الحاج أبو عامر العیساوی لـ تسنیم: الحشد الشعبی یحافظ على بقاء الدولة المدنیة العراقیة

تسنيم

الحاج أبو عامر العیساوی لـ تسنیم: الحشد الشعبی یحافظ على بقاء الدولة المدنیة العراقیة

  • منذ 6 يوم
  • العراق في العالم
حجم الخط:

الحاج أبو عامر العيساوي لـ تسنيم: الحشد الشعبي يحافظ على بقاء الدولة المدنية العراقية

الحاج أبو عامر العیساوی لـ تسنیم: الحشد الشعبی یحافظ على بقاء الدولة المدنیة العراقیة

قال معاون رئيس هيئة أركان الحشد الشعبي لشؤون العمليات في العراق، الحاج أبو عامر العيساوي ان قرار تشكيل هيئة الحشد الشعبي، هو قرار وطني وشرعي وعسكري، وذلك بسبب أنه خرج من داخل أروقة مجلس النواب العراقي، وباركته المرجعية الرشيدة، وكذلك هو نابع من داخل الجيش العراقي.

وفي اطار الجزء الثاني من المقابلة التي أجرتها وكالة تسنيم الدولية للأنباء مع معاون رئيس هيئة أركان الحشد الشعبي لشؤون العمليات في العراق، الحاج أبو عامر العيساوي، تطرق خلالها الى الكثير من الاحداث التي مرت بها الساحة العراقية، من بينها دور الحشد الشعبي العراقي في الحفاظ على بقاء الدولة العراقية، وتضحياته في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي استهدفت العراق خلال الاعوام الماضية، خاصة تنظيم داعش الإرهابي.
 
 
 
 
***الجـــــــــــــزء الثانــــــــــــي
تسنيم: أهلا بكم من جديد أعزائي المشاهدين، في (الجزء الثاني من) هذا اللقاء الخاص، مع معاون رئيس هيئة أركان الحشد الشعبي لشؤون العمليات، الحاج أبو عامر العيساوي. حاج توقفنا قبل الفاصل عند مرحلة ما قبل سقوط الموصل، الآن نصل الى مرحلة سقوط الموصل.
بعد صدور الفتوى المباركة من المرجعية الدينية العليا وهبة الشباب العراقي، كيف كان دور الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس في استيعاب هذه الأعداد الغفيرة التي هبت للدفاع عن العراق، تعرف أنه مهما كانت أعداد المقاتلين كثيرة، ومهما كانت أسلحتهم متطورة، لكن جانب التنظيم يبقى له أهميته في معركة كهذه، كيف تصف دور الشهيدين في تنظيم هذه الأعداد الكبيرة، كيف تم تهيئتها وتجهيزها ودعمها وكيف تم تدريبها من قبلهم للمشاركة بتلك المعركة؟
أبو عامر العيساوي: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعا أقول وللأمانة التاريخية، لولا الفتوى المباركة من المرجعية في النجف، مرجعية السيد السيستاني حفظه الله، لم تكن تستطيع لا الحكومة العراقية ولا فصال المقاومة، أن تقضي على تنظيم داعش، كانت فصال المقاومة تعمل قبل شهرين، عملت والدولة العراقية بكل مؤسساتها الأمنية، ليس في استطاعتها أن توقف زحف تنظيمات داعش الإرهابية، كانت المؤسسات الأمنية معنوياتها منهارة، كانت لدينا إمكانيات عسكرية كثيرة، فهب عشرات الآلاف من الشباب للتطوع من خلال الفتوة المباركة للدفاع عن أرض العراق وشعب العراق.
هنا واجهتنا جمة مشاكل وليس مشكلة واحدة، بالدرجة الأولى تنظيم هذه الأعداد الآلاف وعشرات الآلاف من الشباب المتطوع، تنظيمها على شكل ألوية وأفواج وتنظيمها إداريا وعملياتيا، ليس بالشيء الهيّن، لأنه كان العدد حوالي مئة ألف متطوع، وجاءوا للعمل، كيف يمكن أن تنظم مئة ألف بين ليلة وضحاها؟، هذا يحتاج إلى إمكانية وعقلية إدارية، وقضايا شهداء وجرحى وأسلحة ودعم لوجستي واستخباراتي وغير ذلك، وبدون تدريب.
فهؤلاء المجاميع جاءوا ويوجد اختلاف على مستواهم الفكري، واختلاف على مستواهم العقائدي، واختلاف على مستوى الفئات العمرية، ما بين شاب حديث السن، وما بين رجل طاعن في السن، اختلاف في التوجهات، واختلاف في الكثير من الأشياء الأخرى.
واختلافات أخرى على مستوى التدريب، مستوى الياقة البدنية، مستوى الانضباط، مستوى الوعي. اذن لديك أكثر من مائة ألف ومن مناطق متعددة في العراق، ولدينا سعة جغرافية للجبهة، المقاتل من حدود مدينة ديالى إلى كركوك، وصولا إلى صلاح الدين، وانعطافا على الأنبار ووصولا إلى حزام بغداد، تقريبا أكثر من 800 إلى 900 كيلو متر.
 
 
تسنيم: اذن مهمتكم آنذاك كانت هي مسك هذا الخط ومهمة تنظيم هذه الأعداد؟
أبو عامر العيساوي:أولا للأمانة التاريخية لولا الدعم الغير محدود والغير مشروط من الحاج قاسم سليماني، فما كان ممكنا تنظم هذه الأعداد، ولكان هذا مستحيل، كان الدعم غير محدود وبدون حساب، كل ما نطلب من أسلحة وذخيرة ومعدات مجرد مسافة الوقت فقط، يعني 24 ساعة توفّر كل هذه الأمور، أجهزة ومعدات وكل شيء، كل شيء، كل شيء يعني، لا يوجد شيء مثلا يقال غير موجود، الجمهورية الإسلامية فتحت كل مخازنها وكل إمكانياتها في خدمة الحشد الشعبي، فكان الدور البارز للحاج قاسم سليماني، كنا لما نقول نحتاج كذا نوعية سلاح، وكذا أعداد من السلاح، يجيبنا رأسا كم عدد تحتاجون؟، اذا قلنا 100 يرسل لنا 200.
تسنيم: كان حاضر حتى في اجتماعاتكم؟
أبو عامر العيساوي: حاضر في كل لحظة، مجرد من خلال اتصال عبر الهاتف يأتي إلينا بالمساعدات، تفتح لنا الحدود وبدون مقابل.
تسنيم: يعني في تلك المرحلة كان هناك حديث متداول عن أن الحاج قاسم سليماني بعد اجتماع قادة الفصائل أعطى ورقة بيضاء لقادة الفصائل وقال اكتبوا ما تحتاجون
أبو عامر العيساوي:أوراق بيضاء وليس ورقة واحدة، أوراق بيضاء كل ما نحتاجه لم نجد صعوبة في أي شيء، في أي نوع من أنواع الأسلحة، وفي أي عدد من أنواع أعداد الأسلحة أو الذخيرة أو الاحتياجات الأخرى.
تسنيم: كانت تقدم لكم كحشد شعبي أم للحكومة العراقية؟
أبو عامر العيساوي:للحكومة العراقية وكل ما يقدم مجانا، مجانا وبدون أي مقابل.
تسنيم: يعني الدعم الإيراني للعراق كان مجانا؟
أبو عامر العيساوي:مجانا وبدون أي مقابل، كان الهدف الأساسي هو حماية العراق.
 
 
تسنيم: طيب رؤية الحاج قاسم لمستقبل هذا الشباب المتطوع، هذه الأعداد المائة ألف، هل كانت لديه رؤية مسبقة لتنظيم هذه الأعداد ضمن هيئة؟
أبو عامر العيساوي: هنا برز دور أبو مهدي المهندس بشكل صحيح، كانت من امنياتي على سبيل المثال لا الحصر، باعتبار أنا أحد الأفراد وليس صاحب قرار بكل شيء، أن نعمل على شاكلة عملنا ضد الاحتلال الأمريكي، كفصائل مقاومة تقاوم، مقاومة مستقلة، هنا جاء الدور البارز لأبو مهدي المهندس، الذي لو لا أبو مهدي المهندس لم يكن هناك حشد شعبي، أبو مهدي المهندس هو من أسس الحشد الشعبي، وهو من عمل على أن تكون هناك مؤسسة متكاملة، مؤسسة حكومية، وليست مجاميع مسلحة تقاوم، هذه قفزة بالفكر وقفزة بالإدارة.
تسنيم: هل كان اختيار الحاج أبو مهدي المهندس لهيئة الحشد الشعبي قضية حكومية، ام انه تم من قبل قادة الفصائل المقاومة، ام ان القرار صدر من قبل الحاج قاسم سليماني؟
أبو عامر العيساوي:الحاج أبو مهدي المهندس كان هو الأبرز من قيادات المقاومة، أصلا هو لا يحتاج أن يثبت رسميا كقائد، كان كل قادة الفصائل وكل قادة المقاومين وكل زعماء الدولة، الأحزاب السياسية والعسكريين يلتقون في بيت أبو مهدي المهندس، كان أبو مهدي المهندس هو المحور، لا يمكن أن يجمع جميع العراقيين تحت سقف واحد، إلا سقف أبو مهدي المهندس، فصائل المقاومة الكثير من الوزراء والكثير من القادة الأمنيين، الجيش العراقي وغيره يجتمعون في بيت أبو مهدي المهندس للتشاور في كيفية تخطي هذه المرحلة، فأبو مهدي المهندس هو فارض وجوده، ولذلك كان رأي الجميع أنه لا يوجد شخص لينظم هذه الحشود البشرية الا أبو مهدي المهندس، أبو مهدي المهندس لم يطرح نفسه أن يكون قائدا للحشد أو ان يكون مؤسسا للحشد، كان هو أب روحي معنوي لكل المقاومين لكل الدولة وكان الجميع يجتمع في بيته، لا نجد ما نطرحه إلا في بيت أبو مهدي المهندس، ولذلك كان القرار أن يكون هو مسؤول الحشد الشعبي، مسؤول تنظيمات الحشد الشعبي، هو قرار تقريبا متوافق عليه من قبل الجميع، بعد ذلك لما صارت القضية تنظيميا، تنظيم مؤسسة مهنية، مؤسسة حكومية، طرح أن يكون هو معاون والحاج فالح الفياض الله يحفظه إن شاء الله هو رئيس اللجنة، لأنه لديه نظرية سياسية، نظرية عقلية إدارية وغير ذلك، وأن يكون معاونه الحاج أبو مهدي المهندس، فهذا حصل حوله توافق من الجميع ولم يعترض أحد على أبو مهدي المهندس، ممكن إذا طرح أي شخصية أخرى قد تكون هناك اعتراضات من هذا الطرف أو من ذلك الطرف، او من هذا الفصيل أو من تلك المجموعة، أبو مهدي المهندس لا يوجد معترض عليه، ولا يوجد شخص مثلا ممكن أن ينتقد أبو مهدي المهندس فهو ليس وليد اللحظة، أبو مهدي المهندس معروف قبل سقوط نظام صدام حسين، فكان له تأثير، وبعد سقوط نظام صدام حسين له تأثير على الدولة وعلى الفصائل المقامة.
 
 
 
 
تسنيم: من خلال معايشتك لأحداث عام 2014 كيف تم تأسيس هيئة تضم حشود الحشد الشعبي، وكيف تم توزيع قواطع العمليات، وكيف كان يتم التنسيق مع القوات الأمنية الباقية من الجيش والشرطة، وكيف كان التواصل مع الجهات الاستخباراتية المتعددة من بينها في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والأجهزة الاستخباراتية العراقية، كيف كان يتم كل ذلك من قبل الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس خلال تلك المرحلة؟
أبو عامر العيساوي:أنا اتوقع بعد أربعين خمسين أو ستين سنة، سوف نكتشف أشياء جديدة في تاريخ هذين الشخصيتين، كل ما نعرف عن أبو مهدي المهندس سيأتي يوم نكتشف أن هناك أشياء كثيرة نحن لم نكن نعرفها عنه، لديه الكثير من الجوانب المخفية في شخصيته وكان له نفس التأثير الموجود لدى الحاج قاسم سليماني، انا نوهت سابقا ان الحاج قاسم سليماني أكثر شمولية في دول المنطقة، لكن أبو مهدي هو خاص بالعراق، أولا كان يقدم بدون مقابل كل شيء، وكان يدعم الجيش والشرطة الاتحادية ويدعمهم بالسلاح وبالأموال وبكل شيء يحتاجونه، ويوفر لهم الإمكانيات اللوجستية والفنية، وفي الواقع فان أبو مهدي المهندس كان خادم لكل التنظيمات العسكرية الوطنية.
عندما يأتيني شخص ويعطيني إمكانيات تسليح ويعطيني كل ما أحتاج، ويقول لي دافع عن أرضك، هل ممكن أن أتقاطع معه خاصة ان ذلك دون شروط، ولا يأمرني بأمر، فهل ممكن أختلف معه، هو خادم يقدم خدمة، كان يقدم خدمات بدون مقابل، سواء الحاج قاسم او أبو مهدي المهندس.
هذا من جانب، من جانب آخر حضوره الميداني المستمر، حضوره السياسي، حضوره بالاستشارة الصادقة الغير مشكوك فيها، تحفز الجميع للانصياع، إضافة لذلك أبو مهد المهندس لديه من القدرات النفسية التي لا تتوفر عند أي شخصية قيادية أخرى، الآن وسابقا قد استطاع أن يكسب حوالي عشرين فصيل مسلح، بمختلف توجهاتهم ومختلف امكانياتهم ومختلف بناءهم الفكري، صحيح نحن نجتمع جميعا على أنه يجب أن تكون في البلاد دولة ذات دستور وذات قانون، يعني أهداف عامة، لكن بالتالي هناك قضايا شخصية، هناك أهداف خاصة، هناك أهداف حزبية، هناك أهداف سياسية.
أبو مهدي المهندس استطاع بسعة صدره أن يستوعب كل هذه الفوارق الموجودة، بالدرجة الأولى هدفه هو هدف إنساني، فلذلك أقول إذا ما يوجد رمز للوطنية، فهو أبو مهدي المهندس، إذا ما كان هناك رمز للإنسانية عامة، فهو الحاج قاسم سليماني، الحاج قاسم سليمان لم يكن رجلا وطنيا فقط، أو رجل شيعي فقط، أو رجل مقاومة فقط، أو رجل سياسة فقط، كان انسانا بشكل عام، والجميع عنده سواء، سواء كنت شيعي أو سني أو مسيحي أو أيزيدي.
أبو مهد المهندس كان أب صفاته أب للجميع، كان يحرص على تقديم المساعدات وإنقاذ الأخوة المسيحيين حتى وأن أدى ذلك إلى ازهاق الأرواح، أرواحنا نحن، ويقول دماؤكم وأرواحكم في مقابل أن نحفظ الأخوة المسيحيين، ويقول أن أرواحنا ودماؤنا ورقابنا تقدم في سبيل حفظ عوائل وأخوتنا السنة، وكان ذلك في أصل المعركة وأصل الطائفية الذي حدثت، والتي وضعها داعش، بأنها حرب طائفية بين السنة والشيعة.
وهو يقول أنه نقدم دماؤنا وأرواحنا في سبيل إنقاذ أخوتنا السنة، وفي سبيل إنقاذ اخوتنا الإزيديين، وفي سبيل إنقاذ الشبك، وفي سبيل إنقاذ التركمان. هذه العقلية الشمولية ما كانت موجودة الا عند أبو مهدي المهندس، ممكن أنا أدافع عن العراق، ممكن أن أدافع عن وطني، عن مذهبي، عن عقيدتي، وأنا أقولها بصراحة أنا رجل عراقي أولاً، مسلم شيعي ثانيا، أدافع عن بلدي وعن مذهبي وعن عقيدتي وعن مقدساتي، هذه الروحية الشمولية أوجدها أبو مهدي المهندس، لأنه نقدم شهداء وكثير من شبابنا وأبنائنا وفلذات أكبادنا وإخواننا في سبيل إنقاذ عائلة إيزيدية محاصرة من قبل تنظيمات داعش، في سبيل إنقاذ عائلة سنية محاصرة في الشرقاط أو بيجي أو غيرها وإنقاذها، نقدم الشهداء والشهداء في سبيل إنقاذ طفل متروك في أرض المعركة، هذه العقلية الأبوية العقلية الإنسانية ليست موجودة في الحروب، أقول لك وبكل ثقة وأنا متعمق جداً بالدراسات العسكرية، ودراسة الحروب والتاريخ، وهي هواية لدى من الطفولة، ودرست الكثير من القيادات والشخصيات عبر التاريخ، سواء حروب المنطقة والحروب العالمية، وغيرها من الحروب.
لا يوجد هناك نظرية إنسانية، ومن الممكن أن تسحق مدن بأكملها، ونرى الآن بأم اعيننا هناك مدن تسحق فيها عوائل ونساء وأطفال، وتحدث فيها مجازر وسياسة الأرض المحروقة، ما يحدث الآن في فلسطين وفي لبنان من قبل الاحتلال الصهيوني، ونجد أن منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المتعلقة بهذا المبدأ، تصمت لأجل قضايا سياسية وليست مستعدة أن تقدم كلمة لمساعدة 50 ألف شهيد وأكثر من 150 ألف جريح، وأكثر من مليونين جائع ومشرد ومتروك في العراء وأطفال يقتلون يوميا.
 
 
تسنيم: كنا نشاهد الحاج أبو مهدي صباحا في الجبهة وفي ساعة أخرى في مدينة معينة وفي وقت أخر يشارك في اجتماع لقادة الحشد الشعبي وفي المساء يزور عوائل نازحة، كيف يمكن ان نفسر كل ذلك الجهد واهتمامه بالناس؟
أبو عامر العيساوي:كان في كل اجتماع وفي كل لقاء وفي كل عملية يؤكد ويقول هذه الوصايا، دماءنا أرواحنا رقابنا فداء لطفل موجود في هذه المنطقة، ممكن نقدم شهداء كثيرين على أن لا نؤثر على منطقة، قد يحتمي الإرهابيين فيها بالمدنيين، واحدة من المقولات التي أنقلها عن الحاج قاسم سليماني في احدى المعارك سقط كثير لدينا من الشهداء، وفي قرية متروكة ونائية وبعيدة، قلت له بشكل عام وصولنا الى هذه القرية سوف يكبدنا الكثير من الشهداء، القرية النائية يوجد فيها تقريبا 20 عائلة فقط وليس اكثر من ذلك، نحن ممكن نقدم أكثر من 20 شهيد من أجل الوصول الى هذه القرية، وهذا بالنظرية العسكرية ليس صحيحا، نحن كعسكر ننظر الى القضية بحسابات رقمية، أنا أقدم 20-30 شهيد من أجل ان انقذ قرية فيها حوالي 20 عائلة، فما الداعي؟،
فقال لي الشهيد قاسم سليماني: نقدم آلاف الشهداء في سبيل حفظ الاعراض، هذا هو الأساس عندنا، فما بالك بهذه القرية التي يوجد فيها 20 عائلة.
تسنيم: اذن حساباته لم تكن عسكرية فقط
أبو عامر العيساوي:لا ابدا، حساباته إنسانية، حتى أنه أنا خجلت من نفسي، هو أصلا جاء من الخارج ومن بلد آخر، قال حفظ الأعراض أهم من تقديم الشهداء.
تسنيم: إذن هذه الكلمات لم تكن مجرد شعارات كانت تطبق على أرض الواقع؟
أبو عامر العيساوي:حادثة أخرى حصلت في مدينة آمرلي، كنا نجهز خطة لتحرير آمرلي، وضعت أنا خطة لتحرير آمرلي، وكنا في منطقة الخالص في ديالى وهو جاء لهناك، ومعه أبو مهدي المهندس وبعض القيادات الأمنية فقال ما الفكرة؟، قلت له الفكرة أنه نحن نتقدم على منطقة العظيم، من بعدها منطقة مفتول، من بعدها منطقة السرحة، وصولا إلى سليمان بيك، وندخل على آمرلي.
فسأل قائلا كم تحتاج من الوقت؟، قلت له احتاج ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، لأنه أنا أعرف من هو أمامي، يعني أعرف أن العدو المتمثل بـ داعش موجود وتحصيناته وامكانياته كبيرة، فقال هذا الوقت كثيرا ما نقدر، نحن يجب ان ننتهي من العملية خلال أسبوع، فقلت كيف؟، لا نستطيع، قال ينبغي ان تجدوا خطة ما، ونحن خلال أسبوع ندخل آمرلي، قلت له ما المشكلة؟، لتستمر العمليات ونحررها بالفعل، قال إذا هتكت الأعراض ما الفائدة (بتحرير المدينة)، ما الفائدة ان تصل اليهم بعد ما تهتك أعراضهم، هذه خطة غير ناجحة، الناس يدافعون عن انفسهم وهؤلاء الدواعش ليس لهم ذمة ولا ضمير، ولا أخلاق.
 
 
تسنيم: خاصة وأن عناصر داعش كان من الممكن أن يدخلوا المدينة بأي لحظة
أبو عامر العيساوي: كانت اشتباكات مستمرة، الأخوة في آمرلي كانوا يقاومون لكنه كان من الممكن ان تنكسر هذه الخطوط، بسبب ان المدينة محاصرة من أربع جهات وبشكل 360 درجة، ما يمكن ان تستمر ثلاثة أشهر، تخلص ذخيرتهم وبالتالي يدخلون عليهم، قال ما الفائدة إذا هتكت الاعراض؟، يعني ما الفائدة بعد ذلك، تدخل بعد ثلاثة أشهر وتجد أعراضهم مهتوكه، ورجالهم مقتولين، الآن لازم ان تفعل شيء.
هنا طرحت فكرة أخرى، وهي أنه يجب ان نأتي من الشمال وليس من الجنوب، يعني ندخل من اقليم كردستان، نحن من طرحنا هذه الفكرة لكن رأينا أنها صعبة التحقيق، يعني بداية نحن ندخل من الجنوب ونصعد من ديالى إلى آمرلي، فلما قال يجب تغيير الفكرة وان يتم الدخول الى مدينة آمرلي خلال أسبوع من الزمن كحد أقصى، قلنا له ليس ممكنا هذا، هذه الدفاعات القوية الموجودة عند داعش كيف نستطيع ان نخترقها في أسبوع واحد؟، هذا كلام ليس منطقي ولا نستطيع ان نقوم بهذا، لنكون واقعيين فمهما تكون لدينا قوة، لا نستطيع ان نوازي هذه القوة الموجودة بهذه الفترة الوجيزة، نحتاج فترة أطول حتى نستطيع القيام بذلك.
فقال يجب ان نبحث عن طريق آخر، قلت له إذا أردت طريق آخر، فيجب ان يكون من الشمال، من إقليم كردستان، لأن الجهة بين داعش وإقليم كردستان غير محصنة، أي ان تنظيم داعش لم يضع هناك تحصينات، بمعنى آخر فإن داعش لم يكن يتوقع ان يكون ضده من هناك هجوم.
وكان يتوقع داعش ان يكون الهجوم ضده من المحتمل من جهة ديالى، فقال الشهيد سليماني من الشمال ليكون من الشمال، أنا سأقوم بالإعداد لذلك، بالرغم من انه كنا نعتقد ان العملية ستكون غاية في الصعوبة، وكان لديه تنسيق مع إقليم كردستان وبالفعل جاءت الموافقة في اليوم التالي، الاخوة في كردستان رحبو بذلك، في ثاني يوم مباشرة قال أصبح الطريق مفتوح ويمكنكم الدخول عن طريق كردستان، وفعلا أخذنا القوات من ديالى على طريق إمام ويس، طريق السعدية إمام ويس، وذهبنا مع الحدود الإيرانية عن طريق نفط خانة، وصعدنا إلى خانقين من خانقين دخلنا إلى كلار، ومن كلار ذهبنا على قادر كرم منطقة قادر كرم وهذا إقليم كردستان، كلار وهذه المناطق هي تقع في إقليم كردستان، ونزلنا من قادر كرم على الدوز باتجاه آمرلي، كانت هناك قريتين فقط أمامنا، والتي هي قرية حبش وقرية آل بوشكر واستطعنا ان نسيطر عليهما بسرعة ونفتح الطريق.
هذا دليل على أنه الحاج قاسم سليماني كان يؤمن بقضية حفظ الأعراض، وحفظ الناموس وحفظ الإنسانية، لم تكن القضية سياسية ولم تكن أهداف عسكرية كما يفعل الآخرون الذي يقتلون عشرات الآلاف ويهتكون أعراض عشرات الآلاف، في سبيل تحقيق هدف سياسي، لم يكن الحاج قاسم سليماني هكذا. ولذلك نتأثر ونقول بأنه كان رجل القرن ورجل المرحلة ورجل الإنسانية، لأن أهدافه كانت إنسانية بحتة، وهذا ما لمسناه بالواقع وهناك الكثير.
الحاج قاسم سليماني قاتل في مدينة إدلب في ريف إدلب الجنوبي لتحرير مدينة الفوعة وكفريا، وهذه حادثة معروفة، الفوعة وكفريا هي قرى وليس مدن، قرى في محيط من الأعداء، بينك وبينهم تقريبا 200-300 كيلو، كلها أعداء وكان يصر على الوصول إلى هذه القرى وتحريرها، أي عسكري الآن في الشرق والغرب، وفي اي جيش، وفي حلف الناتو، وفي حلف وارسو، وحلف وارسو القديم، وفي الاتحاد السوفيتي القديم، قل له تعال أنه أزهق آلاف الشهداء وقدم آلاف التضحيات والأسلحة والذخيرة والدعم اللوجستي والإمكانيات بالمليارات في سبيل إنقاذ قرية في عمق العدو، يعني ليس هناك فقط خط يجب ان تكسره، بل هناك عشرات الخطوط وعشرات المدن في سبيل الوصول إليها، مقابل أن تنقذ أهالي هاتين القريتين، فماذا سيقول لك؟.
فلذلك لم تكن هناك لدى الشهيد سليماني أهداف سياسية ولم تكن هناك اهداف اقتصادية ولا تكون الفوعة وكفريا هي مثلا منابع نفط أو مناجم ذهب، هي مناطق زراعية بسيطة في إحدى القرى النائية في إدلب.
تسنيم: بالحديث عن إدلب والمتغيرات في سوريا، هناك من يثير شائعات حول تغيير مرتقب في العراق من ضمنه الإشاعات حول حل الحشد الشعبي، أنتم اليوم كقيادة من قيادات الحشد الشعبي ما هو تعليقكم على ذلك؟
أبو عامر العيساوي:أولا هذه الأصوات النشاز تنطلق بين فترة واخرى وتنطلق مرات من أصوات نشاز في العراق، من بعض الفضوليين وبعضها يأتي من دول عربية ودول أجنبية ومنظمات عالمية، الحشد الشعبي لا يمكن ان يحل، لا يمكن، ونحن نقول بثقة لا يمكن ان يحل، لأن قرار الحشد الشعبي ليس قرارا سياسيا فقط، هو قرار وطني من مجلس النواب، وهو قرار شرعي من المرجعية الرشيدة، وهو قرار عسكري نابع من الجيش العراقي.
الآن الجيش العراقي يضع كل ثقته في الحشد الشعبي ونحن خطين متوازيين مع الجيش العراقي، نخدم الجيش العراقي ويسندنا الجيش العراقي، نحن نخدم الدولة نخدم الدستور، لا نخدم جهة معينة لا نخدم جهة سياسية، فما ممكن أحد يستغنى عن الحشد الشعبي، لا يمكن ذلك، لا يمكن أي عراقي الآن أن يتنازل عن الحشد الشعبي، السنة أيضا لا يقبلون أن يتنازلوا عن الحشد الشعبي، وهم يضعون ثقتهم في الحشد الشعبي، وكل المناطق المحررة لا تقبل بحل الحشد الشعبي.
تسنيم: حتى الضغط الخارجي لا يمكن ان يؤدي الى حل الحشد الشعبي؟، ولو افترضنا جدلا أنه تم حل الحشد الشعبي هل ستلقون السلاح؟
أبو عامر العيساوي:لا يمكن حل الحشد الشعبي، وإذا أدى إلى حل الحشد الشعبي فهنالك سوف تكون كارثة أكبر، أي عقل لا يمكن ان يحل الحشد الشعبي، الا اذا كان مجنونا يقدم على هذه القضية، حتى وإن كانت إدارة الدولة تقوم على ذلك فهي مجنونة، الحشد الشعبي الآن يضم أكثر من أربعين فصيل مسلح، استطاعت هذه الإدارة سواء كانت إدارة الحاج أبو مهدي سابقاً، أو الإدارة الحالية وبقية الخط الأول من قيادات الحشد الشعبي، أن تجمع شمل كل هذه الفصائل وتجعلها في منظومة واحدة، وفي أهداف واحدة، وأن تنصاع هذه الفصائل إلى القانون والدستور، والان نجد ان كل الفصائل المنضوية تحت الحشد الشعبي هي ممتثلة للدستور والقانون، وتحافظ على بناء الدولة وليس بناء الحكومة، لتكون دولة مؤسسات.
إذا انفرط هذا العقد، عقد الحشد الشعبي، كل سيبكي على ليلاه، وسوف تكون فصائل الحشد الشعبي عبارة عن فصائل مختلفة متعددة، من يستطيع أن يسيطر على هذه الفصائل؟، من يستطيع أن يسيطر على ربع مليون مسلح؟، من يريد أن يكون العراق دولة مدنية ذات أفكار تنموية لبناء البلد عليه أن يحافظ على الحشد الشعبي، الحشد الشعبي هو الآن من يقوم ببقاء الدولة.
 
 
تسنيم: قبل انتهاء اللقاء، حضرتك قد اشرت الى أول لقاء مع الحاج قاسم سليماني، أتمنى أن تتحدث للسادة المشاهدين عن اللقاء الأول مع الحاج قاسم سليماني
أبو عامر العيساوي:أول لقاء مع الحاج قاسم رحمة الله عليه كان في 2003 في بداية أحداث المقاومة الإسلامية، وكان لقاء ودي جدا ونحن أول مرة نلتقي بالحاج قاسم سليماني، بعض الاخوان كانوا يعرفون الحاج قاسم، او ان لديهم علاقات قديمة، لكن بالنسبة لي فأنا اول مرة التقي بالحاج قاسم سليماني في هذا اللقاء، كنت اسمع عن إمكانياته وقدرته وثقافته، فالمهم التقينا به وكنت جدا مسرور بهذا اللقاء، لكنه لم أكن اعرف ماهية الحاج قاسم سليماني، أنا كنت أسمع حوله من خلال حديث الاخوان وبعض القيادات.
وفي أول لقاء لنا مع الحاج قاسم سليماني، قال لنا أريد أن أسألكم سؤال، قلنا له تفضل، قال أنتم الآن ان شاء الله قادة المقاومة في العراق، حيث كان كل الاخوة هم من المقاومة، فقال: ما هي صفات القائد؟.
طبعا كان السؤال بسيط جدا، فكل أدلى بدلوه، هذا من قال بأن القائد هو من يتصف بالشجاعة، قال صحيح، كلام منطقي والبعض قال بأن القائد يجب أن يكون كريم. أنا اتذكر قلت مقولة لأمير المؤمنين علي (ع) موجودة في نهج البلاغة بأن آلة الرئاسة سعة الصدر، لان القائد يجب أن يكون له صدر واسع يستقبل الجميع، قال نعم صحيح كلام منطقي، فالجميع قال شيء في هذا السياق، قال كل ما تفضلتم به هو صحيح وصادق، لكن هناك شيء أهم. فقلنا لم نعرف شيء آخر أهم من هذا، هذه قدرتنا وامكانياتنا الفكرية.
فقال بعد ذلك الحاج قاسم سليماني: القائد كالشجرة تظل على أهلها، هذه الشجرة إذا لم يكن لها ثمر فليس فيها فائدة، اذن انتفت الحاجة، فالقائد يجب أن يكون له ثمر، وهو صنع قادة جدد، ولأنه معرض للموت ومعرض للقتل ومعرض للشهادة، او معرض لأحداث أخرى، فالمسيرة مسيرة الجهاد مسيرة الكفاح والبناء إذا لم يكن هناك جيل آخر يحمل هذه الراية، أصبح هذا القائد مبتور، فعلى القائد أن يصنع قادة وأن تبنوا دولة، وتبنوا كوادر، وفعلا أنا أقول بأن الحاج قاسم إن شاء الله بنى كوادر، والأمة الإسلامية أمة ولاده وكل ما حدث ويحدث سواء في العراق، فقدنا أبو مهدي المهندس، لكن الله سبحانه وتعالى عوضنا بآخر، وفقدنا السيد حسن نصر الله، لكن الله سبحانه وتعالى عوضنا بآخر، الاخوة في لبنان ولادين، وفقدنا السيد الخميني (قدس) وفقدنا الكثير من القادة، وفقدنا الحاج قاسم سليماني، لكن الله عوضنا بآخرين، الأمة المقاومة وأمة الجهاد ولادة ونحن كأتباع مذهب أهل البيت (ع)، نؤمن بأن الأمة التي استشهد كل قادتها في طف كربلاء، كل قادتها استشهدوا، كبيرهم وصغيرهم، ولم يبقى منهم الا شاب مريض والذي هو الإمام زين العابدين (ع)، استطاعت أن تبنى نفسها من جديد، وأن تبني وأن تبني وأن يبقى مذهب أهل البيت سلام الله عليهم، وأن يبقى الإسلام الحقيقي، الإسلام الناصع، الإسلام الأبيض بعد 1400 سنة، وبقي شعار لا إله إلا الله ومحمد رسول الله.
هذه الأمة ولادة، أنا أرسل رسالتي إلى كل الأخوة المقاومين في العالم، وإلى كل شعوب المنطقة بأن محور المقاومة، فكر المقاومة، باق ببقاء أبنائه، ولا تهزنا هذه الأحداث التي حدثت، فقدان الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كان حادثا أليما، وجرحا كبيرا وما زال أثره إلى اليوم، لكن ليس هي نهاية المطاف، هناك أمل كبير إن شاء الله وهناك طموح كبير، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويفقكم لما فيه الخير والصلاح ان شاء الله.
/انتهى/


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>