الرباط / الأناضول
* من المنتظر أن يصوت المغرب الثلاثاء على مشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو العالم إلى "وقف تنفيذ عقوبة الإعدام"- وزير العدل: الموافقة على القرار تعبير عن التفاعل الإيجابي مع التوصيات الأممية لحقوق الإنسان- حزب التقدم والاشتراكية: إيقاف العقوبة تطور هام وندعو إلى الإلغاء التام للإعدام من قوانين البلاد- حزب العدالة والتنمية: الإيقاف تحصيل حاصل للمعمول به في البلاد ولا يمكن تفسيره خطوة نحو إلغاء الإعدامإعلان وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، في 9 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، اعتزام المملكة التصويت في الأمم المتحدة بالموافقة على "إيقاف" تنفيذ عقوبة الإعدام، أشعل جدلا واسعا في أوساط حقوقيين وأحزاب سياسية في البلاد.
وأوضح الوزير في كلمة بمجلس النواب، أن قرار الموافقة يأتي "تماشيا مع التوجهات العالمية نحو إلغاء العقوبة"، وأن المغرب لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ عام 1993.
وأشار إلى أن القرار يعد "تعبيرا عن التفاعل الإيجابي مع التوصيات الأممية لحقوق الإنسان".
وعقب ذلك، أشاد حزب التقدم والاشتراكية (يساري/ معارض) بالمبادرة، ودعا إلى "الإلغاء التام" لعقوبة الإعدام من قوانين البلاد، بينما قال حزب العدالة والتنمية (محافظ/ معارض) إن تلك الخطوة "لا يمكن تفسيرها أو اعتمادها كخطوة نحو إلغاء الإعدام".
** دوافع القرار
من المنتظر أن يصوت المغرب في وقت لاحق الثلاثاء، لصالح مشروع قرار في "اللجنة الثالثة" للجمعية العامة للأمم المتحدة، يدعو دول العالم إلى "وقف تنفيذ عقوبة الإعدام"، بعدما امتنع في السنوات الماضية عن ذلك.
وتُعنى اللجنة بمجموعة من القضايا الاجتماعية والإنسانية وقضايا حقوق الإنسان، التي تؤثر على الشعوب في جميع أنحاء العالم.
وفي 16 ديسمبر 2020، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الثامن الذي يدعو إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام، وذلك بتصويت 123 دولة لصالح القرار، علما أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة.
الوزير وهبي وصف في كلمته بالبرلمان، هذه الخطوة بـ"التاريخية والحقوقية الهامة، والتي تنسجم مع التقدم الكبير الذي تعيشه البلاد على مستوى حماية حقوق الإنسان وتعزيز ثقافتها وطنيا ودوليا".
وتابع: "قرار المملكة المنتظر التعبير عنه، تعبير عن التزامنا بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام طوال سنوات، وانعكاس للواقع لأن البلاد لم تنفذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993".
وأضاف أن التصويت المرتقب سيكون "تعبيرا عن التفاعل الإيجابي مع توصيات الآليات الأممية لحقوق الإنسان".
وأشار إلى أن الرباط امتنعت عن التصويت على مشروع القرار الأممي بين عامي 2007 و2022، لافتا إلى أن عدد المحكومين بالإعدام في المملكة بلغ 88 حالة، منهم سيدة واحدة.
** إشادة ودعوة لإلغاء العقوبة
حزب التقدم والاشتراكية، أشاد بمبادرة المغرب لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، معتبرا إياها "تطورا هاما".
وفي بيان، دعا إلى "الإلغاء التام" لعقوبة الإعدام من قوانين البلاد "انسجاما مع التوجه العالمي" بهذا الصدد.
بدوره، أشاد حزب الأصالة والمعاصرة (مشارك في الائتلاف الحكومي) بقرار المغرب التصويت بالإيجاب لأول مرة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام.
واعتبر "الأصالة والمعاصرة" في بيان، أن ذلك يعد "خطوة حقوقية تاريخية ظلت مطلبا للحزب ولباقي القوى الحداثية".
ووصف قرار المغرب بـ"الحكيم" الذي ينسجم ومضمون الفصل 20 من الدستور الذي ينص على أن "الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق".
** "تحصيل حاصل"
بالمقابل، قال حزب "العدالة والتنمية" إن اعتزام المملكة التصديق على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام "لا يعدو عن كونه تحصيل حاصل لوضع قائم اختاره المغرب منذ سنة 1993".
وأوضح الحزب في بيان، أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال وقطعا تفسيره أو اعتماده كخطوة نحو إلغاء عقوبة الإعدام".
وأكد "موقفه المبدئي والثابت من عقوبة الإعدام في الجرائم الأشد خطورة والمتعلقة بالقتل العمد والاعتداء على الحق في الحياة".
وأوضح أن عقوبة الإعدام "تمكن من القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم لما يحققه من شعور بالإنصاف للمجتمع ولذوي حقوق ضحايا الجرائم الأشد خطورة التي تهز الرأي العام وتصدم الشعور الجماعي".
ورأى "العدالة والتنمية" أن لعقوبة الإعدام "وظيفة ردعية" لمواجهة الجرائم الخطيرة.
وبيّن أن "المسار التراكمي لتعامل البلاد مع عقوبة الإعدام والذي تكرس سنة 2013 بالمصادقة على القانون المتعلق بالقضاء العسكري، هو مسار راشد يعبر عن نضج المغرب في تعاطيه مع هذا الموضوع".
وأشار إلى أن قانون عام 2013 "خفض حالات الحكم بالإعدام إلى 5 حالات بدل 16 حالة، وتضمن تغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي من ضبط وتقليص كبير لعدد حالات الحكم بعقوبة الإعدام، واشتراط عدد من الشروط المتعلقة بظروف المحاكمة وحيثيات الحكم بعقوبة الإعدام من ضمنها إجماع هيئة الحكم".
وشدد على أن ذلك القانون "يمثل حالة توازن بين تحديد الحالات الموجبة للحكم بالإعدام وتوفير شروط تجاوز الخطأ أو الاستعمال المتعسف للقانون، وبين تطبيق القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم في حالة الاعتداء المتعمد على الحق في الحياة".
** نقطة لصالح إلغاء الإعدام
الباحث المغربي إدريس الكنوري، قال للأناضول إن القرار "سيقوي موقف التيارات الداعية إلى إلغاء عقوبة الإعدام".
وأوضح أنه "بعد عملية التصويت سيتم الضغط على الدولة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، رغم أنها لا تطبق في البلاد".
وذكر أن "إلغاء عقوبة الإعدام يبين أن الدولة ستتخلى عن جزء من طابعها الإسلامي في القوانين"، على حد تعبيره.
وأشار الكنوري إلى أن إلغاء الإعدام بقوانين البلاد "سيطرح إشكالات إضافية بشأن مستوى نزاهة القضاء وشروط المحاكمة العادلة".
وعبر عن "رفض الحكم بعقوبة الإعدام على القضايا ذات الطابع السياسي، لأن ذلك ممكن أن يحمل أمورا انتقامية"، لكنه يرى أن الجرائم الأخرى مثل القتل والاغتصاب "عقوبتها هي الإعدام".
وانتقد الكنوري "غياب النقاش المجتمعي حول قضية إلغاء الإعدام من عدمه".
** الإيقاف عقوبة أشد من الإلغاء
وشددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) آمنة بوعياش، على أهمية قرار إيقاف العمل بعقوبة الإعلام، في انتظار إلغائها قانونيا من خلال تعديلات في القانون الجنائي.
واعتبرت، في بيان للمجلس، أن "تعليق عقوبة الإعدام مع إبقائها قائمة في القوانين، أكثر وأشد قسوة من تنفيذها، اعتبارا للواقع النفسي والاجتماعي للتعذيب الذي يترتب على هذا التعليق".
ودعت إلى "إخراج المحكومين بهذه العقوبة وأُسَرهم من حالة الانتظار القاسية التي تضاهي، بل وتتجاوز، في تداعياتها النفسية وتبعاتها الاجتماعية تنفيذ عقوبة الإعدام".
وأكدت رئيسة المجلس الحقوقي "قناعة المناهضين لهذه العقوبة بأن الإعدام لا يحمي أحدا، ولا يشكل تنفيذه ضمانة لتحقيق الطمأنينة لأهل الضحايا ولا لأمن المجتمع".
وقالت بوعياش، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الرباط مؤخرا، إن "عقوبة الإعدام تتعارض والمقتضى الدستوري الواضح".
وتساءلت: "هل عملت عقوبة الإعدام على التقليص من الجرائم الخطيرة؟ الجواب لا".
وأوضحت أن "الواجب الدستوري الملقى على عاتق المشرِّع يتمثل في حماية الحق في الحياة من أي مس أو انتهاك أو خرق".
ويقبع المحكومون بالإعدام في أجنحة خاصة بسجون المملكة، ويظلون فيها مدى الحياة، ما لم يصدر بحقهم عفو أو تخفيف للعقوبة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.