ترك برس
شارك الرئيس التركي السابق عبد الله غل، رؤيته في حل ملف الأكراد في كلّ من سوريا وتركيا، تزامنا مع دخول بلاده حقبة جديدة فيما يتعلق بالقضية الكردية.
جاء ذلك في حوار له مع موقع "المجلة"، منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، تطرق فيها لملفات وقضايا عدة من بينها القضية الكردية.
وقال غل: قبل كل شيء يجب أن نعترف بأن الأكراد مجموعة عرقية كبيرة في هذه المنطقة، في سوريا، العراق، إيران، تركيا. ولا بد– في رأيي– من أن يكونوا مواطنين متساوين في دولهم، يتمتعون بالحرية وجميع الحقوق التي يكفلها القانون. رغم التحديات في بعض البلدان، من المهم أن نتذكر أن بعض المجتمعات الكردية في سوريا كانت مهمشة تاريخيا، حيث إن الكثير منهم لم يكن لديهم حتى بطاقات هوية. ومع ذلك، يجب أن نميز بوضوح بين الشعب الكردي ككل و"حزب العمال الكردستاني" ككيان إرهابي.
وأضاف أنه في السبعينات والثمانينات، كان لتنظيم "بي كا كا" وجود في سوريا، وكان زعيم التنظيم عبدالله أوجلان ينشط من الأراضي السورية. واستمر الحزب في التمتع بالأمان والاستقرار حتى عام 1998، حين تم توقيع اتفاقية أضنة بين أنقرة ودمشق.
وأوضح أنه "فيما يتعلق بمسألة العمل المشترك أو التعاون بين تركيا وسوريا ضد الجماعات الإرهابية، فإن هذا ممكن وضروري في الوقت ذاته. ويمكن أن تشكل بنود اتفاقية أضنة أساسا لهذا التعاون. ولكن من الضروري التمييز بين الإرهابيين والمواطنين الأكراد الذين يعيشون في البلاد."
سؤال آخر في الموضوع الكردي: في أواخر التسعينات، كانت تركيا منخرطة في التنسيق بين سوريا وتركيا والعراق لمنع إقامة كيان كردي شمال غربي العراق، وهو ما عُرف بـ"التنسيق الثلاثي". وعلى الرغم من التوتر الحالي بين تركيا وسوريا، هناك جهود مشتركة جارية لمنع تشكيل كيان كردي شمال شرقي سوريا. لقد ذكرتم وجود الأكراد في أربع دول: تركيا، سوريا، إيران، والعراق. هل تعتقدون أنه ينبغي أن يكون هناك تنسيق بين هذه الدول الأربع لمنع إقامة دولة كردية؟
غل: بطبيعة الحال يمكن التنسيق بين جميع هذه الدول لمكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية، مع ضرورة التمييز الواضح بين الإرهابيين والمواطنين الذين يعيشون في هذه الدول والذين يجب أن يتمتعوا بحقوقهم كاملةً وبالتساوي. ومع ذلك، إذا كانت هناك حركات انفصالية أو منظمات إرهابية تهدد الأمن الوطني لهذه الدول، فإن التنسيق بينها يصبح ضروريا، بالطبع.
بما في ذلك التنسيق لمنع قيام كيان كردي؟
يجب أن نعترف بأن جميع المواطنين في أي بلد يجب أن يتمتعوا بالأمن والحرية وجميع حقوقهم السيادية والقانونية. وينبغي أن تُمنح الحقوق الأساسية لجميع المواطنين، سواء كانوا من الأكراد أو سواهم، ولكن لا يمكن اعتبار الحركات الإرهابية أو الانفصالية مدافعين شرعيين عن حقوق الإنسان. فهذه الحركات تُستخدم أحيانا كأدوات من قبل قوى خارجية، مثل الروس والأميركيين. إضافة إلى ذلك، ستنظر إسرائيل إلى أي كيان كردي يُقام على أنه حليف محتمل لها. وبالتالي، لا بد من التعامل بحزم مع جميع الحركات الانفصالية والإرهابية التي تهدد الأمن الوطني للدول المعنية.
وتأتي تصريحات عبد الله غل بالتزامن مع انفتاح جديد تشهده تركيا فيما يخص القضية الكردية، عقب حديث زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن إمكانية حضور زعيم "PKK" المسجون عبد الله أوجلان، إلى البرلمان بعد إنهاء عزله، وتوجيهه نداء عبر الحزب السياسي المقرب منه، بترك التنظيم السلاح وإطلاق مبادرة سلام جديدة.
وأوضح أن أوجلان قد يتحدث أمام الكتلة البرلمانية لحزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، ليعلن إنهاء "الإرهاب" في تركيا، وحلّ التنظيم وتسليم السلاح، وذلك مقابل اتخاذ إجراءات تمنحه "الحق في الأمل" ضمن إطار التسوية.
و"حق الأمل" هو مصطلح يشير إلى إعطاء المحكوم عليه بالسجن المؤبد المشدد، كبديل لعقوبة الإعدام، فرصة للعودة إلى المجتمع بعد قضاء فترة معينة، مع الحفاظ على الأمل في استعادة حريته.
وينطبق هذا المفهوم على حالة عبد الله أوجلان، زعيم "PKK" الإرهـ،ـابـ،ـي، الذي يقضي عقوبته في سجن جزيرة "إيمرالي" منذ اعتقاله عام 1999 بتهمة "الخيانة والانفصال".
وكان أوجلان قد حُكم عليه بالإعدام، لكن في عام 2002 تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، بموجب قرار من حكومة بولنت أجاويد الائتلافية آنذاك، ووقع بهتشلي أيضاً على هذا القرار بصفته شريكاً في الائتلاف الحاكم.
وفي رسالة وجهها أمس عبر برلمانيين أكراد، أكد أوجلان، استعداده للمساهمة في عملية سلام تعزز الأخوة بين الأتراك والأكراد، وتوجيه الرسائل اللازمة في هذا الصدد.