إبراهيم قاراغول - يني شفق
هذه هي الأسئلة التي تطرح بقوة في ظل التطورات الأخيرة.
"إذا هزمنا الأتراك، فقد هزمنا الإسلام. وإذا لم نتمكن من هزيمة الأتراك، فلن نتمكن من وقف الإسلام..." هذا هو جوهر الخوف الإسرائيلي والتوجه الذي برز ظهور الوضع الجديد في سوريا.
منذ عام 1948، تخوض إسرائيل حروبًا في الأراضي العربية ضد الفلسطينيين والعرب. وفي العقدين الماضيين عملت على تطبيع علاقاتها مع بعض الأنظمة العربية وأعلنت أن إيران هي التهديد الرئيسي. إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تجد إسرائيل نفسها في مواجهة مباشرة مع تركيا، أو بالأحرى تشعر بأنها "محاصرة" من قبلها.
هل يمكنكم إيقاف تركيا باستخدام تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي؟
تناقش وسائل الإعلام الإسرائيلية مستقبل العلاقة مع تركيا في المرحلة الجديدة، حيث أصبحت تركيا حاضرة ليس فقط في سوريا بل أيضًا في لبنان. في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل التعامل مع هذا الواقع، تتمسك بدعم الإرهاب المتمثل في "بي كي كي/واي بي جي"، لكنها تجد نفسها غارقة في مساحات نفوذ ضيقة ومتقلصة بسرعة.
قبل التغيير في النظام السوري، كانت الخطة تتمثل في "نقل الحرب إلى تركيا". ولم تكن هذه النوايا خفية، بل عبّروا عن ذلك بشكل علني وصريح. إلا أن هذا المشهد تغير في غضون عشرة أيام فقط ليصبح "تركيا تحاصر إسرائيل". والآن بات النقاش حول كيفية التعامل مع هذا الواقع الجديد وإيجاد حلول له.
هذه المنطقة هي عنوان للاحتلال والحروب الأهلية والكوارث.. ولكنهم لم يتمكنوا من منع الزلزال..
"إذا هزمنا الأتراك، فقد هزمنا الإسلام. وإذا لم نتمكن من هزيمة الأتراك، فلن يتمكن أحد من إيقاف الإسلام..." كان هذا الشعار دائمًا الهدف الأساسي لليمين المتطرف في إسرائيل والولايات المتحدة، ورغم أنهم لا يصرحون بذلك علنًا، إلا أن جميع العمليات التي استهدفت منطقتنا كانت تهدف إلى كسر قوة تركيا وإبقائها تحت السيطرة.
يرجع ذلك إلى خوف الغرب التاريخي من عودة "الدولة العثمانية"، وهو خوف متجذر عبر القرون. فقد أدركوا جيدًا أن بروز تركيا مجددًا كقوة مؤسِّسة سيحدث تغييرات هائلة وزلازل سياسية في جميع أنحاء المنطقة.
لذلك، يمكن تلخيص كل الاحتلالات، والحروب الأهلية، والكوارث التي ضربت منطقتنا في إطار هاتين الجملتين. الأمر بهذه البساطة والوضوح.
الإسلاموفوبيا ومعاداة الأتراك جذورهما واحدة..
سواء كان الأمر يتعلق بالإسلاموفوبيا ومعاداة الأتراك، إلى جانب غزو العراق وأفغانستان، والمجازر التي أودت بحياة الملايين، والإبادة الجماعية في غزة، ومراكز التعذيب السرية، ودعم الإرهاب عبر تنظيمات مثل "بي كي كي/واي بي جي" و"داعش"، وما حدث في سوريا وكذلك العوائق التي وُضعت أمام وحدة سوريا، ومحاولات الانقلاب في تركيا مثل 17-25 ديسمبر و15 يوليو،، وحتى "خريطة الممر الإرهابي" المرسومة جنوب تركيا، فإن كل هذه الأحداث تندرج ضمن إطار هذا التصور.
وجاء الرد التركي الأول على هذه العواصف التي بدأت بعد الحرب الباردة من خلال تدخلها شمال سوريا بعد محاولة انقلاب الفاشلة 15 يوليو. تلا ذلك إسقاط نظام الأسد في سوريا، أما على نطاق أوسع فقد استمرت التحركات التركية في آسيا الوسطى، وشرق إفريقيا، والبحر الأحمر، والخليج العربي، والبحر الأسود، وشرق البحر المتوسط.
2- بعد هذه المرحلة يجب علينا أن نتحدث عن وحدة الدول التي تواجه تهديدًا بالتقسيم والتفكك في منطقتنا، سواء كانت لبنان، اليمن، العراق، السودان أو الصومال. يجب أن نتبنى فكرة الحفاظ على وحدة البلدان من خلال إنشاء خرائط ذهنية ترتكز على مفهوم الوحدة الوطنية.
ستتغير خرائط القوة في أذهاننا وفي الواقع.
3. يجب أن نطبق نفس التعريف على جميع الدول التي تحتلها وتقسمها وتجزئها، إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا. يجب أن نغير نظرتنا إلى الدول والمنطقة، وأن نعتمد في ذلك على قراءاتنا السياسية والجغرافية الخاصة بدلاً من نظريات التوسع الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية.
4- يجب ألا يقتصر "تعريف الوحدة" على البلدان فحسب، بل يجب أن يشمل أيضًا جغرافيا المنطقة الكبرى التي نعيش فيها، والتي تمتد من شرق إفريقيا إلى المحيط الهادئ.
5- لا يجب أن تقتصر المسألة على الخرائط الجغرافية المادية فقط، بل يجب أن تشمل أيضًا إزالة الخرائط الذهنية، والخرائط العرقية، والخرائط المذهبية. يجب أن نتخلص تمامًا من خريطة البلدان المقسمة التي قدمها جورج بوش في عام 2003 عندما غزا العراق في عام 2003.
"السلام في سوريا" يمكن أن يكون نموذجًا لحوض اقتصادي جديد
6- أصبح بالإمكان الآن استخدام مصطلح "السلام السوري" كنموذج يُحتذى به في مناطق الصراع الجغرافي. وسيتضح أن هذا أمر ممكن. ستتبدد الاعتقادات التي تفترض أن كل شيء حكر على بعض الدول.
7- في الأمس، قامت الخطوط الجوية السورية بأول رحلة من دمشق إلى حلب. هناك جهود غير مسبوقة لتحقيق قفزة اقتصادية، مع سعي مستمر لتحقيق الاستقرار السياسي والازدهار في سورية تحت إدارتها الجديدة. وقد يصبح الحوض الاقتصادي المشترك بين تركيا وسورية ولبنان نموذجًا يُحتذى به في المنطقة بأسرها، وهذا أمر ممكن.
قاعدة فضائية في الصومال وحماس في إفريقيا.. هكذا تحدث المعجزات
8- دعونا نفكر في الأمر على النحو التالي: بدأت تركيا في بناء قاعدة فضائية في الصومال. ستكون هذه القاعدة مركزًا ليس فقط للصومال بل لأفريقيا بأسرها. هل نستطيع تصور تأثير ذلك على معنويات وإثارة الحماس في القارة الأفريقية بأسرها؟
وستُجرى من هذه القاعدة تجارب على صواريخ طويلة المدى. أي أن الصومال سيدخل مرحلة استثنائية ليس فقط من الناحية الاقتصادية بل الاستراتيجية أيضًا.
9- لقد بدأت حقبة جديدة سيشعر فيها الجميع بـ "المعجزة التركية" في سوريا والصومال ولبنان وفي كل مكان. لقد بدأت قفزة تاريخية جديدة بعد قرن من الزمان. وستستمر المعجزات.