملت فرق البحث والإنقاذ على انتشال جثمان شهيدة وسحب ٧ جرحى من تحت الأنقاض وتولّت جهات أخرى نقلهم إلى المستشفى.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أن «غارة العدو الإسرائيلي على برجا أدّت في حصيلة أولية إلى استشهاد خمسة عشر شخصاً، ولا تزال عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض مستمرة».
وتواصلت الغارات على الجنوب والبقاع حيث تمّ استهداف سيارة على طريق طليا – حورتعلا بقاعاً ما أدّى الى استشهاد 5 أشخاص، واستهدفت غارتان شقة سكنية بالقرب من مجمع المصطفى في الجية، وأفيد عن سقوط 7 جرحى.
كما سجلت غارات على كفرا والشهابية وتول وعيناتا ومحيط مدينة صور والشبريحا والمنطقة بين بلدتي عيتيت ووادي جيلو وطيردبا وعيتيت وعنقون ودير الزهراني. واستهدف طيران العدو الحربي مبنى على طريق مدخل مستشفى الشيخ راغب حرب في تول.
وأفيد عن غارة على محل تجاري في جويا. وعلى منطقة كفرجوز في النبطية. وتسبّبت غارة على أطراف بلدة البازورية، بوقوع إصابات. وأفيد عن انتشال 12 شهيداً من وطى الخيام ومغادرة جميع فرق الإسعاف واليونيفيل المكان.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، في التقرير اليوميّ لحصيلة وتداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان، أن «غارات العدو الإسرائيلي ليوم الاثنين 4 تشرين الثاني 2024 أسفرت عن 11 شهيداً و61 جريحاً». وذكر المركز، أن «الحصيلة الإجماليّة لعدد الشهداء والجرحى منذ بدء العدوان حتى يوم أمس بلغت 3013 شهيداً و13553 جريحاً».
الى ذلك، وصل وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم أمس، إلى جنيف مع وفد رسمي، مُكلّفًا من الحكومة اللبنانية بتقديم شكوى ضد الجرائم التي ارتكبها العدو «الإسرائيلي»، وتحديدًا جريمة تفجير معدات البيجر واللاسلكي، التي أسفرت عن استشهاد وإصابة آلاف الأشخاص، لا سيما فئة العمال وأصحاب العمل الذين أصيبوا في مواقع عملهم، ما يشكل انتهاكاً للاتفاقيات الدولية التي تكفل حماية العمال وتوفير بيئة عمل آمنة لهم.
سياسياً، أشار عضو كتلة «التّنمية والتّحرير» النّائب هاني قبيسي، إلى أنّه «بعدما قرأنا بعض الكتابات لأصحاب الرّؤوس الحامية أيًّا كان انتماؤهم، نذكّر بقول الإمام المغيّب موسى الصدر، إنّ «أفضل وجوه الحرب مع «إسرائيل» الوحدة الوطنيّة الدّاخليّة»، لافتًا إلى أنّ «أيّ كلام يتعارض مع هذا المنطق، يخدم العدو الصّهيوني». وأكّد في تصريح، أنّ «المقاومة لن تبحث أبدًا عن مشكلة داخليّة مع أي جهة من الجهات، بل عن وعي يعزّز قوّة الوطن في الصّمود أمام الهجمة الصّهيونيّة الشّرسة، الّتي تسعى إلى تدمير الوطن وتمزيقه، والواجب على كلّ وطني أن يسعى لتوحيده».
على صعيد متابعة الإنزال الإسرائيلي في البترون، لفت مصدر قضائي لبناني لوكالة «فرانس برس»، تعليقًا على عمليّة خطف المواطن اللّبناني عماد أمهز، أنّ التّحقيقات الأوّليّة الّتي تجريها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، بإشراف النّائب العام التّمييزي القاضي جمال الحجار، أظهرت أنّ «العملّية نُفّذت بدقة وبسرعة، وكان معدًّا لها مسبقًا وبإتقان».