عاجل

هيئة تحرير الشام من “النصرة” إلى “الدولة”.. أبرز تحديات المرحلة المقبلة (1/2)

موقع المنار

هيئة تحرير الشام من “النصرة” إلى “الدولة”.. أبرز تحديات المرحلة المقبلة (1/2)

  • منذ 1 يوم
  • العراق في العالم
حجم الخط:

هيئة تحرير الشام

مرّت هيئة تحرير الشام بالعديد من التبدلات السياسية والفكرية منذ ظهورها الاول على الساحة السورية، كفصيل يتبع ما كان يسمى في حينها (عام 2011) “دولة العراق الاسلامية”، التابعة لتنظيم القاعدة، بزعامة ابراهيم عواد البدري والملقب بـ “أبو بكر البغدادي”.

ولعل أوضح هذه العلاقة ما عبر عنها “أبو بكر البغدادي” في حينها، بأن الجولاني ما هو إلا جندي في “دولة العراق الإسلامية”، وتم انتدابه إلى الشام للعمل مع الخلايا الموجودة هناك، ووضع الخطط لهم وأمدّهم بالأموال والرجال، وذلك في كلمته الشهيرة التي حملت اسم “وبشر المؤمنين” عام (2013).

كما أكد على هذا الأمر الذي لم ينفه “الجولاني”، المتحدث باسم “داعش” أبو محمد العدناني في كلمته التي حملت اسم “وذروهم وما يفترون” عام (2013) والتي قال فيها بأن جبهة النصرة ما هي إلا “ستار أمني لوجود الدولة في الشام، وأن أميرها ما هو إلا جندي من جنود الدولة”.

كيف تحولت هيئة تحرير الشام من أحد أفرع تنظيم القاعدة العالمي إلى جماعة سياسية، يلتقي قائدها الذي كان جندياً في دولة البغدادي، إلى قائد ما يسمى “الإدارة السياسية الجديدة في سوريا”؟

اليكم القصة منذ البداية…

سارع تنظيم القاعدة العالمي إلى دعوة عناصره إلى الدخول فيما أسماها “التدافع” مع الدولة السورية، بعد اندلاع الأحداث في (شباط عام 2011)، وحضرت الجماعات المسلحة في الميدان، مع دعوة زعيم تنظيم القاعدة السابق (أيمن الظواهري) إلى مساندة وتأييد الشعوب في حراكها ضد الحكام، والعمل على إقامة الخلافة التي لا تعترف “بالدولة القومية ولا الرابطة الوطنية ولا الحدود”.

أعلن في سوريا عن تأسيس جبهة النصرة لأهل الشام بداية العام (2012)، كتلبية لنداءات الجهاد التي أطلقها العديد من شخصيات “السلفية الجهادية” لنصرة الشعب السوري. ونفذت أولى عملياتها العسكرية قبل ذلك التاريخ وبالتحديد في (كانون الاول 2011)، بتفجير انتحاري مزدوج استهدف مبنى المخابرات العامة في دمشق.

بدأت جبهة النصرة في سوريا عملها كامتداد لفرع تنظيم القاعدة في العراق، وتحت قيادة (إبراهيم عواد إبراهيم) الملقب بـ “ابو بكر البغدادي”، الذي كشف عن هذه التبعية التنظيمية في كلمة صوتية حملت عنوان “وبشّر المؤمنين”، في آذار 2013، وأرجع التأخر في هذا الإعلان إلى أسباب أمنية.

في بداياتها، رفضت جبهة النصرة العمل السياسي المبني على الديمقراطية، بوصفه حكماً جاهلياً يخالف تعاليم الإسلام، وترى أن الحركات التي سلكت الطرق الديمقراطية، خصوصاً في تونس ومصر، قد تراجعت عن مبادئها وفشلت في تحقيق مبتغاها. وأكد زعيم الجبهة (أحمد الشرع) “أبو محمد الجولاني”، أن جماعته تختلف عن الإخوان المسلمين، رغم اشتراكها معها في العديد من المفاهيم، لكن الأخيرة انحرفت بحسب الجولاني، كونها عملت بالديمقراطية، ودخلت إلى البرلمان، وذلك في لقائه مع قناة الجزيرة قبل نحو (10) سنوات.

منذ بداية انطلاقها في سوريا، سعت جبهة النصرة وقائدها العام إلى التمايز عن تنظيم القاعدة، وعملت على إخفاء أفكارها التي تتبنى نظرية القتال خارج الحدود، في محاولة منها للحصول على القبول المحلي والإقليمي.

سرعان ما بدأ الخلاف على السيطرة والنفوذ وعلى التبعية الاقليمية بين جبهة النصرة وتنظيم “داعش” من جهة، وبين جبهة النصرة وباقي الجماعات السورية من جهة أخرى، وباتت الخلافات سمة بارزة في العلاقات بين الجماعات المسلحة في الفترات ما قبل 2020.

عاشت جبهة النصرة وقائدها العام “أبو محمد الجولاني” هاجس الخوف من باقي الفصائل بسبب الارتباطات الخارجية للفصائل المحتلفة في سوريا، مخافة الانقلاب عليها وتصفيتها. بالمقابل، عمدت الجماعات الأخرى إلى محاصرة الجبهة النصرة، لدفعها إلى فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وعزلها عسكرياً عن قيادة غرف العمليات المختلفة، وشرعياً عبر الإفتاء بعدم جواز الانضمام إليها (ونذكر هنا فتوى الشيخ أبو بصير الطرطوسي)، الذي وبالمناسبة بات أحد المؤيدين للجولاني.

محطات أساسية في مسيرة هيئة تحرير الشام

عن علاقة جبهة النصرة مع باقي الفصائل

اتبعت النصرة نهجاً حاداً مع الفصائل الأخرى، وأطلقت ما بين تشرين الأول 2014، وشباط 2015، سلسلة هجمات ضد فصائل الجيش الحر، في ريفي حلب وإدلب، استطاعت القضاء على معظمها، وهذا ما ضاعف قوة الجبهة في تلك المنطقة، وضاعف من حساسية العلاقة مع باقي الفصائل. كما هاجمت النصرة العديد من الفصائل بعد العام 2015، أبرزهم الفرقة 13 في معرة النعمان.

من أبرز الفصائل التي حاربتها جبهة النصرة (مع مرحلة جبهة فتح الشام) واستولت على العديد من أسلحتها ومقراتها: جبهة ثوار سوريا، حركة حزم، نصرة المظلوم، كتائب الحق، ألوية الأنصار، صقور الغاب، تجمع العزة، لواء الفاتحين، اللواء السابع، الفرقة 13، الفرقة 30، لواء العلمين.

كما شهدت علاقة جبهة النصرة مع تنظيم داعش معارك وخلافات، بدأت في نيسان 2013، مع إعلان تأسيس (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، التي رفضتها الجبهة، رغم أنها كانت تابعة لها في ذلك الوقت.

وأرجع البعض الخلاف في جينها إلى نية لدى الجولاني بإعلان الاستقلال عن العراق، وتأسيس دولة له في الشام. وأشارت المعطيات إلى أن البغدادي ولدى علمه بذلك، أعلن تبعية النصرة لدولة العراق، ودمج القطرين بدولة واحدة، وفي ظنه أن الجولاني سيمتثل لهذا الأمر، نظراً للبيعة التي في عنقه، غير أن ما حصل هو أن الجولاني رفض الاندماج، وأعلن بيعته لزعيم القاعدة ، متخطياً بيعة البغدادي.

العلاقة بين هيئة تحرير الشام وتنظيم القاعدة

ثم عادت جبهة النصرة وفكت ارتباطها مع تنظيم القاعدة عام (2016)، وعملت تحت مسمى “جبهة فتح الشام” وشاركت في معارك كسر الحصار عن حلب الأولى والثانية (7 / 2016 و10/ 2016).

وعلى ضوء هذا الانفكاك، هاجم أيمن الظواهري، في كلمة صوتية له بعنوان “فلنقاتلهم بنياناً مرصوصاً” عام (2017) هيئة تحرير الشام وقائدها العام أبو محمد الجولاني، بعد يومين على اعتقال قيادات أردنية بارزة منشقة عن “الهيئة” وتتبع لـ”القاعدة”. واتهم الظواهري الجولاني بـ”نكث العهد”.

مع بداية العام 2017، عقد لقاء في أستانا، بين وفد من الجماعات المسلحة ووفد الحكومة السورية السابقة، برعاية روسية تركية. وتردد حينها أن الفصائل المشاركة في الاجتماع وافقت على قتال “فتح الشام”، فهاجمت الأخيرة بعد يوم واحد من الاجتماع في (24 كانون الثاني 2017) مقرات جماعة “جيش المجاهدين” و”الجبهة الشامية” و”صقور الشام” ومعسكرات “تجمع فاستقم” و”جيش الإسلام” في ريفي حلب وادلب، خصوصاً وأن الفصيلين الأخيرين حضرا مؤتمر أستانا. وأكدت “جبهة فتح الشام” أن هذه الفصائل وافقت على قتالها رغم التنازلات التي قدمتها.

في خضم تلك الأحداث، أفتى المجلس الإسلامي السوري الذي يرأسه الشيخ (أسامة الرفاعي) ومقره اسطنبول، بوجوب قتال جبهة فتح الشام على أنها فئة باغية، وبحرمة الانضمام إليها.

في وقت كانت المواجهات على أشدها في ريفي حلب وادلب بين الفصائل، أعلنت فصائل عدة أبرزها “جبهة فتح الشام”، عن تأسيس “هيئة تحرير الشام”، ضمت إلى جانب الجبهة جماعات (نورالدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة)، جيش الأحرار المنشق عن “حركة أحرار الشام” بقيادة (أبو صالح الطحان)، بالإضافة إلى عشرات الشخصيات، أبرزهم السعودي (عبد الله المحيسني)، (أبو العبد أشداء)، (أبو الحارث المصري)، و(أبو يوسف الحموي). كما انضم إلى التشكيل الجديد العديد من المنشقين عن أحرار الشام، أبرزهم: المسؤول الشرعي العام السابق (أبو محمد الصادق)، المسؤول العسكري (أبو إسلام مدرعات)، مسؤول فرع العمليات السابق (أبو هاشم)، المسؤول الاعلامي للجناح العسكري (أبو اليزيد تفتناز).

لم يستمر هذا التشكيل كما هو، فسرعان ما دخلت الانشقاقات إليه، وخرجت من الهيئة حركة نور الدين الزنكي، وجيش الأحرار، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات منها السعودي (عبد الله المحيسني).

وكان الانشقاق الأبرز هو خروج القادة والمعروفين ببيعتهم إلى تنظيم القاعدة، وتأسيسهم جماعة “حراس الدين” في (27 شباط 2018). وباتت جماعة “حراس الدين” في حينها الممثل الوحيد للقاعدة في بلاد الشام. ومع حلول العام (2019)، كانت هيئة تحرير الشام هي جبهة النصرة ولكن من دون تنظيم القاعدة ومن دون الفصائل الوطنية السورية، التي تكتلت تحت مسمى “جبهة تحرير سوريا” ومن ثم “الجبهة الوطنية للتحرير” في (28 آب 2018).

مع بداية العام 2019، اندلعت مواجهات واسعة بين الهيئة والجبهة، انتهت بسيطرة الأولى بشكل مباشر على معظم منطقة ادلب وريف حلب، وتم الاتفاق على تبعية المنطقة إلى ما سمي “حكومة الإنقاذ”، التي تشكلت في تشرين الثاني عام (2017)، كبديل عن “الحكومة المؤقتة”، وتبنت الحكومة عام (2018) علماً جديداً يجمع ما بين “علم الثورة” و”راية التوحيد”. وكان لافتاً في خضم هذه التحولات، عدم معارضة الهيئة لعلم “الثورة”، بعدما كان من المحرمات سابقاً.

مرت “جبهة النصرة لأهل الشام” بالعديد من التحولات، منذ الإعلان عنها عام 2012، يمكن تلخيصها بالتالي:

– رفض الاستجابة لتشكيل “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، عام 2013، الذي يقضي بتوحيد جناحي القاعدة في العراق وسوريا.
– فك الارتباط بتنظيم القاعدة العالمي والعمل تحت مسمى “جبهة فتح الشام”، في تموز عام 2016.
– تأسيس “هيئة تحرير الشام”، بداية العام 2017.

في الجزء التاني: هيئة تحرير الشام والدولة



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>