هل يفرض ترامب على العراق حل الحشد الشعبي وعدم المطالبة برحيل القوات الأمريكية عن البلاد؟

بداية، يقول الخبير والمستشار العسكري العراقي السابق، صفاء الأعسم: "يجب التفرقة بين الحشد الشعبي وفصائل المقاومة عند الحديث عن نزع السلاح غير الشرعي وحصره بيد الدولة، حيث أن الحشد الشعبي هو إحدى الوحدات التابعة للقائد العام للقوات المسلحة والذي تشكل بموجب القانون رقم 40 الصادر عن مجلس النواب العراقي، لذلك لا مجال للحديث عن جزء من الجيش العراقي المتمثل بالحشد الشعبي والذي تكون بناء على إرادة وطنية وبموافقة نواب الشعب، وكلام ترامب لم يكن يستهدف الحشد وإنما فصائل المقاومة".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "الأمر بالنسبة لفصائل المقاومة يختلف عن الحشد الشعبي، والرئيس الأمريكي ترامب يرفض أن يكون هناك سلاح خارج سيطرة الدولة، والحكومة العراقية تعمل بكل جد على ضرورة إنهاء عملية أن يكون هناك سلاح خارج سيطرة أو إمرة وصلاحية الدولة العراقية، وأعتقد أن هناك تجاوب من بعض الفصائل بأن تقوم بتسليم سلاحها للدولة مستقبلا".

وفيما يتعلق بإنهاء تواجد قوات التحالف الدولي في العراق والمفاوضات الجارية بين بغداد وواشنطن يقول الأعسم: "القرار الذي تم الاتفاق عليه بين بغداد وواشنطن والمتعلق بإنهاء تواجد القوات في العراق هو قرار شامل وحدد نهاية العام 2026 بأنه سيكون موعد انتهاء تلك القوات بالعراق، نظرا لأن دور التحالف انتهى بإنتهاء دور داعش بالعراق، والزيارة الأخيرة التي قام بها قائد قوات التحالف لعدد من المناطق أثبتت للجميع أن العراق قادر على حماية أرضه وشعبه شريطة أن يكون هناك تجهيز بالسلاح واكتمال المنظومة العسكرية، وبعد إنهاء مهمة التحالف سوف تكون هناك علاقات ثنائية استراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق، وهذا الأمر لا علاقة له بالتحالف الدولي".

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن "منطقة الشرق الأوسط الآن غير مستقرة وهذا الوضع يتطلب أن تكون هناك حيطة وحذر في هذا الأمر، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك أكبر قاعدة عسكرية لها في الشرق الأوسط بالعراق وهى قاعدة عين الأسد، ومن خلال قراءتي للوضع أرى أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها نية في ترك العراق بعد أن أصبح لها علاقات واسعة مع بغداد خاصة في المجال العسكري، الجميع يعرف أن عقيدة تسليح الجيش العراقي بعد العام 2003 تحولت إلى عقيدة تسليح غربية، وهذا يؤشر إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هى المسؤولة عن تسليح العراق".

وقال الأعسم: "أتصور أن بقاء القوات الأمريكية داخل العراق سيكون وفق اتفاقيات أخرى، حيث تعتبرنا واشنطن حليفا استراتيجيا، لذلك أرى أن هذا الأمر سوف يبقى لفترة أكبر بكثير، نظرا لأن المنطقة غير مستقرة إلى الآن".

وعن مدى إمكانية نجاوب فصائل المقاومة للدعوات الحكومية بالتخلي عن أسلحتها يقول الأعسم: "الموضوع عقيم جدا، هناك بعض الفصائل ترفض أن تترك سلاحها، لكن من الضروري أن يكون السلاح بيد الدولة والأمر بيد القائد العام للقوات المسلحة، لأنه من الصعب جدا أن تكون هناك جهات تستخدم السلاح بدون موافقة القائد العام للقوات المسلحة، أعتقد أن هذا الموضوع سوف يُدمج وسيكون هناك عمل سياسي لفصائل المقاومة ورغم صعوبة الأمر لكنه يمكن أن ينتهي بالحلول السياسية".

من جانبه يقول د. قحطان الخفاجي، نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات: "إن طلب ترامب من حكومة بغداد بحل الحشد الشعبي، أعتقد أن هذا مطلب حيوي ولا يمكن أن تتراجع عنه واشنطن واليوم فرصتها سانحة لتكمل خطتها المشتركة مع إسرائيل بإنهاء فاعلية إيران، لأن إنطلاقة إيران نحو الإقليم والمنطقة بشكل عام تبدأ من العراق وتستند على قدراته".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "اعتقد أن الرئيس الأمريكي ترامب سوف يُصر على إنهاء الفصائل المسلحة الولائية في العراق ولا بد أن يكون ذلك بأقرب وقت وفق حساباتنا المتواضعة".

وحول المطالبات برحيل أمريكا عن العراق يقول الخفاجي: "هذا المطلب يؤكد أن الاحتلال الأمريكي للعراق لا يزال قائما، وفي الحقيقة أنه لم ينته منذ العام 2003 وإلى الآن، ومن يدعي أن العام 2011 قد شهد انحسار أو انسحاب أمريكي فهو واهم".

وتابع الخفاجي: "لا تزال القواعد الأمريكية والفعل الأمريكي على كافة المستويات فعال، ولا يزال الاقتصاد والعملة الوطنية العراقية مرتهنة بالفيدرالي الأمريكي، وأيضا القرار الأمني والسياسي أمريكي، وهذا ما يجعلنا نقول إن حل الحشد الشعبي العراقي مطلب أمريكي والفرصة سانحة لذلك".

وكان بهاء الأعرجي، نائب رئيس الوزراء العراقي السابق، قد نفى نهاية ديسمبر/كانون أول الماضي، وجود أي طلب دولي يدعو لتفكيك الفصائل المسلحة أو حل هيئة الحشد الشعبي في العراق.

وقال الأعرجي في حديثه لوكالة "شفق نيوز": "إن المخاوف من تصعيد أمني أو سياسي في العراق خلال الفترة المقبلة بعيدة عن الواقع".

وأضاف أن هناك أطرافا تسعى لإثارة الفتن الداخلية، لكن هذه الجهود لن تؤدي إلى أحداث تزعزع الأمن والاستقرار.

وأوضح أن تحركات الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، ولقاءاته مع المراجع والشخصيات السياسية طبيعية جداً، مشيراً إلى أن زيارته لإيران تندرج في إطار عمل مكتب الأمم المتحدة في العراق، وهو أمر معتاد سبق أن قام به ممثلو الأمم المتحدة السابقون.

وفيما يتعلق بالحشد الشعبي، أكد الأعرجي أنه مؤسسة رسمية معترف بها ومحمية بقانون مُشّرع، لافتاً إلى أن الأنباء حول دعوات لحله غير صحيحة.

كما شدد على أن مسألة الفصائل المسلحة شأن داخلي يخص الدولة العراقية وحدها، لافتا إلى أن وجود هذه الفصائل مرتبط بوجود الاحتلال، وفي حال زوال السبب، لن تكون هناك حاجة لاستمرارها.

وكانت تقارير إعلامية قد نقلت عن مصدر مسؤول عراقي، قوله إن "الحكومة العراقية تلقت، أكثر من مرة، طلبات من أطراف دولية وإقليمية لحل الحشد الشعبي وتسليم الفصائل المسلحة سلاحها للدولة".

وأضاف المصدر أن "زيارة ممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، إلى المرجع الديني الأعلى في النجف، علي السيستاني، كانت بهدف الطلب منه إصدار فتوى لتفكيك الحشد الذي تأسس بفتوى منه، أو دمجه مع الوزارات الأمنية، ولكنه رفض".

تأتي هذه التصريحات وسط أنباء متداولة عن تغييرات قادمة في العراق عقب التطورات في سوريا، والتي تزامنت مع لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حيث تم التطرق إلى مسألة حل الفصائل المسلحة والحد من نفوذ إيران.

وانطلقت، في كانون الثاني/ يناير الماضي، أعمال اللجنة العسكرية العليا المشتركة بين العراق والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لمراجعة مھمة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عدة).

وجاء في بيان صدر حينها عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي: "سيتولى متخصصون عسكريون إنھاء المهمة العسكریة للتحالف الدولي ضد "داعش"، بعد عقد من بدایة ھذه المھمة، والنجاح الكبیر في تحقيقها، بالشراكة مع القوّات الأمنية والعسكرية العراقية".

وكان العراق، قد أعلن في يناير الماضي أيضًا، الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية، على صياغة جدول زمني لخفض تدريجي لمستشاري التحالف الدولي في العراق، وإنهاء المهمة العسكرية للتحالف ضد تنظيم "داعش".