مؤتمر دولي بتونس.. لحماية التراث العثماني بالمغرب العربي

وكالة الأناضول

مؤتمر دولي بتونس.. لحماية التراث العثماني بالمغرب العربي

  • منذ 5 ساعة
  • العراق في العالم
حجم الخط:
Tunisia
تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول
- رئيس قسم الأبحاث بمركز "أرسيكا"، جنكيز طومار: ننظم مؤتمرات وورش عمل ونطبع كتب عن المنطقة العربية
- الفترة العثمانية مهمة بهذه المنطقة ليس سياسيا فقط بل إداريا واقتصاديا والعمارة والثقافة والتراث
- المهندس التونسي وباحث التراث، محمد العيدودي: قصور البايات العثمانيين تراث مهم لحقبة مهمة في تاريخ تونس
- الباحثة التونسية رشيدة الديماسي: "المدارس العثمانية وجدت بتونس منذ القرون السابع عشر وحتى القرن العشرين
على مدى يومي الأربعاء والخميس، استضافت تونس "المؤتمر الدولي حول التراث العثماني" في المغرب العربي، حيث اجتمع باحثون من الجزائر وتونس والمغرب لدراسة التراث العثماني والنظر في كيفية تثمينه والمحافظة عليه.
المؤتمر نظمه مركز الأبحاث حول التاريخ الإسلامي والفن والثقافة "أرسيكا" التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، في منتجع الحمامات السياحي شمال شرق تونس.
الأناضول واكبت المؤتمر والتقت عددا من الخبراء المشاركين فيه، الذين أكدوا على مكانة التراث العثماني في المنطقة وأهمية حمايته وتبادل الخبرات والمعارف حوله بين الخبراء الأتراك والمغاربة.
* التراث طريق للمستقبل
رئيس قسم الأبحاث والمنشورات بمركز "أرسيكا"، جنكيز طومار، تحدث عن نشاطهم في تنظيم مؤتمرات وورشات عمل ومعارض وطباعة كتب عن كل المنطقة العربية وخاصة الأقطار المغربية.
وأضاف في حديث للأناضول: "الفترة العثمانية مهمة في هذه المناطق، ليس سياسيا فقط، بل إداريا واقتصاديا، وأيضا العمارة والثقافة والتراث والآثار العثمانية موجودة في الكتب والخرائط حول هذه المنطقة".
وتابع طومار: "يحتوي الأرشيف العثماني لدى تركيا على الكثير من الوثائق المرتبطة بهذه الفترة، ونحن ننظم الكثير من المؤتمرات التي تجمع الأساتذة في المغرب العربي والأجانب والأتراك".
وحول جدوى اللقاءات، قال: "أحيانا نحن (في تركيا) ندرس، وهم (خارج تركيا) يدرسون، لكننا لا نستفيد من الأبحاث بسبب عدم اجتماعنا، في حين أننا في هذه المؤتمرات والورشات نتعاون ونقدم الأفكار والدراسات الجديدة بالنسبة للمستقبل، وننشر هذه الكتب بالعربية والفرنسية والإنجليزية وعدة لغات".
وأردف طومار: "قبل 4 سنوات، نظمنا هنا مؤتمرا حول التراث العثماني، وهذه المرة الثانية، وإن شاء الله في المرة القادمة سنحاول أن ننظم المؤتمر في تركيا".
وتابع: "نجمع الأساتذة المغاربة والأساتذة الأتراك لنشارك في دعم الآثار التي قد لا نعرف بعضها وبعضها مهدوم، ونبحث وندرس هذه الفترة (العثمانية)، وهذا جيد للعلاقات المستقبلية في العالم الإسلامي".
الأتراك والعرب.. علاقات ودية
وقال طومار إن "العلاقات ودية بين تركيا والعالم العربي والمغرب العربي، والتراث الموجود من الحقبة العثمانية ليس للأتراك وحدهم ولا للعرب وحدهم، بل هو تراث إسلامي وإنساني يفيد بأننا هنا منذ القِدم".
وأضاف: "الآن في بعض المناطق في سوريا والعراق يهدمون بعض الآثار الإسلامية والعثمانية، ما يمحو وجود هذه الثقافة".
وشدد على أن "العمارة والآثار مهمة جدا للمستقبل وللأجيال القادمة، لترى أن التاريخ مشترك بين الشعوب في العالم الإسلامي".
كما أكد أن "الآثار مهمة أيضا بالنسبة للسياحة لكل الدول، وتونس لها تاريخ كبير من قرطاج إلى الرومان والإسلام والفترة العثمانية".
وقال: "الفترة الإسلامية والعثمانية مهمة جدا، وعندما نتكلم عن التراث لا نتكلم عن العمارة فقط بل التراث اليدوي والمعماري والفني".
وأضاف طومار: "لا نعقد مؤتمرات فقط، بل نساعد علميا على إنجاز الترميمات مع المعاهد الأخرى".
قصور البايات في خطر
من جانبه، المهندس وباحث التراث التونسي محمد العيدودي، قال: "التراث العثماني في تونس يتركز في العاصمة وضواحيها، وفي إطار دراسات قمت بها لإنجاز رسالة الدكتوراه، اهتممت بقصور البايات في تونس".
والبايات، وخاصة الحسينيون منهم (نسبة للباي حسين بن علي)، عثمانيون حكموا تونس من 1705 إلى 1956.
وأضاف العيدودي: "الدولة كانت الوريث الرئيسي لقصور البايات بعد خروج فرنسا (مارس/آذار 1956) وبلغ عددها بحسب المؤرخين مثل المؤرخ الفرنسي جاك ريفو والمؤرخة التونسية بية العبيدي حوالي 200 قصر تعود للفترة العثمانية، ولكن مع الأسف لم يبق منها سوى 35 قصرا" .
وتابع: "أحصيت 15 قصرا، بين قصور متروكة، وقصور تم إعادة توظيفها (استخدامها بصورة مختلفة مثل مراكز إدارات رسمية)".
توظيف القصور العثمانية
وفق العيدودي، فإن "غالبية القصور التي أعيد توظيفها استُخدمت في حاجات إدارية، مثل مقرّات إدارية وتعليمية، وبعضها متاحف، والبقية لا تتوفر بشأنها الدراسات اللازمة، وباعتبارها إرثا عثمانيا يهم تونس، المطلوب من الدولة تكثيف الاهتمام بإنجاز خارطة حولها وإيجاد مصادر لتمويل ذلك".
ولفت إلى ضرورة "استكمال مراجعة مجلة التراث (قانون مختص) ليُسمح بتحويل هذه القصور ضمن المباني التراثية، فالمجلة لا تحيط بالموضوع من كل جوانبه ولا تزال تكبل إنقاذ التراث".
وأضاف: "المجلة تقول إنه لترتب الدولة معلمًا أو تحميه لا بد أن تساهم في كلفة إعادة تهيئته، وعندما لا تقدر لا تفعل ذلك".
وتابع: "يجب أن يحل هذا على مستوى مجلة التراث حتى نستعيد الموجود ولا نجعله مهملا، فبعض القصور لا تزال مسكونة عشوائيا من قبل بعض العائلات والدولة لضعف الإمكانيات لم تتمكن من إعادة وضع اليد عليها لتعيد تثمينها وتعيد لها حياة جديدة".
ونبّه العيدودي إلى أن وجود الكثير من المباني القديمة في تونس، وأول خطوة هي الاعتراف بالتراث الموجود وجرده والقيام بإحصائه وحصره بإنجاز خريطة للمباني القديمة".
ولفت إلى أن "بعض المعالم نجت، والدولة وجدت الإمكانيات لترتبها أو المحافظة عليها، ولكن البقية بقيت غير مرتبة ولا محصورة وبقيت مغمورة وسط بنايات أخرى."
وأكد أن "قصور البايات تراث مهم لحقبة مهمة في تاريخ تونس، ويجب إعادة تثمينه وتوظيفه، وإعطاؤه جرعة جديدة في الحياة العمرانية للمدينة".
معمار ثمين
من ناحيتها، أكدت الباحثة التونسية رشيدة الديماسي، على أهمية المدارس في التراث العثماني بالمغرب العربي، وخاصة العمارة بتونس بالقول: "المدرسة الصادقية رمز ونموذج كبير للمدارس العثمانية من حيث العمارة المدرسية".
وأضافت في حديث للأناضول: "المدرسة الصادقية هي معمار ثمين جدا وجميل ومشرف على العديد من الأماكن الأخرى بالمدينة العتيقة، وهي بنايات عثمانية مثل مستشفى عزيزة عثمانة وساحة القصبة ودار الباي".
وتابعت الديماسي: "المدرسة مبنية في مكان مرتفع يسمى سنان باشا، فيه واجهتان، واحدة تفتح على ثكنة قديمة هدمت لبناء معلم جديد (قبالة وزارة الدفاع)، والثانية على شارع باب بنات (بالمدينة العتيقة) وهي بناية ضخمة زاد توسعها من الجانبين وبُنيت على الجانبين قبتان وصومعة".
وبيّنت أن "الصومعة رمز للتعليم الزيتوني التقليدي يؤدى في الجوامع والمساجد وخاصة الجامع الكبير جامع الزيتونة الموجود في المدينة العتيقة، وهو معلم بارز ونفتخر به كما نفتخر بالتراث العمراني العثماني".
وتابعت الديماسي: "خير الدين باشا (1820-1890) تولى رئاسة الوزراء بتونس قبل أن يغادرها لإسطنبول ليشغل منصب الصدر الأعظم العثماني، وهو المصلح الذي عينه محمد الصادق باي الذي أدخل تغييرات كبيرة في التعليم، ووقتها كانت فرنسا تستعد لدخول تونس وبدأت تتسرب".
وقالت: "أنشئت المدرسة الصادقية مطلع فبراير/شباط 1875 في ثكنة في نهج جامع الزيتونة (الرابط بين جامع الزيتونة وباب البحر)، وبعد زيارة خير الدين باشا فرنسا، أدخل نمطًا أوروبيًا على البناية الجديدة التي انتقلت إليها المدرسة فيما بعد (وهي فيها إلى اليوم)".
مدارس عثمانية عريقة
وأضافت الديماسي: "كما توجد في المكان مشارب أخرى فنية أندلسية إسبانية وعربية، وتم تدريس الكيمياء والفيزياء والجبر واللغات لأن الإدارة كانت بحاجة إلى مترجمين، وإلى جانب العربية، أدخل خير الدين اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية واللغة التركية".
وعن مواد البناء قالت إنه "تم جلب المرمر إلى المدرسة الصادقية من مدينة كارارا في إيطاليا، حتى أن الدولة اشترت مقاطع هناك".
وأضافت الديماسي: "إلى جانب المدرسة الصادقية، هناك مدارس أخرى عديدة في مدينة تونس، منها المدرسة الطابعية (نسبة إلى الوزير يوسف صاحب الطابع 1765-1815)، والمدرسة الباشية، والمدرسة الأندلسية".
وتابعت: "المدارس العثمانية وجدت في تونس خلال القرن السابع عشر والثامن عشرة والتاسع عشر وحتى القرن العشرين".
وأردفت: "عبر المعهد الوطني للتراث والوكالة الوطنية لحماية التراث (حكوميتان)، نحمي تراثنا العثماني العمراني وغيره، وتم تسجيل المدرسة الصادقية بالمعالم التاريخية في اليونسكو عام 1995، ونحافظ على كل المدارس ونثمنها ونستغلها استغلالا حسنا".
ووفق المصادر التاريخية، استمر الوجود العثماني بتونس من العام 1574 ميلادي، عندما حرر القائد سنان باشا تونس من السيطرة الإسبانية، إلى غاية عام 1881 عندما احتلت فرنسا تونس.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>