بمظهر "هوليودي" تسابقت وسائل الإعلام بكل اللغات الحية لنشر خبر أمريكي حول استجابة قطر لطلب من إدارة بايدن، وبالتبعية حكومة نتنياهو، بضرورة وقف "الرعاية الشاملة" لحركة حماس، استضافة وإقامة ومكتب يمارس مهامه بجور قاعدة العديد الأمريكية الأهم في الشرق الأوسط أمنيا ووطيفيا.
بعيدا عن الخبر، ورد الخارجية القطرية التوضيحي، الذي حمل في طياته ما سيكون تنفيذا لـ "أمر" متفق عليه لاحقا، فالسياق المهم لتناول المسألة ينطلق من طبيعة العلاقة القطرية الحمساوية، أهدافا ووظيفة ونتائج، التي بدأت بتفاهم ثلاثي (أمريكي إسرائيلي قطري) كقناة تدجين مستحدثة لحركة حماس، في طريق الاستخدام للمرحلة الجديدة في المشهد الفلسطيني، بعد اغتيال المؤسس الخالد ياسر عرفات وتنصيب محمود عباس رئيسا.
واستدراكا لما كان، فعلاقة حركة حماس بالدول الإقليمية، متجاوزين ما قبلها في زمن المجمع الإسلامي، دورا ووظيفة وخدمة، لم تنطلق أبدا من "قاعدة المواجهة المشتركة" للعدو الوطني – القومي، بل حكمتها مصالح وخدمات متبادلة، بعيدا عن "المجاملات السياسية"، فالبداية كانت مع الشقيقة الأردن، نهاية 1987، التي استضافت قيادة حماس الأولى، وبينهما خالد مشعل وأعضاء مكتب سياسي مؤسسين، رغم رفض الأردن بالمطلق السماح لأي فصيل فلسطيني منذ عام 1971 فتح مكاتب او ممارسة أي نشاط، فما بالنا بالعمل العسكري وعمليات تفجيرية داخل قلب الكيان.
علاقة استمرت لمدة عشر سنوات من 1987 حتى 1997، انتهت مع انتهاء الخدمة الخاصة بالاستضافة، بعد فوز نتنياهو وضمان وقف أي قدرة لتطور الكيانية الفلسطينية وفق اتفاق إعلان المبادئ 1993، لتجد قيادة حماس في النظام السوري بقيادة الراحل حافظ الأسد، "القبلة السياسية الجدية"، فرغم العداء المطلق للأـسد من المجموعة الإسلاموية بكل مسمياتها، لكنه وجد في حركة حماس أداة خدمة في مواجهة القيادة الفلسطينية وزعيمها ياسر عرفات، علاقة كانت الأكثر انتهازية في التاريخ السياسي الإقليمي، لكنها سقطت في محطة 2011 مع المشروع الأمريكي للأسلمة، لتنحاز حماس لأصلها الفكري لتغادر.
التذكير بمحطتي الأردن وسوريا، فقط للدلالة أن الاستخدام السياسي كان أحد قواعد تحرك حركة حماس، ما يمثل بابا لفهم آلية الاستخدام القطري لها في المشهد الفلسطيني، والتي لم يكن بها سرا ابدا، خاصة وأن الحكم القطري أعلنها بشفافية نادرة، بأنها علاقة في إطار التفاهم الكامل مع واشنطن وتل أبيب.
بالتأكيد، الهدف المركزي لأمريكا وتل أبيب من القناة القطرية كان استكمال ما بدأ من تحقيق "مكاسب" أولية بقطع الطريق على تطور الكيان الفلسطيني الأول (السلطة الوطنية) بعد معركة السنوات الأربعة 2000- 2004 والخلاص من الزعيم المؤسس ياسر عرفات، ولتحقيق الهدف التكميلي، كان لابد من إدخال حركة حماس للمنظومة السياسية، فكانت انتخابات يناير 2006 لتأتي بفوز حماس "المنسق" بدقة، ثم انقلاب يونيو 2007، الذي خطف قطاع غزة، لتدخل مرحلة الخلاص من الكيانية الوطنية مرحلة جديدة، وكانت قطر خلالها الراعي الشامل والرسمي لحكم حماس داخل القطاع وخارجه.
ومع 7 أكتوبر 2023، بدأت مرحلة مستحدثة لتدمير الكيان الوطني الفلسطيني، وخلق واحدة من أكبر النكبات في التاريخ المعاصر، ليس بعدا إنسانيا كما يحلو للبعض الحديث عنه، بل ببعده السياسي الكامل، تدميرا في قطاع غزة وتهويدا في الضفة والقدس، ما يرسخ أن "الخدمة الكبرى" من "العلاقة الثلاثية" أمريكا، الكيان وقطر من حركة حماس وصلت إلى نهايتها، ولم يعد لاستمرارها فائدة سياسية، بعدما وصلت الى تحقيق مجمل الأهداف التي تم تحديدها منذ عام 2005، بل وتجاوزت ما كان متوقعا بكثير.
موضوعيا، حركة حماس، لم يعد لديها أي مخزون سياسي يمكن أن يمنحها امتيازات جديدة في العلاقة مع قطر، كونها علاقة محكومة بمبدأ "الخدمات المتبادلة" أو "المصالح المتبادلة"، ولا صلة لها إطلاقا بقاعدة المواجهة مع دولة الكيان، ولذا دخلت رحلة النهاية مع قطر، وكانت العلاقة الأطول في مسيرتها منذ الإعلان الأول.
انطلاقة حماس بدأت في سياق البحث عن "بديل مواز" لمنظمة التحرير 1987، إلى أن تكون أداة تقسيم الكيانية الأولى 2007، فكسر عامودها الفقري أكتوبر 2023، مراحل توضح أن النهاية الاستخدامية وصلت محطتها الأخيرة، ولذا بدأت "الحركة الهوليودية" فيما سيكون مستقبلا، وبلا خداع، فقيادة الحركة تعلم يقينا أنها الحقيقة، وما ينتظرها زمن سواده السياسي يفوق كل ما فعلته سوادا في المشهد الوطني.
والمفارقة القادمة هي معضلة أين تكون مع نهاية المخزون الخدماتي السياسي، كما كان لها منذ البداية حتى الانقلاب القطري عليها، فخيارتها أن تكون في بلاد الفرس ليست نهاية مشرفة لها، وكذا العراق لن تتمكن منه لاعتبارات أمريكية فارسية متفق عليها، وغيره سيكون "هجرة" خارج المسار العام، وبحث عن مكان إقامة آمن وليس موقع عمل جديد.
زمن حماس القطري انتهى موضوعيا، وهي النهاية التي قد لا تجد لها بداية كما سبق في محطات أخرى، وما سيكون خروجا من مشهد كان له أن يكون وطنيا إلى مشهد ستحاسب عليه وطنيا.
هل تملك حماس بقيادتها الراهنة ما يمكنها أن تنقذ ما يمكن إنقاذه لبقايا حركة سياسية، تلك مسألة تستحق قراءة مختلفة وبرؤية مختلفة، وشروط عمل غير التي كانت قاعدة انطلاق وأدوات فعل استخدامي، في المشهد الوطني الفلسطيني.
ملاحظة: من طرايف دولة العدو، قالك حرق علم لبنان من قبل جنودها "مخالف للتعلميات"..بس حرق لبنان فوقه وتحته ومعه حرق غزة طلع ضمن التعليمات.. تحرق علم لا.. تحرق بلد وجسد بني آدم آه.... شايفين التعليمات قديش "خدومة" و "حنونة"..يا هيك الإنسانية يا بلاش..احلى فاشية..
تنويه خاص: شكلها فرحة جماعة الرسمية الفلسطينية بمكالمة عباس مع ترامب.. خلتهم ينسوا انه اللي صار في أمستردام كان عشان فلسطين مش عشان هندوراس..والفاشيين حرقوا علم فلسطين مش علم كوستاريكا..بس معاكم حق "أبو ضحكة جنان" اهم لكم ..لكن يمكن ما تلحقوا تفرحوا..مع انها طولت بس تأكدوا انها قربت..