أخر الأخبار
عاجل

خطة عراقية لتجريد أكراد سورية من ورقتي سجن غويران ومعسكر الهول

العربي الجديد

خطة عراقية لتجريد أكراد سورية من ورقتي سجن غويران ومعسكر الهول

  • منذ 6 يوم
  • العراق في العالم
حجم الخط:

قال ستة مسؤولين عراقيين، بينهم زعيم سياسي بارز في بغداد، إن خطة أمنية "ضخمة"، يجري بحثها حالياً بين بغداد وأنقرة والإدارة السورية الجديدة، وبرعاية أميركية، تتركز على تفكيك كل من سجن غويران في سورية، المعروف أيضاً بسجن الصناعة، ومخيم الهول، الواقعين تحت سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد)، ضمن محافظة الحسكة شرقي سورية، مؤكدين أن الخطة ستكون على مراحل زمنية عدة، وسيتولى العراق الجزء الأكبر منها. ويضم السجن والمخيم سجناء متهمين بالانتماء إلى تنظيم "داعش" وعائلاتهم.

المعلومات الجديدة التي حصلت عليها "العربي الجديد"، تأتي بالتزامن مع بدء العراق استقبال الدفعة الثامنة من عائلات مخيم الهول، وهي أول دفعة تصل إلى البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في سورية (8 ديسمبر/كانون الأول الماضي)، حيث تقوم السلطات العراقية بنقل العائلات إلى مخيم الجدعة، جنوبي الموصل، وإخضاعها لبرنامج تأهيل نفسي ومجتمعي برعاية البعثة الأممية في العراق، قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم.

سيشكّل سجناء غويران الذين سينقلون إلى العراق الأكثرية، بحدود 3 آلاف من أصل نحو 5 آلاف سجين في غويران

ويُقدر عدد عائلات الدفعة الجديدة، بأكثر من 200 عائلة عراقية، تتحدر من محافظات نينوى والأنبار وكركوك وصلاح الدين، ويقول مسؤولو دائرة الهجرة العراقية في نينوى، إنها عائلات مؤلفة من نساء وأطفال ومعاقين وكبار بالسن، تمّ تدقيق أوضاعهم الأمنية، مؤكدين أن "سجلاتهم نظيفة".

خطة ضخمة لتفكيك سجن غويران ومخيم الهول

وتواصلت "العربي الجديد"، مع ستة من المسؤولين العراقيين، ضمن مستشارية الأمن القومي العراقي، ومكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزارة الخارجية، إلى جانب مسؤول في وزارة الهجرة العراقية وزعيم سياسي بارز في بغداد، قدّموا إفادات مُتشابهة بشأن خطة يجري بحثها حالياً وصفها أحدهم بأنها "ضخمة" وتشترك بها عدة دول لإنهاء "غويران والهول".

الخطة التي تجري مناقشتها بين العراق وتركيا والولايات المتحدة والإدارة السورية الجديدة، بعلم البعثة الأممية في بغداد، يغذي أهمية تنفيذها الخوف من مآلات أي هجوم يستهدف معاقل قوات قسد في الشرق السوري، سواء من قبل تركيا، أو الإدارة السورية الجديدة، التي تسعى إلى إنهاء سيطرة القوات الكردية على الشرق السوري، وإخضاعها للإدارة الجديدة.

ويتخوف العراق من وجود المنشأتين على مقربة من حدوده بنحو 25 كيلومتراً، إذ إن سيناريو كسر سجن غويران وفرار من فيه، يمثل خطراً أمنياً على البلاد، وفقاً لأحاديث سابقة قدمها مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، الذي وصف السجن بأنه "قنبلة موقوتة"، داعياً الدول الأجنبية إلى تسلّم رعاياهم من السجن ومحاكمتهم وفقا لقوانينها.

وفي المجمل، تتركز الخطوط الرئيسية للخطة، حول نقل نزلاء سجن غويران العراقيين إلى العراق، ونقل المتورطين بالقتال إلى داخل العراق، حتى لو لم يكونوا عراقيين، لمحاكمتهم وفقاً للقانون العراقي النافذ، وهؤلاء سيشكّلون الأكثرية، من أصل نحو 5 آلاف سجين في غويران، كما سيتم نقل سجناء آخرين إلى دولهم، عبر مراحل عدة. وسيحصل العراق على دعم دولي، لبناء سجن ومنشآت كافية لاستيعاب السجناء المنقولين من الحسكة إلى العراق، مع محاكمات تكون ضمن الإطار القانوني العراقي.

تقضي الخطة بنقل العراقيين من "الهول" إلى داخل مخيم الجدعة ومخيم آخر لاستيعاب أعدادهم

في هذا السياق، قال مسؤول أمني عراقي، إن العراق سيتولى استيعاب أكثر من 3 آلاف سجين، وضمن تنسيق يكون الوسيط فيه التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بوصفه الطرف النافذ والرسمي في الشرق السوري حالياً والمنسق مع "قسد". وأكد المسؤول لـ"العربي الجديد"، أن دولاً أخرى أبرزها بلدان المغرب العربي ودول الخليج ستتولى نقل معتقليها أيضاً، بينما سيكون عدد كبير من السوريين في عهدة الإدارة السورية الجديدة. هذه المعلومات أكدها مصدر أمني عراقي آخر في بغداد، قال إن الوقت غير كاف لبناء منشأة سجن جديدة، لذلك فالخطة فراغ سجن ونقلهم إليه، معتبرا أن "وجودهم داخل العراق أفضل من بقائهم في عهدة قسد غير المستقرة أمنيا ولا سياسيا"، وفقا لتعبيره.

في الجانب الآخر، سيتولى العراق خلال الربع الأول من هذا العام، تسريع نقل الآلاف من عراقيي مخيم الهول، البالغ عددهم أكثر من 20 ألف شخص من أصل 42 ألفا أو أكثر بقليل يعيشون في المخيم حاليا. وتقضي الخطة بنقل العراقيين إلى داخل مخيم الجدعة ومخيم آخر لاستيعاب أعدادهم، ويخضعون لبرامج تأهيل مختلفة، قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم ومناطقهم الأصلية، والأمر ذاته ينطبق على النازحين السوريين الذين سيتم السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم ضمن إجراء أمني تتولى التنسيق له الإدارة السورية الجديدة.

كما سيتولى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وأنقرة وحكومة بغداد، الحراك تجاه 20 دولة أخرى لتسلم رعاياها. ووافقت تركيا مبدئيا على إنشاء ما وصفه زعيم سياسي بارز في بغداد بـ"زون أمني" (منطقة أمنية) على حدودها مع سورية تشيد خلاله مخيماً متكاملاً لنقل من يتبقى من عائلات مخيم الهول، ويكون المخيم تحت إشرافها لحين استكمال تفكيكه.

ومن المقرر أن يصل إلى بغداد خلال الأيام المقبلة، مسؤولون في التحالف الدولي لبحث الخطة التي يؤيدها بشدة المسؤولون العراقيون مدفوعين بالخوف من انهيار سجن الصناعة (غويران) في حال أي هجوم من قبل القوات التركية، أو الإدارة السورية الجديدة على "قسد". وفي هذا الصدد، أكد أحد المصادر التي تحدثت معهم "العربي الجديد"، أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بوصفها أكثر الدول الغربية التي تحوي رعايا في مخيم الهول أو سجن غويران وغالبيتهم من أصول عربية، غير متجاوبة مع مطالب تسلمهم ومحاكمتهم لديها سواء أكانوا عائلات أم أفرادا، مضيفاً أن دولاً أخرى غالبيتها عربية ستتولى برنامجا لتسلم رعاياها أيضا خلال الفترة المقبلة، دون أن يسمي أيا منها.

أحمد النعيمي: تفكيك سجن غويران ومخيم الهول ورقة مهمة سياسياً لتركيا وللإدارة السورية الجديدة في دمشق

ضربة قوية لـ"قسد"

ويقع مخيم الهول، على مقربة من الحدود العراقية السورية ضمن محور نينوى ـ الحسكة، وتديره "قسد" منذ عام 2017 بشكل مباشر. يشكل العراقيون في هذا المخيم الأغلبية، وهم منقسمون بين أسر مقاتلي "داعش"، ونازحين عراقيين فرّوا من المعارك والقصف بالبلدات الحدودية العراقية إلى داخل سورية خوفا من عمليات انتقام طائفية كانت المليشيات الحليفة لإيران تنفذها في تلك الفترة، وآخرين من الذين استخدمهم "داعش" دروعا بشرية حيث أجبرهم على الانسحاب معه من البلدات التي خسرها في العراق، وخصوصاً من مناطق القائم والبعاج والموصل.

في المقابل، يقع سجن غويران والمعروف بسجن الصناعة، نسبة إلى منطقة وجوده، في محافظة الحسكة القريبة من العراق، وشُيّد نهاية خمسينيات القرن الماضي، للأحكام الثقيلة والمتوسطة، وضم خلال العقود الماضية، المئات من الناشطين السياسيين المعارضين لنظام الأسد. وأخضع السجن على عدة مراحل إلى عمليات تطوير وتوسعة وتحصين مختلفة، بدعم من التحالف الدولي ضد الإرهاب بعد سيطرة "قسد" على الحسكة، وبات معتقلا للتحفظ على مقاتلي التنظيم تحديداً. وفي عام 2022 شهد سجن غويران هجوماً كبيراً من قبل مسلحي التنظيم كان يستهدف تحرير من فيه، وجرت مواجهات عنيفة حينها مع "قسد" انتهت بمقتل وجرح المئات من مقاتلي التنظيم والقوات الكردية، كما فرّ عدد من المساجين. واعتبر العراق حينها، الحادثة، بأنها مؤشر خطر أمني كبير عليه، وبدأ منذ ذلك التاريخ الدفع باتجاه تفكيك السجن.

من جهته، رأى الخبير في الشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي، أن سجن غويران ومخيم الهول، هما ورقتان من الأوراق المهمة التي تسوق "قسد" نفسها عبرهما للمجتمع الدولي، معرباً عن اعتقاده بأن تفكيك المنشأتين لن يكون في صالح استثمارات "قسد" السياسية على أقل تقدير. وأضاف النعيمي أن "ورقة مواجهة تنظيم داعش أو إدارة مخلفات حقبة سيطرة داعش في سورية، كانت مهمة للقوات الكردية في الحسكة، وهي أساس أو غطاء التسليح والدعم الأميركي الذي حصلت عليه خلال السنوات الماضية، لذا فإن إنهاء وجود سجن الصناعة تحديداً يشكّل خطوة مهمة على المستوى الأمني للعراق، لكنها ورقة مهمة سياسياً لتركيا وللإدارة السورية الجديدة في دمشق أيضاً". وتوقع أن يكون نجاح الخطة أو البدء بتنفيذها، بداية تراجع أو انحسار لدور "قسد" في الشرق السوري، كما أنها قد تكون باباً للتنسيق بين "قسد" وبين الإدارة السورية الجديدة.

وقبل أيام، قال وكيل وزارة الهجرة العراقية، كريم النوري، إن حكومة بلاده "تُدرك خطر مخيم الهول، وأهمية انهاء المخيم، الذي ربما لو ترك أو أُهمل سينتج مستقبلاً خطراً أكثر من 2014"، في إشارة إلى اجتياح مسلحي "داعش" مدينة الموصل وإسقاطها بالعاشر من يونيو/حزيران 2014. وأكد النوري في تصريحات لقناة "العراقية" المملوكة للحكومة، أن "الدولة بدأت خطوات جريئة (في ملف تفكيك مخيم الهول) وهناك توصيات مدروسة تتم في هذا الصدد". كما تحدث عن أن دولاً أوروبية لم يسمها بدأت تسحب رعاياها من المخيم، الذي وصفه بـ"بؤرة ملتهبة".

شارك في التغطية من بغداد: محمد علي



عرض مصدر الخبر



>