الصحافة اليوم: 4-3-2025
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 4-3-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
إسرائيل تلعب في الصحن الدرزي في سوريا ولبنان
قبل نحو 60 عاماً، دغدغ الإسرائيليّين حلمُ دعم انفصال الدّروز عن الدّولة السوريّة، وعملوا بجهد على إعادة إحياء دولة جبل العرب (التي كانت تضم منطقة جبل العرب والقرى المحيطة بها وأجزاء من إمارة شرق الأردن)، كأوّل دولة درزيّة أقيمت عام 1921 ولم تصمد أكثر من 15 عاماً. وبعد حرب 1967، بذل الصهاينة قصارى جهودهم لدفع الدّروز إلى التمرّد على الدولة السورية، لأنّ «تمرداً كهذا سيُشكّل طعنة في ظهر الوحدة العربية التي تحاربنا بسكين سام»، على حد تعبير وزير العمل الإسرائيلي في حينه يغال ألون في رسالةٍ رسميّة كشف عنها أخيراً إلى رئيس الوزراء آنذاك ليفي إشكول.
«الحلم الإسرائيلي» لم يستكن يوماً، بل ظلّ على جدول الأعمال الدولة الصهيونيّة التي استثمرت في دروز فلسطين، وتمكّنت من جعل الشيخ موفّق طريف، أحد رجالاتها المخلصين، رقماً درزياً صعباً. وقد تبيّن مع الوقت، أن الرجل لا يعمل بمفرده، بل لديه فريق عمل كبير، بعضه يعمل داخل مؤسسات جيش الاحتلال والإدارة المدنية أيضاً. ومع الوقت، تحوّل طريف إلى «أخطبوط سياسي» تمكّن من نسج علاقات عربيّة ودوليّة صار منفّذاً أساسياً للأجندة الإسرائيليّة، قبل أن يمدّ أذرعه إلى الداخل السوري، مستثمراً بالأموال الإسرائيليّة لخلق «بيئة غير معادية» في أكثر من منطقة تسكنها غالبية درزية.
حصل ذلك في السويداء، المعقل الدّرزي الأساسي، وتمدّد صوب لبنان. وسبق للقوى الأمنية اللبنانية أن أوقفت أحد المطارنة الموارنة وهو ينقل أموالاً من كيان الاحتلال إلى لبنان. وقال المطران يومها إن الأموال التي وُجدت في حوزته يعود قسم منها إلى عائلات لبنانية يوجد أفراد منها داخل كيان الاحتلال، لكنه أقرّ بأنه ينقل مبالغ أخرى من طريف إلى رجال دين دروز في لبنان. وتبيّن للأجهزة الأمنية حينها أن هذه الأموال تأخذ طريقها بعيداً عن القنوات التقليدية للمرجعيتين الدرزيتين، أي المختارة وخلدة.
وشكّلت الفوضى الكبيرة في سوريا بعد اندلاع الحراك المناهض للرئيس بشّار الأسد، قبل نحو 14 عاماً، فرصة لتتمدد أذرع طريف ورجاله في السويداء. ومع سقوط نظام الأسد، تصرّف الرجل ومن خلفه إسرائيل، بأنه حان موسم القطاف، وتحويل الدروز إلى سلاح في معارك النفوذ الجارية بين إسرائيل من جهة وتركيا من جهة أخرى، علماً أن العدو الذي توغّلت قواته داخل الأراضي السورية بعد وصول الحكم الجديد إلى سوريا، باشر فوراً في «مشروع العلاقات الاجتماعية» مع عدد من عائلات الجنوب السوري، لكنّ تركيزه كان على الوسط الدرزي في قرى القنيطرة إلى جانب السويداء.
استنفار المختارة
كلّ ذلك لم يكن خافياً على زعيم الغالبية الدرزية في لبنان وليد جنبلاط، سيما أن بعض حسابات الرّجل في مُعارضة نظام الأسد أو الاقتراب منه، كانت تمليها أصلاً «حسابات بني معروف» في سوريا. وهو ما ينطبق على السرعة التي أدار فيها جنبلاط محرّكاته للانطلاق في رحلةٍ إلى قصر الشعب فور تسلّم أحمد الشرع السلطة.
يومها، كانت الانتقادات اللبنانيّة في أوجها، إلا أنّ من يعرف «الهواجس الدرزيّة – الدرزيّة» التي تتحكّم في عقل ساكن المُختارة، يمكنه تلاوة لائحة طويلة من التبريرات. والانتقادات نفسها، على أي حال، تعرّض لها جنبلاط عندما «تخندق» إلى جانب حزب الله في العدوان الإسرائيلي على لبنان بعد عمليّة «طوفان الأقصى».
صحيح أن لـ«التاريخ الجنبلاطي» مقتضياته القوميّة إلى جانب القضيّة الفلسطينية وفي مواجهة الاحتلال، إلا أنّ المحاذير الدّرزية كانت دائماً تُحدّد أولويّات جنبلاط في المعارك أو التحالفات الدّاخلية.
طريف يرسل الأموال
إلى دروز في سوريا ولبنان ويشجّع على الانفصال والحكم الذاتي بحماية إسرائيل
يتذكّر زوّار جنبلاط أن كلامه خلال الحرب الأخيرة على لبنان كان نابعاً من خوفٍ حقيقي، إذ لطالما حذّر في لقاءاته الضيّقة من الخطر الإسرائيلي الذي سينقضّ على حزب الله، وعندما يتخلّص منه سيكون هو التالي.
و«هو»، في قاموس «المختارة»، تعني دروز المنطقة حتماً. حينها، كان جنبلاط يرسم أمام زوّاره خطط الشيخ المتنفّذ بين دروز فلسطين موفق طريف في توسيع نفوذه نحو سوريا، وخطط الإسرائيلي لدغدغة أحلام الدّروز بإعادة قيام «دولة الأقليّات» التي تضمّ دروز سوريا في المرحلة الأولى، ودروز الأردن (الذين يتركّز وجودهم في منطقة الأزرق في الصحراء الشرقية المُحاذية للحدود السوريّة من جهة السويداء وداريا) في المرحلة الثانية، ليأتي الدور في المرحلة اللاحقة على دروز لبنان ومحاولات إلحاقهم بـ«الدّولة الدرزية».
وكان جنبلاط، سمع كلاماً مباشراً حول هذا المشروع، خلال أكثر من اجتماع مع ملك الأردن عبدالله الثاني الذي كان شديد الصراحة في أن مشروع إسرائيل بعد الحرب على لبنان، يستهدف العمل على استمالة الدروز لإقامة «دويلة» تعيد إحياء حلم قديم بدولة تمتد من ساحل الشوف في لبنان مروراً بوادي التيم وصولاً إلى جبل العرب في السويداء. وتلقّى جنبلاط نصائح بالابتعاد عن حزب الله.
مخاوف جنبلاط سُرعان ما تحوّلت إلى حقيقة؛ فهو تلقّف مبكراً السيناريوهات الصهيونيّة التي صارت اليوم حقيقة مع اندلاع المواجهات العسكريّة في مدينة جرمانا الواقعة جنوب دمشق، والتي تجري تحت قيادة مجموعة ترفض الانضواء في «الدولة السوريّة الجديدة».
وهو حال آخرين يعيشون في السويداء ومحيطها. وترافق ذلك مع «تفريخ» أحزاب ومجموعات، كـ«حزب اللواء السوري» و«المجلس العسكري في السويداء»، تتحدّث بلغة فيدراليّة وانفصاليّة وتدعو إلى إدارة ذاتية مُشابهة لإدارة «قسد» في شمال شرق سوريا.
فيما يُشتبه في أن لإسرائيل الدّور الأساسي في إنشاء مثل هذه المجموعات في إطار التشجيع على الانفصال، بالتوازي مع «الكلام الإسرائيلي عن الدّفاع عن دروز سوريا».
ورشة درزيّة
يُدرك جنبلاط أن لبنان هو التالي، وإن كان فريقه لا يلمس أي مؤشرات تقلقه حالياً من الوضع الدّاخلي، إلا أنّه متيقّن أنّ أي قرار بالانفصال الدرزي عن الدولة السورية ستترتب عليه تداعيات خطيرة على سوريا ولبنان والمنطقة. ولذلك، بدأ انطلاقاً من مسؤوليته تجاه الدروز وتاريخية العلاقة مع دروز المنطقة، ورشة حقيقيّة من أجل استنهاض الصوت الدرزي القومي وحمل مشروع القضاء على المشاريع التقسيمية والتدميرية، وهو الذي عايش إغداق الآمال الإسرائيلية على بعض الأحزاب اللبنانيّة بالانفصال قبل أن يُدير الإسرائيلي ظهره لحلفائه، لتكون النتيجة: حروباً أهلية.
وعلمت «الأخبار» أنّ جنبلاط عقد لقاء مطوّلاً أولَ أمس، عبر موقع «زوم»، مع شيخ عقل الموحدين الدروز في سوريا يوسف جربوع، وشيخ العقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا الشيخ حمود الحناوي، والأمير حسن الأطرش، لحثّهم على التصدّي للمحاولات الإسرائيلية. وبحسب المصادر، فقد لمس جنبلاط «وعياً حقيقياً وفهماً مشتركاً لدى الفاعليات الدّرزية التي تمتلك قاعدة شعبيّة في السويداء، لصدّ المشروع الصهيوني»، مضيفةً أن «موقفهم ممتاز وهناك درجة وعي عالية لدى المشايخ والمرجعيات الأساسيّة لصد المشروع الإسرائيلي، خصوصاً أنّ تأثيرهم على الأرض كبير وفاعل. ونحن أصلاً لا نتخوّف من جراء رسوخ القومية العربية والإسلامية في نفوس الموحّدين في سوريا، وإذا كان بعض الدروز يمتلكون موقفاً مغايراً فهم فئة قليلة لا تعبّر عن الموقف السوري الحقيقي لدروز سوريا».
كما تُشير المعلومات إلى أنّه تمّ الاتفاق، في الاجتماع الاستثنائي الموسّع للهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، في دار الطائفة في بيروت، برئاسة شيخ العقل سامي أبي المنى وبمشاركة جنبلاط وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وأعضاء المجلس ومشايخ، على أن يقود أبي المنى سلسلة اتصالات بالمرجعيّات الدرزية، تليها تحرّكات لمشيخة العقل والمجلس المذهبي الدرزي، على أن تكون هناك ورشة كبيرة بمشاركة المعنيين في لبنان وسوريا».
وتلفت مصادر متابعة إلى أنّ «هذه التحرّكات ستنسّق مع المرجعيات الدرزية، ومن بينها النائب السابق طلال أرسلان الذي يتقاطع بشكل كبير مع جنبلاط على الملفات في الساحتين اللبنانيّة والسوريّة، ويلتقيان باستمرار لتوحيد هذا المسار».
وكان جنبلاط قد قال من دار الطائفة أمس: «إمّا أن نبقى على هويتنا العربية أو أن يغترّ البعض ونمشي في المخطّط الصهيوني»، ونفى أن يكون «الشيخ موفق طريف يمثّل دروز المنطقة بالتعاون مع الإدارة الصهيونية. كل منطقة من المناطق التي فيها تواجد معروفي لها مَن يمثّلها، لكنه لا يمثّلنا.
هو مدعوم من قِبل الجارة الصهيونية، هو ومجموعة معه أمثال صالح طريف وغيره. أهل سوريا يعلمون تمام العلم كيف يتصرفون». وشدّد على أنّ «المشروع كبير ويريد استجرار البعض من ضعفاء النفوس إلى حروب أهلية، ولستُ أدري كيف سينتهي، وكلنا نعلم الامتداد الوطني للدروز في الخليج وكل مكان، ونعلم ما قد يحدث تجاهنا إذا انجررنا إلى هذا المشروع».
بدوره، قال أبي المنى إنّ «الموحّدين الدروز محميُّون أوّلاً بتعلُّقهم بالثوابت، ومحميُّون، بوحدتهم وتماسكهم وباندماجهم الاجتماعي مع مكوّنات أوطانهم، ومحميُّون بمشاركتِهم الفاعلة في بناء دولتهم، لتكون قوية حاضنة للجميع وقادرة على طمأنتهم، ولن تكون حمايتُهم، كما يتوهَّمُ بعضُهم، من قبل عدوٍّ طامعٍ باستخدامهم لهذا الغرض أو لذاك الهدف، فيكونوا حراسَ حدودٍ هنا أو عمالاً مأجورين هناك، أو تابعين محكومين لهذا أو لذاك من الأنظمة، أو خارجين عن حقيقة انتمائهم وهويتهم، ومفصولين عن تاريخِهم وتراثِهم وعمقِهم العربيِّ الذي يتوجَّبُ على قادته أن يندفعوا لاحتضانهم ودعمهم، وأن لا يتخلَّوا عن شريحة عربيةٍ أصيلة جاهدت وقدَّمت التضحيات الجسامَ دفاعاً عن الثغور وصوناً للهوية العربية الإسلامية المشرقية».
وأضاف: «هذا ما حمل رايته أعلامٌ من بني معروف من فلسطين الذين أعلنوا مراراً تمسَّكَهم بالانتماء إلى القومية العربية وعدمَ انصياعهم لمحاولات سلخهم عن جذورهم وإلحاقهم بقومية درزية مصطنعة أو بدويلة درزية موعودة».
وهاب يهاجم جنبلاط ويدافع عن طريف!
في وقت كانت الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز تجتمع لمناقشة التطوّرات في سوريا وتحديداً في السويداء، أتى موقف رئيس «حزب التوحيد العربي» مفاجئاً وخارجاً عن الإجماع الدرزي الرافض للمشاريع التقسيمية التي يحملها شيخ عقل الدروز في فلسطين موفق طريف.
فقد أطلق وهاب موقفاً ردّ فيه بشكل مباشر على إشارة وليد جنبلاط إلى «أن طريف لا يُمثّلنا». لكنه لم يشر إلى التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بالدّفاع عن دروز سوريا، مركّزاً على انتقاد موقف جنبلاط الداعي إلى التفاهم مع الحكم الجديد في سوريا. ولوحظ أن موقف وهاب يتناغم إلى حد كبير مع كلام أبرز مشايخ السويداء الشيخ حكمت الهجري الذي يرفض التعامل مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع والأجهزة الأمنية السورية كمرجعية تحل محل الدولة.
وتوجّه وهاب إلى جنبلاط بالقول: «الشام مرجعيتك وحدك، أما الدروز فمرجعهم الله والحدود الخمسة، والشيخ موفق طريف يمثّل عدداً كبيراً من الموحدين وهذه هي مشكلتك، ولا أحد من الموحّدين في سوريا يريد حرباً أهلية أو كانتوناً. ولكن هل تمون أنت على حليفك الجديد (بكل الحالات مش مطول) أن يمنع استعراضات الفصائل وعمليات القتل؟، ويقتنع بأننا وراء السنّة الذين هم الأمة، وجماعة الرئيس السوري أحمد الشرع لا يعترفون بهم».وقد رفض نواب «الاشتراكي» الردّ على كلام وهاب.
الدولة تحضر جنوباً… لمنع إعادة الإعمار!
بعد طول انتظار، ظهرت الدولة مجدّداً عند الحدود الجنوبية، لكن ليس لتشهر سلاحها في وجه الاحتلال واعتداءاته اليومية، ولا لإعادة مقوّمات العيش إلى البلدات المنكوبة، ولا لبدء صرف التعويضات وإعادة الإعمار، وإنما على شكل دوريات مؤلّلة لعناصر من قوى الأمن الداخلي، حضرت إلى ميس الجبل وكفركلا وشقرا… لتسطّر محاضر ضبط بحق من شرع في إعادة إعمار منزله!
وفي حين تتسارع وتيرة الاحتلال واعتداءاته اليومية من دون ردّ فعل رسمي محلي أو دولي، يجد الجنوبيون أنفسهم مُلاحقين لأنهم يريدون العودة إلى أرضهم. أكثر من مئة ألف من سكان البلدات الحدودية لا يزالون مشتّتين في أماكن النزوح، في حين تبلّغت الدوائر المعنية في الدولة بأن إعادة الإعمار المموّلة محلياً وخارجياً مجمّدة حالياً «لارتباطها بإنجاز ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل والاستقرار الأمني والشفافية في توزيع المساعدات». ونقلت مصادر مطّلعة عن معنيين في البنك الدولي والاتحاد الأوروبي أن المجتمع الدولي «سيفرض قيوداً على المساعدات لإعادة الإعمار إذا استمر الفساد أو التوظيف السياسي للإعمار».
فبعد طول غياب، ظهرت البزّات الرمادية المرقّطة في ميس الجبل للكشف على خمس ورش بناء في الحي الغربي. حضر عناصر مخفر ميس الجبل من مخفر القليعة الذين التحقوا به بعدما أخلوا، مع عناصر مخفري حولا والعديسة المجاورتين، مراكزهم بداية العام الماضي مع تصاعد العدوان الإسرائيلي.
أقرّت حكومة ميقاتي منح الجنوبيين كل التسهيلات لإعادة بناء ما تدمّر بفعل العدوان لكنّ القرار لم يُطبّق
بعد عودة الأهالي في 18 شباط الماضي، لم يعد العناصر إلى المخفر المتضرر جزئياً لعدم توافر الإمكانات لإعادة تجهيزه. غير أن الإمكانات توافرت فجأة لتسيير دورية من قوى الأمن قطعت عشرات الكيلومترات من القليعة إلى ميس، لتسطير محاضر بحق آل عاشور الذين يشيدون منزلاً صغيراً بمساحة 80 متراً في قطعة أرض يملكونها تزيد مساحتها على ثلاثة دونمات.
وبحسب رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير، «تحرّك الدرك بناءً على وثيقة وردت من جهاز فرع المعلومات تفيد بتشييد بناء مخالف. وطلبوا وقف الورشة إلى حين الاستحصال على التراخيص اللازمة للبناء من التنظيم المدني والدوائر العقارية». وأشار إلى أنه قدّم للدرك إفادات من البلدية تؤكد أن أصحاب الورشة دُمرت منازلهم بالكامل، ويشيّدون منزلاً صغيراً إلى حين بدء الدولة بصرف التعويضات وإعادة الإعمار، مشيراً إلى أن «القوى الأمنية حرّرت برقية بإفادة البلدية ضمّنتها مطالبتي بتسهيل إعادة الإعمار لمن يستطيع إليه سبيلاً لتسريع إعادة الحياة إلى الشريط الحدودي المنكوب وإعطاء صلاحيات للبلديات بتسيير أمور الناس». المشهد نفسه تكرر في محلة هورة بين كفركلا ودير ميماس حيث شرع علي ح. في تشييد غرفة ومطبخ وحمام بجانب منزله المدمّر قبل أن توقف القوى الأمنية الورشة.
ظهرت الدولة لتطبيق قانون البناء على المنازل المدمّرة، في وقت غابت عن حماية الجنوبيين من الاحتلال والاعتداءات المتمادية، ولم تعمد إلى إعادة افتتاح الدوائر الرسمية والخدماتية، وفيما لا تزال إعادة الإعمار وصرف التعويضات من دون أفق رغم تعهّد رئيس الحكومة نواف سلام من الخيام والنبطية وصور، الأسبوع الماضي، بالبدء في العملية «في أسرع وقت». وفي وقت ينتظر مشروع قانون «إعادة إعمار الأبنية المتهدّمة» مناقشته وإقراره في مجلس النواب.
وكانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي صادقت لدى اجتماعها في ثكنة الجيش اللبناني في صور، في السابع من كانون الأول الماضي، على مشروع القانون الذي يُلغي التعقيدات الإدارية والرسوم المالية لتمكين المواطنين من إعادة بناء منازلهم من دون رسوم أو تراخيص. وبعد ثلاثة أشهر، لا يزال المشروع حبيس الأدراج من دون مناقشة أو إقرار، في حين يواجه السكان الذين شرعوا في البناء مُلاحقات أمنية وقانونية، ما يُفاقم الأزمة الإنسانية ويُغذّي الغضب الشعبي في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
وقد لحظت الحكومة في بنود المشروع الجديد قانون «تسوية مخالفات البناء الحاصلة في الفترة بين عامي 1971 و2018»، وأحالته إلى مجلس النواب. وهو ما يمكّن مالك العقار من إعادة بناء منزله المهدّم جزئياً أو كلياً وفق ما كان عليه قبل الهدم باستثناء الأجزاء المتعدّية على الأملاك العامة والخاصة. وتكون عملية إعادة البناء معفاة من الرسوم والغرامات والطوابع المالية، بما فيها رسوم الإنشاءات ونقابتي المهندسين. كما لحظ مشروع القانون التسوية على إعادة بناء المباني المخالفة المشيدة قبل عام 2019. ونصّ على أن تُفتح لدى دوائر التنظيم المدني في الأقضية والمحافظات سجلّات خاصة على أن تصدر التراخيص بناءً على إفادة عن واقع الأبنية المتهدّمة بعد الاستحصال على إفادة تثبت حالة الهدم جراء العدوان.
إطلاق ورشة الإعمار في مستعمرات الشمال
تحت حراسة مئات الجنود والدبابات، بدأت فرق فنية العمل في المستوطنات الشمالية المحاذية للحدود مع لبنان، حيث قرّرت الإدارات المحلية هدم مئات المنازل التي تبيّن أنها لم تعد صالحة للسكن جراء ما تعرّضت له من قصف خلال 14 شهراً من المواجهات مع حزب الله.
وقال مراسلون صحافيون إن عملية الكشف التي تجريها السلطات المحلية، أظهرت أن حزب الله استخدم نوعاً من القذائف التي تتسبب في تدمير المنزل من داخله، وجعله غير صالح للسكن، وأن منازل أخرى تعرّضت لدمار في أساساتها، ما يوجب إعادة بنائها. ولاحظ أبناء القرى الحدودية اللبنانية ورش العمل التي انطلقت مع عودة بعض المستوطنين إلى الشمال بقرار من الحكومة التي أعلنت وقف دفع المنح المالية للنازحين بدءاً من أول آذار الجاري.
وعرضت وسائل إعلام العدو عملية إزالة منزل في مستوطنة المطلة في أصبع الجليل، بينما كان رئيس بلديتها ديفيد أزولاي يقول إنه «صباح حزين مع البدء بأول عملية هدم لمنزل في المطلة لإعادة البناء بعد الأضرار الكبيرة التي وقعت في الحرب».
من جهتها، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً حول الوضع في الشمال جاء فيه: «لم نتخيل أن تنتهي بهذه الطريقة المرحلة الطويلة والمرهقة من 17 شهراً من التهجير وأكثر من عام من الحرب العنيفة. أين صورة النصر التي تم الحديث عنها في الشمال؟». وأضاف التقرير: «طوال عام ونصف عام، اضطر مئات الآلاف من سكان الشمال للتكيّف مع حياة تحت القصف وخطر دائم على حياتهم، بينما تمّ اقتلاع عشرات الآلاف منهم من منازلهم ومستوطناتهم لفترة غير محددة، وسط حالة من عدم اليقين المؤلم. وعندما غادر النازحون من الشمال منازلهم، تمسكوا بالأمل في أن ما كان لن يكون بعد الآن. كانوا يأملون في العودة فقط عندما يختفي العدو في لبنان الذي فتح لهم أبواب الجحيم».
العدو ينقلب على التزاماته: بداية «الضغوط القصوى» على غزة
يسيطر التعثّر المستمرّ على المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، وسط فشل الجهود المصرية والقطرية في تحقيق اختراق في جدار تأزمها. وبينما يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى فرض تعديلات على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما يسمح بإطالة أمد المرحلة الأولى مقابل السماح بدخول المساعدات بشكل محدود وتدريجي، فإن حركة «حماس» ترفض هذا الطرح. وفي إطار التصعيد المتجدد من جانبه، اتخذ العدو سلسلة من الخطوات للضغط على «حماس»، منها ما طُبّق فعلياً مثل تعليق إدخال المساعدات، ومنها ما يهدّد بتطبيقه تدريجياً، مثل وقف إمدادات الكهرباء والمياه، وشنّ هجمات دقيقة على موارد الحركة، إلى جانب منع دخول المعدات الثقيلة لإعاقة إزالة الأنقاض، ورفض الانسحاب من محور «فيلادلفيا».
ووفق ما نقلته «هيئة البث الرسمية» الإسرائيلية، فإن «إسرائيل تعتزم تهجير أهالي شمال قطاع غزة مجدداً»، على أن تكون المرحلة الأخيرة من التصعيد هي «العودة الكاملة إلى الحرب، بالمعدات والأسلحة التي تلقّتها من الولايات المتحدة، والتي يُتوقّع أن يكون لها تأثير كبير للغاية على نشاط الجيش في قطاع غزة». كما ذكرت «القناة 12» العبرية أن تل أبيب «لم تستسلم بعد لاحتمال استئناف خطوة أو ربما خطوتين، نحو إطلاق سراح رهائن أحياء، على الرغم من رفض حماس الصريح لمناقشة هذا الأمر، قبل وقف الحرب»، مشيرةً إلى أن قرار حظر دخول المساعدات اتُّخذ خلال المشاورة الأمنية التي عُقدت السبت، بمشاركة نتنياهو. وفي بيان مصوّر باللغة الإنكليزية، وجّهه مساء الأحد، شكر نتنياهو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على دعمه لإسرائيل، مؤكداً أن تلّ أبيب اعتمدت «مخطط ويتكوف» للإفراج عن الأسرى في غزة، والذي يقضي بإطلاق سراح نصفهم في اليوم الأول، والنصف الآخر في اليوم الأخير، مضيفاً أن «حماس عارضت ذلك، ووضعت شروطاً غير مقبولة على الإطلاق».
إسرائيل لا تزال تتعامل بحذر شديد مع أي مقترح قد يُفسّر على أنه نهاية للعمليات العسكرية
وفي محاولة لكسر الجمود، تعمل القاهرة والدوحة على بلورة مقاربة جديدة تسعى إلى إعادة تحريك المفاوضات، عبر صيغة وسطية، مع التركيز على ترتيب عملية إفراج جزئي عن بعض الأسرى الأحياء المحتجزين لدى المقاومة. وتهدف هذه المقاربة «إلى تحقيق توازن بين مطالب المقاومة والضغوط الأميركية على إسرائيل، سعياً لإيجاد نقطة توافق من دون أن يبدو أي من الأطراف وكأنه قدّم تنازلات كبرى»، بحسب مصادر مطّلعة. غير أن «إسرائيل لا تزال تتعامل بحذر شديد مع أي مقترح قد يُفسّر على أنه نهاية للعمليات العسكرية»، إذ يرفض نتنياهو الإعلان رسمياً عن انتهاء الحرب، مفضّلاً إبقاء حالة القتال مفتوحة كجزء من استراتيجيته السياسية والعسكرية.
وفي موقف يعكس تشدد الحكومة الإسرائيلية، قال نتنياهو لعدد من أعضاء «الكنيست»، أمس، (إننا) «أعدنا إلى البلاد 38 مختطفاً في صفقة التبادل الأخيرة. خفضنا رؤوسنا بألم عميق في جنازات القتلى». وأضاف: «نستعد للمرحلة المقبلة من حرب النهضة ولن نتوقف قبل تحقيق جميع أهداف الحرب (…) سنعيد جميع مختطفينا ونقضي على القدرات العسكرية والسلطوية لحماس». وأشار نتنياهو الى أن «المسافة بيننا وبين حماس في المرحلة الثانية لا يمكن جسرها»، و(نحن) «لم نخرق اتفاق وقف إطلاق النار (…) الاتفاق نصّ على حقنا في التخلي عن المفاوضات إذا أصبحت غير مجدية».
أما وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، فتوعّد بأنه «إذا لم تفرج حماس عن المختطفين قريباً، فسنغلق أبواب غزة ونفتح أبواب جهنم»، مضيفاً أن «الثمن الباهظ الذي دفعناه يهدف إلى الإفراج السريع عن جميع المختطفين»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «رغم رفض حماس خطة ويتكوف، استجبنا لطلب الوسطاء السماح ببضعة أيام أخرى من المفاوضات». لكنّ مسؤولين إسرائيليين قالوا إن «المحادثات معلّقة حتى وصول المبعوث الأميركي إلى المنطقة»، وفق ما ذكرته «قناة كان»، التي أشارت إلى أنه لم يتمّ حتى الآن تحديد موعد وصول ويتكوف. وفي وقت لاحق، أعلنت الخارجية الأميركية أن الأخير يخطط للعودة إلى المنطقة خلال الأيام المقبلة، وأنه سيعمل على تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، أو التوجه إلى الثانية.
في المقابل، أكّدت حركة «حماس» أن «منع وصول الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية جريمة حرب موصوفة ومحاولة بائسة لخنق أهلنا الصامدين». وأضافت أن «نتنياهو يستفيد من الغطاء السياسي والدعم الأميركي اللامحدود». وعلى وقع هذا التوتر، ادّعت نائبة المبعوث الأميركي، ويتكوف، في حديث إلى قناة «فوكس نيوز»، أن «ترامب أوضح للعالم، خاصة للشرق الأوسط، أنه رئيس السلام والدبلوماسية ويريد إنهاء الحروب». وأضافت أن «ترامب يريد إعادة الرهائن إلى ديارهم وعلى حماس أن تكون مستعدّة لمواصلة التفاوض»، مؤكدة «أننا نريد التوصل إلى حل دبلوماسي ولا أحد يريد عودة القتال والموت».
همروجة الإعلان الدستوري | الشرع للقانونيين: اكتبوا ما نملي عليكم
أثارت تسريبات قناة «الجزيرة» القطرية لعدد من بنود الإعلان الدستوري المقرّرة صياغته لوضع أساس قانوني لإدارة المرحلة الانتقالية، بعد أقل من ساعة على إصدار الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قراراً بتشكيل لجنة سباعية لكتابته، تساؤلات عديدة حول دور هذه اللجنة الفعلي، في ظل وجود بنود جاهزة من المنتظر إقرارها، تضع السلطة كاملةً بيد الشرع. وأثار ذلك موجة استهجان وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، شبّهت الشرع بالرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد. وبالفعل، أكّد عضو اللجنة، إسماعيل الخلفان، خلال تصريحات صحافية، صحّة بعض تلك التسريبات، والتي تضمّنت تسليم مهمة تشكيل «مجلس الشعب» للشرع، الذي يقوم بتكليف 100 شخص، لمدة عامين، كما سمّت الأخير قائداً أعلى للجيش والقوات المسلحة.
وبحسب التسريبات، فإن المسوّدة التي ستقدّمها اللجنة ستكون مؤلّفة من 48 مادة، من بينها اشتراط أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، إلى جانب إمكانية تأسيس أحزاب بموجب قانون سيصدر لاحقاً، علماً أن هذه الأنباء جاءت قبل عقد اللجنة اجتماعها الأول حتى.
وكان أثار تشكيل اللجنة بناءً على توصيات لجنة الحوار الوطني، جدلاً واسعاً في الشارع السوري، يمكن اعتباره استمراراً للجدل الذي أثاره مؤتمر الحوار بحدّ ذاته، والذي تمّ عقده على عجالة غير مسبوقة، بناءً على دعوات شخصية، وخلص إلى توصيات غير ملزمة، معدّة مسبقاً للشرع.
ويأتي هذا علماً أن الأخير تمكّن فعلاً بعد تسلّمه السلطة، إثر سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، من القبض على جميع مفاصل الحكم في سوريا، باستثناء مناطق «الإدارة الذاتية» التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، إلى جانب بعض المناطق الأخرى ذات الخصوصية، مثل السويداء التي تسيطر عليها الفصائل المحلية (الدرزية)، ومناطق في الجنوب السوري تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنطقة التنف في البادية السورية، عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن، الخاضع لسيطرة الولايات المتحدة، والذي تنتشر فيه فصائل «جيش سوريا الحرة».
وعلى الرغم من أن مخرجات مؤتمر الحوار كانت فضفاضة ولا تحمل أي خطة عمل تفصيلية يمكن الاعتماد عليها في بناء سوريا الجديدة، فقد لاقت تلك المخرجات ترحيباً عربياً ودولياً سمح للإدارة السورية الجديدة بمدّ نفوذها وتمتينه على جميع المستويات، الأمنية والعسكرية وحتى الاقتصادية والمعيشية. ويأتي هذا في ظل قرار الشرع التحول إلى سياسة الاقتصاد الحر، وما يرافقه من عمليات هيكلة مستمرة لمؤسسات الدولة، التي تشهد منذ سقوط نظام الأسد حالة من الفوضى بالتزامن مع عمليات فصل تعسفية طاولت آلاف الموظفين الذين وجدوا أنفسهم من دون مصدر للرزق، في وقت يقف فيه القطاع الخاص عاجزاً عن خلق أي فرص عمل حقيقية جراء ما تعرّض له خلال السنوات الـ15 الماضية.
شارك الشيباني، أمس، في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية الطارئة
وإلى جانب الأزمات المعيشية والاقتصادية، تعيش سوريا حالة أمنية متردّية، في ظل عدم قدرة الإدارة الجديدة على فرض الأمن، حتى الآن، بعد أن قامت بحل وزارة الداخلية، في وقت تستمر فيه الفصائل المتشددة، والتي من المفترض أنها قامت بحلّ نفسها، بارتكاب الانتهاكات، تحت مسمى «مطاردة فلول النظام»، خصوصاً في محافظات حمص وحماة واللاذقية. وفي هذا السياق، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أنه قام بتوثيق 156 عملية انتقامية راح ضحيتها 291 شخصاً منذ بداية عام 2025، موضحاً أن حمص كانت في مقدّمة المحافظات التي شهدت هذه الأعمال، تليها حماة ثم ريف دمشق واللاذقية وطرطوس وحلب.
وبينما تحاول الإدارة الجديدة طيّ صفحة المقاتلين الأجانب، والذين ذكر الشرع، في تصريحات سابقة، أنه سيقوم بمنحهم الجنسية السورية، كما قام بتسليم بعضهم مناصب قيادية في الجهازين الأمني والعسكري، كشف رئيس مجلس الأمن القومي في قرغيزستان، مارات أيمنكولوف، أخيراً، أن أكثر من 20 ألف مقاتل أجنبي شُحنوا أخيراً مع عائلاتهم عبر تركيا وأصبحوا مقاتلين في قوات الأمن السورية الجديدة (الأمن العام)، بحسب «وكالة أنباء كازاخستان الدولية».
وأوضح أيمنكولوف، أمام «مؤتمر الأمن الجماعي» و«منظمة شنغهاي للتعاون الأمني في آسيا الوسطى» في بيشكيك، أن ذلك يشمل «حركة تركستان الشرقية الإسلامية»، وتابع أن «حوالي 5 آلاف مقاتل دون احتساب أفراد عائلاتهم» ممّن قدموا إلى سوريا، هم من آسيا الوسطى وشمال القوقاز و«يشكلون تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي». وأضاف أن «بلدان منطقة آسيا الوسطى تشكّل نقطة الانطلاق لتدفق المجنّدين إلى المنظمات الإرهابية والمتطرفة الدولية»، مشيراً إلى أن بلدان المنطقة «تشعر بالقلق حيال احتمالية امتداد القدرات الإرهابية التي وصلت إلى السلطة في سوريا، إلى خارج الحدود السورية».
وعلى خط مواز، تشهد سوريا، منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي، صعوداً غير مسبوق للنشاطات الدعوية، بشتى الطرق، برغم محاولة الإدارة الجديدة منع مثل هذه المظاهر، بعد الجدل الواسع الذي أثارته في المجتمع، والانتقادات الدولية العديدة التي طاولت الإدارة. وإلى جانب تلك النشاطات، تنظم فصائل غير سورية، بين وقت وآخر، فعاليات احتفالية بالانتصار على النظام، علماً أن تنظيم هكذا فعاليات يتطلب موافقة «أمنية» من الإدارة. وتمثّل آخر الاحتفالات المذكورة بنشاط لتكريم أبناء المقاتلين الوافدين من شبه الجزيرة العربية، والذين قُتلوا في سوريا خلال السنوات الماضية. وحضر الاحتفال وفق الصور المتداولة «الجهادي» السعودي عبدالله المحيسني، أحد عرّابي الانتحاريين والسيارات المفخّخة، والذي ظهر أكثر من مرة في دمشق بشكل علني.
أما على الصعيد السياسي، فقد وصل إلى العاصمة المصرية، القاهرة، أمس، وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة، المنتهية ولايتها، أسعد الشيباني، للمشاركة في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية الطارئة، والتي دعت إليها مصر لبحث القضية الفلسطينية ومحاولات تهجير سكان قطاع غزة، والمُقرر عقدها اليوم، بمشاركة الشرع، الذي تلقّى في وقت سابق دعوة لحضورها.
لا ضمانات لدى إسرائيل بإخراج حزب الله من المعادلة
أثبتت التجارب البعيدة والقريبة أن اسرائيل لا تلتزم بالضرورة بتفاهم أو اتفاق، وأنه متى توافر لها الحافز والتقدير بوجود فرصة، تنقلب على ما تم الاتفاق عليه، بل إن قرار الانقلاب يكون أحياناً متخذاً منذ لحظة عقد الاتفاق… وكالعادة بغطاء ودعم أميركيَين. تجربتا غزة ولبنان تؤكدان هذه الحقيقة. ففي كليهما، يتعامل العدو مع الاتفاق على أنه استجابة لمتغيّرات ميدانية وسياسية فرضت عليه وقف الحرب.
في المقابل، تعاملت المقاومة في لبنان مع نضوج العدو للقبول بوقف الحرب، كفرصة لتخفيف معاناة المدنيين وتقليل الخسائر البشرية والمادية، بالتوازي مع استعدادها لمواجهة تحديات المرحلة التالية من المخطط الأميركي – الإسرائيلي الذي فشل في حسم المعركة مع حزب الله، بأدوات وتكتيكات مختلفة. يتعامل العدو مع اليوم التالي للحرب كامتداد لها، لتحقيق الأهداف نفسها، أو ما أمكن منها وفقاً للمتغيرات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية (الأميركية).
ومن أبرز هذه المتغيرات سقوط النظام السوري السابق وإغلاق خط الإمداد عبر الساحة السورية، وإنتاج سلطة سياسية في لبنان يراهن على أن تكون قاعدة ملائمة للدفع نحو خيارات داخلية تدفع باتجاهها إسرائيل وتحديداً ما يتعلق بسلاح المقاومة وموقعها في المعادلة الداخلية… من دون إغفال الخيار العدواني الذي تنفذه بطريقة مدروسة، ووفقاً لوتيرة تنطلق من حسابات عسكرية وسياسية أيضاً.
في هذه الأجواء، يراقب العدو مسار حزب الله في اليوم الذي يلي حرباً اغتيل فيها السيد حسن نصر الله وعدد من القادة السياسيين والعسكريين، وضُربت فيها قدرات عسكرية نوعية له، فضلاً عن تدمير القرى والمدن…
والسؤال الرئيسي الذي يشغل جهات التقدير والقرار في الكيان يتمحور حول إمكانية أن تؤدي المتغيرات إلى تأسيس فعلي لإمكانية إنهاء الحزب أو إضعافه إلى حدّ يسمح بخضوعه للإملاءات الإسرائيلية – الأميركية. وقبل ذلك، إنهاؤه كقوة عسكرية قادرة على تهديد إسرائيل أو الدفاع عن لبنان.
المؤكد إسرائيلياً حتى الآن أن هذا الهدف لم يتحقق ولا يوجد ما يؤشر إلى قرب تحقّقه، وأن هناك متغيرات يمكن البناء عليها لمواصلة الدفع في هذا الاتجاه، إلا أنه لا توجد ضمانة بتحقيق الأهداف المؤمّلة. بتعبير آخر، ليس هناك جواب واضح على هذا السؤال في تل أبيب.
وبحسب رأيٍ وازنٍ في الساحة الإسرائيلية، عبّر عنه الخبير في شؤون الشرق الأوسط آيال زيسر، فإنه في ظل المعطيات والمعادلات القائمة، «يفضل الإسرائيليون الاعتماد على التمنيات بأن التنظيم تلقّى ضربة قاسية، وأنه مرتدع الآن، ويسعى إلى الهدوء وليس إلى المواجهة، تماماً مثلما قلنا عنه بعد حرب لبنان الثانية في صيف 2006، وكما قلنا عن حماس بعد كلّ جولة مواجهة خضناها ضدها طوال العقد الماضي»، مشدداً على أن «الواقع على الأرض لا ترسمه التمنيات».
أصحاب هذا الرأي الذي يبدو أن له تأييداً وازناً ويزداد اتساعاً، يؤكدون أنه رغم الإنجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل، فإن «حزب الله لم يُهزم، ولم يتم القضاء عليه، ولا على دوافعه لمهاجمة إسرائيل». كما أن تاريخ الحزب ومواقف أمينه العام الشيخ نعيم قاسم ثبتت التقدير بأنه ليس في وارد تغيير أي من ثوابته الإستراتيجية. ولذلك، فإن ما يقوم به حتى الآن، من وجهة نظر خبراء وقادة إسرائيليين، أنه يعتمد خيار الهدوء بانتظار حصول متغير ما، وإلى ذلك الحين «يقوم بترميم قدراته» وفقاً لخطة مدروسة.
يبقى أن السيناريو الذي تخشاه إسرائيل هو أن يبقى حزب الله القوة العسكرية الأولى في لبنان في ظل امتلاكه عشرات آلاف الصواريخ وعشرات آلاف المقاتلين المدربين، وأن يسهم ذلك في إنتاج معادلة توازن تؤدي إلى إفشال الضغوط الأميركية – الإسرائيلية للدفع نحو صدام داخلي، خصوصاً أن العدو يدرك بأن الضربات التي ينفذها غير قادرة حتى الآن على إحداث تحوّل جذري في معادلة القوة. يُضاف إلى ذلك أن هناك إقراراً بأن «لحزب الله منطقاً خاصاً يختلف عن المنطق الغربي أو الإسرائيلي، وعمر حزب الله يُقاس بالسنوات والعقود، لا بالأيام أو بالأسابيع، كما هي الحال عندنا. لذلك، يجب ألّا نُفاجأ بحدوث ما هو غير متوقّع، وبأسرع ممّا نتصور»، كما نبّه زيسر.
اللواء:
قمَّة بن سلمان – عون: تشاور وتنسيق وتمهيد لتوقيع الاتفاقيات
سلام يعلن من دار الفتوى إطلاق مسيرة الإصلاح.. وجنبلاط يتبرَّأ من دروز إسرائيل
في خطوتين متلازمتين، إحداهما تتعلق بإعادة وضع لبنان على خارطة الاهتمام العربي، عبر الزيارة ذات الأبعاد المهمة في هذه المرحلة، التي قام بها الرئيس جوزاف عون الى المملكة العربية السعودية في اول زيارة الى الخارج، واللقاء الودي، والايجابي الذي عقده مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وثانيهما اعلان الرئيس نواف سلام من دار الفتوى عن اطلاق مسيرة الاصلاح، وتغيير اداء الحكومة، من اجل اداء افضل وخدمات حياتية سيلمس المواطن اختلافها عن المرحلة التي مضت.
وتقاطعت المحادثات في الداخل وفي المملكة على ضرورة انهاء الاحتلال الاسرائيلي للنقاط الخمس وغيرها في جنوب لبنان.
وعقد الرئيس عون عند العاشرة والنصف من مساء أمس، محادثات رسمية مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود في قصر اليمامة في الرياض، بحضور اعضاء الوفدين اللبناني والسعودي.
وتصب هذه المحادثات في إطار تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، والتمهيد لتوقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة في خلال زيارة لاحقة سيقوم بها الرئيس عون قريباً إلى المملكة.
وبعد محادثات موسعة شارك فيهل أعضاء الوفدين الرسميين، عقد الرئيس عون وولي العهد السعودي خلوة استمرت 45 دقيقة تم خلالها استكمال البحث في المواضيع التي تهم البلدين والشعبين الشقيقين.
ثم اقام الامير محمد بن سلمان مأدبة عشاء على شرف الرئيس عون والوفد اللبناني المرافق.
وعقدت جلسة من المحادثات تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين.
ووصف مصدر لبناني اللقاء بأنه كان حاراً، وهو يمهّد لقمة رسمية تؤدي الى توقيع 22 اتفاقية بين البلدين.
وقال المصدر ان تشاوراً حصل بين الامير بن سلمان والرئيس عون، لجهة التنسيق عشية القمة العربية اليوم حول غزة.
وقال مصدر سعودي انه بعد الاستقبال الرسمي عقدت جلسة مباحثات رسمية بين ولي العهد السعودي والرئيس اللبناني.
واليوم يتوجه الرئيس عون الى القاهرة، يرافقه وزير الخارجية جو رجّي للمشاركة وتمثيل لبنان في القمة العربية الطارئة، حول فلسطين، وتبني خطة مخالفة لخطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الرامية الى تهجير الفلسطينيين من القطاع.
وقد وصل الرئيس عون الى الرياض بعد ظهر امس، يرافقه وزير الخارجية يوسف رجي الى السعودية، حيث كان في استقباله لدى وصوله إلى الصالة الملكية في مطار الملك خالد الدولي، نائب أمير منطقة الرياض الامير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز، وأمين منطقة الرياض الأمير فيصل بن عياف آل سعود، والوزير المرافق وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، والأمير يزيد بن فرحان مستشار وزير الخارجية ورئيس اللجنة المعنية بالشأن اللبناني، ومدير شرطة منطقة الرياض اللواء منصور العتيبي، ووكيل المراسم الملكية فهد الصهيل، والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، وسفير لبنان في السعودية فوزي كبارة.
وابدى عون لدى وصوله، سعادته لزيارة المملكة العربية السعودية في أول زيارة له خارج لبنان منذ انتخابه رئيساً للجمهورية. وقال: ان تلبيته دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز فرصة للتأكيد على عمق العلاقات اللبنانية السعودية وهي مناسبة ايضا للإعراب عن تقدير لبنان للدور الذي تلعبه المملكة في دعم استقرار لبنان وسلامته وانتظام عمل المؤسسات الدستورية اضافة إلى المساعدات التي تقدمها المملكة للبنان في مجالات عدة.
اضاف: الرئيس عون انه يتطلع بكثير من الامل إلى المحادثات التي سيجريها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مساء اليوم والتي سوف تمهد لزيارة لاحقة يتم خلالها توقيع اتفاقيات تعزز التعاون بين البلدين الشقيقين، كما ستكون مناسبة لشكر المملكة على احتضانها اللبنانيين الذين وفدوا اليها منذ سنوات بعيدة ولا يزالون، وساهموا في نهضتها العمرانية والاقتصادية.
وثمَّن مجلس التنفيذيين اللبنانيين زيارة الرئيس جوزف عون الى المملكة العربية السعودية، لجهة الدلالات الاستراتيجية التي تحملها، باعتبارها اولى الزيارات الخارجية لرئيس الجمهورية بعد انتخابه.
واكد المجلس ان هذه الزيارة التاريخية تجسّد ادراك لبنان العميق للدور المحوري الذي تضطلع به المملكة في دعم لبنان ومساندة شعبه في مختلف المجالات.
سلام من دار الفتوى: بدأت مسيرة الاصلاح
ومن دار الفتوى، حيث هنأ الرئيس نواف سلام مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بحلول رمضان، اكد رئيس الحكومة على ان «الحكومة بدأت بورشة الاصلاح، وانها ستستنفر كل علاقاتها العربية والدولية لانسحاب العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية كافة، حتى الحدود الدولية المكرسة باتفاقية الهدنة.
وقال: سيلمس المواطن في الاشهر القليلة المقبلة مستوى جديداً من الاداء الحكومي والخدمات، واعداً بأن تولي الحكومة عناية خاصة بالملفات المهمة وفي طليعتها القضايا المعيشية، إضافة الى الماء والكهرباء والطرق والوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي وخصوصا أموال المودعين، وتطبيق العدالة في كل الملفات، وملء الشواغر بالأكفأ والأصلح، والحفاظ على التوازن وحقوق الجميع. وعلى وجه الخصوص إنصاف السجناء الذين لم يحاكموا منذ سنوات والبعض منهم تجاوز ما يمكن أن يصدر بحقه أحكام، واعني هنا ملف ما يطلق عليه اصطلاحا بالموقوفين الإسلاميين فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها فيعاقب المسيء ويفرج عن الآخرين».
وتسلم الرئيس سلام دعوة من نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمشاركة في قمة الاعلام العربي التي ستقام في شهر ايار المقبل في دبي، نقلها اليه القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في لبنان فهد الكعبي.
جنبلاط ودروز سوريا
ومن ناحية اخرى، وبعد التطورات الحاصلة في جبل العرب والسويداء في سوريا وتدخل الاحتلال الاسرائيلي، أكّد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنّه سيذهب إلى دمشق لتأكيد مرجعيّة الشام.وقال جنبللاط خلال لقاء في دار الطائفة الدرزية: «الصهيونية تستخدم الدروز جنوداً وضباطاً لقمع الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة الغربية واليوم يريدون الانقضاض على جبل العرب.
واضاف: يريدون جرّ بعض ضعفاء النفوس الى حرب أهلية لا أدري كيف ستنتهي.
وتابع: شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في فلسطين المحتلة الشيخ موفّق طريف لا يمثّلنا. هو يدعي تمثيل دروز المنطقة بالتعاون مع الصهيونية.
ورأى جنبلاط أنه إذا ما قارنا المرحلة الحالية بمراحل سابقة من احتلال اسرائيلي لبيروت وغيره من المحطات أكاد أقول انها اخطر بكثير مما مررنا فيه.
وكان رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي نتنياهو قد قال امس: نستعد للمرحلة القادمة في حرب على 7 جبهات، ولن نسمح لأعدائنا في لبنان وسوريا بأن يزدادوا قوة وأيدينا ممدودة للدروز والأكراد.
واضاف بعد مشادة عنيفة مع نواب المعارضة أمام الكنيست: نستعد للمراحل المقبلة من حرب النهضة.
ولم يوقف جيش الاحتلال الاسرائيلي عدوانه على قرى الجنوب، حيث اطلقت قواته النار على مواطن واصابته في قدمه في كفركلا مما استدعى نقله الى مستشفى مرجعيون الحكومي.
وظهراً رفع جيش الاحتلال الاسرائيلي ساتراً ترابياً جديداً على طريق عديسة لمنع الأهالي من الوصول لممتلكاتهم.
وقامت جرافة عسكرية معادية ترافقها دبابتا ميركافا بعملية تجريف في منطقة غاصونا عند اطراف بلدة بليدا.
والى ذلك حلقت درون اسرائيلية في اجواء المنصوري وبيوت السياد، وهي تبث عبارات تحريضية ضد حزب الله.
وفي كفركلا، رفع جندي اسرائيلي العلم الاسرائيلي داخل البلدة.
وحلقت مسيّرات اسرائيلية على علو منخفض فوق السلسلة الشرقية، وصولاً الى منطقة السهل.
وليلاً، شنت طائرات اسرائيلية معادية غارة على جرود الشعرة شرقي جنتا على الحدود اللبنانية – السورية.
البناء:
مبعوث ترامب إلى المنطقة لمواجهة مأزق نتنياهو: العجز عن الحرب وعن الاتفاق
القمّة العربية بعد الطوفان وانسداد التسويات ومشروع التهجير… وعمليّة في حيفا
عون يلتقي ولي العهد السعوديّ قبل القمة: طلب دعم عربي عاجل لإعادة الإعمار
كتب المحرّر السياسيّ
وفقاً لإعلان البيت البيض سوف يصل إلى المنطقة ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمعالجة تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بعد تعطيل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بدء المفاوضات حول المرحلة الثانية التي كانت مقرّرة في اليوم 16 من المرحلة الأولى، أي قبل شهر تقريباً، ولم يخف نتنياهو أن البديل الذي يسعى إليه هو مجرد تمديد المرحلة الأولى، أي مواصلة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وتبادل الأسرى، دون الوصول إلى إعلان انتهاء الحرب وتنفيذ الانسحاب الكامل للاحتلال من قطاع غزة، لقناعته بأن بلوغ هذه المرحلة سوف يؤدي إلى الإطاحة بحكومته، التي سيفجرها خروج بتسلئيل سموترتش منها، بينما لا يملك نتنياهو القدرة اللازمة سياسياً وشعبياً وعسكرياً للعودة إلى الحرب كما بات أكيداً، وفقاً لكل المعلقين والخبراء في كيان الاحتلال، وكان لافتاً أن البيت الأبيض أعلن أن عودة ويتكوف تتم لتمديد المرحلة الأولى أو استئناف التفاوض على المرحلة الثانية، بعدما كان نتنياهو قد تحدّث عن دعوته لتمديد المرحلة الأولى بصفتها مقترحاً مقدماً من ويتكوف وافقت عليه تل أبيب ورفضته حماس.
بالتوازي تطل القضية الفلسطينية من شرفة القمة العربية في امتحان جديد للعجز العربي، بينما الاحتلال يعطل تنفيذ اتفاق غزة وينتهك اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ويتمدّد في سورية بعدما أكد تمسكه بإعلان ضم الجولان، وفي كل ذلك يستند إلى تغطية أميركية رغم موقع واشنطن كشريك وضامن في اتفاق وقف إطلاق النار في كل من لبنان وغزة، وفي ظل موقف أميركيّ لا يقيم حساباً للموقف العربي عبرت عنه تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول تهجير سكان قطاع غزة ودعوة مصر والأردن لاستقبالهم، وبينما رد الفلسطينيون على الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومحاولة العبث بالنسيج الطائفي في سورية تحت عنوان حماية الطائفة الدرزية، بعملية بطولية في حيفا نفذها الشاب الفلسطيني من الطائفة الدرزية بترو شاهين قتل فيها مستوطن وجرح خمسة، ثلاثة منهم جراحهم خطيرة، والرأي العام العربي الذي خذلته القمم العربية والإسلامية منذ طوفان الأقصى يتابع القمة باهتمام أقل وسط أسئلة محورها، هل سيجرؤ العرب على إعلان قيام الدولة الفلسطينية انطلاقاً من غزة وفتح معبر رفح دون استئذان الاحتلال؟
اللبنانيون ينتظرون عودة الرئيس جوزف عون من زيارته للسعودية ومشاركته في القمة العربية لمعرفة ما إذا كانت دعوته العرب لمساعدة لبنان على مواجهة التحديات، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار، دون ربط ذلك بشروط ربما يضعها الأميركي بعدما تخلى عن ضمانته لاتفاق وقف إطلاق النار ووافق على بقاء قوات الاحتلال في أراضٍ لبنانية لمدة غير محددة، كما قال وزير حرب الاحتلال أن منطقة عازلة في لبنان تتم برخصة أميركية دون مهلة زمنية.
وفيما تتصاعد المخاوف من تداعيات محتملة للتطورات الأمنيّة في سورية على لبنان، تصدّرت زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى المملكة العربية السعودية واجهة المشهد، ولقاؤه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما ستحمله من نتائج إيجابية متوقعة في كافة المجالات قد تفتح الباب أمام العودة الخليجية الى لبنان من بوابة إعادة الإعمار والاستثمارات والدعم الاقتصادي.
لكن مصادر مطلعة أوضحت لـ”البناء” أن “زيارة الرئيس عون الى السعودية تكتسب أهميتها من كونها الزيارة الأولى لرئيس الجمهورية منذ انتخابه، ما يحمل رسائل إيجابية باتجاه السعودية والدول الخليجية وبالتالي فتح مرحلة جديدة بين لبنان والدول الخليجية والعربية بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد”. غير أن المصادر لفتت الى أن “زيارة الرئيس عون للمملكة تهدف الى كسر الجمود بين البلدين وفتح مرحلة جديدة من العلاقات المختلفة عن السابق والاتفاق على خطوط عريضة، وبالتالي لن تشهد هذه الزيارة توقيع الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين الدولتين، بل ستكون هناك زيارة أخرى لرئيس الجمهورية برفقة رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء المختصين لتوقيع الاتفاقيات التي ستكون بداية كسر الحصار الخارجي على لبنان”.
لكن جهات معنية شددت لـ”البناء” على أن “الدعم السعودي الشامل بما فيه الاتفاقيات ولو وقِعت لكنها ستبقى من دون تنفيذ حتى ينفذ لبنان التزاماته الدولية لا سيما إقرار الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية اللازمة إضافة الى تطبيق القرارات الدولية».
وكان الرئيس عون أعرب عن سعادته لزيارة السعودية في أول زيارة له خارج لبنان منذ انتخابه رئيساً للجمهورية. وقال إن تلبيته دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز فرصة للتأكيد على عمق العلاقات اللبنانية – السعودية وهي مناسبة ايضا للإعراب عن تقدير لبنان للدور الذي تلعبه المملكة في دعم استقرار لبنان وسلامته وانتظام عمل المؤسسات الدستورية اضافة إلى المساعدات التي تقدمها المملكة للبنان في مجالات عدة. وأشار الرئيس عون الى انه يتطلع بكثير من الامل إلى المحادثات التي سيجريها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مساء والتي سوف تمهد لزيارة لاحقة يتم خلالها توقيع اتفاقيات تعزز التعاون بين البلدين الشقيقين، كما ستكون مناسبة لشكر المملكة على احتضانها اللبنانيين الذين وفدوا اليها منذ سنوات بعيدة ولا يزالون، وساهموا في نهضتها العمرانية والاقتصادية.
ووصل عون الى الرياض يرافقه وزير الخارجية يوسف رجي أمس الى السعودية، وكان في استقباله لدى وصوله إلى الصالة الملكية في مطار الملك خالد الدولي، نائب أمير منطقة الرياض الامير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز، وأمين منطقة الرياض الأمير فيصل بن عياف آل سعود، والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، وسفير لبنان في السعودية فوزي كبارة. وتوجه الرئيس عون وسط ثلة من حرس الشرف نحو القاعة الرئاسية لاستراحة قصيرة، قبل أن يغادر المطار متوجهاً إلى مقر إقامته في فندق ريتز- كارلتون.
على صعيد موازٍ، تسلم رئيس مجلس الوزراء نواف سلام دعوة من نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمشاركة في قمة الاعلام العربي التي ستقام في شهر ايار المقبل في دبي، نقلها اليه القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في لبنان فهد الكعبي.
الى ذلك، استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، الرئيس سلام الذي هنأه بشهر رمضان المبارك، ووعد سلام المفتي دريان واللبنانيين ان “الحكومة ستولي عناية خاصة بالملفات المهمة وفي طليعتها القضايا المعيشية إضافة الى الماء والكهرباء والطرق والوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي وخصوصا أموال المودعين، وتطبيق العدالة في كل الملفات وإملاء الشواغر بالأكفأ والأصلح والحفاظ على التوازن وحقوق الجميع. وعلى وجه الخصوص إنصاف السجناء الذين لم يحاكموا منذ سنوات والبعض منهم تجاوز ما يمكن أن يصدر بحقه أحكام، وأعني هنا ملف ما يطلق عليه اصطلاحا بالموقوفين الإسلاميين فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها فيعاقب المسيئون ويفرج عن الآخرين”. من جهته، تمنى المفتي دريان للحكومة ورئيسها كل “النجاح بمهامها الوطنية بعد نيلها الثقة والأنظار مشدودة الى أعمالها لتنفيذ مضمون البيان الوزاري”.
على صعيد آخر، استمرت الخروقات الاسرائيلية جنوبًا، واصيب مواطن في قدمه جراء اطلاق قوات اسرائيلية النار في كفركلا مما استدعى نقله الى مستشفى مرجعيون الحكومي. ايضا، رفع جيش الاحتلال ساتراً ترابياً جديداً على طريق عديسة لمنع الأهالي من الوصول لممتلكاتهم. وتوغلت دورية اسرائيلية من موقعها عند الاطراف الجنوبية لبلدة العباسية الحدودية باتجاه سهل العباسية، واقدمت على خطف مزارع كان يعمل في أرضه قبل أن تعود وتطلق سراحه لاحقاً.
وحلقت منذ الصباح درون اسرئيلية فوق بلدتي المنصوري وبيوت السياد في قضاء صور، وبثت عبارات تحريضية.
الى ذلك وفي ضوء الأحداث الخطيرة التي تشهدها سورية، عقد مشايخ الدروز اجتماعاً استثنائياً موسعاً في دار الطائفة في بيروت، بمشاركة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وأعضاء المجلس ومشايخ، وذلك لبحث تطورات الأوضاع في سورية.
وقال شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز سامي أبي المنى إن “طائفة الموحّدين لن تتخلّى عن ثوابتِها الوجودية، فالأرض ثابتٌ لا يمكن المساومةُ عليه، والقيم الاجتماعية المعروفية ثابتٌ لا يجب أن نفرِّط به، والدين ثابتٌ روحيٌّ راسخٌ لا غنى لنا عنه. أمّا التجذّر بالأرض فيعني الإخلاصَ للوطن والمشاركة في بنائه وصونه، والتمسُكُ بالقيم الاجتماعية يعني التربيةَ على الأخلاق المعروفية الأصيلة والحفاظَ على التماسك الاجتماعي، والتعلُّقُ بالدين يعني تغذيةَ الروح الإيمانية وصون الهوية الروحية من الضياع في عالَمٍ متقلِّبٍ ومتحرّر.
بدوره، اكد جنبلاط بأن “الشيخ موفق طريف لا يمثلنا وهو مدعوم من القوى الصهيونية، وشدد على ان اهل سوريا يعرفون التصرف، وسأذهب إلى دمشق للتأكيد على مرجعية الشام والمشروع كبير وسيجرّون بعضا من ضعفاء النفوس الى حروب اهلية لست ادري كيف ستنتهي”. واردف “الصهيونية تستخدم الدروز جنوداً وضباطاً لقمع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، واليوم يريدون الانقضاض على جبل العرب”.
ولفت جنبلاط خلال اجتماع المجلس المذهبي الدرزي في فردان، الى انه “إذا ما قارنا المرحلة الحالية بمراحل سابقة من احتلال اسرائيلي لبيروت وغيره من المحطات، أكاد أقول إنها أخطر بكثير مما مررنا فيه”.
على صعيد أمني آخر، ترأس وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، في مكتبه صباح اليوم، اجتماعاً حضره المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، قائد شرطة بيروت بالوكالة العميد أحمد عبلا والضباط المعنيين، للبحث في الوضع الأمني لا سيما في مدينتي بيروت وطرابلس. وخلال الاجتماع، تم التشديد على ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية المتخذة للحد من الحوادث والإشكالات المتكررة وضبط الأمن والحفاظ على سلامة المواطنين، كذلك جرى التأكيد على أهمية التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية لهذه الغاية. كما تم التشديد على تعزيز تدابير السير، لا سيما في مدينة بيروت، تسهيلاً لحركة المرور ومنعاً للازدحام وحفاظاً على السلامة العامة.