العراق يوقف العمل بـ"مزاد الدولار"... وقلق من ارتباك التعاملات

العربي الجديد

العراق يوقف العمل بـ"مزاد الدولار"... وقلق من ارتباك التعاملات

  • منذ 2 يوم
  • العراق في العالم
حجم الخط:

أوقف البنك المركزي العراقي، اعتباراً من يوم الأربعاء الأول من ديسمبر/كانون الثاني 2025، العمل بالمنصة الإلكترونية المعتمدة لبيع الدولار إلى البنوك والشركات وفقا للسعر الرسمي البالغ 1320 ديناراً للدولار الواحد.

ومنذ العام 2004، يعتمد البنك المركزي العراقي على نظام بيع الدولار للبنوك والمصارف والشركات التجارية بهدف تمويل تجارتها وتعاملاتها الخارجية، وتُقدر يومياً كمية المبالغ المباعة بنحو 200 مليون دولار، حيث يقول البنك المركزي إنها تحافظ على قيمة الدينار من الانهيار، وتمنع المضاربات.

غير أن إجراءات أميركية بدأت منذ مطلع العام الماضي، فرضت فيها عقوبات على بنوك وجهات عراقية عديدة بتهمة غسيل أموال وتهريب الدولار إلى إيران ونظام الأسد في سورية وحزب الله اللبناني، ودعت البنك المركزي العراقي لإصلاحات بالنظام المالي، دفعت بغداد إلى حزمة من القرارات كان آخرها إيقاف منصة بيع الدولار، وحصر التعامل التجاري مع البنوك العراقية من خلال بنوك وسيطة في الأردن والإمارات والولايات المتحدة، مع منح عملات أخرى صلاحية التداول في العراق أبرزها العملات التركية والصينية والإماراتية والأردنية، فضلا عن العملة الأوروبية الموحدة اليورو.

وقال نائب محافظ البنك المركزي عمار خلف، في تصريحات للصحافيين، إن العمل بالمنصة الإلكترونية المتعلقة بالدولار توقف، لكن تمويل التجارة الخارجية مستمر عن طريق البنوك وفقاً لآليات توازي المعمول به في دول العالم.

وفي بيان ذي صلة، أوضح البنك المركزي العراقي، الخميس، أن هذا الانتقال مرّ عبر مراحل متعددة مرت بها عملية التحويل الخارجي التي بدأت بنافذة بيع وشراء العملة الأجنبية وانتقلت إلى مرحلة المنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية، وانتهت بعمليات تعزيز الأرصدة تدريجياً خلال عام 2024 وتحققت بشكل كلي في الأسبوع الأخير من ذلك العام.

كما أشار البنك إلى أنه سيستمر بتعزيز أرصدة المصارف العراقية لدى البنوك المراسلة (الوسيطة) بالدولار الأميركي إلى جانب مجموعة من العملات الاخرى، مثل (الروبية الهندية، اليوان الصيني، اليورو، الدرهم الاماراتي، الريال السعودي، والدينار الأردني).

ويُعد إيقاف المنصة الإلكترونية تحويلات الدولار خطوة نحو تحديث آليات التحويل المالي في العراق بما يتماشى مع المعايير الدولية، مع وجود بعض المخاوف من تأثير ذلك على السوق الموازية، وفق محللين يرون أن إيقاف المنصة قد يؤدي إلى بعض الارتباك في السوق الموازية، خاصةً مع تزامنه مع عطلة أعياد الميلاد ونهاية العام، ومع ذلك، يُتوقع أن يكون لهذا الإجراء تأثير محدود على سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية.

وذكر الباحث الاقتصادي علي العامري أن هذا التحول سيساهم في تعزيز الشفافية والرقابة على التحويلات المالية، والحد من عمليات تهريب العملة الصعبة، من خلال تعزيز دور المصارف في إجراء التحويلات مباشرةً مع البنوك المراسلة.

وأضاف العامري، لـ"العربي الجديد"، أن هذا التخويل يهدف إلى تحسين الرقابة والحد من التلاعب في مزادات العملة، فقد يكون خطوة إيجابية لتعزيز الشفافية والالتزام بالمعايير الدولية، والحد من تهريب العملة وتنظيم أفضل للسوق بالاعتماد على قنوات مباشرة مع البنوك المراسلة.

من جانبه، انتقد عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي كاظم عطية إجراءات البنك المركزي في بيع الدولار لأنها مهمة المصارف على حد وصفه، مؤكداً أن الوضع الاقتصادي والفوضى القانونية التي يشهدها العراق جعلا البنك المركزي يسيطر على عمليات بيع العملة.

وأفاد عطية "العربي الجديد" بأن هناك مصارف عربية أو أجنبية متمثلة في البنوك المراسلة تحظى بأكثر من 50% من عمليات بيع العملة، ما يلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد العراقي. وشدد على ضرورة التركيز على المصارف العراقية غير المعاقبة والقادرة على إيصال الدولار إلى مستحقيه من التجار والصناعيين، مشيراً إلى أن استئناف عمل المجلس سيشهد استضافة محافظ البنك المركزي للإجابة على أسئلة واستفسارات اللجان البرلمانية المعنية، والعمل على فرض رقابة صارمة على جهات تصريف وشراء العملة في السوق الموازية.

في السياق، رأى المختص بالشأن المالي أحمد عبد الله أن ايقاف بيع الدولار من خلال المنصة الإلكترونية سيترك تأثيراً فورياً على السوق الموازية، كما سيؤدي إلى ارتباك قصير الأجل وارتفاع في سعر صرف الدولار.

وقال عبد الله لـ"العربي الجديد" إن الاعتماد المفرط على المصارف والبنوك المحلية التي تعاني أحيانًا من ضعف في الكفاءة والشفافية يفاقم التحديات بدلاً من حلها، وإن نجاح هذا التحول يعتمد على كيفية تنفيذ القرار إذا كان مصحوباً بخطة واضحة لتحسين أداء النظام المصرفي وتعزيز الثقة بين الأطراف المعنية.

وأفاد بأن هذا القرار إذا كان ارتجالياً من دون بدائل مدروسة، فإنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية خطيرة تفاقم الأزمات الاقتصادية في العراق، خاصة أن المشكلة هي أن عدد المصارف العراقية التي لديها مراسلون خمسة فقط من أصل 60 إلى 70 مصرفاً، لذلك ستعمل خمسة مصارف فقط في المرحلة المقبلة، ما قد يسبب ضغطاً كبيرة على إجراءات سحب الدولار.

ويتوقع أن يؤدي الإيقاف إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق الموازية، ما سيدفع سعره إلى الارتفاع بشكل كبير، وينعكس على ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم والتقليل من القدرة الشرائية وتراجع النشاط التجاري الذي ينتج عن تردد التجار في الاستيراد بسبب ارتفاع تكاليف الشحن.

وأضاف أن الأضرار قد لا تظهر بشكل فوري، وقد تستغرق بعض الوقت لتظهر بشكل كامل، إذا ما اتخذت إدارة البنك المركزي سياسة المراقبة والتوسع المالي من خلال البنوك والمصارف الدولية وفرض فتح الاعتمادات المالية للبنوك العراقية الاخرى من خلال الشراكات والمراسلة.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>